الانتهاك:
أصدرت ما تسمى لجنة التنظيم الأعلى (اللجنة الفرعية لجودة البيئة) إخطاراً عسكرياً وذلك في 27 شباط 2013م، و الذي يتضمن بدء سريان المخطط التفصيلي رقم (327/57) لبركة خزان المياه ( ترصاة ج)، الواقع في أراض قرية الجفتلك شمال مدينة أريحا. تجدر الإشارة إلى أن خزان المياه (ترصاة ج) يقع ضمن أراض الجفتلك وذلك ضمن الأحواض (24129،24130،24131) من أراض الجفتلك، حيث أن خزان المياه تم إنشائه في عام 2008م وذلك وفق قرار المصادرة رقم (325) .
يشار إلى انه وبحسب الإعلان المعلن عنه في 25/02/2013م في صحيفة القدس فانه سيتم توسيع الخزان المائي بهدف استيعاب كميات كبيرة من المياه، بالإضافة إلى مد أنابيب جديدة لتغذي المستوطنات الإسرائيلية القريبة ومَزارعها التي تحيط بها المستوطنات الإسرائيلية.
يذكر أن بئر ‘ترصاة ج’، يعد من ابرز الآبار الجوفية في الأغوار الوسطى الفلسطينية، حيث يعمل على سحب كميات كبيرة من المياه في منطقة سهل الفارعة والتي كانت من المفترض أن تساهم في النهضة الزراعية في المنطقة، إلا أن الواقع غير ذلك فالزراعة الفلسطينية في الأغوار الوسطى باتت في خطر حقيقي جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي والمتمثلة بسرقة المياه الجوفية ومصادرة الأراضي الزراعية، حيث أن بئر ‘ترصاة ج’ يضخ ما معدله 80 كوب بالساعة لصالح المستوطنات وبينما تعد قرية الجفتلك قرية عطشى فوق نهر من الماء.
خارطه مرفقة تبين موقع بئر ترصاة ج
سياسة الاحتلال المائية في الأغوار الوسطى:
تعد قرية الجفتلك نموذجاً حياً للمئات من البلدات والقرى الفلسطينية، لم تسلم من ممارسات الاحتلال ضد سكانها، لا سيما وأنها تقع على الحوض المائي الشرقي من فلسطين، وكانت ينابيعها وآبارها الارتوازية لفترة ليست بعيدة رافداً من روافد آبار نهر الأردن، ما يدفعنا للإشارة والتأكيد على أن عملية النهب للمياه بدأت مع السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية عام 1967م، حيث فرض الاحتلال إجراءات مشددة حرمت الفلسطينيين من حقهم المشروع في المياه، لا سيما في الأغوار وتحديداً من موارد نهر الأردن، حيث تم الاستيلاء على معظم الكمية من قبل إسرائيل.
ولم تكتف سلطات الاحتلال بالسيطرة على الحصة الفلسطينية من حوض المياه في الأغوار، بل قامت بالإعلان عن المنطقة المحاذية لنهر الأردن (المنطقة المعروفة باسم الزور) والتلال المطلة عليها منطقة عسكرية يحظر على الفلسطينيين دخولها، مما أدى إلى حرمان جزء كبير من الفلسطينيين من أراضيهم الزراعية الموجودة في تلك المنطقة التي كان يجري ريها من مياه نهر الأردن، كذلك هو الحال بالنسبة للآبار الارتوازية المنتشرة على امتداد غور الأردن البالغ عددها 133 بئراً، حيث تمت السيطرة التامة عليها من قبل الاحتلال وتم تجفيف قسم كبير منها، ليس هذا فحسب، بل يحظر على الفلسطينيين مجرد حفر بئر ماء في الأغوار.
كما عمل الاحتلال الإسرائيلي في بداية عام 1984م على مصادرة معظم مياه الينابيع المتدفقة في أراضي ‘الجفتلك’ و’وادي الفارعة’ لصالح المستوطنات القريبة، حيث كانت تلك المياه تجري ابتداء من منطقة وادي الفارعة مرورا بقرية عين شبلي، ومن ثم تجاه قرية ‘الجفتلك’، عبر ثلاث قنوات مائية، هي ‘أم حريره الفوقا’ و’أم حريره التحتا’ و’عين قراوة’، ومن ثم تتابع سيرها تجاه نهر الأردن.
ومنذ ذلك التاريخ، أخذت مياه الينابيع بالاضمحلال تدريجيا، حتى جفت اليوم بالكامل لتصبح معدومة في قرية ‘الجفتلك’، فالزائر يدهش من منظر القنوات المائية التي باتت جافة وتعلوها القاذورات والأوساخ والأتربة، في حين كان من المفترض أن تكون رافدا من روافد القرية بالماء العذب البارد الذي يحيي الأراضي الزراعية، والتي أخذت بالتهالك حتى باتت الخضرة مهددة بالاختفاء عنها في يوم ما.
في المقابل وعلى التلال المطلة على أراضي ‘الجفتلك’ الشرقية تتوسع مستوطنة ‘مسواه’ التي أقيمت على أنقاض مخيم ‘أبو العجاج’ للاجئين الفلسطينيين، وعلى التلال الشمالية ترقد مستوطنة ‘حمرا’، حيث تلتقي المستوطنتين ضمن هدف واحد هو سرقة الموارد المائية في ‘الجفتلك’، حيث تنساب المياه الجوفية ومياه الينابيع إلى خزانين إسرائيليين يقعان على سفح جبل بقرب ثكنة عسكرية إسرائيلية، وذلك عبر أنابيب تمر من وسط منازل القرية المذكورة، لكنها ليست لأهالي القرية العطشى، بل تتجه صوب مزارع المستوطنين وسكان مستوطنتي ‘مسواه’ و’الحمرا’، بهدف إنعاش الزراعة هناك وتعزيز رفاهية المستوطنين. وتبلغ حصة المياه للمستوطن المقيم في الأغوار مقارنة بالمزارع الفلسطيني حسب معطيات مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، ست حصص مقابل حصة واحدة للفلسطينيين.