تقديم:
شهدت معظم أحياء مدينة القدس المُحتلة اعتداءات وانتهاكات صارخة بحق المواطنين المقدسيين من قِبَل قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، والتي تمثلت في سلب حقهم في السكن الملائم من خلال هدم مساكنهم والاستيلاء عليها وتهديدها بالإخلاء، وإقامة مشاريع استيطانية على حساب أراضيهم، والاعتقال والتعذيب بحق الأطفال، عدا عن اقتحام الأحياء بصورة استفزازية، وإغلاق للمؤسسات المقدسية وغيرها من السياسات المُذلة والمهينة التي تُمارسها قوات الاحتلال بشكل يومي على مدينة القُدس المحتلة. ففي بلدة الجيب هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي 16 بركساً سكنياً وزراعياً ينتفع منها 50 فرداً منهم 33 طفلاً.
وفي بيت حنينا هددت مسكنين لعائلتي جمجوم ومسلماني بالإخلاء تمهيداً للاستيلاء عليها بحجة أنها مقامة على أراضي دولة، ويسكنهما 24 فرداً منهم 9 أطفال، يعيشون حالة من الترقب والخوف. هذا وتم الاستيلاء على ثلاثة مساكن لعائلة النتشة في حي الاشقرية ببيت حنينا وإخلاء أصحابها منها قسراً ، وتم تشريد 20 مواطناً منهم 11 طفلاً، وذلك لصالح عراب الاستيطان ‘ أريه كينغ’. كما أقرت سلطات الاحتلال مشروعاً يهدف إلى إقامة كلية عسكرية ضخمة تابعة للجيش الإسرائيلي على جبل المشارف، والمُطل على المسجد الأقصى والمُحاذي للأحياء العربية، حي واد الجوز وحي الصوانة، والذي يمتد بين بلدتي الطور والعيسوية. ويواصل الاحتلال الاعتداء على المسجد الأقصى و باحاته ، حيث اقتحموا باحات المسجد من مدخل باب المغاربة، وقاموا بأداء شعائر دينية وحلقات رقص وغناء احتفالاً بعيد الفصح ‘بيسح’ .
الحق في السكن الملائم… هدم مساكن ومنشآت
تجريف 16 بركساً سكنياً وزراعياً لبدو عرب الجهالين على أراضي الجيب شمال غرب القُدس المُحتلة:
داهمت قوة عسكرية مكونة من 7 جيبات، برفقتها 4 جرافات وشاحنتين، إحداهما –خطاف- حديدي، موقع ‘شعب وشاح’ – حوض رقم 6- غرب أراضي الجيب وذلك عند الساعة التاسعة صباحاً من يوم الأربعاء 18 نيسان 2012. وشرعت جرافات الاحتلال في تجريف حظائر للأغنام وإزالة عشرة مساكن – بركسات- تأوي 7 عائلات عدد أنفارها 50 فرداً منهم 33 طفلاً، وجميعُهم أبناء وأحفاد المواطن البدوي الفلسطيني سليم عودة الجهالين، والذي يزيد عُمره عن 100 عام.
وأفاد المواطن محمد سليم عودة الجهالين لباحث مركز أبحاث الأراضي بالتالي : ‘ حالما نزل الضابط العسكري الإسرائيلي وجنوده من السيارات العسكرية، توجه إلي، وقبل أن يبدأ الضابط الحديث معي مُهدداً، كانت جرافات الاحتلال الأربعة قد شرعت في تفكيك بركسات الماشية والجدار الحديدي حول حظائر الأغنام. وقال لي الضابط العسكري: من هُنا – مُشيراً بأول بركس سكني إلى أسفل الوادي – كُله سيروح ولن تتبقى سوى خيمة واحدة مؤقتة إلى حين أن ترحلوا جميعكم من هُنا. وقام الجُنود بمنعنا من الوصول إلى أو الاقتراب من مساكننا أو أخذ أي شيء منها، كذلك منعونا من الاتصال ببعضنا البعض، وخلعوا الشيك ‘ السياج’ المُحيط بالمساكن وصادروه، وحملوه بالشاحنات، وظل أكثر من 300 رأس من الأغنام هائمة في الخلاء. وبقي 50 فرداً في العراء بلا مأوى يلتفون جميعهم حول البركس المتبقي، كما دمرت الجرافات أعلاف الأغنام، وكذلك خربت الجرافات المواد الغذائية وأدوات المطبخ التي دمرتها وخلطتها بالحجارة والتُراب.
