إن انتزاع سلطات الاحتلال الإسرائيلي لحجر من حجارة قصر الإمارة الأموي جنوب المسجد الأقصى في الأسبوع الأول من نيسان 2009 وتثبيته في باحة الكنيست الإسرائيلي ليس إلا اعتداءً وسرقة للآثار والتراث تدينه وترفضه كافة الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية.
ليس للاحتلال الإحلالي شكلاً واحداً ولا أسلوباً واحد، فمنذ بداية الاحتلال في الخامس من حزيران 1967 لم تتوقف ممارسات الاحتلال الإحلالي: التهجير القسري للفلسطينيين، استملاك وسلب ممتلكاتهم الثابتة والمنقولة وهدم أحياء وإقامة غيرها بمكانها في حي باب المغاربة وحي الشرف ومخطط حي البستان في سلوان وغيرها.
تزوير للتاريخ: يواصل الاحتلال تزوير التاريخ وتزييف الجغرافيا بتسمية الزمان والمكان بغير أسمائها، وليس تغيير هيئة وشكل المكان لوضعه وإظهاره في غير سياقه كحفر الأنفاق أسفل القدس إلا تزويراً وتزييفاً للتاريخ والجغرافيا، وسرقة الأشياء من سياقها التاريخي والجغرافي ونقلها إلى غير مكانها كما فعلت دائرة الآثار للاحتلال الإسرائيلي بمحتويات المتحف الفلسطيني والمكتشفات الأخرى في أعمال التنقيب وأعمال الحفر والتجريف في شوارع وطرقات القدس، كما أن إقامة جدار العزل والتوسع الإسرائيلي حول المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس تسبب في تدمير 800 موقع اثري حسب ما نشر عن دائرة الآثار الفلسطينية. كذلك الحال بتغيير المناهج والكتب، وأنواع التراث المقدسي الفلسطيني من الزي والمطرزات وحتى المأكولات.
سرقة احد الحجارة التاريخية من جوار المسجد الأقصى ووضعه أمام الكنيست الإسرائيلي:
في الساعة العاشرة صباح الخامس من نيسان 2009 قام الاحتلال الإسرائيلي بسرقة حجر تاريخي وانتزاعه من قصر الإمارة في ارض الخانوتية احد القصور الأموية في الجهة الجنوبية الشرقية لجوار المسجد الأقصى المبارك من الخارج، في بعد لا يتجاوز الأمتار الثلاثة عن أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى ووضعه على قاعدة صغيرة من الاسمنت لعرضه أمام الكنيست الإسرائيلي القائم أصلاً على أنقاض قرية لفتا وأهلها الذين اقتلعهم الاحتلال واحل مكانهم الكنيست، ليراه كل الناظرين بداخله – وهم الذين (البرلمان) يقفون خلف أعمال الحفر والتجريف للتزوير والتزييف في محيط المسجد الأقصى.
كل الآثار والمؤشرات في الموقع من أتربة وأرقام تدلل على انتزاع الحجر من مكانه الجغرافي وسياقه التاريخي في محاولة من المعتدين على التراث والآثار لتزوير التاريخ، ومحاولة لرسم ملامح هوية يهودية جديدة للمكان على حساب طمس احد مكونات الهوية التاريخية العربية الإسلامية في القدس، الشيء ذاته الذي تهدف إليه صلاة مجموعات متطرفة من اليهود ودس لفائق من الأوراق بين شقوق الحجارة في ذات المكان ليس إلا تزويراً ومحاولة منها لخلق ‘ مبكى’ ثالث بعد البراق ورباط الكرد – قرب باب الحديد للمسجد الأقصى – كما قال رائف نجم مهندس إعمار المسجد الأقصى في الحكومة الأردنية -، وفي ذات السياق صرح د. يوسف النتشة مهندس الآثار في دائرة الأوقاف الإسلامية بأن الاعتداء على الآثار العربية والإسلامية وسرقتها لم يتوقف منذ بداية الاحتلال، كما أفاد د. نظمي الجعبة مدير مؤسسة رواق لاعمار وترميم المباني التاريخية ((بأن انتزاع حجارة القصور الأموية وغيرها من المكتشفات من مكانها اعتداء على الآثار وسرقة للتراث محرم دولياً)).
إننا في مركز أبحاث الأراضي نطالب المجتمع الدولي بشكل عام ومنظمة اليونسكو بشكل خاص:
بأن القدس موقع للتراث الإنساني وعلى رأسها المسجد الأقصى وما يحيط بها من أراضي ومقابر ومقامات ومدارس وعمائر تاريخية وآثار محمية وفق القانون الدولي وموضوعة صمن موسوعة التراث العالمي منذ 1981، وعلى منظمة اليونسكو أن تقوم بواجبها في حماية كل ما هو ثري وتاريخي.
على اليونسكو وكافة المنظمات الدولية التي تعنى بالحفاظ على الآثار أن تجبر إسرائيل على إعادة الحجر إلى مكانه، وأيضاً كافة المكتشفات التي سلبها الاحتلال الإسرائيلي من جنوب المسجد الأقصى وحائط البراق ومن خلال الحفريات في القدس منذ عام 1967.
على المنظمات الدولية والعربية والإسلامية المعنية في الحفاظ على التراث الإنساني وحماية الثقافة الإنسانية والخصوصيات الثقافية في العالم ووضع حد نهائي للعدوان الإسرائيلي وهويتها العربية الإسلامية العريقة.