تعد بلدة بروقين الواقعة في قلب محافظة سلفيت من البلدات التي تشهد استهدافاً حقيقياً من قبل الاحتلال، فلم يكتفي الاحتلال بالاستيلاء على مساحات واسعة من أراض البلدة، بل تعدى ذلك إلى ضخ كميات كبيرة من المياه العادمة المنبثقة عن مستوطنة ‘بركان’ باتجاه الأراضي الزراعية الواقعة في منطقة البقعان في الجهة الشرقية من البلدة ومسببة بذلك بتلويث ما لا يقل عن 60 دونما من أراض البلدة و التي تستخدم كمراعي في البلدة.
تجدر الإشارة إلى أن المياه الملوثة الصادرة عن مستوطنة ‘بركان’ لها بالغ الأثر السلبي على قطاع الثروة الحيوانية بالمنطقة من خلال ترسب المواد السامة والملوثات البيولوجية في أنسجة الحيوانات وذلك من خلال شرب الحيوانات للمياه الملوثة، وبالتالي من خلال السلسلة الغذائية تنتقل الملوثات إلى الإنسان وبالتالي انتقال الأمراض إلى الإنسان حيث يشار هنا إلى أن خطرها على الإنسان يفوق خطرها على الحيوان بسبب أن الكثير من المواطنين خاصة الفئة المتعلمة حذروا من أكل لحوم الحيوانات أو تناول مشتقات الألبان للحيوانات التي ترعى بالقرب من مجاري ‘ بركان ‘ وبالتالي أصبح الكثير من المواطنين يفضلون شراء اللحوم والألبان من خارج محافظة سلفيت وهذا بدوره أدى إلى ضرب قطاع الثروة الحيوانية في منطقة سلفيت بحجة تلوث لحوم تلك الحيوانات.
بالإضافة إلى ما تقدم لوحظ في الفترة الأخيرة ازدياد ملحوظ في عدد الخنازير البرية في المنطقة علماً بأن هذه الحيوانات لها بالغ الأثر السلبي في إتلاف الزراعات في المنطقة ومن ثم إلحاق خسائر زراعية واقتصادية بالمزارعين بالمنطقة حيث تكثر هذه الحيوانات في مناطق تجمع المياه العادمة، علاوة على انتشار الحشرات والقوارض و نشر أمراض في المنطقة.
إن الخطر الحقيقي الكامن من تدفق مياه المجاري إلى كل من أراضي بروقين وكفر الديك يؤدي إلى تشويه البيئة الجميلة في المنطقة ومحبط من الناحية النفسية بسبب الروائح الصادرة عن المياه العادمة وتفاعلاتها مع تربة المنطقة، كما أن المزروعات والحيوانات الأليفة التي تعتمد على رعي الأعشاب كمصدر لغذائها مهددة بالتسمم الكيميائي والبيولوجي وقد تنتقل الأمراض من خلال هذه الحيوانات والمزروعات إلى الإنسان وقد يكون التأثير سريعاً أو تراكمياً، هذا عدى عن أن المياه العادمة من دون معالجة تتسرب إلى المياه الجوفية في تلك القرى وتلوث الينابيع التي يشرب منها الفلسطينيون، ومما يؤكد ذلك الفحوصات الطبية التي أجريت في مختبرات وزارة الصحة الفلسطينية لعام 2007 لعينات أخذت من مياه المدارس والمنازل والآبار في قرية بروقين والتي أشارت إلى تلوث بيولوجي في تلك العينات.
بالإضافة إلى ما تقدم، فان المياه الراكدة في وديان القرية تؤدي بدورها إلى تولد البعوض وكثير من الحشرات في المنطقة خاصة البعوض الناقل لطفيليات اللشمانيا والمنتشرة الآن بكثرة في قريتي بروقين وكفر الديك، كما سجلت حالات إصابة بحشرة اللشمانيا في بداية العام الحالي حيث بلغت الإصابات (10) حالات في قرى بروقين وكفر الديك بالإضافة إلى قرية سرطة القريبة من تلك القرى.
توضح الصور التلوث الناتج عن مستوطنة بركان
يذكر انه بالتزامن من انتشار التلوث الناتج عن مستوطنة بركان، يواصل الاحتلال إقامة المزيد من المصانع الإسرائيلية في المنطقة، مع العلم أن هذه المصانع لا تخضع لأي من القوانين والأنظمة المتبعة عالمياً والمتعلقة بطرق التخلص من النفايات الإسرائيلية وتدمير المياه العادمة الناتجة عن المصانع، فيستغل عدد كبير من المستثمرين وقوع المصانع الإسرائيلية في أراض الضفة الغربية في عدم تطبيق المعايير الدولية في التخلص من النفايات ومياه الصرف الصحي مما انعكس ذلك على واقع البيئة والتنوع الحيوي هناك، فكانت البيئة هي الخاسر الأول من هذا الاحتلال الإسرائيلي.
تقع مستعمرة ‘بركان الصناعية’ على أراضي المواطنين في قرى حارس وبروقين وسرطة في محافظة سلفيت، حيث تأسست كنواة لمستعمرة صناعية عام 1981 للتطور بعد ذلك لتصادر حتى عام 2006 نحو 2720 دونماً، حيث تبلغ مساحة البناء بها 349 دونماً، ويوجد بها حسب إحصائيات عام 2005 نحو 1300 مستعمر بها، ويوجد في المستعمرة حالياً عدة مصانع والتي من أهمها مصنع للزيوت ومصنع للبلاستك ومصنع للرصاص، تساهم بمجموعها في تلويث البيئة الفلسطينية بشكل كبير.
صور لمستوطنة ‘بركان’ الإسرائيلية الجاثمة على الأراضي الفلسطينية والملوثة لها