لطالما قامت اسرائيل باستهداف التجمعات البدوية الفلسطينية في جميع انحاء الضفة الغربية المحتلة وترحيلها من أماكن سكناها وذلك بحسب اختلاف مخططاتها الاستيطانية في المنطقة التي تقوم باستهدافها مع التركيز على التجمعات البدوية المتواجدة في القدس الشرقية المحتلة. والجدير بالذكر ان اسرائيل تتعامل مع هذه التجمعات البدوية وكأنها لا تنتمي أو ليس لوجودها أهمية, وخصوصا تلك المتواجدة في القدس الشرقية المحتلة حيث تسعى اسرائيل وبشكل دائم الى عدم ادراج مدينة القدس في اي اطار تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين وتستمر بطرح المخططات الاستيطانية التي تهدف الى تهويد المدينة بصرف النظر عما يتسببه ذلك من اثر سلبي على الفلسطينيين. هذا بالإضافة الى بناء جدار العزل العنصري الاسرائيلي حول المدينة وعزلها بشكل كلي عن باقي محافظات الضفة الغربية المحتلة مع الاحتفاظ بالتجمعات الاستيطانية الاسرائيلية الكبرى التي تحيط بالمدينة (ضمن مخطط ما يعرف بغلاف القدس[1]) واستبعاد أكبر عدد ممكن من التجمعات الفلسطينية خارج حدود مدينة القدس لتصبح مدينة ذات اغلبية يهودية.
ففي السادس من شهر أيلول من العام 2014 , نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرا مفاده بان اسرائيل بصدد طرح مخطط من اجل مراجعة الجمهور يهدف الى ترحيل الالاف من البدو القاطنين في القدس الشرقية قصرا الى مدينة جديدة في محافظة اريحا في منطقة الاغوار الفلسطينية. وتعتبر هذه الخطوة هي الأخيرة قبل إقرار مخطط البناء من قبل السلطات الاسرائيلية ومن ثم تتم عملية طرح العطاءات للبدء في البناء. وكانت الادارة المدينة الاسرائيلية[2] قد نشرت مخططات للمدينة الجديدة التي تنوي اقامتها على أراضي قرية النويعمة الفلسطينية شمال مدينة اريحا وأطلقت عليها اسم "رمات نويعمة". وتحمل المخططات الارقام التالية, المخطط رقم 1419 والمخطط رقم 1418 والمخطط رقم 1417/1 والمخطط رقم 1417/2 والمخطط رقم 1417/3:
جدول رقم 1: مخططات المدينة الجديدة "رمات نويعمة" كما طرحتها الادارة المدينة الاسرائيلية |
|||
|
رقم المخطط |
نوع المخطط |
المنطقة |
1 |
1419 |
حي سكني 1 |
النويعمة |
2 |
1418 |
حي سكني 2 |
النويعمة |
3 |
1417/1 |
حي سكني 3 |
الديوك الفوقا |
4 |
1417/2 |
حي سكني 4 |
النويعمة الفوقا |
5 |
1417/3 |
شارع يوصل بين الاحياء السكينة السالفة الذكر |
النويعمة والديوك |
خارطة رقم 1: المخطط الاسرائيلي كما نشرته جمعية بمكوم الاسرائيلية
(مخطّطون من أجل حقوق التخطيط)
انظر الخارطة رقم 2: تفصيل مخطط المدينة الجديدة, رمات نويعمة
والجدير بالذكر أن الادارة المدينة الاسرائيلية قد صاغت مخططات المدينة الجديدة دون استشارة التجمعات البدوية المقرر ترحيلها للعيش في المدينة الجديدة، في انتهاك لتوصيات المحكمة العليا الاسرائيلية التي كانت قد أوصت في جلساتها السابقة بأن تأخذ هذه التجمعات البدوية دورا في عمليات التخطيط, كما جاء على لسان القاضي أوزي فوجلمان في المحكمة العليا الاسرائيلية في شهر نيسان من العام 2014 الذي قال: " "نحن نعرف القليل من التاريخ عن محاولات اعادة التوطين … ونحن ندرك أن هناك معارضة قوية"… "والسؤال هو ما إذا كانت هذه العمليات – والتي هي هيكلية وعلى مستوى القبيلة – لا ينبغي أن تنفذ على مستوى عالي من الحوار … والسؤال هو ما إذا كان هناك أي حوار ]بين الطرفين[ من وراء هذه الإعلانات أو قاعدة قانونية. وتقييمي هو أنه من دون حوار، سيكون من الصعب تنفيذ هذه الأمور".
