في الاول من شهر كانون الاول من العام 2014، قامت الادارة المدنية الاسرائيلية بتعليق الامر العسكري رقم 04/71/ت القاضي بتمديد سريان سيطرتها على 48,9 دونم للمرة الثالثة وتعديل حدود في المنطقة الشمالية الغربية من قرية رنتيس الواقعة شمال غرب محافظة رام الله، في مكتب التنسيق والارتباط العسكري الاسرائيلي الخاص بمحافظة رام الله.
صورة عن الامر العسكري رقم 71/04/ت
وجاء الامر العسكري الجديد الموقع بتاريخ التاسع من شهر تشرين الثاني من العام 2014، ليمدد الفترة الزمنية لسيطرة جيش الاحتلال الاسرائيلي على الاراضي المحددة بالأمر العسكري الى نهاية عام 2017. حيث يعطي هذا الامر العسكري السلطة المطلقة لقائد جيش الاحتلال الاسرائيلي بالتصرف في الاراض بما تقتضيه الحاجة الامنية. وكما أن الامر العسكري رقم 04/71/ت اكد بان الاراضي المستهدفة ليست اراضي دولة، وانما جاءت السيطرة عليها لأسباب أمنية.
ومن الجدير ذكره بان الامر العسكري يعطي الفلسطينيين اصحاب الاراضي أو المتصرفين بها 7 ايام لتقديم اعتراضاتهم على الامر العسكري، وتحدد هذه الفترة من تاريخ نشر الامر العسكري.
تبين من خلال الصور الجوية والخرائط المرفقة مع الامر العسكري، بان الاراضي المراد تمديد السيطرة عليها تقع في الجزء الشمالي الغربي لقرية رنتيس. حيث اظهرت الخرائط ايضا بان الاراضي المستهدفة تم مصادرتها سابقا، واقيم عليها جدار العزل العنصري، وهذا الامر الاخير جاء فقط لتمديد الفترة الزمنية لسيطرة الاحتلال على الاراضي، ومن الجدير ذكره انه عندما قررت اسرائيل بناء جدار العزل العنصري على أراضي الضفة الغربية المحتلة عام 2002، قامت بمصادرة المئات من الدونمات من الاراضي الفلسطينية بحيث يعزل الجدار بشكل عام 733 كيلو متر مربع من الاراضي الفلسطينية.
وفي قرية رنتيس كغيرها من القرى الفلسطينية المتضررة من جدار العزل العنصري، قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلية بمصادرة وعزل 1815 دونم من اراضي القرية، حيث تم استخدام هذه الاراضي لبناء جدار العزل العنصري وايضا شملت المصادرات مناطق الارتداد (Buffer Zone) أو المنطقة الامنية الواقعة على جانبي جدار العزل العنصري.
وبالعودة للأمر العسكري رقم 04/71/ت الذي يمدد الفترة الزمنية لسيطرة سلطات الاحتلال الاسرائيلي 48,9 دونم من اراضي قرية رنتيس الى نهاية العام 2017 لأسباب امنية، تبين بان الاراضي المستهدفة بالأمر العسكري مقسمة على أربع قطع، القطع الاولى وهي الاكبر، تمتد على جزء من امتداد جدار العزل العنصري وكذلك تقع على مقربة من "حاجز رنتيس العسكري" والذي يعد نقطة عبور الى الاراضي المصادرة بفعل جدار العزل العنصري وايضا الى اراضي 1948 المحتلة. حيث يوجد على الجانب الغربي من جدار العزل العنصري معبر اسرائيلي يحتل الاراضي الفلسطينية. أما القطع المتبقية من الاراضي المستهدف بالأمر العسكري الجديد تقع الى الشمال الغربي من قرية رنتيس، وهي اراضي تمتد مع امتدار جدار العزل العنصري، تم بناء الجدار على هذه الاراضي بالإضافة الى احتساب منطقة buffer zone.
تشكل هذه الاوامر العسكرية الاسرائيلية القاضية بتمديد سريان امر عسكري سابق، سياسة اسرائيلية ملتوية، لتظهر للعالم بانها لا تغيير في الوضع القائم على الارض بشكل دائم، وانما ما يحدث أن هناك حاجة أمنية مؤقتة تتطلب سيطرة اسرائيل على هذه الاراضي، حيث صدر الامر العسكري الاول الحامل نفس الرقم (04/71/ت) عام 2003، ليعطي اسرائيل السيطرة على هذه الاراضي لفترة من الزمن وعند انهاء هذه الفترة المنصوص عليها صرحا في الامر العسكري يتم اصدار امر جديد يحمل نفس الرقم ويشمل بند تمديد سريان. وبهذا لا يحق لأصحاب الاراضي المستهدفة بالأمر العسكري بالاستفادة من اراضيهم الى لحين انتهاء هذه الفترة، ولان اسرائيل تتعامل مع جدار العزل العنصري كوضع قائم فعليا على الارض و لا يمكن تغيره، ويشكل في نظرها الحد الفاصل بين الضفة الغربية والمحتلة "واراضي دولة اسرائيل". لذلك فأنه من المرجح استمرار هذه المسرحية الهزلية الاسرائيلية، بإعطاء الطابع القانوني لإجراءاتها العنصرية التعسفية بحق الفلسطينيين.
