تنظر المحكمة العليا الاسرائيلية في القدس اليوم الاثنين, الرابع من شهر اب من العام 2014 في قضية بناء جدار العزل العنصري الاسرائيلي على اراضي وادي كريمزان في مدينة بيت جالا. وفي ظل الوضع السياسي الراهن والعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة, والصورة التي تحاول اسرائيل نشرها للمجتمع الدولي عن الذي يحدث في قطاع غزة هو "ارهاب فلسطيني" على حد قولها, وما يعكسه ذلك على الوضع (بشكل عام) في الضفة الغربية المحتلة والفلسطينيين القاطنين فيها, يبقى السؤال, هل ينجح الفلسطينيون في مواجهة حكومة اسرائيل وانتزاع قرار من المحكمة العليا الاسرائيلية بعدم بناء جدار العزل العنصري على أراضي منطقة وادي كريمزان؟؟؟؟
منذ أن بدأت اسرائيل ببناء جدار العزل العنصري الاسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة في السادس عشر من شهر حزيران من العام 2002, تذرعت اسرائيل أن مخطط بناء جدار العزل العنصري يأتي للحفاظ على أمن "دولة اسرائيل" وشعبها من "الارهاب الفلسطيني" (على حد قولها). الا أن ما نفذته اسرائيل حتى هذا اليوم (من بناء الجدار), لا يمت بصلة بما تدعيه, بل كان الهدف الاكبر من عملية بناء الجدار برمتها, مصادرة أكبر مساحة ممكنة من الاراضي الفلسطينية وما تحويه من مصادر طبيعية ومصادر المياه (الاحواض الطبيعية والابار والينابيع) والغابات والمحميات الطبيعية, حتى تضمن استدامة مستوطناتها القابعة بشكل غير قانوني على اراضي الضفة الغربية المحتلة, في نفس الوقت, تقطع الطريق على اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ومتصلة جغرافيا. انظر الخارطة رقم 1
الخارطة رقم 1: مسار جدار العزل العنصري الاسرائيلي على أراضي منطقة وادي كريمزان
وقضية أراضي كريمزان في مدينة بيت جالا, هي احدى القضايا العالقة بين أصحاب الاراضي الفلسطينيين وحكومة اسرائيل, حيث تتذرع اسرائيل بأن بناء جدار على أراضي كريمزان سوف يحمي المستوطنات الاسرائيلية, (جيلو و هار جيلو) القابعة على مقربة من التجمع الفلسطيني (بيت جالا) والتجمعات الفلسطينية الاخرى على امتدادها (قرية الولجة وبتير وحوسان), من أي خطر محتمل من الفلسطينيين. الا ان ما ترمي اليه اسرائيل لا علاقة له بما تتذرع به, حيث اظهر مخطط الجدار في المنطقة, ان اسرائيل تنوي بناء الجدار في هذه المنطقة لأهداف معينة:-
- أولا: تقع منطقة وادي كريمزان في الجزء الذي ضمته اسرائيل بشكل غير قانوني واحادي الجانب لحدود بلدية القدس عقب احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967 وبالتالي اعادة تعريف حدود المدينة بما يتناسب والمخططات الاسرائيلية التهويدية.
- ثانيا: بالرغم من أن أراضي منطقة كريمزان هي الامتداد الطبيعي الوحيد لأهالي مدينة بيت جالا والمتنفس المتبقي لهم في المستقبل, الا أن المخططات الهيكلية الاسرائيلية الصادرة للمستوطنات الاسرائيلية المجاورة (جيلو وهار جيلو والاخرى المحيطة) تظهر أن اسرائيل تنوي مصادرة هذه المنطقة كونها تشكل حلقة اتصال جغرافي بين المستوطنات الاسرائيلية في القدس الشرقية والمستوطنات الاسرائيلية في تجمع غوش عتصيون وداخل اسرائيل.
