باتت انتهاكات المستوطنين الاسرائيليين تشكل قلقا يوميا للمواطنين الفلسطينيين وخاصة أن هذه الاعتداءات لم تقتصر على الاراضي والممتلكات الفلسطينية فقط, بل امتدت الى ارتكاب اعتداءات دموية على المدنيين الفلسطينيين بذريعة دفع الثمن والانتقام. ومع غياب الردع الاسرائيلي لهجمات المستوطنين الهمجية, ازدادت هذه الاعتداءات عاما بعد عام وأصبح الامر يبعث على القلق والخوف من أن تسيطر جماعات المستوطنين المتطرفة على زمام الامور وبالتالي تضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل فرض المزيد من الوقائع المريرة على الارض الفلسطينية المحتلة.
ولم تعد المستوطنات الاسرائيلية هي المناطق الوحيدة التي تشهد الاحتكاكات بين المستوطنين والفلسطينيين، بل تجاوزتها لمناطق عديدة أخرى في الضفة الغربية المحتلة، وخاصة داخل القرى الفلسطينية وعلى الطرقات وفي الاماكن المقدسة والمقامات الاثرية… الخ. كما أن مسلسل الاستخفاف الإسرائيلي بحقوق الفلسطينيين أصبح دافعا قويا للمستوطنين لارتكاب المزيد من الاعتداءات ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم والتي أصبحت تشكل عامل رعب في نفوس الفلسطينيين. ففي دراسة تحليلية اعدها معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) لاعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة خلال الربع الثالث من العام 2014, سجلت أريج 172 اعتداءا تمت على أيدي جماعات المستوطنين واستهدفت الاراضي والممتلكات والثروة الحيوانية والزراعية وحتى المدنيين الفلسطينيين, والحقت خسائر فادحة على جميع الاصعدة. الرسم البياني رقم 1 يبين تفاصيل اعتداءات المستوطنين في الربع الثالث من العام 2014:-
وتنوعت انتهاكات المستوطنين بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم, اذ استهدفت الاشجار المثمرة (معظمها اشجار الزيتون) والاراضي الزراعية والمفتوحة (أراضي الرعي). واستباح المستوطنين لأنفسهم باقتحام الاماكن الاثرية في الضفة الغربية المحتلة وممارسة شعائرهم الدينية فيها في خرق واضح لحرمة هذه الاماكن. كما شملت اعتداءات المستوطنين اقتحام الاماكن الدينية المسيحية والاسلامية والاعتداء عليها وكتابة الشعارات التحريضية والعنصرية ضد الفلسطينيين (المسيحين والمسلمين على حد سواء) في محاولة من المستوطنين بث الرعب والخوف في نفوس المواطنين ودفعهم الى الرحيل. كما شملت انتهاكات المستوطنين ايضا الاعتداء على المدنيين المواطنين وشتمهم وضربهم والاعتداء عليهم بالآلات الحادة والتسبب في ايذائهم. وحدثت معظم هذه الانتهاكات في الاراضي القريبة من مواقع المستوطنات الاسرائيلية مثل مستوطنات يتسهار ونيفيه دانييل وبيطار عيليت وكريات أربع وبيت عاين واريئيل وكريات أربع وسوسيا وبيت ايل وشيلو وايلي وبراخا وايتمار ومعاليه ليفونا وحرميش وكرمئيل ومتسبيه يائير وافيجال ونيجوهوت ومعون ومعاليه عموس وافراتا وبيساغوت وتلمون وكرني شمرون وعوفرا ومعاليه أفرايم وشيفوت راحيل وتكواع وكيدوميم وحلاميش وميفو دوتان وبسغات زئيف وكوخاف هشاهار. الرسم البياني (رقم 2) التالي يبين انتهاكات المستوطنين بحسب نوعها في الضفة الغربية المحتلة:-
ويظهر من الرسم البياني المرفق (رقم 2) أن اعتداءات المستوطنين على الاماكن الدينية المسيحية والاسلامية كانت الاكثر من بين الاعتداءات الاخرى اذ شهدت الآونة الاخيرة اعتداءات المستوطنين الاستفزازية على المسجد الاقصى المبارك في القدس المحتلة وممارسة الشعائر الدينية على مرأى ومسمع شرطة الاحتلال الاسرائيلي وعددا من الكنائس والاديرة في المدينة المقدسة. يليها في المرتبة الثانية الاعتداء على المواطنين الفلسطينيين لتشمل الاعتداء الجسدي على الفلسطينيين اثناء تواجدهم في اماكن عملهم وأراضيهم وخاصة تلك القريبة من مواقع المستوطنات الاسرائيلية. وخلال فترة التقرير, سجل معهد الابحاث التطبيقية 52 اعتداءا على المواطنين الفلسطينيين وطردهم من اماكن عملهم وايذائهم بغرض الترهيب وعدم العودة الى أراضيهم مرة اخرى تمهيدا للاستيلاء عليها.
