كان المزارع محمد رجا النجار (46عاماً) من قرية بورين على موعد جديد من اعتداءات المستعمرين في صباح يوم الجمعة 22 أيار 2009، حيث حلت مصيبة جديدة عليه بعد أن أقدم مجموعة من المتطرفين اليهود من مستوطنة ‘يتسهار’ على إحراق كامل غلة القمح في أرضه البالغة مساحتها 10 دونمات والواقعة في منطقة خلة أسوار على بعد 400 متر شمال مستوطنة ‘يتسهار’ والتي أمضى هو وعائلته قرابة 5 أيام وهم يجمعونها على شكل أسراب تمهيداً لحصادها بعد حين، والتي تعتبر مصدر دخله الرئيسي له ولعائلته المكونة من 8 أفراد.
وأفاد المواطن النجار لباحث مركز أبحاث الأراضي بالتالي:
‘امتلك قطع أراض زراعية تقدر مساحتها بنحو 20 دونماً تقع جميعها في منطقة خلة أسوار جنوبي القرية على مسافة 1.5كم عن بيوت القرية وعلى مسافة 400 متر من مستوطنة ‘يتسهار’ المقامة على أراض القرية منذ عقد الثمانينات من القرن الماضي، علماً بأن هذه الأرض مشجرة بالزيتون إضافة إلى أنني استخدمها في الزراعات الصيفية وخاصة القمح، وبشكل أساسي تعتبر مصدر دخلي الرئيسي، حيث يشار إلى أننا بشكل دوري نتعرض إلى مضايقات المستوطنين المستمرة، بعدما فقدنا عملنا داخل الخط الأخضر لم يبقى لنا غير الأرض كمصدر لدخلنا ودخل أسرتي، إلا أنني أتعرض أنا وكافة المزارعين بالقرية إلى اعتداءات مستمرة من قبل مجموعة المستوطنين في مستوطنة ‘يتسهار’، سواء بإطلاق الرصاص الحي علينا او سرقة أدواتنا الزراعة أو الاعتداء علينا بالضرب الجسدي، وقد تم تسجيل العديد من تلك الحالات خاصة خلال موسم الزيتون الماضي سواء من تكسير أشجار أو حرقها إلى الاعتداء على المزارعين خلال موسم الزيتون، حيث أنني اعتدت زراعة ارضي كل عام بالقمح تمهيداً لموسم الحصاد خلال شهر أيار لبيعه والاعتماد عليه كجزء من مصروف عائلتي طيلة العام، حيث أن هذا العام توجهت أنا وعائلتي قبل 6 أيام لحصاد محصول القمح وقمت بتجميع المحصول على مدار 5 أيام على شكل أكوام لتجفيف المحصول تمهيداً لحصاده، و لكنني تفاجئت عندما توجهت إلى ارضي الزراعية صباح اليوم التالي بأن كافة المحاصيل التي قمت أنا وعائلتي بحصادها قد أحرقت بالكامل، وبالتالي ضاع جميع عملي على مدار سنة كاملة هباءً منثوراً، وأصبحت في موقف محرج لأن معظم المواد الزراعية التي استعملتها في عملية الزراعة هي دين علي انتظر موعد الحصاد لسدادها’.
صورة 2: مواطن يتفقد الأرض المحروقة – بورين
نبذة عن تاريخ وموقع المستوطنة يتسهار.
أقيمت مستوطنة ‘يتسهار’ عام 1983 على أراضي المزارعين الفلسطينيين في قرى بورين وعصيرة القبلية جنوب غرب مدينة نابلس وذلك كنواة استعمارية صغيرة على التلال التابعة لتك القرى، ومن ثم أخذت المستعمرة بالتوسع لتصادر عشرات الدونمات الزراعية من قرى (بورين، عصيرة القبلية، عوريف، مادما، حوارة) حيث يبلغ مسطح البناء في المستوطنة حتى عام 2005 نحو 158 دونماً والمساحة الإجمالية للأراضي المصادرة للمستوطنة نحو 1800 دونماً، وتقع ضمن الحوض الطبيعي رقم (8) على أجزاء من قطع الأراضي المسماة (سلمان الفارسي، المرج، جبل الندى، خليل سلامة المهر) حيث يوجد في المكان الذي أقيمت على أراضيه المغتصبة مقام القائد المسلم سلمان الفارسي والجبل المحيط عرف بجبل سلمان الفارسي نسبة له.
بلغ عدد المستعمرين في ‘يتسهار’ حسب معطيات مركز المعلومات الفلسطيني عام 1983 نحو 64 مستعمر، وفي عام 1998 نحو 291 مستعمر، في عام 2004 نحو 534 مستعمر، ينتمي 90% منهم إلى تيار المتدينين المتطرفين تحديداً إلى عصابات أمناء الهيكل.
يذكر أن مستعمري مستوطنة ‘يتسهار’ شرعوا في الفترة القليلة الماضية تحديداً منذ بداية العام الحالي(2009) بإجراء سلسلة خطوات من اجل جلب عدد إضافي من المستعمرين إلى مستوطنة ‘يتسهار’ وذلك عن طريق وضع عدد من الكرفانات المتنقلة على أراضي قرية عصيرة القبلية الشرقية المصادرة لصالح تلك المستوطنة، حيث تبعد الكرفانات مسافة تبلغ نحو 1كم تقريباً عن مسطح البناء لتلك المستوطنة ، وذلك في خطوة لتوسيع مسطح البناء لتك المستوطنة، بالإضافة إلى ما تقدم طالت عمليات التوسعة في مستوطنة ‘يتسهار’ شق طرق داخلية داخل المستعمرة بهدف التأسيس لبنية تحتية تمهد لتطوير المستوطنة وترسيخ قواعدها في المنطقة حيث أن تلك الطرق أصبحت لا تبعد سوى مسافة 1كم عن بيوت المواطنين في قرية عصيرة القبلية، مع العلم أن المستوطنة تضم اليوم مدرسة لتعليم التوراة وسكن للطلبة بالإضافة إلى حضانة للأطفال.
ومن الجدير بالذكر، أن سلطات الاحتلال سعت لربط مستوطنة ‘يتسهار’ بتجمع المستوطنات الكبيرة في المنطقة وذلك بهدف تعزيز المستوطنات في المنطقة وتسهيل حركة تنقل المستوطنين وتسهيل تقديم الخدمات لهم، حيث قامت سلطات الاحتلال بشق طريق التفافي يربط مستوطنة ‘يتسهار’ من الجهة الشمالية بالطريق الالتفافي رقم(60) المؤدي إلى مستوطنة (شافي شمرون) شمال محافظة نابلس، كذلك شق طريق في الجنوب الشرقي لربطها بمستوطنة ‘ايتمار’ مروراً بمعسكر حوارة الاحتلالي في شارع القدس نابلس عبر أراضي بلدة حوارة، حيث أدت تلك العملية إلى تدمير وإتلاف عشرات الدونمات الزراعية من قرى عصيرة القبلية وعوريف وحوارة.
بالإضافة إلى ما تقدم، وفي خطوة خطيرة من نوعها اعتبرت سلطات الاحتلال جبل سلمان الفارسي القريب من مستوطنة ‘يتسهار’ جمعية محمية طبيعية للمستوطنة، وهذا يعني حرمان الفلسطينيين من قرى بورين وحوارة التصرف بتلك الأراضي والتي تقدر بعشرات الدونمات الزراعية وتحويلها إلى محمية للمستوطنة وبالتالي تخضع إلى قوانين المستوطنة.