بعد مرور شهرين ونصف على الجلسة النهائية الخاصة بمسار جدار العزل العنصري الاسرائيلية في منطقة كريمزان في مدينة بيت جالا ( الثاني عشر من شهر شباط للعام 2013)، اصدرت اللجنة الاسرائيلية الخاصة بالاعتراضات[i] في السادس والعشرين من شهر نيسان من العام 2013، حكمها بالسماح لدولة الاحتلال الاسرائيلي باستكمال بناء جدار العزل العنصري على اراضي منطقة كريمزان في مدينة بيت جالا، متجاهلة بذلك شهادات اصحاب الاراضي الفلسطينيين الذين سيتأثرون بشكل كبير جراء بناء الجدار والذي سيعمل على فصلهم عن اراضيهم وممتلكاتهم في تلك المنطقة بشكل كامل.
وجاء مخطط بناء جدار العزل العنصري في منطقة كريمزان استنادا الى امرين عكسريين اسرائيليين صدرا في العام 2011. الامر العسكري الاول يحمل رقم (ت/08/11) وصادر عن وزراة الدفاع الاسرائيلية في الثاني والعشرين من شهر ايلول من العام 2011 وموقع من القائد الاعلى للجيش الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية, آبي ميزراحي. وينص الامر العسكري على مصادرة 37.3 دونما من اراضي منطقة كريمزان في بيت جالا. في حين جاء الامر العسكري الثاني الذي يحمل رقم (ت/02/11) والصادر ايضا عن وزارة الدفاع الاسرائيلية بتاريخ الثاني والعشرين من شهر ايلول للعام 2011، والموقع من المدير العام في وزارة الدفاع الاسرائيلية باعتبار ان الارض المراد مصادرتها تقع ضمن حدود بلدية القدس الاسرائيلية التي تم مصادرتها بشكل غير قانوني واحادي الجانب في العام 1967، حيث بمقتضى هذا الامر يتم مصادرة 15.2 دونما من اراضي بيت جالا. ومن الجدير بالملاحظة بان 52.5 دونما من الاراضي المقرر مصادرتها هي بكل بساطة جاءت من اجل بناء مسار الجدار فقط، في حين ان الجدار سيتسبب بعزل الاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية في تلك المنطقة. (انظر الخارطة رقم 1)
تحليل للاحكام الاسرائيلية الصادرة
بحسب الاوامر العسكرية الاسرائيلية الصادرة في العام 2011، فان جدار العزل العنصري سيحيط بدير الراهبات والمدرسة التابعة لها ومنزل السيد جورج العلم من ثلاث اتجاهات (من الشمال والغرب والجنوب)، تاركا الجانب الشرقي من الجدار مفتوحا ليصل بالطريق الذي يسلكه كل من الراهبات والسيد العلم للوصول الى مركز المدينة في بيت جالا. ومن المتوقع ان يتم وضع بوابة على مسار الجدار حال الانتهاء من اقامته ليسمح للراهبات الوصول الى دير كريمزان الذي تربطهم به علاقة وثيقة، وكذلك للوصول الى مدينة القدس. كما اضافت المحكمة في حكمها الصادر بان ‘دولة اسرائيل’ ستتعامل بمرونة مع مسألة اصدار التصاريح للفلسطينيين من اصحاب الاراضي للوصول الى اراضيهم التي سيتم عزلها بالكامل مع استكمال بناء جدار العزل العنصري في المنطقة. وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد في تصريحات المحكمة اي ضمانات بان التصاريح التي ستمنح للفلسطينيين من اصحاب الاراضي التي يتهددها العزل في الجانب الغربي من الجدار سوف تستمر بالصدور، او حتى ضمانات بان جيش الاحتلال الاسرائيلي سيحترم هذه التصاريح عند اصدارها. ومن العائلات الفلسطينية المتضررة بفعل بناء جدار العزل العنصري في منطقة كريمزان: خليلية، والعلم، وابو عمشا، وابو عيد، وهاني، وابو رمان، قيسٌية وابو مهر.
في النهاية:
تحت ادعاء الامن، تستغل اسرائيل الجدار كوسيلة مباشرة لمصادرة الاراضي الفلسطينية وحرمان الفلسطينيين من الاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية لهذا الغرض. ان الاستيلاء على الاراضي من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي هو امر محظور في القانون الدولي الانساني ويتعارض مع الالتزامات الاسرائيلية في اتفاقية جنيف الرابعة الصادرة في العام 1949، المادة رقم 47، والتي نصت على ان: ‘ لا يحرم الأشخاص المحميون الذين يوجدون في أي إقليم محتل بأي حال ولا بأية كيفية من الانتفاع بهذه الاتفاقية، سواء بسبب أي تغيير يطرأ نتيجة لاحتلال الأراضي على مؤسسات الإقليم المذكور أو حكومته، أو بسبب أي اتفاق يعقد بين سلطات الإقليم المحتل ودولة الاحتلال، أو كذلك بسبب قيام هذه الدولة بضم كل أو جزء من الأراضي المحتلة.’
كما نصت اتفاقية جنيف الرابعة في المادة 53، بانه : ‘يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير.’
كما ان جدار العزل العنصري يتعارض مع المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والتي قامت اسرائيل بالتوقيع عليهما.
المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية- الممتلكات، المادة رقم 1، ‘ لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ‘
المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية – الصحة، المادة رقم 12، ‘ تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه.’
المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية- التعليم، المادة رقم 13،’ تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم. وهى متفقة على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وهى متفقة كذلك على وجوب استهداف التربية والتعليم تمكين كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر، وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم ومختلف الفئات السلالية أو الإثنية أو الدينية، ودعم الأنشطة التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل صيانة السلم.’
المعاهدة الدولية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية- الغذاء، المادة رقم 11، ‘ تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية. وتتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق، معترفة في هذا الصدد بالأهمية الأساسية للتعاون الدولي القائم على الارتضاء الحر.’
[i] الأمر العسكري رقم 172 (1967) – اقر هذا الامر العسكري انشاء لجنة الاعتراضات العسكرية للنظر في الطعون المتعلقة بقرارات حارس أملاك الغائبين (المعدل بموجب الامر العسكري الاسرائيلي رقم 406 وغيرها) وغيرها من الأحكام للاستيلاء على الأراضي من قبل الجيش الإسرائيلي والحكومة الاسرائيلية. مقدم الاعتراض يحمل عبء إثبات ملكية الأرض. لا بد له من تقديم مسوحات كاملة للممتلكات من قبل مساح مرخص (مكلفة للغاية)، وبيانات اليمين الدستورية من السلطات تثبت تفاصيل دعواه، مع نسخة، في غضون 45 يوما. ليس مطلوبا من هذه اللجنة نشر الأحكام الصادرة عنها في الصحف المحلية (كما هو مطلوب بموجب القانون الأردني)، ولكن فقط للنشر في أروقة المكاتب الخاصة بها. (القمع العسكري الإسرائيلي والاستغلال في المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية: كيف تعمل، من قبل ديفيد أ. كرشبوم)