قرية رنتيس الفلسطينية:
تقع قرية رنتيس الى الشمال الغربي من مدينة رام الله. يحد قرية رنتيس من الشرق قرية اللبن الغربية وأراضي عابود، ومن الغرب أراضي 1948م المحتلة، ومن الجنوب قرية شقبا، ومن الشمال أراضي اللبن الغربية. تبلغ المساحة الكلية لقرية رنتيس 10,923 دونم.
الوضع الجيوسياسي في قرية رنتيس:
بناء على توقيع اتفاقية اوسلو الثانية والمؤقتة والموقعة عام 1995 بين السلطة الوطنية الفلسطينية و "إسرائيل" تم تقسيم اراضي قرية رنتيس البالغ مساحتها 10,923 دونم، الى مناطق مصنفة "ب" وهي تخضع ادارية لسيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية في حين تخضع امنية لسيطرة سلطات الاحتلال الاسرائيلية. ومناطق مصنفة "ج" وهي مناطق تخضع لسيطرة سلطات الاحتلال الاسرائيلية بشكل كامل، وتشكل ما نسبته 88% من اراضي قرية رنتيس أي 9,606 دونم. للمزيد من المعلومات عن قرية رنتيس بشكل عام وعن الوضع الجيوسياسي فيها بشكل خاص تابع الرابطة التالية: http://vprofile.arij.org/ramallah/ar/pdfs/vprofile/Rantis_Vp_Ar.pdf
في الختام:
شكل بناء جدار العزل العنصري على أراضي الضفة الغربية المحتلة معاناة جديدة تضاف الى معاناة الفلسطينيين منذ الاحتلال الاسرائيلي للأراض الفلسطينية عام 1967. حيث احتل الجدار العزل العنصري وعزل ما يقارب 733 كيلو متر مربع من اراضي الضفة الغربية، وقام بعزل مدينة القدس عن باقي مدن ومحافظات الضفة الغربية، هذا بالإضافة الى ان سلطات الاحتلال الاسرائيلية قامت بمصادرة اراضي تقع على الجانب الشرقي من الجدار (تمتد على طول الجدار الذي يلتف الضفة الغربية) ومنعت الفلسطينيين من استخدامها وقامت بهدم منازل تقع في تلك المناطق، بالإضافة الى ان مسار الجدار دمر العديد من المنازل والاشجار وغيرها من المرافق الفلسطينية.
وهذا الامر الاخير الصادر في قرية رنتيس الفلسطينية يشكل مشهد جديد من مسلسل الانتهاكات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية ويشكل فصل جديد لمعاناة الفلسطينيين مع الاحتلال بحرمانهم من دخول أراضيهم الى نهاية العام 2017، ومن المرجح ان يتم تمديد هذه الام نفسه عند نهاية العام 2017. ومن الجدير ذكره بان هذا الامر وغيره من الاوامر العسكرية الاسرائيلية التي تصدر في الاراضي الفلسطينية المحتلة تشكل انتهاك واضح للكل الاعراف والمعاهدات والقوانين الدولية واتفاقيات السلام الموقعة من الجانب الفلسطيني.
- اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، المادة رقم 174: "يحظر تدمير الممتلكات والاستيلاء عليها بشكل واسع النطاق، ولا تبرره ضرورة عسكرية ملحة، وينفذ بشكل غير قانوني وغير شرعي وبشكل تعسفي."
- اتفاقية خارطة الطريق الموقعة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ( تحت رعاية، الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا، والأمم المتحدة) بتاريخ الثلاثين من شهر نيسان من العام 2003 التي دعت فيها حكومة إسرائيل إلى تجميد جميع أعمال البناء في المستوطنات: "على حكومة إسرائيل والعمل بشكل فوري على تفكيك جميع البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار عام 2001، وبما يتفق مع تقرير ميتشل، وأيضا على الحكومة الإسرائيلية تجميد كافة نشاطات البناء للمستوطنات بما فيها النمو الطبيعي. حسب الخطة المعتمد والصادرة من USCR 1515-2003."
- قرار مجلس الأمن رقم 446 لعام 1979 "دعا إسرائيل إلى إلغاء تدابيرها السابقة والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الوضع القانوني والطابع الجغرافي أو يؤثر ماديا على التكوين الديموغرافي للأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وعلى وجه الخصوص (القدس)، وعدم نقل سكانها المدنيين.
- وجاء أيضا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد وأعلن بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يحمل رقم 217 أ (3) والصادر بتاريخ العاشر من كانون الأول لعام 1948، والذي نص على" لا يجوز لأي أحد أن يحرم أخر وبشكل استبدادي من ممتلكاته"، والذي يعني أنه لا يجوز على إسرائيل تدمير أو مصادرة أملاك الفلسطينيين تحت أي ادعاء."
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)