في الحادي والعشرين من شهر كانون الثاني من العام 2015, سلمت بلدية مستوطنة كريات أربع الاسرائيلية في مدينة الخليل المواطن عبد الكريم الجعبري بلاغا رسميا تطالبه بدفع مبلغ 88,200 شيكل كضريبة أرنونا عن أرضه التي تتوسط مستوطنة كريات أربع والبؤرة الاستيطانية جفعات هعافوت الإسرائيليتين في قلب مدينة الخليل. وجاء البلاغ الذي تسلمه المواطن الجعبري بذريعة أن الارض تقع "ضمن "المسؤولية القانونية للمجلس المحلي التابع لمستوطنة كريات أربع" بحسب ما جاء في البلاغ, وعليه يتوجب على المواطن الجعبري دفع المبلغ. وقد انذر مجلس مستوطنة كريات أربع الاستيطاني المواطن الجعبري انه في حال لم يدفع المبلغ كما هو منصوص عليه في البلاغ, فان المجلس سوف يفرض عليه غرامات اضافية وفي نهاية الامر سوف يتم مصادرة الارض عن طريق "الطابو", بمعنى تسجيلها طابو, وبالتالي مصادرتها. وهذا هو البلاغ الاول من نوعه في الاراضي الفلسطينية المحتلة, اذ تحاول الجهات الاسرائيلية المختصة, تبرير عمليات الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية بمثل هذا النوع من البلاغات, الا أن ما يجري على أرض الواقع يظهر النوايا الاسرائيلية المبيتة للسيطرة على الاراضي الفلسطينية بشتى الوسائل الممكنة حيث انه وخلال الاعوام الماضية, شهدت المنطقة المنكوبة (أرض المواطن الجعبري) الكثير من الاحداث والاعتداءات من قِبل المستوطنين والمحاولات الحثيثة للسيطرة على الارض وتضييق الخناق على أصحابها وازالة كل ما يزرع فيها المواطن الجعبري والاعتداء على الممتلكات. كما قام المستوطنون ببناء كنيس على قطعة الارض المستهدفة لتثبيت استيلائهم عليها وتم هدمه من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي عدة مرات خلال الاعوام الماضية, الا أن عناد المستوطنين ازداد في كل مرة يتم فيها هدم الكنيس, ليعودوا في صباح اليوم التالي بناء الكنيس وتجديد استيلائهم على الارض. واليوم, هناك خيمة ما زال المستوطنون يقصدونها لإقامة شعائرهم الدينية فيها "كنيس" هذا بالإضافة الى بعض الجدران والرموز الدينية التي تمت إضافتها في أوقات لاحقة. كما قام المستوطنون بشق طريق على قطعة الارض التي يملكها المواطن الجعبري حيث تم اقامة الكنيس ومستوطنة كريات أربع واضافة إنارة له لاستخدام المستوطنين للوصول الى الكنيس. انظر الخارطة رقم 1
الخارطة رقم 1: موقع أرض المواطن الجعبري المستهدفة باللون الاخضر
تجدر الاشارة الى انه في الرابع من شهر تموز من العام 2014, وعقب الاعلان عن اختطاف ومقتل ثلاث مستوطنين اسرائيليين في محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية, قامت مجموعة من المستوطنين الاسرائيليين بالإعلان عن بناء ثلاث بؤر استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة وبمساندة علنية وصريحة من مجالس المستوطنات القريبة من تلك البؤر, منها قطعة الارض التي تملكها عائلة الجعبري والتي تم الاعتداء عليها مؤخرا من قبل المستوطنين الاسرائيليين واعلانها نواة لبؤرة استيطانية جديدة اطلق عليها اسم "تلمي هايم". انظر الخارطة رقم 2
الخارطة رقم 2: مواقع البؤر الاستيطانية الثلاث التي اقامها المستوطنون في الضفة الغربية المحتلة
تسجيل الاراضي الفلسطينية "بالطابو"
في الثالث من شهر تموز من العام 2012, نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية على صفحتها الالكترونية تقريرا مفاده أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تخطط للبدء "وبشكل غير قانوني" تسجيل الأراضي التي استولى عليها المستوطنين خلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي على الطابو، في خطوة من شأنها أن تمنع الفلسطينيين من إمكانية الاعتراض على تسجيلها أو الطعن في صحة قوائم الملكية. وأفادت الصحيفة أن عملية التسجيل تتم بدعم من نائب المدعي العام مايك بلاس، جنبا إلى جنب المستشار القانوني في وزارة الاحتلال الإسرائيلي آنذاك آحاز بن آري، ورئيس الإدارة المدنية انذاك الجنرال موتي الموز ومستشار التسوية في زارة الاحتلال الاسرائيلي ايتان بروشي. وكان من المتوقع أن تحصل عملية التسجيل على موافقة وزير جيش الاحتلال الاسرائيلي انذاك "ايهود باراك" خلال نهاية شهر تموز من العام 2012.
تجدر الاشارة الى أن عقب احتلال اسرائيل للاراضي الفلسطينية في العام 1967, أوقفت الادارة المدنية الاسرائيلية عمليات تسجيل الاراضي للفلسطينيين التي كان معمول بها ابان الحكم الاردني وعمدت الى تسجيل الجزء الاكبر منها تحت تصنيف "أراضي دولة" أو تحت وصاية ما يعرف 'بحارس أملاك الغائبين الإسرائيلي. ومنذ ذلك الوقت, شرعت اسرائيل بمصادرة الاراضي الفلسطينية بذريعة "الاغراض العسكرية" ولاحقا سمحت بتحويل استعمال هذه الاراضي من اراضي "للاستخدام العسكري" الى أراضي "للبناء العمراني الاستيطاني", الامر الذي نجم عنه بناء العديد من المستوطنات الاسرائيلية في الارض الفلسطينية المحتلة وبالتالي تعزيز السيطرة على الارض الفلسطينية.
وخلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي, سمحت اسرائيل ايضا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر للمستوطنين الإسرائيليين بالاستيلاء على الاراضي الفلسطينية والبناء والاستيطان فيها الا أن عمليات الاستيلاء هذه لم تستند الى أي غطاء قانوني من قِبل المستوطنين أو حتى دولة الاحتلال (كما هو الحال بعمليات المصادرة السابقة), الامر الذي دفع بدولة الاحتلال الى تدارك الموقف الحالي لعمليات الاستيلاء على الاراضي العشوائية التي يقوم بها المستوطنون وبالتالي العمل على الاعتراف بحقوق المستوطنين من خلال الالتفاف على عمليات تسجيل الاراضي الفلسطينية (تسجيل طابو) كما يجب أن يكون حتى تتفادى دولة الاحتلال الاسرائيلي الاحراجات التي قد تنجم عن ذلك بسبب ان الاراضي المقامة عليها المستوطنات الإسرائيلية والبؤر والمعسكرات الاسرائيلية هي أملاك فلسطينية خاصة وتم الاستيلاء عليها بطرق غير شرعية. لمزيد من التفاصيل, انقر الرابط التالي:
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)