مقدمة
ان المشاريع الاستيطانية الاسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة قد وصلت الى مستويات خطيرة وغير مسبوقة ، فمنذ العام 1990 تضاعف عدد المستوطنين الاسرائيليين في الضفة الغربية بنسبة 109% ووصل عددهم الى ما يزيد 580,000 مستوطن.
ان المساحة الحالية التي تغطيها المستوطنات الاسرائيلية وصلت الى ما نسبته 40 % من اجمالى مساحة الضفة الغربية و ما يزيد عن 50% من هذه المستوطنات الاسرائيلية يقطنها مستوطنون يهود متزمتين و متدينين موزعين على المستوطنات الاسرائيلية في القدس ورام الله وبيت لحم و قلقيلية و طوباس وسلفيت و نابلس و الخليل.
هذا و ان تعاظم النفوذ السياسي لليمين الاسرائيلي و للاحزاب الدينية الاسرائيلية ينعكس على المشروع الاستيطاني اليهودي الذي يتصاعد و يتفشى بوتيرة متسارعة حيث اصبح قادة المستوطنين و جماعاتهم المتطرفين يتمتعون بنوع من الحكم الذاتي و الهيمنة و يعبثون فسادا وخرابا و ارهابا ضد الفلسطينيين من اصحاب الاراضي المجاورة لمستوطناتهم .
ان خليط القوة و النفوذ السياسي و الديني التي يتمتع بها المستوطنون المتدينون و قادتهم يمنحهم القدرة الكافية لاحباط اي مساعي اسرائيلية مستقبلية لاخلاء المستوطنات التي يقطنوها و خاصة بان مستوطناتهم منتشرة في كافة ارجاء الضفة من الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب و الوسط الامر الذي يشكل تهديدا حقيقيا وماثلا امام امكانية اقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وفي دراسة تحليلية اعدها معهد لابحاث التطبيقية – اريج يتضح بان مساحة البناء العمراني للمستوطنات الاسرائيلية في 5 من اصل 11 محافظة تتعدى مساحة البناء العمراني المخصص للمواطنين الفلسطينيين ، بل و اكثر من ذلك فان المخططات الهيكلية التي اعدتها الادارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال الاسرائيلي ، للمستوطنات الاسرائيلية تظهر بان المساحات المخصصة لتوسيع المستوطنات الاسرائيلية في 8 من اصل 11 محافظة تتخطى بكثير المساحات المخصصة للنمو و التطور العمراني للسكان الفلسطينيين. انظر الى الخارطة و الجدول ادناه:
مساحة البناء العمراني للمستوطنات الاسرائيلية مقابل مساحات البناء العمراني للسكان الفلسطينيين في محافظات الضفة الغربية |
المحافظة |
مساحة المحافظة-كلم مربع |
مساحة البناء العمراني الفلسطيني-كلم مربع |
مساحة البناء العمراني في المستوطنات الاسرائيلية –كلم مربع |
مساحة المخططات الهيكلية للمستوطنات الاسرائيلية-كلم2 |
جنين |
573 |
27.872 |
3.959 |
22.766 |
طوباس |
366 |
5.17 |
7.518 |
12.532 |
نابلس |
614 |
25.438 |
16.248 |
25.709 |
طولكرم |
245 |
19.101 |
3.619 |
5.15 |
قلقيلية |
174 |
8.466 |
11.77 |
25.39 |
سلفيت |
202 |
8.719 |
18.147 |
37.959 |
اريحا و الاغوار |
609 |
7.99 |
23.425 |
77.305 |
رام الله |
849 |
47.85 |
31.268 |
61.233 |
القدس |
354 |
35.646 |
40.011 |
118.72 |
بيت لحم |
608 |
25.37 |
18.158 |
40.697 |
الخليل |
1068 |
83.224 |
14.142 |
58.802 |
المجموع |
5661 |
294.846 |
188.266 |
486.262 |
المصدر : معهد اريج – 2009 |
تزايد النفوذ السياسي و الاجتماعي للجماعات الدينية المتطرفة
ان الاستيطان الاسرائيلي بكافة اشكاله سواء كان دينيا او غير ذلك ما هو الا لهدف سياسي و توسعي تنتهجه دولة الاحتلال الاسرائيلي وذلك لضم المزيد من الاراضي و المصادر الطبيعية وتحويل التجمعات الفلسطينية الى جزر و معازل محاطة بالجدران و المستوطنات و الطرق الالتفافية من كافة ارجائها. ان الخطورة وراء تعاظم التيار الديني في صفوف المستوطنين الاسرائيليين تكمن في ما يسعى اليه هؤلاء المتطرفين من ضم كافة الاراضي الفلسطينية الى مستوطناتهم تحقيقا لحلم ‘اسرائيل الكبرى’ و التي لا وجود للفلسطينيين فيها حيث يعتقدون بان الله منح اليهود حق الاستيلاء على كل فلسطين التاريخية.
ان المستوطنين اليهود المتدينين يشكلون ما نسبته 80% من اجمالي عدد المستوطنين في الضفة الغربية شرقي الجدار الفاصل ، حيث انه ما بين الاعوام 1997 و 2003 عدد المستوطنين الجدد في هذه المناطق و المتمثل في 80,000 مستوطن جديد هم من المتدينين، بينما المستوطنين العلمانين يتركز معظمهم داخل اسرائيل.
