استمرارًا لسياسة الإحتلال في حربه على الوجود الفلسطيني بمنطقة الأغوار الشمالية، لم تكتف سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسياسة توسيع المستوطنات والاستمرار في قضم مزيد من أراضي الأغوار والسيطرة والتحكم في مصادر المياه في ظل أزمة مياه خانقة تعاني منها معظم التجمعات السكانية في الأغوار الشمالية، بل وتقوم سلطات الاحتلال بالعديد من الاجراءات ضد المواطنين في عدد من التجمعات السكانية في الأغوار الشمالية.
وقد تضاعفت حدة الإجراءات الإسرائيلية التعسفية في نهاية الأسبوع المنصرم وبداية هذا الأسبوع من خلال سلسلة من التضيقات والممارسات التعسفية ضد المواطنين الفلسطينيين في الأغوار الشمالية، وقد تمثلت الإجراءات الاحتلالية من عمليات هدم لمنشآت سكنية وزراعية بمنطقة المالح والفارسية، وتكثيف المناورات العسكرية وإجبار سكان قرية يرزة على الخروج من منازلهم نتيجة تدريبات عسكرية ضخمة قامت بها قوات الاحتلال على أراضي القرية، وكذلك قضم مزيد من الأراضي من خلال أعمال البناء التي تقوم بها سلطات الاحتلال بالقرب من قرية العقبة، هذه الإجراءات والممارسات العنصرية الإسرائيلية مستمرة وتطور بطريقة تسعى من خلالها سلطات الاحتلال تكريس سياسة الأمر الواقع على الأرض من خلال إجبار المواطن الفلسطيني بمنطقة الأغوار على هجرة أرضه. ويلخص التقرير التالي أبرز الانتهاكات التي قامت بها سلطات الاحتلال خلال الفترة الواقعة مابين 30ايار إلى 5حزيران من العام 2011في منطقة الأغوار الشمالية.
1-هدم منازل ومنشأت زراعية:
هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مساكن ومنشأت زراعية في منطقة الميتة والفارسية التابعتين لمجلس قروي المالح والمضارب البدوية، بتاريخ 30أيار من العام 2011 وقامت بهدم بركسين وحظائر للمواشي في تجمع الفارسية، كما وهدمت سبعة مساكن من الصفيح وخمسة بركسات وحظائر المواشي في تجمع الميتة والواقع قرب عين الميتة بالأغوار الشمالية(قطعة2، حوض البرج). أنظر الى الجدول (1) أدناه:
اسم صاحب المنشاة |
عدد أفراد العائلة |
عدد المنشات التي تم هدمها |
الموقع |
احمد حسين زهدي أبو ناصر |
3 |
3 |
الفارسية |
حسين زهدي ابو ناصر |
5 |
2 |
الفارسية |
عيد احمد موسى الفقير |
15 |
4 |
المالح |
محمد عيد احمد الفقير
|
7 |
2 |
المالح |
غانم عيد احمد الفقير |
5 |
1 |
المالح |
سلمان ارحيل النجاده |
5 |
3 |
المالح |
سالم ارحيل النجاده |
8 |
2 |
المالح |
ابراهيم ارحيل النجاده |
5 |
2 |
المالح |
محمد ارحيل النجاده |
4 |
2 |
المالح |
المجموع |
57 |
21 |
***** |
المصدر: الباحثين الميدانيين لمعهد الأبحاث التطبيقية أريج- القدس
|
هذا و تقطن عشرات الأسر في منطقة المالح والمضارب البدوية، ويعتمد السكان على تربية المواشي كمصدر أساسي ورئيس للدخل في المنطقة، وتتعرض القرية لعملية مداهمات مستمرة من قبل سلطات الاحتلال والتي تعتبرها منطقة عسكرية مغلقة تحظر سلطات الاحتلال على المواطنين الفلسطينيين التواجد بها، فقد سلمت سلطات الاحتلال سكان تجمع الميتة والفارسية إخطارات بضرورة إخلاء المنطقة والرحيل عنها في بداية هذا العام، وقد توجه أصحاب المنشآت المخطرة إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية وتم الحصول على قرار احترازي بعدم هدم منشآت بالمنطقة الا أن سلطات الاحتلال فاجأت الأهالي بعملية الهدم دون إعطاء سابق إنذار بهدم منشئاتهم.