الا أن المخططات الاسرائيلية جاءت انعكاسا لرغبة قسم التخطيط الاسرائيلي التابع للادارة المدنية الاسرائيلية التي بدورها ومنذ البداية, لم تشأ أن يكون لهذه التجمعات البدوية أي دور في عملية التخطيط حتى تفرض عليهم الرحيل وتتجنب دوامة المساومات مع هذه التجمعات البدوية حتى يتسنى لها تنفيذ مخططاتها الاستيطانية في المنطقة وأهمها مخطط " “e1 الاستيطاني الذي يشمل بناء 3910 وحدة استيطانية غرب مستوطنة معاليه أدوميم, هذا بالاضافة الى بناء 2152 غرفة فندقية ومنطقة صناعية ومقر للشرطة الاسرائيلية (تم بناءه وتدشينه في منطقة معاليه أدوميم في العام 2008). والجدير بالذكر ان المشروع الاستيطاني ( E1) يأتي على حساب الاراضي الفلسطينية الواقعة في كل من بلدات العيسوية والطور والعيزرية وأبو ديس وعناتا شرق مدينة القدس, على مساحة قدرها 13214 دونما والتي هي جزء من المخطط الهيكلي لمستوطنة معاليه ادوميم الإسرائيلية. اما فيما يتعلق بالمدينة الجديدة فان المخططات الاسرائيلية اقتصرت على توفير منطقة سكنية فقط لهذه التجمعات البدوية دون أن تأخذ بعين الاعتبار عنصر "النمو الطبيعي" (الزيادة السكانية لهذه التجمعات البدوية في المستقبل) ولم يتم تخصيص اية مناطق للتوسع العمراني المستقبلي لتلك التجمعات أو اية مناطق مفتوحة أو زراعية. وتثير هذه المخططات الجديدة الكثير من التساؤلات فمثلا هل ستسمح الادارة المدينة الاسرائيلية للمجالس المحلية الفلسطينية السيطرة عليها اداريا أم هل ستبقى الادارة المدنية التابعة للاحتلال الاسرائيلي هي الجهة التنفيذية والادارية في المدينة الجديدة, واذا حصل ذلك, ستصبح مخططات المدينة الجديدة ليست ذات قيمة و سيبقى الوضع كما عليه في السابق بان ترحل اسرائيل هذه التجمعات البدوية وقتما وكيفما تشاء. وفي حال سمحت الادارة المدينة الاسرائيلية للفلسطينيين بالسيطرة عليها اداريا وتنفيذيا, فهل ستسمح للفلسطينيين بالتوسع عمرانيا في المستقبل أو تخصيص مناطق اخرى حول المدينة للبدو وخاصة أن هؤلاء البدو يعتمدون على تربية المواشي في حياتهم اليومية ويعتبر قوتهم الوحيد؟؟؟ انظر الخارطة رقم 3
وبحسب المخططات الاسرائيلية, فأن المدينة الجديدة سوف تتسع ل 12500 شخص من كل من عرب الجهالين والكعابنة والرشايدة القاطنين في جميع محافظات الضفة الغربية اذ لا تقتصر عمليات التهجير القصرية الاسرائيلية على التجمعات البدوية في القدس الشرقية المحتلة, بل تسعى اسرائيل الى توسيع حملتها لتشمل باقي محافظات الضفة الغربية المحتلة. جدول رقم 1 يبين التجمعات البدوية شرق مدينة القدس
جدول رقم 1: التجمعات البدوية شرق مدينة القدس المحتلة |
||
الرقم |
اسم التجمع |
مقر الاقامة الحالي |
1 |
عرب النخيلة 1 وعرب النخيلة 2 |
شرق القدس, ضمن ما بات يعرف اسرائيليا بتجمع معاليه أدوميم الاستيطاني |
2 |
الكعابنة |
|
3 |
الكسارات |
|
4 |
الغوالية |
|
5 |
بير المسكوب 1 |
|
6 |
بير المسكوب ب |
|
7 |
لطون أبو جمعة |
|
8 |
زعاترة الزعيم |
|
9 |
جبل البابا |
|
10 |
عرب أبو فلاح |
|
11 |
عرب الكرشان |
|
12 |
عرب ابو الحلو |
|
13 |
عرب الفقراء |
|
14 |
خان الاحمر – عرب المهتاويش |
|
15 |
المنطار |
|
16 |
وادي أبو هندي |
|
17 |
وادي الاعوج |
|
18 |
ابو نوار |
|
19 |
ام العساوج |
|
20 |
خان الاحمر – وادي أبو السدر |
|
21 |
وادي سنيسل |
|
|
المجموع |
المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد, أريج 2014 ومنظمة بتسليم الاسرائيلية, 2014
