في الرابع عشر من شهر نيسان من العام 2010, استهدفت جرافات الاحتلال الاسرائيلي عدد من المنشأت الفلسطينية في كل من محافظتي بيت لحم و سلفيت في الضفة الغربية. ففي محافظة بيت لحم, توجهت الجرافات الاسرائيلية و برفقة قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي الى منطقة أبو سعود في قرية الخضر غرب مدينة بيت لحم و هدمت منزل المواطن علي سليم محمود عيسى بحجة البناء الغير مرخص بسسب وقوعها في مناطق مصتفة ‘ج’[1] بحسب اتفاقيات أوسلو للعام 1995. خارطة رقم 1
و في مقابلة أجراها فريق العمل الميداني التابع لمعهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) مع المواطن علي عيسى, قال بأن كبر حجم عائلته دفعه لبناء منزل في العام 1998 من غير ترخيص صادر عن الادارة المدنية الاسرائيلية في بيت لحم لانه كان يعلم انه اذا تقدم للحصول على رخصة بناء من الادارة المدنية الاسرائيلية, سوف تأخذه أعواما عديدة قبل ان يحصل على رد من الادارة المدنية الاسرائيلية بسبب الاجراءات الاسرائيلية المعقدة التي تفرضها الادارة المدنية على المواطنين الفلسطينيين القاطنين في مناطق المصنفة ‘ج’, و في اغلب الاحيان يتم رفض الطلبات المقدمة بحجة عدم موافاتها للشروط المفروضة أو يتم تجاهلها. و لم يهنئ السيد موسى ببيته كثيرا, حيث قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلي في العام 2002 بهدم منزله لاول مرة و تم تشريد عائلته و الحاق خسائر مادية به.
و كانت حاجة السيد علي الى مأوى أقوى من أي شيء اخر حيث قام ببناء المنزل مرة اخرى في العام 2007. و لم يلبث السيد علي ان يسكن في منزله الجديد الا ان أخطرته سلطات الاحتلال الاسرائيلي بامر وقف عمل و بناء في شهر كانون ثاني من العام 2010 و امهلته مدة أسبوعين للاعتراض على الاخطار العسكري و البدء باجراءات الترخيص. و لكن لم تمهل سلطات الاحتلال الاسرائيلي السيد علي عيسى الوقت المناسب لاستصدار الاوراق اللازمة من الادارة المدنية حتى جاءت في الرابع عشر من شهر نيسان من العام 2010 و هدمت منزله للمرة الثانية. و الجدير بالذكر ان عملية الهدم ألحقت بالسيد على خسارة مادية اخرى بلغت قيمتها 60,000 شيكل (16,000 دولار). و يبدو ان عملية الهدم الثانية تتناسب و المصالح الاسرائيلية في المنطقة, حيث يقع منزل السيد علي بالقرب من مسار جدار العزل العنصري الذي تقوم اسرائيل ببناءه في المنطقة و الذي سوف يأتي على ألاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية في القرية.
و يكمن الخطر الحقيقي في المنطقة الامنة (Buffer Zone) التي تقوم اسرائيل باقامتها على الجانب الشرقي من جدار العزل العنصري بعد الاعلان عنها في شهر أيلول من العام 2004 حيث أصدرت وزارة الدفاع الإسرائيلية أوامر عسكرية جديدة تنص على إيجاد منطقة عازلة بعمق يتراوح ما بين 150-200 مترا على جانب الجدار الشرقي من الجهة الفلسطينية فقط بحيث يمنع فيها إقامة أي بناء جديد, الأمر الذي سينجم عنه منع الفلسطينيين من الدخول إلى مساحات إضافية أخرى تبلغ في مجموعها 252 كيلومترا مربعا, أي ما نسبته 4.4% من المساحة الكلية للضفة الغربية (5661 كم²). هذا و تتهدد اقامة المنطقة الامنة العديد من المنازل الفلسطينية التي تقع بمحاذاة مسار جدار العزل العنصري و التي من المحتمل جدا أن تلقى المصير نفسه الذي تلقاه منزل السيد موسى.
هدم مزرعة في منطقة جبل هراسة شرق مدينة بيت ساحور
و عقب هدم منزل السيد علي موسى في قرية الخضر, توجهت الجرافات الاسرائيلية الى منطقة جبل هراسة شرق مدينة بيت ساحور في نفس اليوم و هدمت مزرعة قيد الانشاء تعود للمواطن عمر ربحي ابراهيم أيوب بحجة البناء الغير مرخص. و كان السيد عمر قد شيد البناء في المزرعة العام الماضي على قطعة ارض مساحتها 1000 متر مربع.