وأفاد المواطن فايز محمد سليم : ‘في عام 2008 سلمتنا الإدارة المدنية في ‘بيت إيل’ أمراً عسكرياً بالإخلاء والرحيل، وحينها كلفنا مُحامي مركز المُساعدة القانونية بالمتابعة القانونية لقضيتنا، وتم تأجيل أمر الإخلاء عدة مرات، وكانت وزارة دفاع الاحتلال الإسرائيلي في كل مرة تطلب توفير طلباتها، وقمنا بتوفير تلك الطلبات وهي تصريح من صاحب الأرض ومختوماً من المجلس المحلي لقرية الجيب بالسماح لنا بالسكن والإقامة على أرضه. بعدها طلبت الإدارة المدنية إحضار عقد إيجار، وقمنا بتوفير هذا الطلب أيضاً، لكنها طلبت فيما بعد شهادة مُلكيتنا للأرض، وذلك كنوع من التعجيز، لأن الإدارة المدنية تعرف عدم مُلكيتنا للأرض، وفي النهاية طلبت وزارة الدفاع – قسم التنظيم والبناء – من العدو العُنصري والمعروف بعُنصريته للعرب والبناء العربي ‘ ميخا’، حيث طلب منا استصدار رُخص لبناء البركسات والخيم التي نُقيم فيها ، علماً بأنها على سطح الأرض وبدون أية أساسات ولا إسمنت، فكيف لنا أن نحصل على رُخصة بناء. وعقدت دائرة التنظيم والبناء لوزارة الدفاع في الضفة الغربية جلستها الأخيرة بتاريخ 21/11/2011 والتي كررت فيها إخلاء المساكن وإزالتها من البدو، أو الحصول على ترخيص بناء خلال 45 يوماً – ذلك الترخيص المستحيل-، والتي انتهت المهلة في 15/01/2012، وطلب أصحاب المساكن إيجاد مساكن لهم، أو إعادتهم إلى موطنهم وادي السيال في تل عراد في النقب، والذين طُردوا منه تحت تهديد السلاح عام 1950.
وأضاف محمد سليم : ‘منذ 19/04/2012 وحتى هذا اليوم يحضر المدعو ميخا ويتوعدنا ويهددنا بمغادرة بيوتنا ومكان سكننا هذا، بِهدف دب الرُعب والإرهاب في نفوس الأطفال والنساء . ونحن نؤكد أننا لن نرحل بدون بديل أو العودة إلى موطننا الذي طردونا منه. وفي اليوم التالي، حضر ميخا وقام بِمُصادرة 7 خيام أحضرها الصليب الأحمر كمُساعده لنُقيم فيها بدل المساكن المُدمرة، وعلى مرأى من الصليب الأحمر والأنروا.
يوضح الجدول التالي أسماء أصحاب المنشآت المدمرة:
الرقم |
الاسم |
عدد أفراد الأسرة |
منهم أطفال |
عدد المساكن |
بركسات الماشية |
1 |
سليم عودة الجهالين |
8 |
6 |
2 |
1 |
2 |
سليمان سليم عودة |
9 |
5 |
2 |
1 |
3 |
داوود الجهالين |
6 |
4 |
1 |
0 |
4 |
إياد الجهالين |
2 |
0 |
1 |
0 |
5 |
فايز محمد سليم |
14 |
11 |
2 |
1 |
6 |
فواز محمد سليم |
7 |
5 |
1 |
2 |
7 |
خليل محمد سليم |
4 |
2 |
1 |
1 |
المجموع |
50 |
33 |
10 |
6 |
المصدر: بحث ميداني مباشر – قسم مراقبة الانتهاكات الإسرائيلية – مركز أبحاث الأراضي، نيسان 2012.
آثار الدمار الذي لحق بعائلة الجهالين / الجيب
الحق في السكن الملائم… تهديد بالاستيلاء والإخلاء واعتداءات المستعمرين
خطر الإخلاء يتهدد عائلتي المسلماني وجمجوم في بيت حنينا لصالح أراضي الدولة!!؟
تواجه عائلتي المسلماني وجمجوم خطر إخلاءهما من مسكنيهما المجاورين والواقعين في بيت حنينا شمال مدينة القُدس المحتلة، والذي يدعي الاحتلال بأنها مُصادرة لصالح أراضي الدولة. ويعود المسكن الأول لكل من المواطن عادل بدر المسلماني، والذي تبلغ مساحته 250م2 والذي يقطنه 14 فرداً منهم طفل. والمسكن الثاني يعود للمواطن سمير رفاعي جمجوم، ويسكنه 10 أفراد منهم 8 أطفال.