يشار إلى أن منطقة الفارسية والمالح تحيط بها المستوطنات والمعسكرات الإسرائيلية من كافة الاتجاهات، حيث يحيط بها معسكر حمامات المالح من الجهة الشمالية ومعسكر وحاجز تياسير من الجهة الغربية، ومعسكر سمره، المزوقح، معسكر ثغرة الصوان، معسكر مراح القمر، وتقع جميعها إلى الجنوب من القرية ، كما ويحيط بقرية المالح سلسة من المستوطنات الإسرائيلية. أنظر الى الجدول (2) أدناه:-
جدول 2 : المستوطنات الإسرائيلية الموجودة في االاغوار الشمالية وفي محيط المالح |
المساحة بالدونم |
عدد المستوطنين فيها |
تاريخ الإنشاء |
الموقع |
إسم المستوطنة |
1,759 |
362 |
1968 |
طوباس |
ميخولا |
2,284 |
156 |
1972 |
طوباس |
بيكاعوت |
1,573 |
117 |
1976 |
طوباس |
روعي |
1,291 |
516 |
1978 |
طوباس |
شيدمات ميخولا |
317 |
140 |
1980 |
طوباس |
حيمدات |
51 |
18 |
1984 |
طوباس |
روتم (ناحال) |
47 |
غير معلوم |
1987 |
طوباس |
مسكيوت |
7,322 |
1,309 |
***** |
***** |
المجموع |
المصدر: قاعدة بيانات معهد الأبحاث التطبيقية أريج- القدس |
تقع منطقة المالح إلى الشمال الشرقي من مدينة طوباس، وعلى بعد 10 كم منها وتمتد حدودها من الشرق إلى نهر الأردن، و من الشمال قريتا عين البيضا وكردلة، ومن الغرب قريتا يرزة والعقبة، ومن الجنوب قرية الجفتلك، حيث يبلغ عدد الأسر في قرية المالح والمضارب البدوية 104أسرة الجدول رقم 2 يوضح التوزيع السكاني للتجمعات التابعة لقرية المالح والمضارب البدوية.
جدول3: يوضح توزيع السكان والمساكن في التجمعات التي تتبع مجلس قروي المالح والمضارب البدوية. |
عدد المساكن |
عدد الأسر |
المجموع |
عدد الإناث |
عدد الذكور |
التجمع |
55 |
55 |
355 |
173 |
182 |
المالح |
21 |
21 |
127 |
66 |
61 |
خربة حمصه |
28 |
28 |
145 |
67 |
78 |
الفارسية |
104 |
109 |
627 |
306 |
321 |
المجموع الكلي |
تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي باستخدام وسائل متعددة لإجبار سكان قرية المالح والمضارب البدوية لتهجير سكانها، ولعل السياسة المائية من أهم واخطر الممارسات التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضد سكان قرية المالح والمضارب البدوية، حيث تم تجفيف وادي المالح وجزء كبير من عيون الميتة بسبب حفر الآبار الارتوازية الإسرائيلية، وكذلك سيطرتها على عين الحلوة وتجفيفها حيث كانت تشكل أهم مصدرلمياه الشرب لتجمع عين الحلوة والتجمعات المجاورة ، مما يضطر المواطنين إلى قطع مسافات طويلة تصل إلى حوالي 35كم لجلب مياه الشرب من بئر طمون والمرور عبر حاجز تياسير مما يشكل عامل ضغط على الأهالي نتيجة ارتفاع تكلفة نقل المياه حيث يبلغ سعر الكوب الواحد حوالي 21شيقلا.
2- إخلاء قرية يرزة من سكانها نتيجة التدريبات العسكرية الواسعة بمحيط القرية:
قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم الأربعاء الموافق 1حزيران من العام 2011باجراء تدريبات عسكرية واسعة في أراضي قرية يرزة، حيث تم إخلاء القرية من قبل قوات الاحتلال حتى انتهاء عمليات التدريب العسكري الواسعة بالقرية لأكثر من سبع ساعات متواصلة. ففي الصباح الباكر من يوم الأربعاء قامت قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي بطرد أهالي يرزة إلى الجبال المجاورة بذريعة أن تواجدهم يشكل خطراً على أرواحهم وممتلكاتهم مما شكل حالة من الفزع والخوف بين المواطنين وخصوصا الأطفال منهم، لاسيما وان قوات الإحتلال استخدمت في العملية التدريبية العشرات من الدبابات ومئات الجنود وأجرت مناورات بالذخيرة الحية في أراضي القرية. أنظر إلى الخارطة أدناه:-
وقد شكلت تلك الخطوة من قبل سلطات الاحتلال حالة من القلق لدى سكان القرية وخصوصا أن تلك التدريبات لم تقم بها سلطات الاحتلال بهذه الكثافة منذ أكثر من عقدين من الزمن، وهي سياسة تنتهجها قوات الاحتلال الإسرائيلي من اجل الضغط على السكان للرحيل عن القرية والتي تعتبرها سلطات الاحتلال منطقة عسكرية مغلقة، يذكر أن سلطات الاحتلال تتخذ من مساحات واسعة من أراضي القرية مناطق للتدريب بالذخيرة الحية، حيث وضعت قوات الاحتلال الأهداف العسكرية على بعد 1.5كم عن منزل الموطنين بالقرية مما شكل خطر على أرواح وممتلكات المواطنين.
تقع قرية يرزة في الأغوار الشمالية، شرق مدينة طوباس، وتبعد حوالي 10كم عنها، ويقطنها 13أسرة يعتمدون على تربية المواشي والزراعة البعلية كمصدر رئيسي للدخل، وقد تعرضت القرية في وقت سابق لعمليات هدم واسعة وكان أخرها بتاريخ 17/2/2011 والتي دمرت خلالها سلطات الاحتلال منشآت لسكان القرية، وكان سبقها بتاريخ 25/11/2010 عملية هدم واسعة لمنشآت الموطنين حيث طال الهدم مسجد القرية.
