في بداية العام 2014, قامت بلدية قفين في محافظة طولكرم وبالتعاون مع مؤسسة CHF الدولية وأيضا بدعم من صندوق البلدية بالبدء بأعمال تأهيل لحديقة عامة في منطقة الاحراش في البلدة وذلك بغرض الترفيه عن أهالي البلدة وخاصة فئة الأطفال. وكان للمشروع أثر كبير في نفوس المواطنين الذين وجدوا متنفسا لهم في القرية بعد أن سلب جدار العزل العنصري الاسرائيلي جزءا كبيرا من أراضيهم من الجهة الغربية للبلدة وجعل الكثير منهم عاطلين عن العمل بعد أن كانت أراضيهم هي متنفسهم الوحيد في الزراعة والفلاحة وقضاء الوقت. الا أن السلطات الاسرائيلية ما زالت تضيق الخناق على أهالي القرية من جميع الجهات, فما باتت أن فرحت البلدة بافتتاح هذه الحديقة الجديدة, حتى قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلية في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني من العام 2014 باستهداف الحديقة بأمر "وقف بناء وعمل" بذريعة البناء الغير مرخص كون الحديقة تقع في المنطقة المصنفة "ج" والتي ما زالت, بحسب اتفاقية أوسلو الثانية للعام 1995, تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة أمنيا واداريا. وهي ليست بالحادثة الغريبة, اذ ان السلطات الاسرائيلية تستمر باستهداف المنشأت والممتلكات الفلسطينية المتواجدة في المنطقة المصنفة "ج" بذريعة عدم الترخيص بينما تطلق العنان لبناء مئات بل الاف الوحدات الاستيطانية في المستوطنات الاسرائيلية التي اقامتها بشكل غير قانوني على أراضي البلدة والمحافظة وباقي محافظات الضفة الغربية المحتلة. صورة رقم 1
صورة رقم 1: الامر العسكري الاسرائيلي الذي استهدف الحديقة العامة
وتعتبر منطقة الاحراش شرق بلدة قفين احدى المناطق الغنية في البلدة من حيث المصادر الطبيعية والبيئة الخلابة والتنوع الحيوي وهي المتنفس الاخضر الذي تتمتع به هذه البلدة. وعقب بناء الجدار في المنطقة الذي عزل 2446 دونما (24%) من المساحة القرية الكلية, اتجه الاهالي الى المنطقة الشرقية للبلدة في محاولة منهم للاستفادة منها, الا أن السلطات الاسرائيلية كانت تقف لهم بالمرصاد ايضا.
منطقة الاحراش الفلسطينية تقع ضمن المناطق التي منحتها اسرائيل لمجالس المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة
في تقرير نشرته صحيفة هاأرتس الاسرائيلية اليومية في السابع والعشرين من شهر أيار من العام 2013 أظهر ان مساحة نفوذ المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة ازدادت بمساحة7,372 دونما (7.4 كم²) في العام 2012 لتصبح 538,303 دونما (538.3 كم²) مع نهاية العام 2012 بعدما كانت المساحة تبلغ 530,931 دونما (531 كم²). والجدير بالذكر أن مساحة نفوذ المستوطنات تتخطى مساحة المخططات الهيكلية الاسرائيلية الصادرة في العام 1991 للمستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وجاءت هذه الزيادة بحسب ما افادت الصحيفة الاسرائيلية من خلال أوامر عسكرية اسرائيلية تمت اصدارها والمصادقة عليها خلال العام 2012 تمنح في مضمونها مجالس المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية السيطرة على المزيد من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة اضافة الى تلك التي تحتلها المستوطنات اليوم وتلك التي تأتي تحت اطار المخططات الهيكلية الاسرائيلية لتصبح ضمن حدود المستوطنات الاسرائيلية المستقبلية. لمزيد من التفاصيل, الرجاء النقر هنا.
وفي تحليل لمعهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) لمنطقة نفوذ المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة, تبين أن لبلدة قفين نصيب من هذه المصادرات الاسرائيلية اذ أظهرت الخرائط أن من بين الحالات الخاصة التي رصدها التحليل هو تجمع المستوطنات الاسرائيلية الواقعة غرب جنين وداخل معزل برطعة الشرقية وتشمل كل من مستوطنات شاكيد وريحان وحنانيت وتل مناشيه, حيث أن منطقة نفوذ المستوطنات السابقة الذكر تمتد الى خارج منطقة جدار العزل العنصري الاسرائيلي, من الجهة الشرقية للجدار, على حساب القرى الفلسطينية المحيطة من الناحية الشرقية والجنوبية, لتصل الى بلدة قفين وعلى وجه الخصوص منطقة الاحراش المستهدفة بأمر الهدم في الوقت الحالي. انظر الخارطة رقم 1
خارطة رقم 1: المنطقة المستهدفة في بلدة قفين – محافظة طولكرم
ملخص,
تحاول اسرائيل أن تظهر نفسها أمام العالم أجمع على أنها دولة ديمقراطية وتطبق القانون بجميع معاييره, فما لبث أن قام أهالي بلدة قفين بإقامة الحديقة العامة في منطقة الاحراش الواقعة ضمن المناطق التي ما زالت تخضع لسيطرة اسرائيل, حتى قامت اسرائيل بإنذار اهالي البلدة بالتوقف عن العمل في المنطقة. الا أنه من الواضح أن القانون لا يسري على المستوطنات الاسرائيلية أو على المستوطنين القاطنين فيها, حيث تشهد المنطقة اعتداءات عدة من قبل المستوطنين الإسرائيليين على الاراضي الفلسطينية ولأغراض مختلفة, الا ان الحكومة الاسرائيلية لا تبذل جهدا في أن تمنع المستوطنين من الاعتداء على الاراضي الفلسطينية, بل بالعكس, تقوم بتوفير الغطاء القانوني اللازم للاستيلاء على هذه الاراضي, بل وتسعى الى دعم هذه الجماعات ماديا في سبيل خلق واقع لا يمكن تغييره على الارض الفلسطينية.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)