وأول ما يَلفت نظر الزائر للموقع، بُرج عسكري ضخم مُطل على المسكنين، وهو بُرج مُراقبة تابع لمُعسكر القيادة الوسطى للجيش الإسرائيلي، والذي يفصل بينه وبين المنزل شريط شائك، كما يقع خزان المياه المُغذي للمستعمرتين ‘ نيفيه يعقوب’ و ‘ بسجات زئيف’.
البرج العسكري المطل على المسكنين المستهدفين / بيت حنينا
وأفاد المواطن عادل المسلماني لباحث مركز أبحاث الأراضي بالتالي: ‘ هذا المسكن عبارة عن بيت عربي إسلامي، تم بناءه في عهد الحُكم الأُردني عام 1954، وكان يسكُنه حينها قائد الجيش الأردني في القدس. وهو يقع في حي عربي تسكُنه عائلات إسلامية ومسيحية، كعائلة سُنقرط وخوري والدبسي. وكُنت قد استأجرت المنزل من الأوقاف الإسلامية عام 1997 بعد أن دفعت الخِلو لعائلة البازيان التي كانت تسكُنه، ومن وقتها أصبحت أدفع الإيجار للأوقاف. في العام 2001 حضر موظفون من دائرة أراضي إسرائيل، وسلمونا قراراً يدعون فيه بأن الأرض ملك للدولة وأنها مُصادره مُنذ العام 1968 استناداً للقانون الأردني الذي يُجيز مُصادرة واستغلال الأرض لصالح الدولة، وتوجهنا للأوقاف الإسلامية التي أعلنت عن وقوفها جانبنا باعتبار أن المنزل عبارة عن وقف إسلامي، وقامت بتعيين المحامي جمال أبو طعمة من أجل متابعة الأمر، كما قامت بتمويلنا لبناء جدار وسياج حول الأرض والمنزل، لكن الأوقاف الإسلامية بدأ موقفها يتراجع عن سابقه، وأوضحت أن المنزل أصبح تحت قانون سُلطات الاحتلال، وليس باليد حيلة فقُمنا بأخذ القضية على عاتقنا الشخصي كمُدافعين عنها وعلى حِسابنا الشخصي لِنضعها بالمحاكم .
ويُضيف قائلاً: ‘ وفي العام 2008 أرسلت دائرة أراضي إسرائيل أمر إخلاء آخر للمنزل ولقطعة الأرض، فقُمنا بإرسال مُناشدة للمملكة الأردنية، باعتبارها الحاضن للوقف الإسلامي في القُدس، لإظهار ما يتهددنا من خطر إخلاءنا من منازلنا، كما قمنا بمُناشدة الرئاسة الفلسطينية، والرموز الدينية من أجل التدخل وإظهار القضية بشكل أكبر وأوسع، وتم تشكيل لجان وطنية وعشائرية ومن الأوقاف الإسلامية من أجل مُتابعة الأمر. ونحن ننتظر ما ستصل إليه الأمور، فقد تم تعيين جلسة في المحكمة بتاريخ 30 آذار 2012 من أجل النظر في القرار الصادر عن دائرة أراضي الدولة.’
مُحاولات الاحتلال في مضايقتنا ً: ‘ لقد حاول الاحتلال مضايقتنا وإرهابنا، فقبل حوالي العامين، حضر رجال مُخابرات إسرائيلية بزيٍ مدني وبسيارات شخصية، وحاولوا اختطاف ابني نضال، وقاموا بالاعتداء على المنزل والعائلة بشكلٍ همجي، وبعد أن استطاعوا الإمساك بنضال، قام اثنان من المُخابرات بتثبيته على الأرض وفتح فمه بالقوة ليأتي ثالث ويبصق في فمه أمام جموع الناس، وتم اعتقاله هو وشقيقه بدر، حيثُ بقي بدر مُعتقل لشهر بينما تم سجن نضال بمدة عام ونصف.’
