تقديم: شهدت خربة ‘ صافا ‘ شمال غرب بلدة بيت أمر بمحافظة الخليل، سلسة من اعتداءات المستعمرين عليها على مدى شهري نيسان وأيار 2009، فقد شن المستعمرون من مستعمرة ‘بيت عين ‘ المقامة على أراضي صافا عدة هجمات على المواطنين الفلسطينيين وبيوتهم ومزروعاتهم، مستخدمين الحجارة والقطع الحديدية وإطلاق النار تجاه المواطنين وبيوتهم .
صورة 1: مستعمرة بيت عين والمقامة على أراضي خربة صافا
منع المزارعين من دخول أراضيهم: ولعل احدث الاعتداءات التي طالت المواطنين في صافا ما كان ساعة إعداد هذا التقرير (23/5/2099 )، حيث أفاد شهود عيان بأن مجموعة من المواطنين حاولت الوصول إلى أراضيها الزراعية بالقرب من مستعمرة ‘ بيت عين ‘ فحضر جنود الاحتلال وأعلنوها منطقة عسكرية مغلقة وحظروا دخول المزارعين إلى أراضيهم.
إطلاق النار بقصد القتل :
الشاب محمد احمد عبد الحميد اخليل (30 عاما) روى قصة تعرضه لإطلاق النار من قبل احد المستوطنين الذين هاجموا خربة صافا يوم الثامن من نيسان 2009، فمحمد ابن بلدة بيت أمر، كان قد ذهب لإحضار احد أصدقائه من خربة صافا ليساعده في أعمال الترميم في بيته في بيت أمر، فترجل من سيارته وفوجئ بمجموعات المستوطنين التي اقتحمت الخربة، فوقع في كمين للمستوطنين الذين يرشقون بيوت المواطنين بالحجارة وعلى مرأى من جنود الاحتلال المتواجدين في المكان لحماية المستوطنين فقط.
صورة 2: الشاب المصاب محمد احمد اخليل – بيت أمر
وأضاف محمد انه شاهد ثلاث مجموعات من المستوطنين وقد اقتحمت أطراف خربة صافا من أكثر من محور ،موضحا أن كل مجموعة تقدر بحوالي (30 ) مستوطنا ،وانه شاهد باصات وسيارات إسرائيلية تأتي بالمستوطنين إلى خربة صافا لإكمال الهجوم على المواطنين ،مشيرا أن من بين المستوطنين رجال دين ونساء وأطفال .
وأوضح محمد أن احد المستوطنين وبدون سابق إنذار وعلى مقربة منه، اخذ يطلق النار في الهواء، ثم صوب سلاحه تجاهه وهو من نوع ‘M16 ‘، على حد قوله، وأطلق عليه الرصاص، مما أدى إلى إصابته برصاصة في ساقه اليسرى، فسحب نفسه للاحتماء بإحدى السلاسل في المكان، مشيراً أن المستوطن تابع إطلاق النار باتجاهه بهدف قتله لولا انه احتمى بالسلسة الحجرية.
وعن طبيعة إصابته، أشار محمد اخليل، أن الأطباء في مستشفى الخليل الحكومي – حيث نقل لتلقي العلاج – قد اخبروه بأن الرصاصة التي ضرب بها هي من نوع ‘الرصاص اللولبي’ الذي يخترق الجسم ويعمل على تآكل الأجزاء التي يمر بها ليحدث التشوه والإعاقات.
يشار هنا أن محمد اخليل لم يكن الوحيد الذي تعرض للإصابة من اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال على أهالي خربة صافا، فقد أصيب في هذه الاعتداءات العشرات من المواطنين بحالات الاختناق من الغاز السام والمسيل للدموع التي أطلقها جنود الاحتلال تجاه المواطنين المساندين للمستوطنين، ونذكر من بين المصابين كل من ( احمد عبد الفتاح الطيطي، واحمد محمود عوض، ثائر ناصر عادي ) .
ولأشجار اللوزيات نصيب من اعتداءات المستوطنين :
على مقربة من بساتين المواطنين في خربة صافا، أقيمت مستوطنة بيت عين، وتوسعت على أراضي المواطنين، لتكون سبباً في حرمان المزارعين من الوصول لبساتين اللوزيات التي تشتهر بها خربة صافا وبيت أمر بشكل عام، فالمواطن محمد حسين مفلح، احد الذين يعانون من اعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال، وهو واحد من بين عشرات المزارعين الذي حرموا من الوصول إلى بساتينهم، وحرموا من حراثتها وتقليم أشجارها وبات الوصول إلى ثمار أشجارهم مخاطرة كبرى ربما يكون ثمنها حياتهم، خصوصاً ونحن على أبواب الصيف حيث تنضج ثمار اللوزيات، ولا شك أن منع الاحتلال للمزارعين من الوصول إلى أراضيهم يحرمهم من احد مصادر دخلهم في خربة صافا
صورة3: المواطن محمد حسين مفلح
ويضيف مفلح لباحث مركز أبحاث الأراضي: انه لدى محاولته الوصول إلى بستانه ذو الثلاثين دونماً من اللوزيات، يخرج عليه جنود الاحتلال بأوامر عسكرية يخبروه من خلالها أن أرضه ‘ منطقة عسكرية مغلقة يحظر عليه الوصول اليها ‘ وانه في حال أراد الوصول إلى أرضه عليه مراجعة دوائر الاحتلال في مستوطنة ‘ عتصيون ‘ التي تتمدد على أراضي بلدة بيت أمر أيضاً، الأمر الذي يرفضه مفلح، موضحاً انه صاحب حق في أرضه وهو مالك شرعي لها ولن يتقدم بأي تصاريح لإدارة الاحتلال للوصول إلى أراضيه.
