في مطلع شهر شباط 2009 حكمت محكمة العدل العليا الإسرائيلية قراراً بشكل نهائي -غير قابل للاعتراض – بهدم جميع البركسات الزراعية في خربة طانا وتهجير جميع المزارعين ممن يملكون أراض زراعية والبالغ عددهم نحو 50 عائلة.
يشار إلى إن سكان خربة طانا والذين يملكون أراض زراعية في المنطقة، حيث تنحدر أصولهم من بلدة بيت فوريك المجاورة يمتلكون أراض هناك قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م ورغم ذلك فان الاحتلال ماض بسياسة تهجير سكان المنطقة، حيث يبرر الاحتلال هذه الخطوة بأن المنطقة مصنفة C وان وجود السكان ‘ أصحاب الأراضي’ في المنطقة هو بدون أي تراخيص قانونية!.
في حال تنفيذ القرار 18,000 دونماًَ باتت مهددة:
في حال تنفيذ القرار سوف يكون له بالغ الأثر السلبي على سكان المنطقة الفلسطينيين في خربة طانا حتى جميع القرى المحيطة حيث سيعني ذلك فصل وإحكام السيطرة بشكل كامل على 18 ألف دونماً تقع شرقي قرية بيت فوريك بشكل كامل و التي تقع من جهة خربة طانا باتجاه الشرق بمحاذاة قرية الجفتلك في الأغوار الفلسطينية والتي تعود ملكيتها لمئات المزارعين من بلدة بيت فوريك، حيث بقي سكان خربة طانا هم الوحيدون الذين يقفون في وجه مخطط الاحتلال لحماية تلك الأراضي الزراعية والتي يهدف الاحتلال إلى إحكام السيطرة عليها بشكل كامل مهما كلف الأمر ضارباً بذلك جميع الأعراف والمواثيق الدولية التي تحرم تهجير الإنسان من أرضه و بيته مهما كانت الأسباب.
خربة طانا:
الموقع والمساحة: تقع خربة طانا إلى الشرق من بلدة بيت فوريك تحديداً على بعد 6 كم عن البلدة وهي تابعة بالأصل إلى أحواض (36، 35، 34، 33) من بلدة بيت فوريك، علماً بأن أراضي بلدة بيت فوريك تبلغ مساحتها الإجمالية 36360 دونماً وتمتد حتى حدود قرية الجفتلك في الأغوار الفلسطينية.
يوجد في خربة طانا 5 عائلات رئيسية وهي: حنني، مليطات، نصاصره، خطابره، حج محمد، علماً بأن هذه العائلات تنحدر بالأصل من بلدة بيت فوريك المجاورة، حيث رحل هؤلاء المزارعين والذين يبلغ عددهم اليوم نحو 50 عائلة يعتمدون بشكل كامل على الزراعة وتربية المواشي، حيث رحل هؤلاء المزارعون من بلدة بيت فوريك إلى منطقة خربة طانا والتي هي بالأصل تابعة لبلدة بيت فوريك لتوفر البيئة المناسبة في الخربة من مياه ومراعي خصبة حيث توجد في المنطقة 3 ينابيع مائية وهي: عين الطرة، ذنب الثور وخلة العين.
حياة أهالي طانا المعيشية: يعيش المزارعون في خربة طانا في بيوت بسيطة من الصفيح، والغالبية العظمى منهم يعيشون حياة بدائية في كهوف قديمة يعتمدون على تربية الأغنام، حيث يوجد في المنطقة حوالي 25 بركساً زراعياً لتربية الأغنام هناك، علماً بأن الخربة تفتقد لأدنى مقومات الحياة الأساسية فهي تعاني من عدم توفر شبكات لنقل المياه حيث يعتمد المزارعين على آبار مياه الجمع المنتشرة في المنطقة علاوة على ذلك تعاني القرية من عدم توفر شبكة كهرباء قطرية إلى اليوم.
