تمهيد
يعتبر طريق بير المحجر – بيت كاحل أو كما يطلق عليه ‘ جسر بيت كاحل’ هو المنفذ الغربي الوحيد لمدينة الخليل بعد إغلاق منفذ فرش الهوى إغلاقاً تاماً. ويقع هذا المنفذ الى الشمال الغربي من مدينة الخليل ويربط المدينة بكافة بلدات وقرى الخط الغربي، بالإضافة إلى انه المنفذ الوحيد الذي يربط مدينة الخليل بمعبر ترقوميا الذي يعتبر الشريان الرئيسي لمنطقة جنوب الضفة الغربية بكاملها.
وصف المنفذ
بعد ان كان شارعاً رئيسياً يفضي إلى بلدة بيت كاحل ( 7كم شمال غرب الخليل) والى طريق وادي القف، قام الإسرائيليون في حوالي سنة 1996 بتحويل الشارع وإغلاق آفاق التوسع أمامه وحصره في منفذ واحد صغير (6م فقط) تحيط به قواعد إسمنتية مسلحة مسقوفة (ارتفاع 5م) بشارع استيطاني يربط مستوطنات ‘ كريات أربع’ و ‘خارصينا’ بمستوطنتي ‘ تيلم’ و ‘ أدورا’ ويربط الجميع بالداخل الإسرائيلي ( الواقعة داخل الخط الأخضر). وعليه فإن هذا المنفذ – الوحيد – هو عبارة عن ممر محدد الجوانب والسقف بما يشبه العبّارة بأبعاد لا تتجاوز 6م عرض و 5م ارتفاع.
الانتهاك الاسرائيلي
بتاريخ 5 شباط 2008، وبصورة مفاجأة ودون سابق إنذار ودون مبرر حتى أمني – كأن يكون قد تعرض أحد الإسرائيليين في المنطقة لأي اعتداء – قامت قوات الاحتلال بإغلاق هذا المنفذ – الطريق – إغلاقاً تاماً بالأتربة والحجارة والصخور بواسطة جرافة وأغلق المنفذ من الأرض حتى السقف ( الشارع) إغلاقاً كاملاً.
مستخدمي الطريق:
أ) يعتبر المنفذ هو الطريق الوحيد المباشر الذي يربط بلدات: إذنا ( 20 ألف نسمة)، ترقوميا ( 15 ألف نسمة)، بيت أولا (10 آلاف نسمة)، نوبا ( 4 آلاف نسمة)، خاراس (5 آلاف نسمة)، بالإضافة إلى خرب الجورة – وقيلا – طواس – حتّى، والتي يقطنها حوالي 3000 نسمة. أي أن هذا المنفذ يستخدمه بصورة يومية حوالي 57 ألف نسمة والذين يرتبطون بمدينة الخليل ارتباطاً كاملاً من حيث:
التعليم: مدارس – معلمين – جامعات – معاهد – مراكز تدريب مهني.
التجارة الداخلية: سوق مدينة الخليل وهو المتنفس الوحيد لمزارعي هذه القرى وفيه يسوقون بضاعتهم ومنتجاتهم بصورة يومية كما أن سوق الخليل يشكل لهم مصدراً للتسوق بالسلع الأخرى من ملابس وكهربائيات ومواد بناء ومواد زراعية، ومواد غذائية … الخ.
الارتباط الإداري: فمدينة الخليل بها وزارات الداخلية والهويات وجوازات السفر والمحاكم النظامية والشرعية، بالإضافة إلى كافة مديريات السلطة الفلسطينية التي يحتاج إليها الناس بصورة يومية ومن أهمها وزارة الحكم المحلي والتي ترتبط بها بلديات ومجالس قروية ولجان محلية لمناطق الخط الغربي ارتباطاً إدارياً كاملاً.
ب) يرتبط هذا المنفذ بالشارع المفضي إلى معبر ترقوميا – الذي يستخدمه آلاف العمال يومياً بالإضافة للحركة التجارية الكثيفة، وينعكس تأثير إغلاق هذا المنفذ على:
التجارية الخارجية: يفضي هذا المنفذ إلى معبر ترقوميا – وهو أحد المعابر الرئيسية التي تربط الضفة بإسرائيل وهو المعبر الوحيد في محافظة الخليل والذي يمر به يومياً مئات الشاحنات والتي تنقل من إسرائيل إلى الضفة الغربية المواد الغذائية لا سيما الطحين والأرز والحبوب، والمعلبات، والخضراوات والفواكة، بالإضافة إلى المحروقات بكل أنواعها والغاز، كذلك مواد البناء والحديد والاسمنت بالإضافة إلى ان هذا المعبر تمر بها كافة المواد التي يستوردها التجار الفلسطينيون من خارج إسرائيل – مثل الصين أو مصر أو اوروبا أو أمريكا .. فهو الرئة الجنوبية الوحيدة.
