تقديم:
خربة اليانون، تلك المنطقة التي ارتبط اسمها بقصة معاناة حقيقة ضحيتها المزارع الفلسطيني، هذا المزارع البسيط الذي بات مهدداً بفقد معظم أراضيه في قرية اليانون لصالح أعمال التوسعة التي تشهدها مستوطنة ‘ايتمار’ والبؤر الاستيطانية التابعة لها، مما حول القرية إلى قرية منكوبة بفعل الاحتلال، حيث هجرها أهلها مرات عديدة نتيجة الاقتحامات المستمرة التي يقوم بها المستوطنون والتي طالت جميع سكان الخربة والقاطنين بها.
يذكر أن مستوطنة ايتمار والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية التابعة لها وهي (جدعونيم) من الجهة الشرقية والشمالية، ومستعمرة (جفعات علام افري ران) في المنطقة من الجهة الغربية والمنسوبة إلى كبير حاخامات المستوطنين بالإضافة إلى مستوطنة (ايتمار) من الجهة الغربية، أخذت بالتوسع يومياً بشكل كبير وملفت للانتباه وذلك على حساب أراضي قرية اليانون والقرى والبلدات المجاورة.
الانتهاك:
إن أطماع مستوطني مستوطنة ‘ايتمار’ لم تتوقف فقط بسرقة الأرض وبناء عليها بؤر استيطانية عشوائية بل تعدى الأمر إلى الاستيلاء على مساحات شاسعة تزيد عن ثلاثة آلاف دونماً وتحويلها إلى مناطق مغلقة عسكرياً يمنع السكان الفلسطينيون من الوصول إليها، وتقع على طول الطريق المغلق منذ بداية انتفاضة الأقصى والواصل ما بين قريتي عورتا واليانون والمصنفة ضمن المناطق B من اتفاق أوسلو.
و بحسب إفادة المزارع يوسف ديرية من قرية اليانون لباحث مركز أبحاث الأراضي: ‘ منذ عام 2000م أي منذ انطلاق الانتفاضة الثانية، شهدت قرية اليانون والقرى المجاورة هجمة شرسة بشكل لافت للنظر من قبل المستوطنين في السيطرة على الجبال والتلال المحيطة تماشياً مع دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت ‘ارائيل شارون’ والذي دعا إلى بناء بؤرة استيطانية أينما أمكن ودعا أيضاً إلى احتلال الجبال وإقامة المستوطنات عليها’.
و أضاف: ‘ لم يكتف المستوطنون بسرقة الأرض بل تحويل المئات من الدونمات الزراعية المحيطة بالمستوطنة إلى مناطق مغلقة عسكرياً يمنع الفلسطينيون من التواجد بها إلا في مواسم معينة وذلك بعد التنسيق المسبق مع الاحتلال الإسرائيلي، وبهذا تم تحويل أكثر من 3 آلاف دونماً تقع في المناطق المصنفة B إلى مناطق مغلقة عسكرياً تقع من الجهة الجنوبية لمستوطنة ‘ايتمار’ وعلى طرف الطريق من الناحية الجنوبية الرابط ما بين قرية عورتا وقرية اليانون وكنتيجة تلقائية حرم السكان من استغلال هذا الطريق والذي كان يعد حيوياً بالنسبة لأهالي بلدة عقربا وقرية اليانون وقرية عورتا، حيث كان يوفر ما لا يقل عن 12كم عما كان عليه اليوم، حيث كانت المسافة ما بين قرية اليانون وقرية عورتا عبر هذا الطريق المغلق لا تزيد عن 3كم’.
