أعلنت حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو في جلستها الأسبوعية يوم الأحد 21 شباط 2010، عن ضم الحرم الإبراهيمي ومحيط مسجد بلال بن رباح ‘ قبة راحيل’ لقائمة التراث اليهودي، كما خصصت ملايين الشواقل للاعتناء بهذا التراث، حسب زعمها، وقد جاء هذا القرار في ظل الحديث عن العودة إلى مائدة المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وقبل أيام من الذكرى السادسة عشرة للمجزرة التي ارتكبها المستعمر المجرم ‘باروخ غولدشتاين ‘ بحق المصلين المسلمين يوم الخامس والعشرين من شهر شباط 1994، والتي راح ضحيتها نحو ثلاثين مصلياً من أبناء مدينة الخليل.
وأفاد مدير دائرة أوقاف الخليل زيد روبين الجعبري لباحث مركز أبحاث الأراضي والذي رفض قرار حكومة نتنياهو بالتالي: ‘ ان هذا القرار بالنسبة لنا كمسلمين قرار مرفوض والهدف منه جر الشعب الفلسطيني إلى انتفاضة جديدة، وإن الحرم الإبراهيمي مسجداً إسلامياً لا يحق لغير المسلمين الدخول فيه ، ولا يوجد أي تراث يهودي في الحرم، ولم يثبت لليهود أي حق في الحرم الإبراهيمي ‘ .
وأضاف: ‘ في العهد البريطاني عندما كان المندوب السامي البريطاني يهودياً لم يسمح لليهود بالدخول إلى الحرم، ولم يطلب اليهود الدخول إليه، بل وكانت بعض الفئات اليهودية لا تدخل الحرم بتاتا. وأوضح الجعبري: ‘ إن دائرة الأوقاف الإسلامية ووزارة الأوقاف تقوم بجميع الأعمال الضرورية في ا لحرم وخصوصاً في القسم المغتصب من الحرم ، وقال : نحن من يقوم بأعمال الترميم وأعمال الصيانة رغم منع دخول المسلمين إلى القسم المغتصب. ونحن لا نميز بين القسم المغتصب والقسم الذي يسمح للمسلمين بدخوله والحرم واحد موحد، وتركيزنا على القسم المغتصب، وقد قمنا بترميم اليعقوبية واليوسفية والحضرة الإبراهيمية وصحن المسجد والأسطح رغم سيطرة الاحتلال على هذا القسم .
وعلق الجعبري حول إعداد حكومة الاحتلال لموازنة للتراث اليهودي قال: ‘ نحن من يقوم بأعمال الترميم ولن نسمح لليهود بدق مسمار واحد في الحرم ، ومن يدعي أننا مهملين للقسم المغتصب لا أساس لادعاءاته، وقبل فتره تم تزويد القسم المغتصب بعشرين ثريا للإضاءة واطفائيات، في حين تم تزويد القسم الآخر بعشرين ثريا أيضاً . وأشار إلى أن هدف الاحتلال من تخصيص موازنات هو أن تكون الصلاحية في القسم المغتصب بيد اليهود ونحن لن نتخلى عن صلاحياتنا لان المسجد مسجدنا’
صورة 2+3 : مواطنون على بوابات الاحتلال قرب المؤدية إلى الحرم الإبراهيمي
مذبحة الحرم الإبراهيمي شاهد على جرائم الاحتلال:
لم يكن إعلان حكومة الاحتلال الأخير بضم الحرم لقائمة التراث اليهودي هو الاعتداء الأول على قدسية وحرمة الحرم الإبراهيمي، ولعل ابرز هذه الاعتداءات هي المذبحة التي نفذها المستعمر المتطرف ‘باروخ غولدشتاين ‘ بحق المصلين في الحرم الإبراهيمي، أثناء تأديتهم صلاة الفجر يوم 25/2/1994، حيث اقتحم المتطرف وبتواطؤ مع جنود الاحتلال المرابطين على أبواب الحرم ، صحن المسجد ، وشرع بإطلاق النار على المصلين، مما أدى إلى استشهاد ما يقرب على الثلاثين مصلي، وجرح العشرات، ولم يتوقف إطلاق النار إلى ان انقضّ بعض المصلين على هذا القاتل وقتلوه، وبعدها امتدت المواجهات والمظاهرات الغاضبة إلى كافة أحياء مدينة الخليل، وأطلق جنود الاحتلال النار على المشيعين الذي هبوا لدفن شهداء الحرم، ليلحق بهم نحو عشرين شهيداً في أحياء وشوارع المدينة، وإصابة المئات بجروح .
الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة[1]:
يضم الحرم الإبراهيمي أضرحة الأنبياء، إبراهيم وإسحق ويعقوب عليهم السلام وزوجاتهم سارة ورفقة ولائقة وإيليا عليهن السلام مدفونات في مغارة (المكفيلا) التي يقوم عليها الحرم الابراهيمى الشريف. ويقع الحرم الإبراهيمي جنوب شرق مدينة الخليل – انظر خارطة 1–
ويعتبر ضمن حدود بلدتها القديمة والتي تسمى (H2) حسب اتفاقية أوسلو والتي تشكل مساحتها نسبة 20% من إجمالي مساحة مدينة الخليل ‘ 4,615’ دونم والتي تخضع بالكامل لسلطة الاحتلال. وتتركز في البلدة القديمة 5 بؤر استعمارية ويبلغ عددهم أكثر من 600 مستعمراً يحرسهم أكثر من 1500 جندي.
يرى مركز أبحاث الأراضي إعلان حكومة نتنياهو ضم الحرم الإبراهيمي الشريف ومسجد بلال بن رباح وسور القدس التاريخي إلى التراث اليهودي اعتداء صارخ على حق المواطنين في حرية العبادة والقيام بشعائرهم الدينية، ويرى في القرار اعتداء صارخ على الأماكن التاريخية والتراثية للشعب الفلسطيني، ويعتبر مخالفاً لاتفاقية جنيف عام 1949 – حماية الأشخاص والممتلكات في حالة النزاع المسلح – ولاتفاقية لاهاي عام 1954 والتي تحظر على القوة المحتلة تغيير معالم التراث في المنطقة المحتلة، ويعتبر هذا القرار مؤشر آخر على أطماع الاحتلال ونظرته التوسعية بفرض الوقائع بقانون القوة، قوة الاحتلال الذي يتناقض مع المواثيق والاتفاقيات الدولية.
[1] المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية – مركز أبحاث الأراضي.