حركة العمال: بعد إنشاء جدار الفصل العنصري أصبح هذا المعبر – معبر ترقوميا – هو المنفذ الوحيد لحوالي 4000 عاملاً يمرون به يومياً، وقد تسبب إغلاق هذا الشارع إلى عرقلة خط سيرهم اليومي بما يؤخرهم عن أعمالهم لفترة قد تزيد عن ساعتين يومياً، وهذا يعني خسارة تقدر بحوالي (8000) ساعة عمل يومية لهؤلاء العمال فقط.
يضطر آلاف المواطنين وطلبة المدارس والجامعات والمراجعين والتجار والعمال إلى سلوك طريق بديلة متعرجة بعد ان يكونوا قد وصلوا مدخل الخليل من الجانب الغربي يعاودون التوجه إلى الشمال لسلوك طريق وعرة وغير مؤهلة تسمى ( طريق وادي حسكة) حتى يبلغوا مدينة حلحول الواقعة شمالي الخليل ثم يعاودون الرجوع جنوباً للدخول إلى الخليل عبر طريق حلحول – الخليل من على جسر حلحول الذي تسيطر عليه نقطة عسكرية ثابتة وهو عبارة عن بوابة يتم إغلاقها لفترات طويلة أحياناً مسببة اختناقات مرورية غير محتملة تعرقل كل مناحي حياة هؤلاء الأهالي.
وطبعاً هذا الطريق البديل – وغير المريح- يبلغ طوله حوالي 5كم إضافية للرجوع إلى نفس النقطة التي كانت تبعد عنهم مجرد أمتار معدودة. هذا بالنسبة للمواطنين أما بالنسبة للشاحنات والبضائع فان زيادة المسافة والوقت يتسبب في زيادة التكاليف وهذا يتسبب في ارتفاع الأسعار مما ينعكس سلباً على كل أبناء محافظة الخليل والذين تعدادهم يزيد عن نصف مليون نسمة.
شهادات من مواطنين متضررين:
في لقاءات مع باحث مركز أبحاث الأراضي أفاد بعض المتضررين من مدينة الخليل بما يلي:
سيدة من بلدة بيت أولا تعمل مدرسة في مدينة الخليل تقول أنها أصبحت تستيقظ من الساعة الخامسة صباحاً لتتمكن من الوصول إلى عملها في وقته، وأصبحت تضطر لترك ابناءها قبل تجهيزهم للمدرسة.
مزارع خضار من ترقوميا يقول: ‘أصبحت الزراعة غير مجدية من كثرة الحواجز والاغلاقات مما يتسبب في تلف المنتوجات ووصولها المتأخر للسوق.’
سائق شاحنة يقول: ‘ ادخل طريق وادي حسكة يوميا، إذا ما التقيت بشاحنة أخرى أغلقنا على أنفسنا الطريق لساعات أخرى تمزق الأعصاب، فقد كنت أنجز ثلاثة نقلات يومياً على الأقل، أما الآن فلا أستطيع إنجاز أكثر من نقلة واحدة، وصاحب العمل يدفع لي على النقلة وليس راتباً مقطوعاً …!؟.
طالبة جامعية تدرس في جامعة بوليتكنيك فلسطين: ‘ أصبحت اضطر إلى الغياب عن محاضرة المشاغل ( محاضرة عملية ) لأنها تتأخر حتى الساعة الخامسة مساءً، لأنني لا أستطيع العودة لبلدتي في قرية نوبا لانعدام السيارات بعد هذا الوقت لطول المسافة.’
ان هذا الأجراء غير المبرر يعتبر عقاباً جماعياً مباشراً لحوالي 57 ألف نسمة، وعقاباً غير مباشر لحوالي نصف مليون نسمة، ويعتبر مخالفاً لكل الأعراف والقوانين الدولية ويتناقض مع اتفاقيات جنيف، فلقد أصبح المستوطنون اليهود الذين يسكنون الضفة الغربية بصورة غير شرعية هم أصحاب البلاد, أما الفلسطينيون فأصبحوا غرباء حيث الشوارع الاستيطانية أصبحت جدران عنصرية إضافية تخترق وتمزق أوصال التجمعات السكنية الفلسطينية، كما هو الحال في جسر بيت كاحل.
إن مركز أبحاث الأراضي إذ يدين هذا الأجراء الصارم .. ليحذر من عواقب مثل هذه العقوبات الجماعية التي تدفع الفلسطينيين لليأس. كما يطالب المركز السلطات الإسرائيلية بإعادة فتح هذا المنفذ فوراً ويناشد كافة المسؤولين في العالم وفي مقدمتهم في الاتحاد الأوروبي إلى التحرك السريع والفوري للضغط على حكومة الاحتلال بإعادة فتح هذا الطريق، وإزالة كافة الحواجز الاسرائيلية التي تقطع أوصال المدن والقرى الفلسطينية.