والجدير بالذكر أن حديثا مماثلا جرى التداول به في شهر ايلول من العام 2011 عندما نشرت صحيفة هاارتس الاسرائيلية تقريرا[3] بينت فيه نية السلطات الاسرائيلية (ممثلة بالإدارة المدنية الاسرائيلية) ترحيل التجمعات البدوية التي تعيش في المناطق المصنفة "ج" في الضفة الغربية المحتلة والتي يبلغ اجمالي عدد سكانها ما يزيد عن 27 الف مواطن, بحيث تبدأ المرحلة الاولى من الترحيل القصري في شهر كانون الثاني من العام 2014, وتشمل نقل التجمعات البدوية شرق القدس (2400 فلسطيني من عرب الرشايدة) الى موقع قريب من مكب النفايات التابع لبلدة أبو ديس شرق القدس, بينما تشمل المرحلة الثانية من الترحيل القصري لهذه التجمعات البدوية في منطقة الاغوار وباقي الضفة الغربية المحتلة. وفيما يخص التجمعات البدوية شرق القدس ونقلها لتقطن بجانب المكب, فقد تم تجميد المخطط لما يشكل هذا الموقع من خطر على حياة الفلسطينيين في المنطقة بسبب الملوثات الناتجة عن مكب النفايات وما يمكن أن يسببه للمدنيين الفلسطينيين عبر مر السنين, الامر الذي دفع بالسلطات الاسرائيلية بتغيير المخطط وعوضا عن تخصيص 370 دونما من الاراضي لبدو عرب الرشايدة, فقد تم تخصيص مساحة ما يقارب 1500 دونما للقبائل البدوية في الضفة الغربية المحتلة والتي تنحدر من كل من عرب الرشايدة وعرب الكعابنة والجهالين, بحيث تحصل كل عائلة من التي سوف يتم ترحيلها للمدينة الجديدة على ما مساحته 0.5 دونما للعيش فيها (1129 قطعة).
ملخص,
ان المخططات الاستيطانية الاسرائيلية اللامتناهية لاقتلاع الوجود الفلسطيني من المناطق التي ما زالت تسيطر عليها اسرائيل تعتبر انتهاكا فاضحا لجميع الاعراف والمواثيق الدولية التي تضمن للشعب الفلسطيني كامل حقوقهم الشرعية والتي ما زالت اسرائيل تنتهكها حتى يومنا هذا بالرغم الادانة الدولية الواسعة لمثل هذه الانتهاكات. وحيث أن اسرائيل تستهدف مدينة القدس المحتلة بشكل خاص, فان ذلك يعتبر نذير شؤم في طريق عملية السلام لان اسرائيل تحاول أن توصل رسالة للفلسطينيين أولا بأن مدينة القدس هي خارج نطاق أي اتفاق سلام مستقبلي مع الفلسطينيين وثانيا, للمجتمع الدولي, لتؤكد على اعتبار مدينة القدس العاصمة الابدية لدولة اسرائيل و"عليه أن يفهم ذلك" كما جاء على لسان الرئيس الإسرائيلي رؤافين ريبلين في السادس من شهر تشرين أول من العام 2014 خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب عودته من الولايات المتحدة الأمريكية حينما صرح: " أحد أهم العناصر في وحدتنا الوطنية، هو اتفاق عام على أن القدس هي عاصمة لإسرائيل، ويحتاج العالم أن يفهم أن القدس هي عاصمتنا, وكعاصمتنا, نحن بحاجة للسماح لسكان المدينة ]يقصد اليهود[ بالعيش والإقامة فيها".[4]
[1] مخطط غلاف القدس يضم التجمعات الاستيطانية الكبرى المحيطة بالقدس, تجمع مستوطنات معاليه أدوميم شرق مدينة القدس وتجمع مستوطنات جفعات زئيف شمال مدينة القدس وتجمع مستوطنات غوش عتصيون جنوب مدينة القدس حيث تسعى اسرائيل الى اعادة رسم حدود المدينة من جديدة من خلال بناء جدار العزل العنصري حول المدينة وضم التجمعات الاستيطانية السابقة الذكر مع استبعاد اثني عشر تجمعا سكنيا فلسطينيا في القدس الشرقية خارج حدود المدينة وحرمان سكانها البالغ عددهم ما يزيد عن 120 ألف نسمة من حقهم في العيش في المدينة.
[2] الإدارة المدنية الاسرائيلية هي الذراع المسؤولة عن تطبيق سياسة الحكومة الاسرائيلية في أراضي الضفة الغربية المحنلة بالتنسيق مع الوزارات المختلفة وجيش الاحتلال الإسرائيلي وأيضا في مجالات التخطيط والبناء والبنى التحتية في المناطق المصنفة "ج" التي ما زالت تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة بحسب اتفاقية أوسلو الثانية للعام 1995.
[3] Israel to forcibly evict Bedouins from West Bank
http://www.haaretz.com/print-edition/news/israel-to-forcibly-evict-bedouins-from-west-bank-1.384290
[4] Rivlin: Jerusalem is Our Capital, the World Must Understand That
http://www.israelnationalnews.com/News/News.aspx/185900
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)