ويختم حديثه قائلاً: ‘إن وجودنا هُنا حق شرعي وقانوني، وإن الباطل يتمثل في إسرائيل وإنني أفضل الموت هُنا على أن أرحل من المنزل.
مساكن عائلتي المسلماني وجمجموم المهددين بالإخلاء / بيت حنينا
إخلاء عائلة النتشة من مساكنها والاستيلاء عليها / بيت حنينا: ‘ داهمت قوات إسرائيلية صباح الأربعاء 18 نيسان 2012 ثلاثة مساكن لعائلة النتشة وقامت بإخلائها قسراً بعد الاعتداء عليها وإخلاء أثاثها وإحلال مستوطنين يهود استعماريين بمكانهم في حي الاشقرية ببيت حنينا.
المستعمرون اليهود أثناء احتلالهم لمساكن عائلة النتشة بعد اخلائهم قسراً منها / بيت حنينا |
أغلقت قوات كبيرة من حرس الحدود والوحدات الخاصة والشرطة الإسرائيلية حي الاشقرية في بيت حنينا شمال القدس، وفي الساعة الثامنة صباح يوم الأربعاء اقتحمت مسكن عائلة المواطن خالد سليمان محمد النتشة بذريعة قرار المحكمة الإسرائيلية – الصلح- بالإخلاء لصالح عراب الاستيطان الاستعماري العنصري ‘ أريه كينغ’ – رئيس صندوق ارض إسرائيل، ولما رفضت عائلة خالد الخروج من بيتها وأرضها الذي تسكنه منذ 14 عاماً – وعلى أرضها البالغ مساحتها 15 دونماً التي اشتراها سليمان محمد النتشة منذ عام 1935 واعتدت القوات الإسرائيلية على الابن سليمان خالد 24 عاماً بالضرب والاعتقال وكذلك قام الجنود بشج رأس الابن عمر خالد 18 عاماًَ وكذلك كسر ذراع الابن الأصغر احمد خالد 16 عاماً وقام عمال أحضرتهم القوات الإسرائيلية بإخلاء الأثاث وتحميله في شاحنات، وفي ذات اليوم وعلى مرأى من أصحاب المساكن الفلسطينية تم ادخال واسكان يهود مستعمرين بمكانهم، بينما عائلات النتشة الثلاث مشردين في العراء.
وفي إفادة للمواطنة لبنى النتشة إلى الباحث الميداني لمركز أبحاث الأراضي قالت:’ في عام 2001 سبق لعراب الاستيطان الاستعماري ‘ أريه كينغ’ والذي يدعي بملكية 5.5 دونماً اشتراها جده – عيزراحيل- في الثلاثينات، حيث حضر إلى بيتنا برفقة المدعو مسكوفتش – المليونير اليهودي الأمريكي الأصل – وقال في حينه ‘ أريه كينغ’ لزوجي: هذه ارض جدي وعليكم الرحيل منها، وفيما بعد فوجئنا برفعه قضية إخلاء ضدنا في محكمة الصلح عام 2005 والتي قضت بإخلائنا وأرضنا لصالح ‘ أريه كينغ’، وفي عام 2010 استأنف زوجي إلى المحكمة المركزية التي رفضت التماسنا وغرمتنا مبلغ 5000 شيكل اتعاب محامي المستوطنين وصادرت مبلغ 16,000 شيقل أجبرتنا على دفعها كتأمين في صندوق المحكمة كشرط لقبول الاستئناف’.
وأضافت: ‘ الشرطة دائماً في خدمة المستوطنين وقامت الشرطة بمداهمة بيتنا أكثر من مرة في 21 شباط 2011 وفي 27 آذار 2012 والاعتداء على أفراد العائلة لإرهابنا وإجبارنا على ترك بيتنا وأرضنا.’
استولى المستوطنون اليهود على ثلاثة مساكن لعائلة النتشة أحدها يعود إلى خالد عرفات النتشة والذي ترك مسكنه تحت الخوف والإرهاب جراء عنف واعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على أبناء عمه بالضرب بشج رأس أحدهم وكسر يد الآخر وضرب واعتقال الثالث.
المساكن التي تم الاستيلاء عليها بعد إخلاء عائلات أصحابها منها قسراً:
1- خالد سليمان محمد النتشة، تبلغ مساحة المسكن 95م2، وهي عبارة عن 3 غرف ومطبخ وحمام، وكان يسكنها 11 نفر منهم 6 أطفال باتوا الآن مشردين.
