عشية السادس من آذار 2008 شرع جنود الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين على الحواجز العسكرية و على مداخل القرى المعزولة خلف جدار العزل العنصري خاصة في قرية عزون عتمة غرب محافظة قلقيلية في سلسلة أعمال استفزازية بحق المواطنين الفلسطينيين والتنكيل بهم. وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي فرض إغلاق كامل على الضفة الغربية و تقييد حركة تنقل المواطنين أثناء تنقلهم بين محافظات الضفة الغربية.
عزون عتمة ومدخلها الوحيد:
لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بمحاصرة قرية عزون عتمة من جهاتها الأربعة بل قام ويقوم بين الفترة والأخرى بالتضييق على أهالي القرية وذلك من خلال إغلاق المدخل الوحيد للقرية لساعات طويلة، بالإضافة إلى الشروع في عمليات تفتيش وتدقيق للمركبات الداخلة عبر البوابة العسكرية و المتمثلة بإنزال حمولة السيارات و جعلها تنتظر لساعات طويلة للسماح لها بالعبور و الشروع بأعمال التنكيل بالمواطنين لدرجة الاعتداء بالضرب على عدد منهم خاصة طلاب الجامعات منهم. انظر صورة 1
(صورة رقم 1: مدخل عزون عتمة الجنوبي والذي اغلقه الاحتلال الإسرائيلي)
وفي إفادة للمواطن امجد عمر (37عاما) للباحث الميداني في مركز أبحاث الأراضي يقول: ( أعمل بتجارة المواد الغذائية ، وكنت متجهاً بالسيارة المحملة بالمواد الغذائية إلى القرية إلا أن جنود الاحتلال قاموا بإنزال المواد الغذائية – حمولة السيارة من المواد الغذائية- على الطريق علماً بان جنود الاحتلال على علم بعدم وجود أي مواد تشكل مصدر خطر على أمنهم في حمولة سيارتي إلا أن جنود الاحتلال تمادوا في ذلك إلى درجة تأخيري على بوابة القرية، و عندما حاولت سؤال جنود الاحتلال عن سبب تأخيري اعتدوا علي بالضرب المبرح مما أدى إلى تهشيم وجهي علاوة على إصابتي بالعديد من الرضوض في مناطق مختلفة في جسمي).
ليست المرة الأولى التي يتعمد جنود الاحتلال التضييق على المواطنين من خلال بوابة عزون عتمة الوحيدة، بل منذ نشأتها عام 2003م ولا زالت تشهد على فترات متقاربة أعمال تنكيل و ضرب بحق المواطنين، حيث أن جنود الاحتلال المتمركزين على الحاجز العسكري يقومون بالتضييق على سكان القرية بشتى الوسائل المختلفة، مما له بالغ الأثر السلبي على حياة المواطنين الفلسطينيين من شتى جوانبها المختلفة، حيث تسجل على البوابة العسكرية انتهاكات لحقوق الإنسان بشكل يومي.
معلومات عامة عن قرية عزون عتمة:
الموقع والسكان: تقع إلى الشرق (3 كم ) عن الخط الأخضر، وهي قرية فلسطينية محتلة عام (1967 )، وتبلغ مساحتها الإجمالية 8081 دونماً منها 800 دونماً مساحة بناء، هذا ويبلغ عدد سكانها (1750) نسمة ويعمل سكانها في الزراعة بنسبة (80%) وفي العمل داخل إسرائيل بنسبة (15%) والباقي في التجارة ووظائف أخرى.
عزون عتمة تحتضر بفعل المستعمرات والجدار:
تحيط بالقرية من الجهتين الشرقية والشمالية مستعمرة ‘شعاري تكفا’، وتكاد بيوت المستعمرة أن تلاصق بعض منازل المواطنين في القرية، حيث أن المستعمرة محاطة ومسيجة بسياج من الأسلاك يفصلها عن عزون عتمة من جهتي الشرق والشمال، وذلك منذ تأسيس المستعمرة التي صادرت ما يزيد عن (1500) دونماً من أراضي القرية والقرى المجاورة (سنيريا، مسحة، بيت أمين، الزاوية) وهي أراضي مزروعة بالزيتون واللوزيات والحبوب.