كما طالت أيضا انتهاكات المستوطنين حيث شملت الاعتداءات على المنازل والسيارات بالحجارة واشعال النيران بالممتلكات وتصوير المناطق والممتلكات واغلاق الطرق واقامة الحواجز وعرقلة حركة سير الفلسطينيين. ومن الملفت ايضا أن انتهاكات المستوطنين استهدفت أيضا الأشجار الفلسطينية التي تعد من أهم مصادر الدخل للعائلة الفلسطينية. ففي الفترة الواقعة ما بين شهر حزيران من العام 2014 وشهر ايلول من العام 2014, تمكن المستوطنين من تدمير ما يقارب 100 شجرة فلسطينية, معظمها اشجار الزيتون. ويشمل التدمير قطع للأشجار المثمرة وحرقها ورش بالمبيدات السامة حتى لا يتمكن الفلسطينيين من زراعتها مرة أخرى أو الاستفادة منها باي شكل من الاشكال. والجدير بالذكر أيضا أن الاعتداء على الاشجار كان أحد وسائل الترهيب التي يستخدمها المستوطنين لمنعهم من الرجوع على اراضيهم وزراعتها وفلاحتها مرة اخرى, ليتم مصادرتها في النهاية لصالح المستوطنة القريبة من موقع الاعتداء.
ومن حيث توزيع هذه الانتهاكات على المحافظات الفلسطينية, فقد جاءت مدينة القدس المحتلة في المرتبة الاولى من حيث عدد الانتهاكات, تليها محافظات بيت لحم والخليل ونابلس, وهي المحافظات التي تعد مرتعا للمستوطنات الاسرائيلية التي يقطنها المستوطنون المتطرفون دينيا وفكريا. انظر الرسم البياني رقم 3
تجدر الاشارة الى ان عدد اعتداءات المستوطنين في الربع الثالث من العام 2014 قد ازدادت مقارنة مع عدد الاعتداءات في نفس الفترة من العام الماضي (2013), حيث سجل معهد الابحاث التطبيقية 166 اعتداءا خلال الربع الثالث من العام الماضي (2013), كانت معظمها في كل من محافظات القدس ونابلس والخليل ورام الله. الرسم البياني رقم 4
ان تخاذل جيش الاحتلال الاسرائيلي المتعمد عن ردع المستوطنين من ارتكاب هجمات ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم يشجع هذه الفئة من المستوطنين على الاستمرار في التطاول على حقوق الفلسطينيين. والحقيقة أن المواطن الفلسطيني لم يعد قادرا عل حماية نفسه من هذه الاعتداءات ولم يعد يشعر بالأمان والاطمئنان في ظل عدم قيام جيش الاحتلال الاسرائيل بالقيام بأية تدابير فورية لمثل هذه الاعتداءات والتي غالبا تمر دون محاسبة لأولئك المستوطنين.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)