2- سليمان خالد سليمان النتشة، تبلغ مساحة المسكن 40م2، وهي عبارة عن غرفتين ومطبخ وحمام، وكان يسكنها 3 أنفار منهم طفل باتوا الآن مشردين.
3- خالد عرفات النتشة، تبلغ مساحة المسكن 100م2، وهي عبارة عن 3 غرف ومطبخ وحمام، وكان يسكنها 6 أنفار منهم 4 أطفال باتوا الآن مشردين.
وفي ذات المخطط الاستيطاني الاستعماري الهادف إلى إقامة بؤرة استعمارية في الموقع على أنقاض العائلات الفلسطينية – المقدسية المشردة سلمت سلطات الاحتلال أمراً بالإخلاء لعائلة المواطن محمد كامل سعيد الجولاني – من ذوي الاحتياجات الخاصة – من مسكنها والبالغة مساحته 70م2 الذي إقامته عام 1998 في حي الاشقرية ويأوي 6 أنفار منهم 4 أطفال وذلك بحجة البناء غير مرخص، وقد فرضت عليه بلدية القدس المحتلة دفع غرامات تزيد في مجموعها على 60,000 شيكل وحددت محكمة البلدية تاريخ 22 نيسان 2012 موعداً للبت في قضية المسكن.
يندد مركز أبحاث الأراضي بالاحتلال الإسرائيلي وسياسته الرامية على الاستيلاء على الأرض وإخلاء الفلسطينيين المقدسيين أصحابها من بيوتهم وإقامة مستوطنات استعمارية يهودية على أنقاضها، الأمر الذي يمثل خرقاً صارخاً لكافة الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية وفي مقدمتها الشرعة الدولية وقرارات الشرعية الدولية، وتحمل المجتمع الدولي مسؤولية عربدة الاحتلال التي تمثل جريمة حرب ينبغي أن تستوجب ملاحقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومحاكمتها وفرض العقوبات والمقاطعة الاقتصادية عليها، وتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين وممتلكاتهم وبيوتهم في القدس المحتلة.
مصادرة واستيطان
مخطط لإقامة كُلية عسكرية إسرائيلية على جبل المشارف في القدس المحتلة
في السادس من نيسان 2012 أقرت سلطات الاحتلال مشروعاً يهدف إلى إقامة كلية عسكرية ضخمة تابعة للجيش الإسرائيلي على جبل المشارف، والمُطل على المسجد الأقصى والمُحاذي للأحياء العربية، حي واد الجوز وحي الصوانة، والذي يمتد بين بلدتي الطور والعيسوية. والتي ستمتد الكلية العسكرية حسب المخطط على 14 دونماً، والتي ستضم عدة مباني على الأرض التي هي بالأصل وقف إسلامي. ويقوم بالإشراف على هذا المُخطط ‘مركز تطوير القدس’، وهو المُشرف على إقامة الحدائق التوراتية في المدينة المحتلة. وإذ تسعى إدارة الاحتلال إلى نقل مقراتها الأمنية إلى المناطق العربية في مدينة القدس المُحتلة.
ويتضح من ذلك بأن الهدف الذي تسعى دولة الاحتلال لتحقيقه من وراء هذه المشاريع هو تهويد المدينة، سواء بتزويرها التاريخي المُتمثل بإنشاء الحدائق التوراتية حول المدينة وعند أسوارها وإقامة القبور الوهمية، أو من خلال تهويدها ثقافياً من خلال تغيير المُسميات الروحية للمدينة واستبدالها بأسماء يهودية، ومن خلال نقل الثِقل الأمني للمدينة المحتلة من أجل دعم مكانتها كعاصمة للشعب الإسرائيلي.
إن دولة الاحتلال تقوم بمصادرة الأراضي، سواءً وقفية أو من أصحابها قسراً، وتجريدهم من ملكيتها وتعتبرها أراضي صودرت لصالح الدولة، دون أن تقوم بتعويضهم، وتعمل على استغلال هذه الأراضي لخدمة مصالحها عن طريق إنشاء الحدائق التوراتية وبناء المستوطنات وتوسيعها وإقامة الكليات العسكرية عليها، ضاربةً بعرض الحائط اتفاقيات جنيف والمواثيق الدولية التي حظرت على الدولة المحتلة مُصادرة أملاك المواطنين الواقعين تحت الاحتلال، إلا في حالات مُعينة إذا لزم الأمر على أن تقوم بإعادتها لأصحابها أو تعويضهم … لكن إسرائيل تقوم يومياً بمصادرة الأراضي، ليس لأهدافها الأمنية، بل من أجل الضم والتوسع والتهويد.