وعقب أيضا: ‘ هناك عملية منظمة يقوم بها جيش الاحتلال بالتنسيق مع المستوطنين تهدف إلى منع المزارع الفلسطيني من الوصول إلى أرضه الزراعية، فعلى الرغم من اتفاق أوسلو أعطى حق إدارة المنطقة المصنفة B إلى الجانب الفلسطيني، إلا أن الاحتلال والمستوطنين لا يلتزمون بذلك فهم يمنعون المزارعين من مجرد الوصول إلى أراضيهم إلا في موسم الزيتون ولمدة يومين فقط للأراضي المصنفة B القريبة من مستوطنة ‘ايتمار’ والتابعة لقرية اليانون، بل وفوق هذا يقوم المستوطنون برعي الأغنام وجني ثمار الزيتون بحراسة من جيش الاحتلال في تلك المنطقة، هذا الاحتلال الذي لا يعرف القانون ويلتزم به عندما يهدم المنازل ويشرد السكان الفلسطينيين بحجة البناء دون ترخيص في المنطقة المصنفة C وبغض النظر في الوقت نفسه عن أعمال المستوطنين واعتداءاتهم في المنطقة B وهذا دليل قاطع على نوايا الاحتلال الإجرامية’.
نبذة عن قرية يانون … ومعاناتها:
تقع قرية يانون إلى الجنوب الشرقي من مدينة نابلس، على بعد 15كم عن المدينة، حيث لا يوجد إلى الآن أي شبكة طرق تربطها مع المدينة سوى الطريق القديم والذي تم تعبيده حديثاً والمؤدي مباشرة إلى بلدة عقربا المجاورة، حيث تمتد حدود القرية باتجاه بلدة عقربا وبلدة بيت فوريك وعورتا حتى شرقاً باتجاه مستوطنة مخولا وشارع رقم 90 في سفوح الأغوار، وتبلغ المساحة الإجمالية 16,000 دونم منها 1,668 دونماً مخصصة للبناء والخدمات، ويبلغ عدد سكانها 102 نسمة معظمهم من عائلتي بني جابر ومرار، بالإضافة إلى عدد قليل مهجرين ابان حرب س1948ــنةم من عائلة عجوري ( 6 عائلات) الذين تنحدر أصولهم من قرية عجور المحتلة عام 1948م، هذا وتتوسع مستوطنة ‘ايتمار’ على أراضي القرية. حيث صادرت البؤر الاستعمارية التابعة لمستوطنة ايتمار ‘ 503 دونماً.
صورة 4+5: منظر عام لبلدة يانون
ويعتمد السكان اعتماداً كبيراً على الزراعة وتربية المواشي كمصدر دخل أساسي لديهم خصوصاً أن معظم أراضي يانون المتبقية هي أراض رعوية بالدرجة الأولى. ساعدت طبيعة منطقة قرية يانون السهلية المطلة على الأغوار الأردنية في جعلها محط اهتمام الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967م، حيث عمد الاحتلال على الاستيلاء على معظم أراضي القرية لإنشاء مستوطنة ‘ايتمار’ عام 1983م في الجهة الغربية من القرية منطقة جبل عبد الله، وفي عام 1997م أقدم الاحتلال على الاستيلاء على مساحات شاسعة تقدر بآلاف الدونمات لإنشاء مستوطنة ‘جدعونيم’ في الجهة الشرقية والشمالية الشرقية من القرية في حوض الجدوع التي سميت المستوطنة نسبة له و التي تطورت بشكل كبير خلال فترة الانتفاضة الثانية لتصبح 5 أضعاف حجمها ، بالإضافة إلى ذلك في عام 2000م سيطر المستوطنون على أراض يانون الغربية و إنشاء مستوطنة ‘جفعات علام افري ران’ نسبة إلى اسم الحاخام الأب الروحي لمستوطنين في تلك المنطقة، وبهذه الطريقة استكمل الاحتلال السيطرة على معظم الأراضي في القرية خاصة الجبلية فلم يبقى للقرية سوى 2000 دونماً (60% راضي رعوية) مهددة هي أيضاً بالمصادرة وطرد السكان منها في أي لحظة نتيجة تزايد اعتداءات المستوطنين عليهم وعلى بيوتهم وممتلكاتهم وعلى رعاة الماشية الذين يرعون الماشية في منطقة قريبة من تلك المستوطنات.
اعداد: