الانتهاك : منع تأهيل طريق معبد يربط خرب سهل البقيعة بمدينة طوباس.
الجهة المعتدية: ما تسمى لجنة البناء والتنظيم التابعة للاحتلال.
الجهة المتضررة: السكان البدو في خرب: ( يزرة، الحديدية، عاطوف ، حمصه، الرأس الأحمر).
تقديم:
بين ثنايا وسفوح جبال الأغوار الشمالية الفلسطينية (سلة الغذاء الفلسطيني) تنتشر مجموعات من التجمعات البدوية والخرب الفلسطينية على أراضيها الواسعة متخذين الصفيح بيوتاً لهم، وأخرى مصنوعة من الحجارة والطين، وثالثة من الشعر لا تقيهم حر الصيف أو برد الشتاء فضلاً عن الكهوف الهاجعة في سفوح الجبال، يتحدث كل ركن فيها عن قصة مأساة حقيقية يشهدها ويعيشها هؤلاء السكان في كل يوم وكل دقيقة في حياتهم منذ عام 1967م إلى تاريخ اليوم.
معاناة هؤلاء السكان ليس من الطبيعة وظروفها القاسية التي كان بالإمكان تسخيرها لخدمتهم لو قدر لهم العيش الحر والكريم بأرضهم، لا بل من ظروف خلقها احتلال تجاوز الستون من عمره ولا يقيم وزناً لحياة بني البشر من غير أبناء جلدته، ولا يعترف بشيء أسمه حقوق إنسان أو مواثيق دولية.
فهؤلاء السكان الذين اعتادوا منذ القدم على فلاحة الأرض وتربية المواشي في ظروف حياة لا زالت بعيدة عن مظاهر التمدن والحضارة وما تشمل هذه المظاهر من خدمات بنية تحية وتعليم ومؤسسات صحية واجتماعية وترفيهية متطورة،, استطاعوا التأقلم مع الظروف القاسية وتمكنوا من الثبات والبقاء في أراضي الأغوار التي كانت تعج بالحياة والخضرة بوجود هؤلاء السكان فيها، إلا أن ذلك لم يرق للاحتلال الإسرائيلي الذي سعى منذ البداية إلى تهميش وطرد هؤلاء السكان من أراضي الأغوار التي يعتبرها الاحتلال بمثابة الحدود الشرقية له، في المقابل زرع أراضي الأغوار بعشرات المستوطنات التي وجدت بالأصل لاستيلاء على اكبر قدر ممكن من أراضي الأغوار وطرد السكان الأصليين وإحلال مكانهم عدد كبير من المستوطنين الذين يعتبرون وسيلة لفرض أجندة الاحتلال في المنطقة.
الاحتلال يصعّب حياة التجمعات البدوية ويحرمهم من شق طريق مريح لهم!؟
أعلن الاحتلال الإسرائيلي عن تلك التجمعات البدوية تجمعات ‘غير معترف بها’ فاخذ يلاحق هؤلاء السكان البدو حتى داخل بيوتهم بحيث حوّل 95% من منشآتهم إلى منشآت منذرة بالهدم والترحيل، كذلك حرمهم من إقامة أي بنية تحتية في المنطقة، ومع بداية شهر حزيران 2010 جدد الاحتلال الإسرائيلي رفضه إقامة أو تأهيل أي طريق يربط التجمعات البدوية في سهل البقيعة بمدينة طوباس، علماً بأن هذا الطريق تم إيقافه عن العمل في شهر شباط من عام 2008م، دون أي مبررات يقبلها العقل سوى أن الاحتلال يسعى إلى القضاء على أي فرصة لتطور سهل البقيعة والخرب المحيطة به سواء من الجانب السكاني أو التنموي الزراعي مما خلق ذلك وضع مأساوي للسكان في المنطقة المقدر عددهم نحو 3500 نسمة موزعين على خمس خرب محيطة والذين اضطروا كنتيجة حتمية لعدم توفر طرق توصلهم إلى خربهم إلى الاعتماد على الدواب كوسيلة نقل أساسية لهم لقضاء حوائجهم في مدينة طوباس والتي تبعد عنهم عدة كيلومترات.
هذا وتعتبر عملية تنقلهم هماً وسفراً يومياً لا بد منه، ففي حال أرادوا على سبيل المثال نقل مريض بحاجة للرعاية سريعة فان ظروف المنطقة وعدم توفر طرق يؤدي إلى حدوث مأساة مؤكدة وقد يفارق المريض الحياة قبل أن يصل منتصف الطريق، حيث تعتبر قصة الشهيد جمال عبد الناصر فقهاء والذي استشهد وكان عمره 15 عاماً والذي أصيب برصاص تدريبات جيش الاحتلال في المنطقة أثناء زيارته للأهل في قرية يرزة لكن عدم توفر وسيلة لنقله إلى المستشفى أدى إلى مضاعفة سوء حالته مما أدى إلى استشهاده. كما أصيب معه طفلان أعمارهما 16 و17 عاماً وذلك بتاريخ 27 شباط 2009، في مقابل ذلك كله ترى سكان الخرب البدوية ينتظرون بحسرة وألم لتلك الحافلات الفارهة، التي لا تعرف حر الصيف ولا برد الشتاء، حافلات أعدت خصيصاً للمستوطنين وأبنائهم، مستوطنين جيء بهم من شتى بقاع الأرض ليسرقوا أرضهم، ويضيقوا سبل العيش عليهم وعلى أهاليهم، ويغلقون مراعي أغنامهم، كل ذلك من أجل تهجيرهم من هذه الأرض وجعلها موطناً ومرتعاً لقوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه.
وهذه المعاناة ما هي إلا جزء يسير من معاناة أكبر في مختلف جوانب حياة سكان هذه التجمعات الفلسطينية، ففي الوقت الذي ينعم فيه سكان هذه المستوطنات التي لا تبعد إلا أمتار في بعض المناطق عن التجمعات الفلسطينية بالمياه والكهرباء والمدارس والمراكز الصحية وكل سبل العيش والراحة، لا يجد سكان الخرب الفلسطينية ماءً نقياً لشربه، ولا طبياً معالجاً لألم ألمّ بأحدهم فجأة، ولا مدرسةً تأوي طلابهم، وعليهم الاكتفاء بضوء قنديلٍ قديم تفوح منه رائحة الكاز، وسعيهم وراء لقمة عيش كريمة فيها.
تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال بالإضافة إلى ما تقدم حوّل ما يزيد عن 65% من أراضي الأغوار الشمالية إلى مناطق مغلقة عسكرية إما تستخدم كمناطق لتدريبات جيش الاحتلال أو يتم استخدامها كمناطق مزروعة بالألغام ، حيث أن تلك النسبة لا تشمل المناطق الخاضعة لنفوذ المستوطنات الاسرائيلية التي تنهب عشرات الدونمات من أراضي الأغوار الفلسطينية بدعم وتشجيع من قبل حكومات الاحتلال المتعاقبة.