أما من الجهة الغربية تحيط بها مستعمرة ‘اورانيت’ التي أسست عام (1983)م على مساحة تزيد على (2000) دونماً، والمستعمرة محاطة بسياج من الأسلاك الشائكة، وان هذه الإجراءات الاستعمارية تسببت في إغلاق القرية من الجهات الثلاث: الشمالية والشرقية والغربية منذ العام (1981)، ولا يمكن الدخول إليها إلا من خلال البوابات الرئيسية لكل مستعمرة وهي بوابات رئيسية عليها حراسة أمنية أما من الجيش الإسرائيلي أو أمن المستعمرة ولا يسمح لأي فلسطيني من دخول هذه المستعمرات إلا بتصريح خاص.
في الثاني من تشرين أول 2002 قامت سلطات الجيش الإسرائيلي بإغلاق المدخل الرئيسي للقرية الرابط بشارع عابر السامرة القديم رقم (505) وبهذا تم عزل القرية عن الضفة الغربية إسرائيل حيث لا يمكن لأي مواطن الوصول إلى داخل الخط الأخضر أو الضفة الغربية بسبب إحكام إغلاق المدخل الرئيسي الجنوبي الذي كان بمثابة شريان الحياة والقلب النابض للقرية والمنطقة.واستخدم سكان القرية بدلاً من ذلك المدخل طريق ترابية زراعية غير معبدة للتواصل مع باقي القرى المجاورة وسائر أنحاء الضفة الغربية.
وفي العام (2002)م شرعت السلطات العسكرية الإسرائيلية بتنفيذ إنشاء وبناء جدار الفصل وفي المقطع الأول من الجدار الممتد من (سالم شمالاً حتى بلدة مسحة الفلسطينية جنوباً) تم عزل القرية الفلسطينية عزون عتمة جنوب وغرب الجدار الفاصل مما يعني أن القرية بكاملها أصبحت داخل الجدار ومحاطة بأسلاك الشائكة والاسيجة من جميع الجهات.
وفي نهاية شهر كانون أول 2003م تم تشغيل الحاجز العسكري الإسرائيلي على بوابة الجدار من الجهة الشمالية حيث أصبح الحاجز العسكري المقام على البوابة والمدخل الرئيسي للقرية، ويتم الدخول والخروج من والى القرية بتحكم وتعليمات الجيش الإسرائيلي، هذا ويتم فتح البوابة من السادسة صباحاً حتى العاشرة مساءاً ويقتصر على سكان القرية والذين يحملون التصاريح من غير سكان عزون عتمة، وهذه التصاريح تصدر من الارتباط المدني الإسرائيلي للعمل في مزارعهم وأراضيهم الواقعة داخل عزون عتمه المحاصرة والتي أصبحت جيب معزول عن محيطه.
لقد أثر الجدار سلباً وبشكل ملموس وكبير على مجمل الحياة في عزون عتمة حيث حرم الجدار وإجراءات الجيش الإسرائيلي العشرات من المزارعين وأصحاب الأراضي من الوصول إلى أراضيهم، كما وأعاق جدار العزل الطلبة من الوصول إلى مدارسهم بسهولة، كما وحال الجدار دون التواصل الاجتماعي بين الأقارب والعائلات في القرية مع القرى المجاورة بحجة الحفاظ على الأمن.
فأي امن هذا الذي يحرم المواطن من حقه في مواصلة حياته بشكل اعتيادي ؟ !!
مثل منع الأطفال دون سن السادسة عشرة ( غير الحاصلين على هوية بعد بسبب العمر) من دخول قريتهم ومكان إقامتهم إلا بمرافقة احد الوالدين أو إحضار إثبات إقامة كشهادة الميلاد و صور هوية احد الوالدين لإثبات إقامته في القرية ولقد تم منع العديد من الأطفال دون سن السادسة عشرة من دخول القرية واحتجازهم لأكثر من ساعة لحين قيام احد الوالدين أو الأقارب إحضار إثبات إقامة للطفل.
جدار الفصل جلب لقرية عزون عتمة الحرمان والعذاب، خلق لها المعاناة والألم وتحكم بها الجدار على مدار (24) ساعة فبعد إغلاق البوابة في العاشرة مساءاً لا يستطيع احد من مواطني القرية من إخراج الحالات المرضية الطارئة وحالات الولادة إلى المستشفيات القريبة حيث تمت عدة ولادات في ظروف غير طبيعية أثناء الانتظار على البوابة وأحيانا في السيارة وتحولت الحياة إلى كابوس في عزون عتمة بسبب الحصار والجدار. انظر خارطة 1 و خارطة 2