ان هذه المسالة هي سياسية وديمغرافية بحتة ، فعلى سبيل المثال فان عدد المستوطنين العلمانيين قد انخفض من 23% الى 17 % في العشر سنوات الاخيرة ، في حين ان 32 % من الاسرائيليين من الفئة العمرية 18- 30 عاما هم من اليهود المتدينين حتى ان معدل التوالد في العائلات المتدينة يبلغ 6 افراد مقابل 2 في العائلات العلمانية الامر الذي يوضح بما لا يترك مجالا للشك بان الامر يتعلق ايضا بالسيطرة الديمغرافية للمتدينين حتى داخل المجتمع الاسرائيلي.
السياسة و الجيش
لقد استطاعت الاحزاب الدينية المتطرفة حققت مكانة اكبر من السنوات الماضية على المستوى السياسي والعسكري في اسرائيل ، فهذه الاحزاب مثل حزب ‘شاس’ و حزب ‘التوراه’ وحزب ‘البيت اليهودي’ حققت نجاحا كبيرا في الحياة السياسة و الحزبية في اسرائيل فهي لديها 1/5 من مقاعد البرلمان الاسرائيلي ‘الكنيست’ اي 40% من الائتلاف الحكومي . وحاليا في عهد نتنياهو كرئيس لحزب الليكود و رئيس حالي للحكومة الاسرائيلية هنالك 6 من اعضاء الكنيست التابع لليكود هم من المتدينين القوميين و تقريبا 1/3 اعضاء اللجنة المركزية لحزب الليكود و البلغ عدد اعضائها 3,000 هم من اليهود المتدينين. وقد اشار احد قادة الجيش الاسرائيلي في منطقة الضفة الغربية بقوله معلقا على تزايد نفوذ المستوطنين المتدينين بان ‘ حركة لمستوطنين هي من اقوى الجماعات المتنفذة ‘اللوبيات ‘ الموجودة في دولة اسرائيل’.
ان احد اعضاء الجماعات الدينية الاسرائيلية و يدعي ‘ارييه الداد’ دائما يصرح و يدعو الى افكار للتطهير العرقي و العزل العنصري ضد المواطنين الفلسطينيين ففي احد المرات و خلال محاولة الجيش الاسرائيلي اخلاء احد البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة المحتلة قال : ‘ انه من المحزن بان الجيش الاسرائيلي يتعامل مع البشر الحقيقيين (الاسرائيلين) مثل العرب!!!’.
ان تزايد اعداد المتدينين اليهود داخلل صفوف جيش الاحتلال الاسرائيلي هو شيء مقلق للغاية حيث يحول دون القدرة على اخلاء المستوطنات الاسرائيلية و ايضا يزيد من وحشية جيش الاحتلال في تعاملة مع المواطنين الفلسطينيين. ففي احصائية اسرائيلية رسمية تبين بان عدد اليهود المتدينين يشكلون 40 % من الوحدات القتالية المختلفة في صفوف الجيش الاسرائيلي ، كما شوهد عدد من حاخامات جيش الاحتلال الاسرائيلي خلال العدوان الاخير على قطاع غزة و هم يتنقلون بين صفوف الجيش و يحثوهم على القتل و التدمير بلا رحمة بذريعة ان هذه حرب توراتية مقدسة.
هذا و في مقابلة اقامتها احدى الوكالات الاعلامية مع احد الضباط العلمانيين في الجيش الاسرائيلي قال الاخير ‘ انه يوجد حاليا ازمة في الرتب العسكرية حيث ان 12% من ضباط الجيش هم من الرتب المتدينة و خلال العشر سنوات القادمة سيكون معظم القادة العسكريين الكبار و قادة المناطق هم من المتدينين اليهود ‘. وفي تصريح اخر صرح حاخام القدس الاسرائيلي قائلا بان ‘ اذا استطعت السيطرة على الجيش فانك تستطيع السيطرة على البلاد باسرها’.
ان رفض اخلاء المستوطنات و البؤر الاستيطانية غير القانونية هو من اهم اهداف الجماعات اليهودية المتدينة ، فمن اغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ‘اسحق رابين’ ، و مجزرة الحرم الابراهيمي الشريف في الخليل و اغتيال العشرات من المصلين الفلسطينيين و الانتهاكات اليومية التي يقوم بها المستوطنين في الاراضي الفلسطينية و خاصة في الخليل و نابلس ، كل هذه الانتهاكات و الاعتداءات التي يقوم بها اليهود و المستوطنين المتدينين تهدف الى فرض الواقع على الارض و اقامة دولة اسرائيل الكبرى من النهر الى البحر.
اخير يمكن القول بان انتشار اليهود المتدينين في المستوطنات الاسرائيلية والزيادة المضطردة في تعدادهم وتغلغلهم في صفوف جيش الاحتلال الاسرائيلي و زيادة نفوذهم السياسي يؤدي حتما الى المزيد من التشاؤم اتجاه اي مسعى للوصول الى اخلاء المستوطنات وقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة و انهاء الاحتلال الاسرئيلي للاراضي المحتلة.