الاحتلال والمستعمرين… اعتداءات مستمرة على أهالي خربة طانا:
رغم بساطة الحياة التي يعيشها المزارعون في خربة طانا إلا أنهم كانوا قبل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967م يعيشون حياة تنعم بالاستقرار إلا ان جاء الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م ليشرع في عملية فصل الأغوار الأردنية لما لها من أهمية إستراتجية حيث حول الاحتلال نحو 18 ألف دونماً من أراضي بيت فوريك الشرقية التي تقع في الأغوار الفلسطينية إلى منطقة عسكرية مغلقة وتم استخدامها كمعسكرات لتدريب جيش الاحتلال وكثكنات عسكرية. وفي عام 1969 أقدم الاحتلال على شق طريق رقم 80 في أراضي بيت فوريك عازلاً 18 ألف دونماً تقع شرق طريق رقم 80 عن بقية أراضي بلدة بيت فوريك علماً بأن طريق رقم 80 يقع على بعد 2كم إلى الشرق من خربة طانا، وفي نفس العام شهدت المنطقة البدء لتأسيس مستعمرة ‘مخولا’ والتي قامت قوات الاحتلال ببنائها ونهب ومصادرة الأراضي المجاورة لصالح توسعها حتى أصبحت المستعمرة مدينة مسطحها 233 دونماً تسيطر على مساحة 10 آلاف دونماً من الأراضي المجاورة وهي مملوكة ملكية خاصة وتستغل للزراعة ويسكنها متدينون إسرائيليون, حيث يشار هنا إلى أن المستعمرة ما تزال تزحف بشكل تدريجي على الأراضي المجاورة وذلك لنهب اكبر قدر مستطاع من أراضي الفلسطينيين الزراعية والتي تحيط بها لصالح تلك المستعمرة، حتى أنها باتت قريبة من خربة طانا على بعد 2كم عنها، وأصبحت تلك المستعمرة مصدر تهديد لبقاء المزارعين في خربة طانا فخلال الفترة الماضية تزايدت المضايقات لكافة المزارعين من قبل المستعمرين وما تسمى الإدارة المدنية التابعة للاحتلال مدعومة بقوات الاحتلال، حيث يقدم جيش الاحتلال بين الفترة والأخرى على مطاردة رعاة الماشية وطردهم من أراضيهم الزراعية المحاذية لطريق رقم 80 بالإضافة إلى منعهم من عبور طريق 80 باتجاه أراضيهم الشرقية الغورية لاستغلالها بصفتها أراضي عسكرية مغلقة، علاوة على ذلك يقدم المستعمرون خلال فترة الصيف في استغلال الينابيع المائية المنتشرة في المنطقة بهدف السباحة في حين يمنع المزارعون الفلسطينيون من استغلالها حتى في مجال الزراعة. بالإضافة إلى ذلك يعمد المستعمرين بشكل منظم إلى مطاردة رعاة الماشية و إلى إتلاف المحاصيل الزراعية التي يزرعها أهالي خربة طانا في أراضيهم الزراعية المنتشرة في المنطقة.
من جهة أخرى أقدم جيش الاحتلال في شهر تموز من عام 2005م على هدم 25 بركساً و منشأة سكنية تستخدم في تربية الأغنام والإقامة السكنية بها، بالإضافة إلى إغلاق الكهوف في الخربة والتي تستخدم للسكن، حيث لم يبقى من القرية سوى المسجد القديم، حيث برر الاحتلال ذلك بحجة عدم الحصول على التراخيص اللازمة من قبل الاحتلال كون المنطقة مصنفة C حسب اتفاق أوسلو، وبعد ذلك تواصلت اعتداءات قوات الاحتلال على المواطنين بشكل مكثف بالمنطقة، وما زال الاحتلال حتى اليوم يرفض وضع أي مخطط هيكلي للخربة في حين يسمح للمستعمرين في مستعمرة مخولا بالتوسع الاستيطاني بشكل عشوائي، حيث أن هذا دفع عدداً من المنظمات الحقوقية إلى تقديم شكوى رسمية في محكمة العدل العليا التابعة للاحتلال بحجة أن تدمير المباني التابعّة للسكان في منطقة محتلّة يناقض القانون الدولي والإنساني ويشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان المحميّة (بضمنها الحق في الكرامة وفي المأوى وفي الإعالة وفي الحياة العائليّة وفي الثقافة وفي الملكيّة وغيرها من الحقوق) ويعتبر جريمة حرب. كذلك، تهجير السكان من قريتهم يناقض ما جاء في القانون الدولي.
يذكر انه في نهاية شهر كانون ثاني 2009 شهدت المحكمة جلسة للنظر في القضية حيث تم البت في الأمر في جلسات لاحقة، ومن جهتها قدمت إحدى الهيئات الدولية الإنسانية الدعم لأهالي خربة طانا من اجل إعادة إعمار ما خربه الاحتلال من مباني وبركسات زراعية.[1]
مرفق الأوامر العسكرية