أقدمت سلطات الاحتلال على فصل المياه عن بلدة يطا بمحافظة الخليل جنوب الضفة الغربية وذلك في مطلع شهر تشرين الأول 2008، إذ عمدت شركة ‘المياه الاسرائيلية ميكيروت ‘ على إغلاق الفتحة الرئيسية التي تغذي بلدة يطا بالمياه، بدعوى انه تم افتتاح ‘ آبار بني نعيم ‘ التي ستغذي محافظة الخليل ومن ضمنها بلدة يطا، وبذلك – حسب ميكيروت – أصبح بإمكان بلدة يطا الاعتماد على آبار بني نعيم والاستغناء عن مياه شركة ‘ ميكيروت ‘ التي ستذهب في الحقيقة الى المستوطنات المقامة على أراضي بلدات يطا وبني نعيم في المكان ومنها أبرزها مستوطنة ‘ بني حيفر’ .
يشار هنا ان خط مياه ‘ ميكيروت ‘ يمر بمحاذاة الشارع الاستيطاني ‘ 60 ‘ في الجهة الشمالية الشرقية من بلدة يطا ، وعلى مدخل بلدة بني نعيم تحديداً، إذ يمر ليغذي المستوطنات المقامة في المنطقة، ومن هذا الخط يتفرع خط التغذية الواصل الى بلدة يطا، حيث قامت سلطات الاحتلال بفصل الخط الواصل الى بلدة يطا وإزالة العدادات الخاصة بالبلدة ، الأمر الذي أدى الى انقطاع المياه عن بلدة يطا تماما ، ولوحظ شح المياه في البلدة أيضاً.
صورة1 : قراءات عداد المياه المغذي لبلدة يطا ‘ من ميكيروت ‘ في حصيلة عشرة أيام
يذكر أن بلدية يطا تعتمد على ثلاثة مصادر في تأمين المياه لمواطني البلدة وهي :
الخط الناقل من شركة ‘ ميكيروت ‘ وهو يغذي البلدة بما قيمته ( 10 م3 ) في الساعة في حال ضخت المياه عبر هذا الخط ، وتدعي سلطات ‘ ميكيروت ‘ أنها تضخ ما قيمته ( 40 م3 ) في الساعة من المياه الى بلدة يطا، وفي زيارة قام بها ‘ مركز أبحاث الأراضي ‘ للعدادات لوحظت قراءة حوالي (10)م3 يومياً فكان مجموعها يقارب ال (320 ) متراً مكعباً ، أي بمعدل ( 32 مترا مكعبا ) في اليوم ، وقد شوهد رداد المياه متوقفا لدى تواجدنا في المكان الأمر الذي يدل على ان المياه مقطوعة ومتوقفة، إذ – وحسب عامل الصيانة في بلدية يطا – كان يفترض ان يتجه الرداد الى اتجاه خط بلدة يطا ‘ الى اليمين حسب الصورة ‘ إلا انه كان متوقفاً، مما يدل أيضاً على ان سلطات الاحتلال عملت على إقامة ‘ تحويلات ‘ لشبكة المياه على ان تصل المياه الى المستوطنة القريبة ولا تصل الى البلدات الفلسطينية .
المصدر الجديد من الآبار تم افتتاحه في بلدة بني نعيم في مطلع شهر تشرين الأول 2008، حيث كانت حصة بلدة يطا من هذه الآبار ما قيمته ( 600 م3 ) في اليوم ، وحسب بلدية يطا فان هذه النسبة لا تغطي إلا النسبة الضئيلة من احتياجات البلدة للمياه، مما اضطر بلدية يطا الى تقديم اعتراض على هذه الحصة مما أدى الى رفع قيمة الحصة الى ( 1500 م3 ) في اليوم ، إلا أن العجز لا زال قائما .
المصدر القديم ‘ بئر الريحية ‘ وهو عبارة عن نبع مياه في قرية الريحية القريبة من بلدة يطا، إلا أن المضخات على هذا البئر متوقفة منذ أسبوعين من تاريخ هذا التقرير ، حسب بلدية يطا.
قطع المياه عن بلدة يطا ، شكل أزمة حقيقية في البلدة، رغم ان مشكلة المياه أصبحت المشكلة القائمة في معظم مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، بعد ان ابتلع جدار الضم والتوسع الكم الأكبر من مصادر المياه في الضفة الغربية، وما تبقى من مصادر أخرى، أصبح تحت رحمة المحتل أيضاً، ولعل بلدات جنوب مدينة الخليل و’ يطا ‘ تحديداً من أكثر المناطق المتضررة بهذا الانقطاع المستمر للمياه، نظرا لاعتماد الكم الأكبر من أهالي البلدة على الزراعة وتربية المواشي، وما يسببه انقطاع المياه خصوصاً في العامين الأخيرين اللذين شهدنا فيهما انحباس سقوط الأمطار. الأمر الذي أدى الى خسائر جمة في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية ، نظراً لارتفاع أسعار المياه في حال حصل المواطن عليها .