و الجدير بالذكر أنه في الخامس من شهر نيسان من العام 2009 سلمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي أهالي منطقة جبل هراسة أوامر بوقف البناء و العمل في عدد من المنشأت في المنطقة بحجة البناء الغير مرخص, منها مزرعة السيد عمر أيوب. و كان السيد أيوب قد قام ببناء المزرعة لخلق مشروع اقتصادي يستفيد منه و عائلته في المستقبل, الا أن جرافات الاحتلال الاسرائيلي لم تجعله يهنئ بالمخطط و هدمت المزرعة التي كانت بمثابة الامل الوحيد للعائلة في المستقبل.
و كانت منطقة جبل هراسة من بين التجمعات الفلسطينية التي شملتها المخططات الهيكلية الاسرائيلية التي صدرت في العام 2008. حيث أصدرت الادارة المدنية الاسرائيلية و بضغط من الرباعية الدولية ممثلة برئيسها توني بلير في العام 2008 مخططات هيكلية لاربعة عشر تجمعا فلسطينيا في الضفة الغربية تقع ضمن المناطق المصنفة ‘ج’ بحسب اتفاقيات أوسلو للعام 1995. و لم يتم, حتى تاريخ هذا التقرير, المصادقة على هذه المخططات.
جدول رقم 1: المخطط الهيكلي الاسرائيلي المقترح لمنطقة جبل هراسة شرق مدينة بيت ساحور |
المنطقة العمرانية الخارجة عن المخطط الهيكلي |
المنطقة العمرانية داخل المخطط الهيكلي |
مساحة المنطقة العمرانية (دونم) |
مساحة المخطط الهيكلي المقترح
(دونم) |
اسم التجمع |
21 |
41 |
62 |
99 |
منطقة جبل هراسة |
المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – أريج 2008 |
و الجدير بالذكر أن المخططات الهيكلية الاسرائيلية المقترحة للتجمعات الفلسطينية لم تأخذ بعين الاعتبار التوسع العمراني المستقبلي لهذه التجمعات الامر الذي سوف ينتج عنه العديد من عمليات الهدم في المستقبل من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي.
جرافات الاحتلال الاسرائيلي تهدم منشأت فلسطينية في قرية حارس غرب مدينة سلفيت
و في قرية حارس غرب مدينة سلفيت, قامت جرافات الاحتلال الاسرائيلي و بحراسة قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي بهدم منزل قيد الانشاء مكون من طابقين تعود ملكيته للمواطن ماهر عودة بحجة البناء الغير مرخص. كما هدمت جرافات الاحتلال الاسرائيلي ثلاث بيوت بلاستيكية في القرية تعود للمواطن داود أبو غنام. و الحقيقة ان العديد من المنازل يتهددها الهدم في قرية حارس الفلسطينية بسبب قربها من مسار جدار العزل العنصري الذي يأتي على 90% من أراضي القرية هذا بالاضافة الى عزل عدد من المنازل الفلسطينية غرب مسار الجدار و حرمانها من حقها في الوصول الى المراكز الحيوية في القرية.
ملخص:-
ان استمرار اسرائيل بسياسة هدم البيوت الفلسطينية في الضفة الغربية يعتبر خرقاً لحقوق الإنسان، وخصوصاً المادة 11(1) من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية من العام 1966 الذي وقعت عليه اسرائيل في العام 1992, و هو بمثابة التزام منها بمواد الميثاق, حيث نصت المادة 11 من الميثاق باحترام ‘حق كل شخص في مستوى كاف من العيش له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى’. أما الإخلاء القسري و هو ‘النقل الدائم أو المؤقت لأفراد أو عائلات و/أو مجتمعات من منازلها و/أو أراضيها التي تشغلها رغماً عن إرادتها، دون توفير الأشكال المناسبة من لحماية القانونية أو سواها من أشكال الحماية لهم، وتيسير وصولها إليهم’, تعتبر انتهاكاً فظيعاً لحقوق الإنسان، ولا سيما للحق في المسكن الكافي’. و ذلك حسب ما جاء في اعلان لجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان في قرارها رقم 77 الصادر في العام 1993 . و المادة 56 من لائحة لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية تحرِّم تدمير الممتلكات إلا إذا كان ذلك مبرراً بالضرورة الحربية التي تقتضيها العمليات الحربية. كما أن المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1948 تحرم تدمير الممتلكات، حيث تنص هذه المادة على ما يلي: ‘يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير.’
كما حرًّمت المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة هذه الممارسات، حيث نصت على ما يلي: ‘لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب. السلب محظور. تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم.’
[1] بالرجوع الى اتفاقيات أوسلوII المؤقتة الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية و اسرائيل في شهر أيلول من العام 1995, تم تصنيف الاراضي الفلسطينية الى مناطق ا, ب , و ج حيث تخضع مناطق ج للسيطرة الاسرائيلية الكانلة, أمنيا و اداريا.