تتزايد المخاوف من ارتفاع وتيرة اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربة المحتلة والتي أصبحت تشكل كابوسا يوميا للفلسطينيين وخاصة أن الاعتداءات هذه لم تقتصر على الاراضي والممتلكات فقط, بل بدأت تأخذ منحنى جديدا وذلك بارتكاب اعتداءات دموية على المدنيين الفلسطينيين بذريعة دفع الثمن والانتقام. ومع غياب الردع الاسرائيلي لهجمات المستوطنين, ازدادت هذه الاعتداءات عاما بعد عام الامر الذي أصبح يبعث على القلق من أن تسيطر مجموعات المستوطنين المتطرفة هذه على زمام الامور وبالتالي تضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل فرض المزيد من الوقائع المرة على الارض الفلسطينية.
ولم تعد المستوطنات الاسرائيلية هي المناطق الوحيدة التي تشهد الاحتكاكات بين المستوطنين والفلسطينيين، بل تجاوزتها لمناطق عديدة أخرى في الضفة الغربية المحتلة، وخاصة داخل القرى الفلسطينية وعلى الطرقات وفي الاماكن المقدسة والمقامات الاثرية… الخ. كما أن مسلسل الاستخفاف الإسرائيلي بحقوق الفلسطينيين أصبح دافعا قويا للمستوطنين لارتكاب المزيد من الاعتداءات ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم والتي أصبحت تشكل عامل رعب في نفوس الفلسطينيين.
ففي دراسة تحليلية اعدها معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) لاعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة خلال الربع الاول من العام 2014, سجلت أريج 200 اعتداءا تمت على أيدي جماعات المستوطنين واستهدفت الاراضي والممتلكات والثروة الحيوانية والزراعية وحتى المدنيين الفلسطينيين, والحقت خسائر فادحة. الرسم البياني رقم 1 يبين تفاصيل اعتداءات المستوطنين في الربع الاول من العام 2014:-
وتنوعت انتهاكات المستوطنين بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم, اذ استهدفت الاشجار المثمرة (كان أغلبها اشجار الزيتون) والاراضي الزراعية والمفتوحة (أراضي الرعي). واستباح المستوطنين لأنفسهم باقتحام الاماكن الاثرية في الضفة الغربية المحتلة وممارسة شعائرهم الدينية فيها في خرق واضح لحرمة هذه الاماكن. كما شملت اعتداءات المستوطنين اقتحام الاماكن الدينية المسيحية والاسلامية والاعتداء عليها وكتابة الشعارات التحريضية والعنصرية ضد الفلسطينيين (المسيحين والمسلمين على حد سواء) في محاولة من المستوطنين بث الرعب والخوف في نفوس المواطنين ودفعهم الى الرحيل. كما شملت انتهاكات المستوطنين ايضا الاعتداء على المدنيين المواطنين وشتمهم وضربهم والاعتداء عليهم بالآلات الحادة والتسبب في ايذائهم. وحدثت معظم هذه الانتهاكات في الاراضي القريبة من مواقع المستوطنات الاسرائيلية مثل مستوطنات يتسهار وتكواع واريئيل وبيت عاين وكريات أربع ونيجوهوت وسوسيا ومعون وعددا من البؤر الاستيطانية مثل بؤر ايش كوديش ومتسبيه يائير ورمات يشاي وافيجال. الرسم البياني (رقم 2) التالي يبين انتهاكات المستوطنين بحسب نوعها في الضفة الغربية المحتلة:-
ويظهر من الرسم البياني المرفق (رقم 2) أن اعتداءات المستوطنين على الاماكن الدينية المسيحية والاسلامية كانت الاكثر من بين الاعتداءات الاخرى اذ شهدت الآونة الاخيرة اعتداءات المستوطنين الاستفزازية على المسجد الاقصى المبارك في القدس المحتلة وممارسة الشعائر الدينية على مرأى ومسمه شرطة الاحتلال الاسرائيلي وعددا من الكنائس والاديرة في المدينة المقدسة. كما جاءت في المرتبة الثانية الاعتداء على ممتلكات المواطنين الفلسطينيين وشملت الاعتداءات على المنازل والسيارات بالحجارة واشعال النيران بالممتلكات وتصوير المناطق والممتلكات واغلاق الطرق واقامة الحواجز وعرقلة حركة الفلسطينيين.
ولم تقتصر اعتداءات المستوطنين على الاماكن الدينية والممتلكات فقط, بل صعد المستوطنين من انتهاكاتهم لتشمل الاعتداء الجسدي على الفلسطينيين اثناء تواجدهم في اماكن عملهم وأراضيهم وخاصة تلك القريبة من مواقع المستوطنات الاسرائيلية. وخلال فترة التقرير, سجل معهد الابحاث التطبيقية 50 اعتداءا على المواطنين الفلسطينيين وطردهم من اماكن عملهم وايذائهم بغرض الترهيب وعدم العودة الى أراضيهم مرة اخرى تمهيدا للاستيلاء عليها. ومن الملفت ايضا أن انتهاكات المستوطنين استهدفت أيضا الأشجار الفلسطينية التي تعد من أهم مصادر الدخل للعائلة الفلسطينية. ففي الفترة الواقعة ما بين شهر كانون أول من العام 2014 وشهر اذار 2014, تمكن المستوطنين من تدمير ما يقارب 6000 شجرة فلسطينية, معظمها اشجار الزيتون. ويشمل التدمير قطع للأشجار المثمرة وحرقها ورش بالمبيدات السامة حتى لا يتمكن الفلسطينيين من زراعتها مرة أخرى أو الاستفادة منها باي شكل من الاشكال. والجدير بالذكر أيضا أن الاعتداء على الاشجار كان أحد وسائل الترهيب التي يستخدمها المستوطنين لمنعهم من الرجوع على اراضيهم وزراعتها وفلاحتها مرة اخرى, ليتم مصادرتها في النهاية لصالح المستوطنة القريبة من موقع الاعتداء.
ومن حيث توزيع هذه الانتهاكات على المحافظات الفلسطينية, فقد جاءت مدينة القدس المحتلة في المرتبة الاولى من حيث عدد الانتهاكات, تليها محافظتي نابلس والخليل, وهي المحافظات التي تعد مرتعا للمستوطنات الاسرائيلية التي يقطنها المستوطنون المتطرفون دينيا وفكريا. انظر الرسم البياني رقم 3
تجدر الاشارة الى ان عدد اعتداءات المستوطنين في الربع الاول من العام 2014 قد ازدادت مقارنة مع عدد الاعتداءات في نفس الفترة من العام الماضي (2013), حيث سجل معهد الابحاث التطيبقية 172 اعتداءا خلال الربع الاول من العام الماضي (2013), كانت معظمها في محافظات القدس ونابلس والخليل. الرسم البياني رقم 4
ان تخاذل جيش الاحتلال الاسرائيلي المتعمد عن ردع المستوطنين من ارتكاب هجمات ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم يشجع هذه الفئة من المستوطنين على الاستمرار في التطاول على حقوق الفلسطينيين. والحقيقة أن المواطن الفلسطيني لم يعد قادرا عل حماية نفسه من هذه الاعتداءات ولم يعد يشعر بالأمان والاطمئنان في ظل عدم قيام جيش الاحتلال الاسرائيل بالقيام بأية تدابير فورية لمثل هذه الاعتداءات والتي غالبا تمر دون محاسبة لأولئك المستوطنين.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)