على التلال المطلة على قرية عورتا وبلدة عقربا حيث توجد مستوطنة ‘ايتمار’، تلك المستوطنة التي اقترن اسمها منذ تأسيسها عام 1984م بالدمار والخراب في المنطقة، فكانت عنواناً للقتل والتخريب وممارسة أبشع طرق الإرهاب التي ترفضه الإنسانية وتقشعر له الأبدان. ففي صيف عام 1984م أقدم طلبة المعهد الديني المتطرف ‘ يائير’ في القدس على نقل البؤرة الاستيطانية العشوائية التي أقاموها في سهل قرية روجيب الى جبل بلال في قرية دير الحطب امتثالا لقرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية في ذلك الوقت. ومنذ ذلك التاريخ إلى اليوم والبؤرة الاستيطانية في حالة توسع دائم حيث أطلق عليها بداية اسم ‘تل حاييم’ كإشارة لاستئناف ما يسمى بالحياة اليهودية في الموقع الذي يعتبرونه رمزاً دينياً وعقائدياً لهم والذي له ارتباطات مزعومة بالمقام ‘ العيزر إيتمار بنحاس’ والسبعين شيخاً الموجود في قرية عورتا وذلك حسب التاريخ اليهودي.
وبعد ذلك بدأت المستعمرة بالتوسع وحول اسمها من ‘تل حاييم’ إلى ‘إيتمار’ وحدثت عملية التوسع ببطء وصمت شديدين حتى تمدّدت مساحة البناء فيها عدة أضعاف خلال الستة والعشرين عاماً الماضية، فابتلعت المستعمرة مئات الدونمات الزراعية في مناطق (العرما، شعب الورد، كتف أبو عزا، كرما، السفح الشمالي) و هي أراضي مهجورة كونها قريبة من مستعمرة يتمار حيث لا يستطيع احد من الفلسطينيين الوصول إليها خشية على أرواحهم من بطش المستعمرين هناك، مما يعني ذلك من الناحية العملية وجود أكثر من 2500 دونم أراضي مهجورة تحيط بالمستوطنة يمنع الفلسطينيين من مجرد التواجد بها تحت أي سبب كان بحجة حماية امن المستوطنين، حيث أن هذه الأراضي تعود ملكيتها لعشرات الأسر والمزارعين في قرى وبلدات عورتا وبيت فوريك واليانون وروجيب.
تواصل اعتداءات المستوطنين بالرغم من التحصينات في محيط المستعمرة:
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي اصدر خلال السنوات الماضية عدة إخطارات عسكرية تتضمن وضع اليد على أراض قي قرى عورتا وبلدة عقربا بهدف إقامة أبراج مراقبة عسكرية تخدم مستوطنة ‘ايتمار’ بالإضافة إلى تحويل مئات الدونمات الزراعية إلى مناطق عسكرية مغلقة يمنع الفلسطينيون أصحاب تلك الأراضي من مجرد الوصول إليها تحت أي سبب كان، عدى عن ذلك صادر الاحتلال عشرات الدونمات من القرى والبلدات المذكورة أعلاه بهدف إقامة سياج عازل يحتوي على شبكات إنذار في محيط ‘إيتمار’.
وعلى الرغم من هذا كله لا يتردد المستوطنون عن احتلال الجبال و إقامة البؤر العشوائية على أراضي المواطنين الفلسطينيين بالإضافة إلى الاعتداء على المواطنين حتى وصل بهم الحد إلى إطلاق النار على المزارعين الفلسطينيين مجرد تواجدهم في المنطقة بهدف فلاحة أراضيهم المهددة بالمصادرة، حيت تعتبر حادثة إطلاق النار على الشابين صلاح قواريق (19 عاماً) ومحمد فيصل قواريق (19 عاما) واستشهادهما بالقرب من مستوطنة ‘ايتمار’ المقامة على أراضي قرية عورتا في 26 نيسان 2010 خير دليل على ذلك، حيث بحسب إفادة أهالي قرية عورتا أن الشهيدين كانا يقومان برش أشجار الزيتون بالأراضي الزراعية هناك، حيث تم إطلاق النار عليهما هناك.
إلا أن الاحتلال ادعى أن الشهيدين حاولا طعن أحد الجنود وتمكن من إطلاق النار عليهما وقتلهما، بينما أكدت مصادر فلسطينية أنهما كانا يعملان في أرضهما ويحملان أدوات زراعية ومواد لرش الأعشاب، عندما أطلق الجيش الإسرائيلي النار عليهما.
يشار أن مستوطنة ‘ايتمار’ شهدت في 12 آذار 2011 حادثة مقتل خمسة مستوطنين على يد مجهولين، حيث انتهز المستوطنون الحادثة في إلصاق التهمة على الفلسطينيين بالرغم من عدم توفر دليل واحد على أن الذي قتل المستوطنين هو فلسطيني، فطبيعة المستوطنة والتحصينات المحيطة دليل على كذبهم وافترائهم.
لكن المستوطنين استغلوا الحادثة في شن هجوم واسع النطاق بحق ممتلكات الفلسطينيين في الضفة الغربية من تكسير لزجاج السيارات وإحراق عدد منها، إلى مداهمة البيوت وتخريبها بالإضافة إلى قطع الطرق ومحاولة الاعتداء على المارة، والانتهاء باستهداف غراس الزيتون حيث تم تسجيل خلال الأسبوع الماضي اقتلاع وسرقة ما يزيد عن 700 غرسة زيتون في كل من قرية بيت دجن و بلدة عقربا.
أما بالنسبة إلى قرية عورتا فنالت نصيب الأسد في اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال الذي بدوره ساند المستوطنين في اعتداءاتهم في القرية من خلال فرض حالة منع التجول في القرية لمدة خمسة أيام واعتقال 43 من الشبان في القرية ومنع سيارات الإسعاف من نقل الحالات الإنسانية في القرية حتى كبار السن لم يسلموا من اعتداء جنود الاحتلال عليهم بالضرب المبرح أمام أعين أولادهم، هذا بالإضافة إلى منع الطلبة إلى التوجه إلى مدارسهم .
في موازاة هذا كله ينشط المستوطنون في سرقة الأرض من أصحابها لتوسعة مستوطنة ‘ايتمار’ حيث خلال الأسبوع المنصرم أقدم مستوطنو مستوطنة ‘ايتمار’ على نصب عدد من الكرفانات في منطقة العرمة من الجهة الغربية من المستوطنة على مساحة 15 دونماً من أراضي قرية عورتا وذلك تمهيداً لاستيعاب المزيد من المستوطنين، في خطوة لتحدي الفلسطينيين عبر توسعة المستوطنة التي تشهد بالأصل توسعة لم يسبق لها مثيل من قبل، حيث جاءت حادثة ‘ إيتمار’ لتعطي المبرر للمستوطنين لتوسيع الاستيطان في تلك المنطقة.