حواجز وحصار
منع المواطن المقدسي عبد اللطيف غيث من دخول الضفة الغربية:
قامت سلطات الاحتلال بتسليم المواطن عبد اللطيف غيث قراراً يحظر عليه دخول الضفة الغربية، وذلك لمدة 6 أشهر، حيث تلقى مكالمة هاتفيه من محققين في مركز توقيف المسكوبية ودعوة للمثول أمامهم، وهناك قاموا بتسليمه القرار الذي يمنعه من دخول الضفة الغربية لمدة 6 أشهر دون أن يقوموا بذكر السبب الذي مُنع من أجله.
وهذا هو المنع الثاني للمواطن عبد اللطيف غيث، حيث تم منعه قبل 6 أشهر وتم تمديد الفترة لـ 6 أشهر أخرى، ويُعتبر عبد اللطيف غيث من الناشطين في مجال حقوق الإنسان وكمدافع عنها، وهو يرأس مجلس مؤسسة الضمير التي تعنى برعاية شؤون الأسرى لأكثر من عشرون عام. وهُنالك العديد من المواطنين الذين تم منعهم من دخول الضفة الغربية بل وحصر حركتهم داخل مدينة القدس نفسها، ومنعهم من الوصول إلى أحياء معينة كالدخول إلى البلدة القديمة أو المسجد الأقصى، وأحياناً تُجبرهم بالابتعاد عن منازلهم لفترة تقوم بتحديدها.ويُعتبر قرار الاحتلال انتهاكاً يُسجل بحق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي كفلت للمواطن حرية التنقل داخل بلده أو خارجها والعودة إليها.
الاعتداء على الأماكن الدينية:
مسيرة للمُتطرفين اليهود جابت أحياء البلدة القديمة مطالبين بتسريع بناء الهيكل تحت عنوان ‘نعود الى جبل الهيكل، نبني الهيكل ونذبح القرابين’:
في 22 نيسان 2012 شارك عدداً كبيراً من اليهود المُتطرفين ضمن ما يُسمى بـ ‘إئتلاف الحركات العاملة لبناء الهيكل في ‘مسيرة الأبواب ‘ نسبة إلى مرورها عند أبواب المسجد الأقصى، والتي جاءت بمناسبة بداية الشهر العبري الجديد. هذا وقد انطلقت المسيرة في ساعات المساء من حائط البراق إلى حارة الواد مروراً بأبواب المسجد الأقصى المحاذية، والتي رافقها عدد كبير من شرطة الاحتلال والقوات الخاصة.
وقد أطلق المُتطرفون خلال المسيرة شعارات مُعادية للعرب والمسلمين وطالبوا بالتسريع بهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم على أنقاضه، وتم رفع أعلام إسرائيلية وأعلاماً رُسم عليها الهيكل المزعوم. وانتهت عند باب الأسباط حيث تم إقامة حفل تحت حراسة الشرطة الإسرائيلية التي قامت بإغلاق الطرق ومنعت المواطنين من الوصول إلى المكان، بعد أن قامت بإجبار المواطنين على إغلاق محالهم التجارية من أجل تأمين الأمن للمتطرفين اليهود، وإفساح المجال لهم.
إن هذه المسيرات الاستفزازية للسكان والتهويدية وللمدينة، تجري بشكل ممنهج، إذ تسعى هذه الحركات والمنظمات الصهيونية إلى تسيير هذه المسيرات مع بداية كل شهر عبري من أجل إثبات وجودها داخل المدينة بشكل عام وحول المسجد الأقصى والأحياء العربية بشكل خاص.