وللمنازل نصيب آخر !
بما أن هجوم المستوطنين على خربة صافا طالت البشر والحجر، فان منازل المواطنين كان لها نصيب آخر في هذه الاعتداءات، فقد رشق المستوطنون بيوت المواطنين بالحجارة، وأطلقوا النيران تجاهها، فيما حول جنود الاحتلال الذين يرافقون المستوطنون بعض بيوت المواطنين إل ثكنات عسكرية ، فقد احتلت البيوت خاصة الشاهقة منها وحولت إلى أبراج مراقبة، يعتليها جنود الاحتلال لمراقبة تحركات المستوطنين بين منازل المواطنين في خربة صافا، ومن اجل حمايتهم، وتم ذلك بعد أن أغلقت جرافات الاحتلال مداخل خربة صافا، لمنع وصول المتضامين الأجانب وأهالي بيت أمر إلى خربة صافا لمساندة الأهالي في تصديهم لهجمة المستوطنين .
وكان جنود الاحتلال قد اقتحموا هذه المنازل بعد تكسير أقفالها ، كمنازل كل من ( خليل أبودية ، توفيق أبو دية، وجميل أبو دية، غازي عادي، و د. محمد أبو دية ).
صورة 4: منزل المواطن توفيق ابو دية
شهود عيان في خربة صافا أفادوا لباحث مركز أبحاث الأراضي أن جنود الاحتلال قد احضروا خريطة للمنطقة تبين أن هذه المنازل تقع ضمن ‘ دائرة حمراء ‘ وبان جنود الاحتلال سيحولون هذه المنازل إلى أبراج مراقبة وثكنة عسكرية في حال ‘ تعرض المستوطنين لاعتداءات من قبل المواطنين في خربة صافا ‘ .
‘بيت عين ‘ على موعد مع التوسع :
بدأت مستعمرة ‘بيت عين ‘ بالظهور على أراضي بلدة بيت أمر في العام 1989 ، من خلال وضع بيوت متنقلة وعبرتوسع لمستوطنة ‘ عتصيون ‘ التي التهمت جزءا من أراضي البلدة أيضا ، حيث أقيمت ‘بيت عين ‘ على أراضي قرية ‘ الجبعه ‘ المقابلة لخربة صافا .
وحسب التقديرات، فان ‘بيت عين ‘ تحوي حوالي (1200 ) مستوطن ،ومن الجدير ذكره ان ‘ بيت عين ‘ غير محاطة بالاسلاك الشائكة كباقي المستوطنات ، مما يسهل عمليات التوسع على أراضي المواطنين ،وقد بدأت أطماع التوسع تظهر للمواطنين ، وستطال هذه المرة الجبل الذي يقابل المستوطنة من الجهة الجنوبية ،والذي يملكه ‘ آل ثلجي ، وال قوقاس ‘ من عوائل بلدة بيت أمر ،وأضاف مواطنون من خربة صافا أن سلطات الاحتلال قد وضعت علامات في هذه المنطقة تمهيدا لضمها أو التوسع عليها .
صورة 5 : منظر للجبل المستهدف بالمصادرة
مطالب المواطنين :
لم تتجاوز مطالب أهالي خربة صافا توفير الحماية والأمن لهم من هجمات المستعمرين الذين يهاجمون منازلهم ،والوصول إلى أراضيهم وبساتينهم والاعتناء بأشجارهم ، والحصول على مصدر رزقهم .
خربة صافا :
تقع خربة صافا شمال غرب بلدة بيت أمر، ويبلغ عدد سكانها حوالي ( 3600 ) نسمة، بها مدرسة مختلطة ،ومسجدا للصلاة، وترتبط إداريا وخدماتيا ببلدية بيت أمر، ويحدها من الشرق مستوطنة ‘عتصيون ‘، ومن الغرب : بلدة صوريف، ومن الشمال : مستعمرة ‘ بيت عين ‘، ومن الجنوب : بلدة بيت أمر.
وهنا تجدر الإشارة إن بلدة بيت أمر محاصرة هي الأخرى بالاستيطان والطرق الالتفافية ، حيث يحدها من الجهة الجنوبية مستعمرة ‘ كرمي تسور ‘ ومن الشرق الشارع الالتفافي ’60 ‘ ومن الشمال مستوطنة ‘ بيت عين ‘والآن ، بلدة أمر على موعد مع الحصار وإحكام الإغلاق على مدخلها الوحيد والرئيسي من الجهة الشرقية ، حيث ستنفذ سلطات الاحتلال مخططها بإقامة الجدار الشائك والبوابة على مدخل البلدة .