اضطرت المواطنة ماجدة على الولادة على حاجز بيت كاحل الترابي ‘ جسر بيت كاحل’ داخل سيارة زوجها محمد بعد ان حالت قوات الاحتلال دون الوصول بها إلى المستشفى بسبب إغلاق المدخل الرئيسي الذي يوصل قرية ترقوميا بالخليل. ولد الطفل ليث محمد الجعافرة من بلدة ترقوميا على الحاجز العسكري الإسرائيلي في منطقة جسر بيت كاحل ليكون شاهداً حياً على الانتهاك الإسرائيلي لكافة حقوق الإنسان، حيث أجبرت والدته على الولادة على الحاجز بسبب وجود حاجزاً ترابياً أقامه جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة جسر بيت كاحل عند المدخل الشمالي الغربي للمدينة حال دون وصولها إلى المستشفى، انتظرت والدة ليث طويلاً لتحضر سيارة إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني بعد ان تفاجأت وذويها بوجود الحاجز، إلا أنها حضرت سيارة الإسعاف متأخرة بعد ان وضعت مولودها ليث داخل سيارة زوجها ومن ثم تم نقلها إلى المشفى لإكمال عملية الولادة.
وفي حديث قامت به باحثة في مركز أبحاث الأراضي مع السيدة ماجدة التي شعرت بآلام المخاض في الساعة السابعة صباحاً فنقلها ذووها بسيارة زوجها متجهين من بلدة ترقوميا إلى مستشفى الخليل الحكومي عبر جسر بيت كاحل لكن حاجز العزل الإسرائيلي منع السيدة ماجدة من المرور وأكثر من 57,000 مواطناً يحول دون وصولهم إلى العيادات والمستشفيات للعلاج والولادة حيث تفتقر تلك المناطق إليها.
وأفادت السيدة ماجدة وعمرها 21 سنة: لحظات لن أنساها طوال عمري, في الساعة السابعة والنصف صباح 28 تموز 2008 شعرت بآلام المخاض وكانت شديدة ومستمرة فنقلني زوجي في سيارته برفقة والدته ووالدتي إلى المستشفى ولم نكن نعلم بأن منطقة الجسر مغلقة، وعند وصولنا الحاجز العسكري فوجئنا بإغلاقه بالتراب، حيث وصلنا الساعة التاسعة وعندها اشتدت آلام المخاض ومع شدة الآلام لم أقوى على الوقوف وقد أصبحت الولادة حقيقية، حيث بدأ المولود ينزل وخفت عليه أن يختنق فكان لونه ازرق، وعندما شاهدني زوجي بهذه الحالة خاف كثيراً على حياتي وحياة المولود فكان في حالة ترقب وخوف وقلق لا يعرف تماماً ماذا يفعل فتارة ينظر لي وتارة أخرى ينظر لطفلنا ولا يعرف ماذا يفعل أيسعفني أم يسعف طفلنا … مرت هذه اللحظات المؤلمة والمخيفة … لحظات لن أنساها طوال عمري … ( لكان رحت فيها أنا وابني كنت خايفة على حالي وعلى ابني) وصلت سيارة الإسعاف، لكن بعد فوات الأوان حيث نزل المولود في السيارة في الساعة 10:30 على أمتار من الحاجز، ونقلتني سيارة الإسعاف إلى مستشفى الخليل الحكومي حيث استقبلنا طاقم طوارئ من الأطباء والممرضات وقاموا بقطع الحبل الصري للطفل ليث ، ثم نقلت والمولود إلى غرفة الولادة في المستشفى ..’.
وفي مقابلة باحثة مركز أبحاث الأراضي مع الدكتور سعيد السراحنة مدير مستشفى الخليل الحكومي أفاد بالتالي:
بأن ‘ السيدة ماجدة وصلت المستشفى والمولود لا زال موصولاً بالحبل الصري الذي تم قطعه في الحال، ثم نقلت الأم والطفلة إلى غرفة الولادة للعناية والعلاج، حيث وصلت الأم في حالة خوف شديدة وإنها لم تتمالك نفسها بعد ان جاءها مخاض الولادة بينما كانت تنتظر إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني على الحاجز الترابي. لم تكن هذه الحالة هي الأولى فحالة السيدة ماجدة كغيرها من عشرات الحالات التي وُلدت على حاجز عسكري إسرائيلي، والأطفال الذين وُلدوا على الحواجز العسكرية لن ينسوا بأن الاحتلال يعني قتل لحرية الحركة والتنقل.
فقد سبق لمركز أبحاث الأراضي ان وثق مثل هذه الحالات في مدينة القدس، منها حالة ولادة السيدة أنوار الرفاعي من عناتا التي ولدت الطفلة ‘دارين’ في 6 آذار 2006 على معبر الزيتون في جدار العزل العسكري الإسرائيلي، وحال جدار وبوابة العزل الإسرائيلي دون مرورها إلى المستشفى فولدت طفلتها ‘شهندة’ على الحاجز الإسرائيلي، وكما اجبر الاحتلال الإسرائيلي المواطنة أم عائشة على ولادة طفلتها ‘عائشة’ على بوابة جدار العزل والضم الإسرائيلي في الساعة 7:30 في 29 تموز 2007 داخل سيارة بعد منعها من اجتياز بوابة الفصل والضم قرب مخيم شعفاط للوصول إلى مستشفى المقاصد .
وصف منفذ جسر بيت كاحل:
بعد ان كان شارعاً رئيسياً يفضي إلى بلدة بيت كاحل ( 7كم شمال غرب الخليل) والى طريق وادي القف، قام الإسرائيليون في حوالي سنة 1996 بتحويل الشارع وإغلاق آفاق التوسع أمامه وحصره في منفذ واحد صغير (6م فقط) تحيط به قواعد إسمنتية مسلحة مسقوفة ( ارتفاع 5م) بشارع استيطاني يربط مستعمرات ‘ كريات أربع’ و ‘خارصينا’ بمستعمرتي ‘ تيلم’ و ‘ أدورا’ ويربط الجميع بالداخل الإسرائيلي ( الواقعة داخل الخط الأخضر). وعليه فإن هذا المنفذ – الوحيد – هو عبارة عن ممر محدد الجوانب والسقف بما يشبه العبّارة بأبعاد لا تتجاوز 6م عرض و 5م ارتفاع.
ويعتبر المنفذ هو الطريق الوحيد المباشر الذي يربط بلدات: إذنا ( 20 ألف نسمة)، ترقوميا (15 ألف نسمة)، بيت أولا (10 آلاف نسمة)، نوبا ( 4 آلاف نسمة)، خاراس ( 5 آلاف نسمة)، بالإضافة إلى خرب الجورة – وقيلا – طواس – حتّى، والتي يقطنها حوالي 3000 نسمة. أي أن هذا المنفذ يستخدمه بصورة يومية حوالي 57 ألف نسمة والذين يرتبطون بمدينة الخليل ارتباطاً كاملاً من حيث التعليم والصحة، والحركة التجارية والعمالية والارتباط الإداري.
يرى مركز أبحاث الأراضي ان القيود التي يتبعها الاحتلال الإسرائيلي ضد المواطنين الفلسطينيين وإقامة الحواجز العسكرية التي تعيق الحركة وحرية التنقل والإقامة للفلسطينيين تعتبر انتهاكاً صارخاً للمادة (13) بند (1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948: ‘ لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده وفي العودة إلى بلده’.