الاحتلال ينتهك حقوق الحريات المتعلقة بالعبادة والتنقل:
أقدمت سلطات الاحتلال في مدينة القدس على إصدار قرار تمنع بموجبه الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا من دخول المسجد الأقصى لمدة شهرين. ويعتبر هذا القرار هو الثالث من نوعه بحق الشيخ صبري بمنعه من دخول المسجد الأقصى. وقال الشيخ صبري تعقيباً على القرار بأنه تعسفي وباطل وغير قانوني ويتعارض مع حرية العبادة، وفيه تدخل في شؤون المسلمين، وتحدٍ لصلاحيات الأوقاف الإسلامية، مشددًا على أن الهيمنة العسكرية لن تعطي الاحتلال أي حق في الأقصى. وأضاف صبري أن “هذا القرار التعسفي جاء نتيجة تحريضات ضده من الجماعات اليهودية المتطرفة التي تحاول المس بحرمة الأقصى الذي هو للمسلمين وحدهم بقرار من رب العالمين”.
إن قرار الاحتلال بمنع الشيخ عكرمة صبري وغيره من الذين تم منعهم من الوصول للمسجد الأقصى لهو اعتداء واضح على حق العبادة، وانتهاك بحق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي كفلت للمواطن حرية العبادة وأداءها في أماكن العبادة دون أي منع أو قيود.
المُتطرفون اليهود يقتحمون باحات المسجد الأقصى ويقيمون حلقات رقص وغناء تحت حماية الشرطة:
اقتحم أكثر من 60 مستوطناً مُتطرفاً في الساعة 8:30 صباح يوم الأحد 8 نيسان 2012 باحات المسجد الأقصى المُبارك من باب المغاربة، وقاموا بأداء شعائر دينية وحلقات رقص وغناء احتفالاً بعيد الفصح ‘بيسح’ . وكانت قوات معززة من الشرطة قد رافقتهم وقامت بتوفير الأمن لهم قبل أن ينسحبوا من الموقع. هذا وقد تعرض خالد أبو نجمة حارس المسجد الأقصى للاعتداء بالضرب من قبل المستوطنين أمام الشرطة الإسرائيلية التي كانت تقوم بحمايتهم، والتي لم تحرك ساكناً سوى أنها قامت بإبعاد المُتطرفين وإخراجهم من الموقع. وقد حذر مفتي الأراضي الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى الشيخ محمد حسين من استمرارية الاحتلال الإسرائيلي السماح للجماعات المتطرفة بدخول المسجد الأقصى واستفزاز مشاعر المسلمين، خاصة في الوقت الذي تتعالى فيه أصوات المُتطرفين بهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، وأيضاً في الوقت الذي يُصدر فيه الاحتلال قرارات تمنع رواد المسجد الأقصى من دخوله لإفراغه وإضعافه.
جيش الاحتلال يقتحم بزيه العسكري باحات المسجد الأقصى ويقوم بأعمال تصوير
إن الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى ما زالت مُستمرة، من اقتحامات وتغيير معالم، وحفريات وسرقة للآثار والتاريخ. وإن هذا لهو انتهاك بحق دور العبادة تمارسه دولة الاحتلال بحق المسجد الأقصى، وبحسب اتفاقيات جنيف والملاحق الإضافية المكملة لها والصادرة عنها، فقد نصت على ما يلي:
(( تعتبر الأماكن الدينية المقدسة ضمن الممتلكات الثقافية التي يجب حمايتها لما لها من قيمة فنية تاريخية ودينية للإنسانية جمعاء)).
(( في حالة الحصار والضرب بالقنابل يجب اتخاذ كل ما يمكن من الوسائل لعدم المساس بالمباني المعدة للعبادة )).
(( شن الهجمات على الآثار التاريخية وأماكن العبادة والتي تمثل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب وما يسفر عنه من تدمير بالغ لها بمثابة انتهاكات تعتبر جرائم حرب ؛ وبالأخص إذا لم تكن في موقع قريب من الأهداف العسكرية)).
(( الطرف الذي يقوم بهذه الانتهاكات وغيرها يُسأل عن دفع التعويضات، ويتحمل كامل المسؤولية عن كافة الأعمال التي يقترفها جنوده)).
انتهاكات بحق الأفراد
استشهاد الطفلة أسيل محمود عراعرة بعد إصابتها بعيار ناري في رقبتها:
في الثاني من نيسان 2012 استشهدت الطفلة ‘أسيل عراعرة’ 4 سنوات ونصف، متأثرة بإصابتها بعيار ناري كان قد أطلقه عليها قناص إسرائيلي من المعسكر القريب من منزلها في عناتا في تشرين أول 2011 حينما كانت تلعب بجوار منزلها مع أطفال الحي. وكانت الطفلة قد تنقلت بين مستشفى المقاصد الخيرية في القدس وبين مستشفى رام الله الحكومي لتلقي العلاج، حيث كانت تعاني من شلل كامل نتيجة الفتك الذي خلفته الرصاصة في النخاع الشوكي قبل أن تخترقه، والذي كان قد أكد طبيبها المعالج في مستشفى المقاصد بأن حالتها تسوء من سيئ إلى أسوأ لعدم استجابة جسدها للعلاج لصعوبة الإصابة.
