تعتبر مستوطنة ارائيل من كبرى المستعمرات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية حيث تطلق عليها سلطات الاحتلال بعاصمة ‘ السامرة’، حيث يعود إنشاءها إلى عام 1978م عشية توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر و إسرائيل حيث كانت البداية بمصادرة 500 دونماً من أراضي قرية مردا ومدينة سلفيت لتأسيس المستعمرة ومع مرور الوقت لتصادر اليوم 20 ألف دونماً من الأراضي الزراعية في كل من مردا و كفل حارس و اسكاكا و مدينة سلفيت، و من ثم تحولت في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ‘نتنياهو’ إلى مدينة تضم الآن جامعة و مصانع في الجهة الغربية أطلق عليها مصانع غرب ‘ارائيل’ حيث تحتوي اليوم أيضاً على إسكان ضخم و فنادق. انظر الخارطة
و يبلغ عدد سكانها وفق آخر الإحصائيات الإسرائيلية حوالي 16 ألف مستوطن علماً بأن حدود بلدية ‘ارائيل’ تعتبر 4 أضعاف مسطح البناء في المستوطنة، مما يؤهلها لاستقبال المزيد من المستوطنين في المستقبل، حيث تعتبر مستوطنة ‘ارائيل’ مصدر ضرر كبير على حياة الفلسطينيين و على مستقبلهم بالمنطقة بالإضافة إلى أثرها البالغ على البيئة و دورها الكبير في نشر الأمراض بالمنطقة.
صورة 1+ A : منظر عام لمستعمرة ‘ ارائيل’ والمقامة على أراضي المواطنين الفلسطينيين
مستعمرة ارائيل مصدر تلويث للأراضي والبيئة والفلسطينية:
تجدر الإشارة إلى أن معظم البيوت و المنشآت في مستعمرة ‘ارائيل’ مشبوكة بشبكة صرف صحي، يتم من خلالها جمع المياه العادمة من بيوت المستوطنة وإلقائها في منطقة تعرف بباطن الحمام وواد البئر، حيث توجد المنطقتان غرب مدينة سلفيت، وبعد أن تتجمع تلك المياه العادمة الصادرة عن مستوطنة ‘ارائيل’، تسير لتلتقي بعدها في الوديان وصولاً واد بروقين ومن ثم تخترق بيوت القرية حتى تصل إلى أراضي كفر الديك الجنوبية حيث تتجمع هناك ما تبقى من المياه العادمة، علماً بأن المياه العادمة كلما سارت مسافة أكثر يتم امتصاص جزء كبير منها، و بالتالي يؤدي ذلك إلى إتلاف اكبر قدر ممكن من الأراضي الزراعية و نشر الأمراض وتسبب تلويثاً على البيئة الفلسطينية.
أثر المياه العادمة على بئر المطوي.
يعتبر بئر المطوي الواقع بالقرب من مدينة سلفيت مصدر مائي مهم بالمنطقة، حيث يغطي 30% من حاجة مياه مدينة سلفيت و قرية فرخة و خربة قيس حيث تبلغ قدرته الإنتاجية بمعدل 100كوب / يوم حيث يشار إلى أن المياه تتجمع في البئر من خلال الينابيع الجوفية المتواجدة و المنتشرة على السلاسل الجبلية المجاورة، و كون المياه العادمة و التي تعتبر خليط من مياه مجاري ارائيل و مياه مجاري سلفيت تمر عبر هذه السلاسل الجبلية و على مسافة اقل من 8م من بئر المطوي فان ذلك أدى إلى تلويث بئر المطوي ، حيث بينت الدراسات و الفحوصات الطبية و البيولوجية للمياه في بئر المطوي وجود ارتفاع حاد في نسبة الكائنات الدقيقة في الماء و بالتالي فان ذلك ينعكس بشكل سلبي على صحة الإنسان و الحيوان و النباتات في المنطقة.
صورة 3 + 4: بئر المطوي والذي لوثته مجاري مستعمرة ‘ ارائيل’
يشار إلى أن المياه العادمة عملت بشكل كبير على تلويث خزان المطوي من خلال زيادة نسبة الأملاح و تزايد نسبة النيرات مما جعلها غير صالحة للاستخدام البشري أو حتى الزراعي إلا بعد إجراء عملية معالجة لها علماً بأن هذه العملية تكلف ميزانية بلدية سلفيت المزيد من الأعباء المالية، على أساس أن عملية المعالجة ليست لفترة محدودة بل تستمر إلى فترات طويلة .
