بالرغم من اعلان منظمة الامم المتحدة للثقافة والعلوم "اليونسكو" في منتصف شهر حزيران من العام 2014 إدراج قرية بتير الفلسطينية في الضفة الغربية على قائمة "التراث العالمي المهدد, الا أن قرية بتير الفلسطينية لا زالت تقع ضمن دائرة الاستهداف الاسرائيلي ويتهددها خطر بناء جدار العزل العنصري الاسرائيلي" على اراضيها. ففي الحادي والعشرين من شهر ايلول من العام 2014, نشرت صحيفة الجيروسالم بوست الاسرائيلية على صفحتها الالكترونية نقلا عن مسؤول في وزارة الاحتلال الاسرائيلي أن اسرائيل لا تنوي بناء الجدار على اراضي قرية بتير في الوقت الحاضر, اذ انه "لا يوجد سبب عملي لبناء الجدار الفاصل في قرية بتير في الوقت الحاضر", كما جاء على لسان المسؤول الاسرائيلي, معربا عن أن بناء الجدار في قرية بتير "ليس أولوية في الوقت الحاضر", بل ان هدف جيش الاحتلال الإسرائيلي هو الحفاظ على حقه في بناء الجدار في المنطقة في المستقبل. انظر الخارطة رقم 1
الخارطة رقم 1: مخطط جدار العزل العنصري في منطقة الريف الغربي في محافظة بيت لحم
وتقع قرية بتير في المنطقة الغربية لمحافظة بيت لحم, ضمن المنطقة التي باتت تعرف اسرائيليا, "بتجمع مستوطنات غوش عتصيون", وهو التجمع الاستيطاني الثالث الذي يغلف مدينة القدس من الناحية الجنوبية, بالاضافة الى تجمع مستوطنات معاليه ادوميم في الشرق وتجمع مستوطنات جفعات زئيف في الشمال الغربي. ومنذ البدء ببناء جدار العزل العنصري على الاراضي الفلسطينية في شهر حزيران من العام 2002, عمدت اسرائيل الى رسم حدود جديدة وبشكل احادي الجانب على الاراضي الفلسطينية, هدفها في النهاية (مع انتهاء بناء الجدار) ضم أكبر عدد ممكن من المستوطنات الاسرائيلية وما يتبعها من منشأت عسكرية وبؤر استيطانية ومصادر طبيعية الى حدودها الجديدة الغير قانونية, لتخلق في نهاية المطاف دولة فلسطينية غير قابلة للحياة, متفككة جغرافيا, مسلوبة المصادر والاراضي, ومحاصرة بين جدران وطرق التفافية. والحقيقة أن تصريحات المسؤول الاسرائيلي لها عدة مضامين,
(أولا), بدلا من أن تلتزم اسرائيل بإلغاء بناء جدار العزل العنصري في المنطقة, رسخت اسرائيل من مخططاتها لبناء الجدار ولكن ليس في الوقت الحاضر.
و(ثانيا), يعتبر القرار انتصارا لإسرائيل حيث انها حفظت حقها بالبناء في المنطقة اذا دعت الحاجة الى ذلك, واذا كانت الحاجة "أمنية" على سبيل المثال, فان اسرائيل لن تتردد في استئناف البناء في المنطقة في اليوم التالي ودون الاخذ بعين الاعتبار ما يترتب على ذلك من اثار سلبية على المواطنين وأراضيهم أو حتى على مستقبل المنطقة.
و(ثالثا) بحسب التعديل الاخير لجدار العزل العنصري الاسرائيلي الذي نشرته وزارة الاحتلال الاسرائيلي على صفحتها الالكترونية في شهر نيسان من العام 2007, سيمتد الجدار بطول 3 كم تقريبا على أراضي قرية بتير, وسوف يعزل (اذا تم بناءه) جزء من الجانب الغربي للقرية خلف الجدار. في حين تجدر الاشارة الى أن الجدار في قرية بتير, هو جزء من مخطط أوسع في المنطقة والذي يهدف الى احاطة منطقة الريف الغربي الفلسطيني بالجدار من جميع الجهات وفصله عن باقي محافظة بيت لحم, في محاولة من اسرائيل لضم تجمع مستوطنات "غوش عتصيون" (الذي يضم احد عشر مستوطنة) الى حدودها الجديدة التي تقوم برسمها بشكل احادي الجانب من خلال بناء الجدار في المنطقة. وبذلك, تكون اسرائيل قد استكملت مخططاتها لتطويق مدينة القدس بالتجمعات الاستيطانية الكبرى التي تحيطها (غوش عتصيون احدها), في حين حدت من النمو العمراني الفلسطيني حول المدينة حتى تضمن اغلبية يهودية في المنطقة.
و(رابعا) أن التصريحات الاسرائيلية الاخيرة بمثابة مصيدة للفلسطينيين وغيرهم ممن اعترضوا على بناء الجدار في المنطقة, اذ ان اسرائيل حفظت حقها ببناء الجدار في المستقبل بانتظار أن تؤول الامور الى ما ترمي اليه اسرائيل (انقلاب الساحة السياسية على الفلسطينيين) حتى تجد عذرا لإقرار مخطط الجدار مرة اخرى في المنطقة وبالتالي ضم المنطقة بأكملها لإسرائيل.
ملخص,
تعتبر منطقة الريف الغربي في محافظة بيت لحم السلة الغذائية للمحافظة وهي مصدر دخل لمئات العائلات الفلسطينية في المنطقة. ان التصريحات الاسرائيلية الاخيرة فيما يخص بناء الجدار في المنطقة ما هي الا ابرة تخدير للشعب الفلسطيني وللمجتمع الدولي في ظل الاوضاع السياسية المتقلبة التي تمر بها المنطقة والرياح التي ما زالت تعصف بإسرائيل من المجتمع الدولي جراء عدوانها الاخير على قطاع غزة وما خلفته من اثار سلبية على المواطنين الفلسطينيين ودمار لممتلكاتهم. والجدير بالذكر أن اسرائيل استغلت انشغال العالم العربي والغربي بقضية اعمار غزة بعد العدوان حيث استأنفت نشاطها الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة وأطلقت العنان للمخططات الاستيطانية المختلفة هذا بالإضافة الى اصدار العديد من الاوامر العسكرية الاسرائيلية لمصادرة مساحات شاسعة من اراضي الضفة الغربية المحتلة بذريعة أنها اراضي دولة أو لدواعي أمنية.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)