هذا وإن معاناة خربة يرزة وسكانها مع الإحتلال الإسرائيلي يرجع الى العام 1967 حيث هجرها معظم سكانها نتيجة الممارسات الإسرائيلية المتكررة ضد السكان، حيث تشكل المناورات العسكرية وما تتركة من مخلفات من أهم المخاطر التي يعاني منها المواطنين في قرية يرزة حيث استشهد وأصيب العديد من المواطنين نتيجة تلك التدريبات العسكرية وما تتركة من مخلفات وذخائر حية في أراضي القرية، حيث يعاني ثلاث مواطنين من سكان القرية من إصابات نتيجة التدريبات العسكرية ومازالت رصاصات الاحتلال تستقر بأجسادهم نتيجة خطورة إجراء عمليات جراحية وإزالتها، ناهيك عن الأضرار التي تلحقها تلك التدريبات من نفوق المواشي نتيجة إصابتها بفعل المناورات العسكرية وتعمد سلطات الاحتلال بجعل الأهداف مقابلة لمساكن المواطنين، وكذلك ما تسببه التدريبات العسكرية من حرق المراعي المحيطة بالقرية بفعل التدريبات العسكرية، وتدمير المحاصيل الحقلية وحرقها أحياننا بفعل التدريبات.
يشار إلى أن قرية يرزة تعاني من انعدام أدنى الخدمات الحياتية من ماء وكهرباء وصعوبة الطريق الوحيد المؤدي إلى القرية، وذلك نتيجة منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي المواطنين من البناء أو العمل على إنشاء مشاريع تعمل على التخفيف من معاناة المواطنين بحجة تواجد السكان في منطقة عسكرية يحظر القيام بأي نشاط دون موافقة الجانب الإسرائيلي .
3- أعمال بناء بموقع عسكري قرب قرية العقبة:
شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي صباح يوم الأحد الموافق 5 حزيران من العام 2011 بجلب جرافات وآليات طرق ونقل مواد تعبيد طرق إلى موقع خلة اجميع العسكري، والواقع إلى الجهة الجنوبية لقرية العقبة، حيث شوهدت جرافات واليات إنشاء الطرق تعمل بالموقع العسكري والواقع بحوض 11 قطعة رقم 3، حيث تبلغ مساحة موقع التدريب العسكري الذي يقام عليه مباني تستخدم للتدريب العسكري 323.5دونم وتعود ملكية الأراضي المقام عليها الموقع العسكري إلى البطركية اللاتينية- القدس. أنظر الى الصور أدناه:-
صور لاليات الإحتلال أثناء العمل في الموقع العسكري
يشار إلى أن الموقع العسكري بخلة اجميع تم انشاؤه عام 1982 ببناء عمارات وغرف تستغلها سلطات الإحتلال الإسرائيلي للتدريب العسكري، حيث يتم تدريب قوات الإحتلال على عمليات اقتحام المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية عبر القرية المصغرة التي أنشأتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالموقع. ويشكل موقع معسكر خلة اجميع الذي يستغل لأعمال التدريب العسكري خطرا يهدد بعزل مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والرعوية، كما ويشكل نقطة فصل بين ثلاث تجمعات فلسطينية وهي قرية العقبة من الشمال، تياسير من الغرب ويرزة من الشرق.
خاتمة
لم تكتفي دولة الإحتلال الإسرائيلي بالاستيلاء على اكثر من 95% من غور الأردن في العام 1967 وإعلانه منطقة عسكرية مغلقة يحظر على الفلسطينيين التواجد أو البناء فيها ، بل وتقوم بتنفيذ خطة استهداف ممنهجة لارغام سكان الأغوار على إخلائها طوعًا بعد ترك أراضيهم، حيث ترتقي حملات الهدم التي يقوم بها الإحتلال في اغوار الى التطهير العرقي وإزالة قرى وتجمعات فلسطينية باكملها عن سطح الأرض وهذا ما أصبح مشهدا عاديًا. ان هدم الاحتلال الإسرائيلي لمنازل المواطنين الفلسطينيين يعد خرقا صريحًا وواضحًا لجملة من قواعد القانون الدولي والإنساني والاتفاقيات الدولية ذات الصلة وذلك على النحو التالي:
اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949, المــادتين (53) و (147) تنصان على أن ‘ تدمير ونهب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية’ هو انتهاك جسيم للاتفاقية.
وايضا المادة 23 من اتفاقية لاهاي للعام 1907 من ‘تدمير ممتلكات العدو او حجزها، الا اذا كانت ضرورات الحرب تقتضي حتما هذا التدمير او الحجز.
والمادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948 و التي تنص على انه لا يجوز حرمان أحد من ملكه تعسفا.
والمادة 12 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ينص على : لكل شخص موجود داخل حدود اي دولة ان يكون له حرية الحركة والتنقل وحرية اختيار مكان سكنه.