في إطار مخطط الاحتلال الإسرائيلي لإفراغ الأرض من سكانها الأصليين، ولمصادرة هذه الأرض لصالح المستعمرات والشوارع الاستعمارية، تنوي سلطات الاحتلال تدمير خربة أو تجمع سكاني فلسطيني آخر، تنفيذاً لسياسة الإحلال التي تتبعها السلطات الإسرائيلية، والتجمع السكاني المستهدف هذه المرة هي خربة ‘ بيت سكاريا ‘ وهو الاسم الدارج بين سكانها، والتي تقع على طريق بيت لحم – الخليل ( على الحدود بين المحافظتين) ويقع في وسط مجموعة من المستعمرات الإسرائيلية تحيط به من كل حدب وصوب! .
يعود تاريخ هذا التجمع السكني إلى ما قبل قبل نحو أربعمائة عام حيث سكنت مجموعة من الأسر الفلسطينية منطقة عصيون، وتوزعت هذه الأسر على نحو (4 -5 ) تجمعات سكانية، تعد بيت سكاريا اكبر هذه التجمعات، وتعد أراضي هذه المنطقة من أخصب الأراضي في فلسطين وتشتهر بزراعة العنب والتفاحيات واللوزيات والتين.
حيث عملت هذه الأسر في الزراعة وتربية المواشي ورعيها، حتى قدوم الاحتلال إلى أراضي الضفة الغربية في العام 1967، ولا تزال آثار البيوت المبنية من الحجارة تشير إلى بناءها وان الحياة كانت تستشري في المكان قبل مجيء الاحتلال إليها.
بعد أن ظهر غول الاستيطان على الأراضي الفلسطينية منذ عهد الانتداب البريطاني، بدأت أطماعه تمتد نحو هذه الأراضي الخصبة وذات الموقع الاستراتيجي على طريق الخليل – القدس، فأقامت سلطات الاحتلال مستعمرة ‘ كفار عتصيون ‘ على تلك الأراضي عام 1943، ثم أقامت مستعمرة ‘ مشؤات إسحاق ‘ عام 1945، ثم مستعمرة ‘ روش تسوريم عام1946، ومستعمرة ‘ ربدليم ‘ عام 1947 وأطلقت عليها اسم ‘ غوش عتصيون ‘ أي تجمع عصيون.
وخلال حرب النكبة سنة 1948 استولت عصابات الهاغاناة وشتيرن الصهيونية تماماً على منطقة عصيون وقتلت وطردت أصحابها الفلسطينيين وفصلت بذلك القدس وبيت لحم عن الخليل، إلا أن قوات الجيش العربي الأردني استبسلت لتحرير أراضي عصيون وحصلت فيها معركة قاسية استشهد فيها المئات وجرح المئات إلى أن استولت القوات العربية على هذا الموقع بالغ الحساسية وبقيت طريق القدس الخليل آمنة، وعاد أهالي الأراضي والتجمعات السكانية لمواقعهم إبان العهد الأردني.
صور ( 1+2) المستعمرات تحيط بخربة بيت سكاريا
ولكن وبعد احتلال الضفة الغربية سنة 1967 عادت قوات الاحتلال لاطماعها بالاستيلاء القصري على الأراضي وإقامة المستعمرات ( 16 مستعمرة) والتضييق على الفلسطينيين حتى لم يبقى منهم سوى خربة بيت اسكاريا دون أي إمكانية للتوسع و/أو البناء ولولا صمود الأهالي لتهودت المنطقة بالكامل.
وكانت الإدارة المدنية التابعة للاحتلال قد نشرت عام 2009 خريطة تبين فيها أن مساحة التجمع الاستيطاني ( غوش عتصيون ) يزيد سبعة أضعاف عن مساحة مستعمرة ‘كفار عتصيون ‘ التي كانت مقامة قبل العام 1948، أي أن مساحة هذا التجمع الآن يبلغ نحو (70 ألف دونم) مقابل (10 آلاف دونم) قبل العام 1948، كما بينت الخريطة المنشورة أن هذه المساحات الشاسعة تتركز في القسم الغربي من التجمع الاستعماري أي بين مستعمرة ‘كفار عتصيون ‘ وجدار الضم التوسع[1].
