بدأت سلطات الاحتلال الاسرائيلية بتنفيذ ساسية تطهير عرقي جديدة تستهدف المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية المحتلة، حيث تهدف هذه السياسة الى تفريغ القدس من سكانها الفلسطينيين، وذلك عن طريق اعتبار وتصنيف الفلسطينيين فيها كمقيميين مؤقتين في المدينة وليس مواطنين. حيث لاحظ المواطنين الفلسطينيين عند ذهابهم الى مكاتب وزارة الداخلية الاسرائيلية في مدينة القدس لاستصدار أو تجديد هوياتهم بانه تم اضافة بند يصنف حامل هذه الهوية على انه مقيم مؤقت في المدينة. كما قامت وزارة الداخلية الاسرائيلية بتحديد فترة اقامة الفلسطيني في المدينة على الهوية بعشر سنوات فقط، حيث انه عقب انتهاء 10 سنوات، ستقوم اسرائيل بمطالبة الفلسطينيين بتقديم بيانات ووثائق جديدة لوزارة الداخلية الاسرائيلية تثبت بان حامل هذه الهوية مقيم فعلي في مدينة القدس، وان لم تستوف هذه البيانات والوثائق الشروط الاسرائيلية, فانه من المتوقع أن يتم سحب الهوية المقدسية من صاحبها (الفلسطيني)، وبالتالي حرمانه/ا من السكن في مدينة القدس. وبتطبيق هذه السياسة, تكون اسرائيل قد بدأت بالخطوات المباشرة لتفريغ مدينة القدس من ساكنيها الفلسطينيين، لتصبح بحسب المخططات الاسرائيلية مدينة ذات اغلبية يهودية، وتكون بذلك قد انجزت خطوة هامة نحو تحقيق خطوة نحو سعيها لتحقيق رؤيتها المستقبلية للمدينة المقدسة.
وتكمن خطورة التغيير الحاصل في المعاملات الرسمية في الهويات المقدسية في انه يعطي سلطات الاحتلال الاسرائيلي الحق "القانوني" لطرد المقيم من المدينة في حال عدم موافاته للشروط الاسرائيلية والقوانين والانظمة المعمول بها في "دولة اسرائيل"، وبهذا تتحكم اسرائيل بمصير الالاف من العائلات الفلسطينية في مدينة القدس. ومن الجدير ذكره، ان عملية سحب الهويات من السكان الفلسطينيين في مدينة القدس ليس بالامر الجديد حيث منذ احتلال اسرائيل للضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة عام 1967، قامت بسحب الالاف من الهويات التي يحملها الفلسطينيين وقامت بطردهم ومنعتم من العيش في مدينة القدس دون وجه حق. حيث وبحسب تقرير صادر عن مركز المعلومات الاسرائيلي لحقوق الانسان في الاراضي المحتلة "بتسليم"، ان سلطات الاحتلال الاسرائيلية منذ عام 1967 قامت بسحب 14,152 هوية من الفلسطينيين القاطنين في مدينة القدس. [1]
هذه ليست السياسة الوحيدة التي تنتهجها اسرائيل في سبيل طرد الفلسطينيين من مدينة القدس المحتلة، التي هي مركز الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. حيث تعمد الى سياسة تضيق الخناق على الفلسطينين في حياتهم اليومية من حيث حصولهم على العمل والاقامة في السكن المناسب في المدينة. كما تتعمد سلطات الاحتلال الاسرائيلي الى عدم اصدار تراخيص بناء للمواطنين الفلسطينيين تحت ذرائع واهية لا تمس بالحقيقة شيئا و تسعى للسيطرة عنوة على منازل الفلسطينيين في البلدة القديمة في القدس بشكل خاص لتوطين المستوطنين الاسرائيليين فيها بدل الفلسطينيين، بالاضافة الى الاعتداءات اليومية التي يرتكبها المستوطنين، واقتلاع الاشجار وهدم المنازل والمنشأت التجارية والزراعية والحيوانية.
ان طبيعة الوضع الحياتي للمواطنين الفلسطينيين في مدينة القدس، شديد الصعوبة والتعقيد، حيث ومنذ بداية العام الحالي 2013، عمدت اسرائيل الى الاسراع في طرد الفلسطينيين من مدينة القدس، وتم تتويج سياساتها بتصنيف الفلسطينيين في المدينة كمقيمين وتحديد فترة الاقامة الخاصة بهم، فيما يلي موجز عن ما تعرضت له مدينة القدس من انتهاكات جيش الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنين منذ بداية العام 2013 وحتى شهر حزيران من العام 2013:
— في مطلع العام 2013، وفي شهر كانون الثاني، تعرضت مدينة القدس للعديد من الاعتداءات من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي والمستوطنين. حيث صادرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي ما يقارب 105 دونما من الاراضي الفلسطينية في المدينة، بالاضافة الى اقتلاع ما يزيدعن 100 شجرة، و هدم 12 منزلا و6 منشأت اخرى (زراعية وحيوانية)، هذا بالإضافة الى اصدار 29 امر هدم. كما تعرضت المدينة الى 7 اعتداءات من قبل المستوطنين. . ومن الجدير ذكره ان اعتداءات المستوطنين في المدينة تتمثل بالاقتحامات المتواصلة للمسجد الاقصى والاعتداءات الجسدية على المقدسيين، وتخريب سيارات الفلسطينيين، و حرق و اقتلاع الاشجار والكتابة على جدران المساجد والكنائس والاديرة في المدينة.