- في شهر حزيران من العام 2004, أعلنت بلدية القدس الإسرائيلية عن مخطط لبناء مستوطنة اسرائيلية جديدة شمال غرب مدينة بيت لحم تدعى "جفعات يائيل", حيث من المخطط أن يتم بناء هذه المستوطنة على مساحة قدرها 2976 دونما من الأراضي في محافظة بيت لحم, منها 1126 سوف يتم مصادرها من أراضي قرية الولجة, و 1279 دونما أخرى من أراضي قرية بتير غرب مدينة بيت لحم و 571 دونما من اراضي مدينة بيت جالا, معظمها على اراضي منطقة وادي كريمزان. ووفقا لمخطط بلدية القدس, ستتضمن مخطط بناء هذه المستوطنة بناء عشرين الف وحدة استيطانية لاستيعاب ما يزيد عن 55000 مستوطن اسرائيلي. وسوف تكمل هذه المستوطنة المقترحة حلقة المستوطنات الاسرائيلية التي تحيط بجنوب مدينة القدس من ناحية والتي ستفصلها عن محافظة بيت لحم وجنوب الضفة الغربية من ناحية اخرى. بالإضافة الى ذلك ,فان المستوطنة الاسرائيلية الجديدة ستغلق خط المستوطنات الاسرائيلية الذي يمتد من الاطراف الشمالية لمحافظة بيت لحم ابتداءا من مستوطنة 'ابو غنيم' (المعروفة اسرائيليا بمستوطنة 'هار هوما') الواقعة الى الشمال الشرقي من مدينة بيت لحم ووصولا الى مستوطنتي جفعات هماتوس وجيلو' شمال مدينة بيت لحم ومن ثم الى مستوطنة هار جيلو غربي المدينة وانتهاء بالمستوطنة الجديدة المقترحة والتي بدورها ستشكل نقطة التئام بين المستوطنات الاسرائيلية جنوب مدينة القدس ومجمع مستوطنات 'غوش عتصيون' الواقع الى الجنوب الغربي لمحافظة بيت لحم كجزء من خطة «غلاف القدس»، لتشمل أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية و زيادة عدد اليهود داخل حدود بلدية القدس الغير قانونية من أجل خلق حقائق على أرض الواقع لتغيير الوضع الديموغرافي للمدينة والتأثير على نتيجة المفاوضات بشأن مستقبل القدس كما صرح نائب رئيس بلدية القدس يهوشع بولاك : (' نريد أكبر عدد ممكن من اليهود في القدس للتأثير على الوضع الديموغرافي فيها').
- في حال نفذت اسرائيل مخططاتها على أراضي منطقة وادي كريمزان, سوف يعمل الجدار على فصل أهم المناطق الحيوية والحرجية والتاريخية عن اهالي مدينة بيت جالا هذا بالإضافة الى عزل الاراضي (سواء زراعية أو أراضي مفتوحة) عن اصحابها لتصبح تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة, لتتحكم بعد ذلك بحركة دخول وخروج مالكي الاراضي الى المناطق المعزولة, وعلى مر السنين, تحرمهم من الدخول اليها نهائيا.
- ان بناء جدار العزل العنصري في هذه المنطقة بالذات, وخصوصا على الاراضي التابعة لدير الراهبات والمدرسة في المنطقة, سوف يضع مستقبل المسيرة التعليمية ل 400 طالب وطالبة فلسطينيين (من مدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وقرية الولجة) يرتادون المدرسة في خطر وخصوصا انه وبحسب المخطط الاسرائيلي, سوف يحيط الجدار بدير الراهبات والمدرسة من جميع الجهات ما عدا الجهة الشرقية التي تؤدي الى مركز مدينة بيت جالا ومدينة بيت لحم, الامر الذي سوف يمنع أي نوع من التوسع للمدرسة والدير في المستقبل.
- تعتبر الاراضي التابعة للدير والتي يتهددها خطر المصادرة والعزل مصدر رزق للعديد من العائلات الفلسطينية في المنطقة والتي سوف تحرم من مصدر رزقها في حال تم تنفيذ مخطط الجدار.
ملخص,
تحت غطاء الأمن، تستخدم إسرائيل الجدار كوسيلة مباشرة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وحرمان الفلسطينيين من آلاف الدونمات من الأراضي التي تعتبر مصدر رزق لمعظم العائلات الفلسطينية. والحقيقة أن إسرائيل، من خلال بناء الجدار، تحاول إعادة تعريف حدود بلدية القدس مرة اخرى في تحد صريح وواضح للقانون الدولي والاتفاقيات الإنسانية. وتتلاعب إسرائيل أيضا بالحقائق الديمغرافية والجغرافية في مدينة القدس لصالح الإسرائيليين, ولتحقيق ذلك، تقوم ببناء الجدار لضم أكبر عدد ممكن من المستوطنات الإسرائيلية لحدودها الجديدة (التي ترسمها بشكل احادي الجانب من خلال بناء الجدار), في ذات الوقت, تسعى الى استبعاد التجمعات الفلسطينية لتصبح خارج حدود مدينة القدس، لتضمن في النهاية أغلبية يهودية في المدينة المقدسة (القدس).
ولم يكن يوما بناء جدار العزل العنصري الإسرائيلي على أراضي وادي كريمزان يتمحور حول "الحفاظ على سلامة وأمن مواطني إسرائيل"، ولكن الهدف الأول وقبل كل شيء هو ضم أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية الى اسرائيل وفرض الحقائق المريرة على ارض الوقائع لعزل وتهويد القدس قبل الوصول الى أي اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين.
لقراءة المزيد,
هل تنجح العليا الاسرائيلية في احراز تقدم في قضية الجدار في منطقة كريمزان؟
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)