التخطيط لتدمير خربة بيت سكاريا :
نظراً لصمود خربة بيت سكاريا وسط هذه التجمعات الاستعمارية، فقد سعت سلطات الاحتلال تدمير هذه الخربة وتشريد ساكنيها حتى لا يكونوا وخربتهم عقبة في طريق توسع مستعمراتها وإلصاقها ببعضها البعض، حيث أن الخربة تقع بين مستعمرة ‘ ألون شيفوت ‘ و’ روش تسوريم ‘
وفي هذا السياق فقد أخطرت سلطات الاحتلال في العام 2005 بهدم نحو 29 منزلاً ومنشأة في الخربة، باستثناء المنازل والمنشآت التي أقيمت قبل العام 1967، حيث تم هدم (6 ) بيوت ومنشآت في العام 2008، رغم امتلاك المواطنين إثباتات ملكيتهم لأراضيهم منذ أربعمائة عام، فحسب المواطنون هناك، فقد تم توكيل محامين للدفاع عن حق أهالي الخربة في السكن والعمل على إيقاف تنفيذ الاحتلال لهدم المنازل، إلا أن سلطات الاحتلال عادت في تاريخ (15/7/ 2010 ) وسلمت إخطارات بهدم أربعة منازل لمواطنين من الخربة وهم التالي :
الرقم |
الاسم |
أفراد الأسرة |
عدد الأطفال |
نوع المنشاة |
طبيعة الاستخدام |
المساحة
م2 |
الصورة |
1 |
محمد إبراهيم جاد لله |
6 |
4 |
منزل ودكان |
مستخدمان |
100 |
|
2 |
محمد احمد إسماعيل سعد |
4 |
2 |
منزل |
مسكون |
100 |
|
3 |
أيمن خليل محمود سعد |
9 |
7 |
منزل |
مسكون |
120 |
|
4 |
تيسير محمد خليل عودة |
6 |
4 |
منزل |
مسكون |
80 |
|
جدير بالذكر أن هذه البيوت المهددة بالهدم ومعظم بيوت خربة بيت سكاريا هي من الطوب ومسقوفة بالصفيح، باستثناء تلك البيوت المشيدة قبل العام 1967 ، فهي من الباطون المسلح والحجارة وهي لا تتعدى خمسة بيوت.
صور (8+7) آثار منازل هدمت عام 2008
تقع خربة بيت سكاريا جنوب غرب مدينة بيت لحم، وسط التجمع الاستعماري ‘ غوش عتصيون ‘ والى الغرب من مفترق عصيون المعروف، عدد منازلها ومنشآتها نحو 35، سكانها من عائلتان هما ‘ سعد وعودة ‘ .
في القرية مقام، وبجوار هذا المقام مسجد صغير يصلي فيه أهالي الخربة، وبالقرب منه تقع مدرسة بيت سكاريا يدرس فيها حوالي ( 50 طالباً) من أبناء الخربة حتى الصف السابع الأساسي .
الصور 10+09) ) المقام الديني
ويعتمد أهالي الخربة في معيشتهم على زراعة ما تبقى من أراضيهم بالحبوب واللوزيات ، وكذلك تربية المواشي، وتعاني الخربة من هجرة الشباب، نظراً لمضايقة المستعمرين لأهالي الخربة.
وكغيرها من الخرب والقرى القريبة من المستعمرات تتعرض الخربة لاعتداءات المستعمرين، الذين يقتلعون أشجار المواطنين ويطاردونهم أثناء رعيهم في أراضيهم، كذلك منعهم من الآذان في مسجدهم بحجة إزعاج المستعمرين، والصورة (A) نسخة من شكوى تقدم بها المستعمرون إلى الإدارة المدنية يدعون فيها أنهم مزعوجون من إقامة الأذان في مسجد الخربة، حيث قامت الإدارة المدنية بتسليم مختار الخربة نسخة من هذه الشكوى مطالباً إياه بمنع رفع الأذان في المسجد حتى لا يزعج المستعمرين .
[1] المصدر السابق ، بتصرف