— اما في شهر شباط من العام 2013، صادرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي 191 دونما من الاراضي الفلسطينية، واقتلعت ما مجموعه 660 شجرة مثمرة. كما قامت الجرافات الاسرائيلية بهدم 8 منازل فلسطينية و 5 منشات اخرى، هذا بالاضافة الى اصدار 51 امرا عسكريا يقتضي بهدم منازل الفلسطينيين في المدينة. وتعرضت مدينة القدس خلال شهر شباط الى 10 اعتداءات من قبل المستوطنين.
— في شهر آذار من العام 2013، 45 دونم من الاراضي الفلسطينية في المدينة اصبحت مهددة بالمصادرة، كما وهدمت اسرائيل منزلا واحدا ومنشأة واحدة ايضا. اما فيما يخض اعتداءات المستوطنين في المدينة، فقد تعرضت المدينة الى ما يزيد عن 20 اعتداء.
— في شهر نيسان من العام 2013، قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلية بهدم ما مجموعه 12 منزلا فلسطينيا و 4 منشأت اخرى، واصدرت 5 اوامر عسكرية لهدم منازل الفلسطينيين. كما وتعرضت المدينة في شهر نيسان الى 12 اعتداء من قبل المستوطنين الاسرائيليين.
— خلال شهر آيار من العام 2013، قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي باقتلاع 120 شجرة بالاضافة الى هدم 11 منزلا و منشأتين اخرتين. كما واصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي 8 اوامر عسكرية لهدم منازل في المدينة. اما بخصوص اعتداءات المستوطنين، فقد تعرضت مدينة القدس الى 21 اعتداء خلال هذا الشهر.
— في شهر حزيران من العام 2013، 75 دونم من الاراضي الفلسطينية اصبحت مهددة بالمصادرة في المدينة هذا بالإضافة الى مصادرة 5 دونمات. كما تم هدم 3 منازل فلسطينية واصدار 38 امر لهدم منازل في المدينة. في حين تعرضت مدينة القدس الى 24 اعتداء من قبل المستوطنين. كما واصدرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي اوامر باخلاء 8 عائلات فلسطينية من بلدة بيت حنينا في القدس المحتلة.
جميع هذه الممارسات الاسرائيلية سواء من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي او المستوطنين، تهدف بمجملها الى فرض واقع جديد في المدينة المقدسة وتضيق الخناق على الفلسطينيين لدفعهم نحو مغادرة المدينة طوعا، وان كانت هذه الممارسات التي تتمثل بمصادرة الاراضي وهدم المنازل واطلاق ودعم جموع المستوطنين للعربدة في مدينة القدس، تبقى في سياق الطرق الغير مباشرة لتهويد المدينة. اما عند الحديث عن تغيير تصنيف الفلسطينيين في الوثائق الرسمية فان في ذلك ممارسة واضحة وصريحة للتطهير العرقي ولتهويد مدينة القدس المحتلة.
تسعى اسرائيل الى تغيير الوضع الديمغرافي في مدينة القدس، وتهجير الفلسطينيين منها بأي وسيلة متاحة، وسياسة تصنيف الفلسطينيين كمقيمين مؤقتين في مدينة القدس ما هي الا وسيلة عنصرية غير شرعية لتهجير الفلسطينيين وتهويد المدينة المقدسة، وهي وسيلة تنتهك جميع القوانين والاعراف الدولية والاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني:
‘في شهر ايار عام 2001 قال’رينيه كوسيرينج’ رئيس البعثة الدولية للصليب الاحمر الى اسرائيل و الاراضي الفلسطينية في مؤتمر صحفي عقد في 17-5-2001′ان المستوطنات الاسرائيلية هي من حيث المبدا مساوية لجريمة الحرب. ( ملاحظة: ان نقل السكان القابعين تحت الاحتلال على يد الدولة المحتلة يعتبر عمل غير قانوني و يصنف على انه خرق صريح وواضخ للقانون الدولي).
‘قرار مجلس الامن الدولي رقم 465 الصادر بتاريخ 1980’ والذي يعتبر ان كافة الاجراءات التي اتخذتها اسرائيل في الاراضي المحتلة و التي غيرت من الوضع الجغرافي و الميداني لهذه الاراضي المحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس, باطلة و غير قانونية و خصوصا تهجيراسرائيل للفلسطينيين من اراضيهم و تسكين المهاجرين اليهود القادمين الى اسرائيل بدلا منهم و ان هذه الممارسات تعتبر خرقا صريحا وواضحا لاتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين في اوقات الحرب.
أيضا المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة حيث نصت على انه: ‘لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب. السلب محظور. تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم.’ و المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة :’ تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية.’ تعتبر مخالفات جسيمة للاتفاقية.
قرار مجلس الامن رقم 446 لعام 1979 "دعا اسرائيل الى إلغاء تدابيرها السابقة والامتناع عن اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الوضع القانوني والطابع الجغرافي أو يؤثر ماديا على التكوين الديموغرافي للأراضي العربية المحتلة منذ 1967 وعلى وجه الخصوص (القدس)، وعدم نقل سكانها المدنيين.
[1] Statistics on Revocation of Residency in East Jerusalem