العطش الذي داهم المدارس ! :
أثناء تواجدنا في بلدية يطا، شاهدنا بأم أعيننا أكوام الوصولات والحجوزات التي دفعها المواطنون ثمناً لصهاريج المياه، علماً أن صهريج المياه من بلدية يطا سعة ( 10م3 ) يصل للمواطن بسعر ( 120شيكلاً ) مشكلاً عبئاً آخر على كاهل المواطن، أي بواقع ( 12 ) شيكل للمتر المكعب الواحد ، في حين يكون سعر المتر المكعب ( 5 ) شواقل عبر شبكة المياه، علماً ان بلدية يطا لا تملك إلا صهريجاً واحداً لنقل المياه، إذ يتم البحث عن مصادر المياه في أطراف المستوطنات والمناطق البعيدة ويتم نقلها الى المواطن بعد أكثر من أسبوعين من تاريخ الحجز نظراً لكثرة حجوزات المياه ، والشح في الصهاريج التي يمتلكها أهالي البلدة، كما وجهت بلدية يطا مناشدة ونداءاً عبر مركز أبحاث الأراضي الى كافة الجهات المعنية العمل على مساعدة البلدية في تقديم صهريج آخر لحل مشكلة المياه في البلدة .
صورة2: جرار زراعي ينقل المياه الى بلدة يطا
ولعل القصة الأبرز التي لاحظناها في بلدة يطا ، هي حضور آذنة( مدرسة بنات شهداء يطا)، تشتكي انقطاع المياه عن المدرسة منذ حوالي العام ، مشيرة ان المدرسة تعتمد على شراء الصهاريج لتأمين مياه الشرب لطلابها، ومع ذلك لا يتوفر إلا صهريج واحد للبلدية يصعب توفير المياه لكل المدارس الموجودة في بلدة يطا.
صورة 3: صهريج بلدية يطا الوحيد ينقل المياه الى بلدة يطا
يشار هنا ان هناك بعض الصهاريج التي يملكها أهالي بلدة يطا في تأمين المياه إلا أن هذه الصهاريج يصعب السيطرة عليها من قبل بلدية يطا ومعرفة مصادر المياه التي تأتي بها للسكان، كما يصعب التحكم في أسعار المياه من قبل البلدية .
وفي إشارة إلى ما سببه شح المياه للمزارعين في بلدة يطا ، أوضح مصدر في بلدية يطا ان نسبة إنتاج زيت الزيتون في البلدة كانت تقدر بحوالي ( 18 – 20 % ) أما هذا العام وبسبب العطش وشح المياه فان النسبة تقدر ب ( 10 – 12 % ) فقط.
القتل مقابل شربة ماء ! :
بعد أن أقدمت سلطات ‘ ميكيروت ‘ على قطع المياه عن بلدة يطا، وبدون أي سابق إنذار أو تنسيق، مع الهيئات المحلية في البلدة قامت مجموعة من المستوطنين بهدم غرفة المحابس وأنابيب التغذية على مفرق بني نعيم ، وقاموا بفصل خط التغذية الواصل الى ‘يطا ‘ وسرقة العدادات أيضاً، مما أدى بعامل الصيانة في بلدية يطا للمواطن ‘ محمد أبو عليان ‘ الى التوجه ليلاً والعمل على إعادة المحابس وخط التغذية الى بلدته ، إلا ان جنود الاحتلال الذين وصلوا الى المكان قاموا بالاعتداء عليه وضربه وشتمه وثقب إطارات سيارة البلدية التي كان يستقلها ومنعوه من فتح المحابس، (وفي حادثة أخرى ، يفيد ‘ أبو عليان: ‘ انه وبعد إعلامه من قبل مسؤول في شركة ‘ ميكيروت ‘ ان يتوجه الى المحابس على مفرق بني نعيم لفتح المحابس التي أغلقها المستوطنون ، إلا انه ولدى وصوله الى المكان وجد ان المحابس مغلقة ‘ بلحام الأوكسجين ‘ وهرع إليه مجموعة من المستوطنين وهددوه بالسلاح ان يغادر المكان ومنعوه من إعادة المياه الى بلدة يطا.
صورة 4: آثار تدمير غرفة محابس المياه على أيدي المستعمرين والمغذية لبلدة يطا |
صورة 5: رداد المياه الدال على توقف المياه في الشبكة الرئيسية الواصلة إلى بلدة يطا |
وفي وصف لخط التغذية الرئيسي الواصل بلدة يطا – ويمكن ملاحظة ذلك عبر الصور المرفقة – فان حجم الخط الرئيسي الى بلدة يطا يصل قطره الى ( 6 انش ) بينما حجم الخط الواصل يتراوح ما بين ( 3 انش –4 الانش ثم يرتبط بخط المياه الإسرائيلي ).
مناشدات :
أهالي بلدة يطا وجهوا مجموعةً من النداءات تتلخص في العمل على إعادة المياه الى بلدتهم، وتوفير صهريج آخر للبلدية، والعمل على الحد من اعتداءات المستوطنين الذين يطاردون عمال المياه في بلدية يطا والذين يعملون على إعادة المياه الى البلدة.
بلدة يطا :
تقع بلدة يطا الى الجنوب من مدينة الخليل، عدد سكانها حوالي ( 65 ألف نسمة ) وتعتبر من أكثر المناطق التي أقيمت على أراضيها مستوطنات إسرائيلية إذ يحاصرها حوالي عشر مستوطنات كبرى ناهيك عن البؤر الاستيطانية الأخرى ومعسكرات ونقاط جيش الاحتلال ، كما يخترقها الشارع الالتفافي ‘ 60 ‘، ولعل حرمان أل ( 65 ألف فلسطيني) من مياه الشرب يأتي في إطار تأمين احتياجات (300 ) مستوطن يهودي يقيمون في مستوطنة ‘ بني حيفر ‘ وعلى أراضي مغتصبة من أهالي بلدة يطا العطشى.