وكانت أسيل قد أصيبت عندما كانت تلهو قرب منزلها مع أطفال الحي عندما سقطت على الأرض، وتم نقلها إلى المركز الطبي بالبلدة، والذي قام بتحويلها إلى مستشفى المقاصد وهناك تبين أنها قد أصيبت بعيار ناري في رقبتها. هذا ويذكر سكان الحي بأن المعسكر يُجري تدريبات عسكرية حوله، على الرغم من قربه من المناطق المأهولة بالسكان، والذي يستهتر بأرواح المواطنين القاطنين بالموقع، ويشكل خطراً على أرواحهم.
الطفلة اسيل عراعرة قبل استشهادها – أثناء إصابتها بشلل في إطرافها السفلية والعلوية في مستشفى المقاصد
مداهمات واغلاقات:
الاحتلال ماضٍ في سياسة الإغلاق للمؤسسات المقدسية داخل مدينة القدس المحتلة:
قامت قوات الاحتلال ممثلة بشرطة حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية وضباط من المخابرات، باقتحام مكتب شبكة هنا القدس للإعلام المجتمعي الواقع في حي الخالدية داخل أسوار البلدة القديمة، وقامت بمنع حفل الافتتاح الذي كان من المفروض أن يتم. كما وقامت باعتقال اثنين من العاملين بالشبكة وهم المواطنين: عادل رويشد ومهند إزحيمان، واللذين تم اقتيادهم إلى مخفر باب السلسلة ومن ثم تم الإفراج عنهم لاحقاً. كما وتم احتجاز بطاقات الهوية لكل من تواجد في الموقع.
وقال الدكتور جمال نسيبة لباحث مركز أبحاث الأراضي: ‘ أن قوات الاحتلال قامت باقتحام الموقع وصادرت الأوراق ومنعت المدعوين من الوصول وطالبت العاملين بإخلائه فوراً، وقامت بتسليم قراراً جاء فيه: ((أمر وزير الأمن الداخلي وعضو الكنيست يتسحاق اهرنوفيش، حسب قانون تطبيق اتفاق الوسط بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة ( تحديد النشاطات 1994)، وبعد إعلامي بأنه بيوم 2-4-2012 في نية القيام في مؤتمر بمناسبة الاتصالات السلكية واللاسلكية في منطقة عقبة الخالدية في البلدة القديمة في القدس هذا المؤتمر اجتماع من قبل وبرعاية السلطة الفلسطينية، هذا بدون تصريح أو مكتوب متفق عليه حسب قانون تطبيق اتفاق الوسط بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة وحسب صلاحيتي من قوة بند 3 (ب) للقانون أنا آمر بمنع قيام هذا المؤتمر في منطقة القدس أو في كل مكان آخر في داخل دولة إسرائيل. وأيضاً آمر كل إنسان المسؤول عامل في الاجتماع المنفذ أو صاحب المحل ضمن نطاق لمنع قيامه أو استمرار القيام في هذا العنوان أو في كل مكان آخر في نطاق دولة إسرائيل)).
إن دولة الاحتلال ماضية في إغلاقها للمؤسسات المقدسية المجتمعية داخل مدينة القدس، وهي بذلك تسعى إلى عزل المدينة ومؤسساتها ومواطنيها عن باقي المدن والمؤسسات الواقعة في الضفة الغربية.
وبذلك فإن دولة الاحتلال بسياسة إغلاقها للمؤسسات، تقوم بانتهاك حق من حقوق الحريات التي أقرتها المواثيق الدولية وحقوق الإنسان. وبحسب المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: (( لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية)).
المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: (( لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحة)).
المادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية: (( حق كل شخص في تكوين النقابات بالاشتراك مع آخرين وفي الانضمام إلى النقابة التي يختارها، دونما قيد سوى قواعد المنظمة المعنية، على قصد تعزيز مصالحه الاقتصادية والاجتماعية وحمايتها)).