تعد منطقة واد المطوي في قلب محافظة سلفيت من ابرز المناطق والمواقع الفلسطينية التي تعكس واقع الطبيعة الفلسطينية الخلابة التي ميزها الله بطابعها الجمالي الفريد مما أهلها لتكون محط الباحثين عن الاستجمام والاستقرار في يوم عطلة جميل بين الينابيع المائية التي تتميز بها منطقة واد المطوي والتي ترشح من أعلى الجبال باتجاه الوديان ومن ثم تجري في قنوات مائية بين أحضان الطبيعة. بالإضافة إلى ذلك، تعد منطقة المطوي من أخصب الأراضي الزراعية فهي تعد غابة من أشجار الزيتون وتعد مصدر الغذاء للمئات من العائلات الزراعية في مدينة سلفيت والقرى المجاورة في المنطقة.
الاحتلال يواصل استهداف البيئة في المطوي:
يشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي سعى دائماً إلى ضرب الوجود الفلسطيني والاستهتار بقيمه وعاداته، فمنذ عام 1978 عشية اتفاقية كامب ديفيد بدأ الاحتلال الإسرائيلي بإنشاء بؤرة استيطانية على أراض مصادرة من بلدة سلفيت، ما لبثت هذه البؤرة بالتوسع بشكل كبير للتحول اليوم إلى اكبر المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراض الضفة الغربية، حيث تلتهم اليوم ما يزيد عن 20 ألف دونم من أراض مدينة سلفيت وقرى اسكاكا و ياسوف و مردا وكفل حارس وقرية حارس في المحافظة.
يشار إلى أن الأثر السلبي لمستوطنة ‘ارائيل’ لم يتم تحديده فقط بسرقة الأرض والينابيع المائية بالإضافة إلى المقدرات الأثرية في المنطقة، بل امتد إلى أعمق من ذلك من خلال ضرب البيئة الفلسطينية في منطقة المطوي، عبر ضخ كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي باتجاه واد المطوي لتسير بعد ذلك مسافة تزيد عن 8كيلومترات عبر الوديان التي تخترق أراضي مدينة سلفيت وبين البيوت السكنية في بلدة بروقين وكفر الديك لتلاقي طريقها بعد ذلك في السهل الساحلي الفلسطيني.
تدمير للأراضي بالجملة والقضاء على مقومات الحياة:
يذكر أن المياه العادمة الصادرة عن مستوطنة ‘ارائيل’ كانت عامل رئيس في تدمير الأراضي الزراعية الواقعة على جانبي مجرى المياه العادمة حيث أن هذه المياه تحتوي على كميات كبيرة من الامونيا التي تؤثر على الأشجار المثمرة وبالتالي القضاء على قسم كبير منها وتحويل القسم الآخر إلى أشجار غير منتجة.
يشار إلى أن الينابيع المائية التي تتميز بها منطقة المطوي تضررت بشكل كبير من مياه الصرف الصحي الصادرة عن مستوطنة ‘ارائيل’، خاصة إذا علمنا أن مياه الينابيع هي مياه سطحية في معظمها وتسير بين الصخور والأودية لتلتقي مع مياه الصرف الصحي الصادرة عن مستوطنة ‘ارائيل’ وبالتالي تلوث مياه الينابيع هناك.
ويعد بئر المطوي من اشد المصادر المائية المتضررة من مياه الصرف الصحي، فبئر المطوي الواقع بالقرب من مدينة سلفيت يعد مصدر مائي مهم بالمنطقة، حيث يغطي 30% من حاجة مياه مدينة سلفيت و قرية فرخة و خربة قيس، و تبلغ قدرته الإنتاجية بمعدل 100كوب / يوم حيث يشار إلى أن المياه تتجمع في البئر من خلال الينابيع المتواجدة و المنتشرة على السلاسل الجبلية المجاورة، وكون المياه العادمة والتي تعتبر خليط من مياه مجاري ‘ارائيل’ ومياه مجاري سلفيت تمر عبر هذه السلاسل الجبلية وعلى مسافة اقل من 40كم من بئر المطوي فان ذلك أدى إلى تلويث بئر المطوي، حيث بينت الدراسات والفحوصات الطبية والبيولوجية للمياه في بئر المطوي وجود ارتفاع حاد في نسبة الكائنات الدقيقة في الماء وبالتالي فان ذلك ينعكس بشكل سلبي على صحة الإنسان والحيوان والنباتات في المنطقة، مما دفع بلدية سلفيت إلى ضخ كميات كبيرة من الكلور بهدف الحد من التلوث البيلوجي في تلك المياه.
الصور1-4: توضح التلوث الناتج عن مستوطنة ‘ارائيل’ في أراضي واد المطوي بقلقيلية
عدى عما تقدم، فقد فقدت المنطقة طابعها السياحي الجميل بفعل الروائح الكريهة وانتشار الحشرات والقوارض هناك بالإضافة إلى الخنازير البرية، وبهذا هجر عدد كبير من السكان منطقة المطوي وتحولت المنطقة من منطقة تعج بالحياة إلى منطقة منكوبة تعاني من انتشار القوارض والأمراض فيها. بالإضافة إلى هذا كله، تشير المؤشرات الصحية أن المنطقة تعاني من انتشار الأمراض الجلدية والأمراض المعوية بين السكان الفلسطينيين بسبب تلك المياه العادمة التي تجري بين البيوت السكنية في بلدة بروقين مما ينذر بكارثة صحية هناك.
عدى عن ذلك فان الأثر السلبي ألقى بظلاله على قطاع الثروة الحيوانية في المنطقة حيث أن هناك نسبة عالية في النفوق بين رؤوس الأغنام نتيجة التسمم المعوي في منطقة المطوي، عدى عن كون الحليب الناتج عن الأبقار التي يتم تربيتها على مياه الصرف الصحي لا تنصح وزارة الزراعة باستهلاكه، مما تكبد المزارعون خسائر فادحة جراء ذلك.
لا حلول لمشكلة مياه الصرف الصحي:
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منع بلدية سلفيت من إنشاء محطة تنقية لمياه المجاري الصادرة من المدينة والممول من قبل KFW حيث أن المخططات الهندسية اللازمة للمشروع جاهزة منذ عام 1998م، وسبب منع سلطات الاحتلال هو إصرارها على إقامة محطة تنقية مياه بديلة مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين الأمر الذي تم رفضه من الجانب الفلسطيني في عام 2002م لعدم الاعتراف بشرعية إقامة مستعمرة ‘ارائيل’ و مستعمرة ‘بركان’ على الأراضي الفلسطينية. وبهذا تستمر معاناة واد المطوي في انتظار حل حقيقي لهذه المشكلة الآخذة بالتفاقم يوماً بعد يوم لتنذر بزوال الطابع الخاص الذي تتميز به المنطقة.