تأثير المياه العادمة على الزراعة و على الثروة الحيوانية و الإنسان:
يشار إلى أن المياه العادمة الصادرة من مستوطنة ارائيل و مجاري سلفيت لها دور كبير في تلويث أراضي سلفيت المحيطة و تلويث التربة، من خلال زيادة تركيز أملاح الصوديوم في التربة التي تتعرض للمياه العادمة، حيث يؤدي ذلك إلى انسداد مساماتها و تصبح غير قابلة للزراعة على مدار العام، علاوة على ذلك أدت المياه العادمة إلى تسميم النباتات من خلال ارتفاع نسبة الامونيا في عصارة النبات و بالتالي جعل النباتات غير صالحة للاستهلاك البشري، حيث يشار إلى أن المياه العادمة تجري عبر مئات الدونمات الزراعية بطول يزيد عن 40كم، و بالتالي تعمل المياه العادمة على إتلاف المحاصيل الزراعية في مناطق مجرى المياه العادمة، و هذا أدى بدوره إلى التأثير على الغطاء النباتي في المنطقة، كما اثر على طبيعة المنطقة نفسها، فمنطقة ‘المطوي’ تعرف منذ القدم بمناظرها الخلابة وتوفر الينابيع المائية بها، و مع تلوث تلك المنطقة أدى ذلك إلى هجرها من كثير من الناس حتى على مستوى الزراعة انخفضت نسبة المزارعين الذين يستغلون الأراضي الزراعية في تلك المنطقة خصوصاً الزراعات الحقلية بسبب تلوث تربة تلك المنطقة.
تجدر الإشارة إلى أن المياه الملوثة الصادرة عن مستعمرة ارائيل لها بالغ الأثر السلبي على قطاع الثروة الحيوانية بالمنطقة من خلال ترسب المواد السامة و الملوثات البيولوجية في أنسجة الحيوانات و ذلك من خلال شرب الحيوانات للمياه الملوثة، و بالتالي من خلال السلسلة الغذائية تنتقل الملوثات إلى الإنسان و بالتالي انتقال الأمراض إلى الإنسان حيث يشار هنا إلى أن خطرها على الإنسان يفوق خطرها على الحيوان بسبب أن الكثير من المواطنين خاصة الفئة المتعلمة حذروا من أكل لحوم الحيوانات أو تناول مشتقات الألبان للحيوانات التي ترعى بالقرب من مجاري ‘ارائيل’ و بالتالي أصبح الكثير من المواطنين يفضلون شراء اللحوم و الألبان من خارج محافظة سلفيت و هذا بدوره أدى إلى ضرب قطاع الثروة الحيوانية في منطقة سلفيت بحجة تلوث لحوم تلك الحيوانات، بالإضافة إلى ما تقدم لوحظ في الفترة الأخيرة ازدياد ملحوظ في عدد الخنازير البرية في المنطقة علماً بأن هذه الحيوانات لها بالغ الأثر السلبي في إتلاف الزراعات في المنطقة و من ثم إلحاق خسائر زراعية و اقتصادية بالمزارعين بالمنطقة حيث تكثر هذه الحيوانات في مناطق تجمع المياه العادمة، علاوة على انتشار الحشرات و القوارض و نشر أمراض في المنطقة.
تجدر الإشارة إلى أن المياه العادمة الصادرة من مستوطنة ‘ارائيل’ لا تبعد عن بيوت قرية بروقين سوى أربعة أمتار، ويوجد أربعة منازل تقع بالقرب من المياه العادمة حيث أن تلك المياه العادمة تلعب دوراً كبيراً في انتشار الحشرات و القوارض وخاصة حشرة اللشمانيا التي تنتشر في قرية بروقين البالغ عدد سكانها حوالي 3800 نسمة مسببةً بذلك العديد من الأمراض الجلدية منها والمعوية وحالات الفشل الكلوي علاوة على انتشار حالات السرطان في المنطقة بسبب طبيعة المواد الكيمائية التي تحتويها تلك المياه العادمة، كما وتسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من المياه العادمة وسيلة لنشر أمراض الربو عند الإنسان .
منع تنقية مياه المجاري:
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منع بلدية سلفيت من إنشاء محطة تنقية لمياه المجاري الصادرة من المدينة والممول من قبل KFW حيث أن المخططات الهندسية اللازمة للمشروع جاهزة منذ عام 1998م، وسبب منع سلطات الاحتلال هو إصرارها على إقامة محطة تنقية مياه بديلة مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين الأمر الذي تم رفضه من الجانب الفلسطيني في عام 2002م لعدم الاعتراف بشرعية إقامة مستعمرة ‘ارائيل’ و مستعمرة ‘بركان’ على الأراضي الفلسطينية.