تقع خربة الحديدية في سهل البقيعة إلى الشرق من محافظة طوباس و تضم أكثر من 200 مواطن يعتمدون في معيشتهم على الزراعة وعلى رعي الأغنام.
بدأت معاناة سكان الحديدية مع بداية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية و قطاع غزة في العام 1967 فقد قامت إسرائيل ببناء ثلاثة مستوطنات إسرائيلية على ما يقارب 4243 دونم من أخصب الأراضي الزراعية في المنطقة. جدول رقم (1) يبين المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بخربة الحديدية.
المستوطنة |
تاريخ الإنشاء |
عدد المستوطنين |
المساحة/ دونم |
بقعوت |
1972 |
200 |
2353 |
روعي |
1976 |
120 |
1573 |
حمدات |
1980 |
150 |
317 |
المجموع |
|
470 |
4243 |
المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية_ أريج
الانتهاكات الإسرائيلية في خربة الحديدية
في ساعات الصباح الأولى في السابع من شباط 2008, تفاجئ سكان خربة الحديدية باقتحام الجرافات الإسرائيلية للمنطقة و هدم منازل المواطنين و حظائر الأغنام دون أن تتيح لأصحابها المجال لإفراغ محتوياتها, فقد طال الهدم منشآت زراعية و سكنية تعود للمواطنين محمد سعيد بني عودة و عمر عارف بشارات فيما امتلك الخوف المواطنين من أن تطال عمليات الهدم منازل و منشآت أخرى على المدى القريب. تجدر الإشارة أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها الخربة لمثل هذه الاعتداءات الإسرائيلية ففي العام 1997 سلمت السلطات الإسرائيلية العائلات أوامر عسكرية تطالبهم بإخلاء منطقة سكنهم باعتبارها منطقة عسكرية مغلقة, أما في العام 2001 قام مستوطنو ‘روعي’ القريبة من الخربة بتقديم اعتراضات للمحكمة العليا الإسرائيلية مطالبين بإخلاء تجمع الحديدية مدعيين أنهم يشكلون تهديد لأمن المستوطنين وأن وجودهم في المنطقة غير شرعي.
و استكمالاً لمسلسل الانتهاكات الإسرائيلية في المنطقة قامت قوات الاحتلال مصحوبة بلجنة التنظيم و البناء الإسرائيلية في أيلول من العام 2002, باقتحام خربة الحديدية و هدم عدد كبير من المساكن و التي هي بالأساس عبارة عن غرف صغيرة جداً مغطاة بألواح قصدير و صفيح و التي تفتقر إلى أدنى الخدمات و البنى التحتية, و هنا اضطر أهالي الخربة إلى الهجرة إلى مكان آخر بحثاً عن الأمن و الأمان, و لكن تفاجئ الأهالي مرة أخرى في تشرين الثاني من العام نفسه بقدوم آليات الاحتلال إلى موقع سكنهم الجديد و الشروع بأعمال الهدم و التدمير دون مراعاة لظروفهم أو إعطائهم فرصة لإنقاذ بعض من الممتلكات و الأغراض الشخصية مما اضطر الأهالي تقديم التماس إلى المحكمة العليا الإسرائيلية تطالبها بوقف جميع أعمال الهدم و التهجير الذي يتعرضون له بين الحين و الآخر و ما كان للمحكمة إلا أن توافق على بقائهم في إحدى هذه المناطق على مساحة 91 دونم فقط بحيث يحذر عليهم توسيع السكن أو إضافة أي بناء جديد في المنطقة. في تاريخ 10 أيار 2007, أنذرت سلطات الاحتلال عبد الرحيم حسين بشارات من الحديدية بهدم منزله وأعطته مهلة أقصاها 48 ساعة للرحيل، و تندرج هذه الخطوة في أطار الحرب النفسية بهدف تهجير أهالي الحديدية من المنطقة و من ثم الاستيلاء على الأراضي لصالح المستعمرات الزراعية التي تحيط بهم، مع العلم أن عدد سكان الحديدية انخفض خلال هذا العام و ذلك بسبب ممارسات الاحتلال ضدهم و بسبب حالة عدم الاستقرار في المنطقة، حيث أنهم تشتتوا في مناطق مختلفة.
في 28 تموز 2007, صادرت قوات الاحتلال الإسرائيلي تراكتور زراعي مع صهريج للمياه يعودان للمواطن أحمد عبدالله بني عودة مع العلم أن السكان يعانون من نقص حاد في المياه و الخدمات الأساسية الأخرى, و في وقت لاحق أبلغت القوات الإسرائيلية أن على المواطنين دفع مبلغ 4500 شيقل من أجل استرجاع الممتلكات المصادرة أو التوقيع على تعهد بإخلاء المنطقة و عدم الرجوع إليها تحت أي ظرف من الظروف. بالإضافة إلى ما سبق من أحداث مريرة استمرت السلطات الإسرائيلية في منهجيتها ضد أهالي الحديدية, فقد قامت قيادة قوات الاحتلال في الأغوار في تاريخ 7 آب 2007, بإصدار أمر عسكري يقضي بترحيل عشرات العائلات التي تقطن الخربة بالقوة متذرعة بأن المنطقة هي منطقة عسكرية مغلقة و قامت بهدم المساكن و الممتلكات بشكل وحشي إلا أن الأهالي أعادوا بنائها في وقت لاحق.
و استمرت قوات الاحتلال في اعتداءها على خربة الحديدية مستخدمة كافة أشكال العنف و التنكيل حيث اقتحمت القوات الإسرائيلية في 14 آب من العام نفسه المنطقة مرة أخرى و قامت بهدم منزلين يعودان لعبدالله حافظ يوسف بني عودة و عبدالله حسين بشارات مع عدد من حظائر الأغنام محدثة خسائر فادحة في الممتلكات. أما في 23 آب, اقتحمت الجرافات الإسرائيلية الخربة مرة أخرى و قامت بهدم منزلين و ثلاثة حظائر للأغنام يعودان لعبدالله حسين بشارات و عبدالله حافظ بشارات و صادرت صهاريج المياه التي تعود إلى صلاح عبدالله بشارات.
الآثار المترتبة على أهالي الحديدية نتيجة ممارسات الاحتلال
1. الأبعاد الاقتصادية:
إن البعد الاقتصادي يتمثل في الخسائر الفادحة التي تكبدها أهالي خربة الحديدية جراء عمليات الهدم المستمرة التي قامت و لا زالت تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية في المنطقة، و خاصة لحظائر الأغنام، بالإضافة إلى عمليات التهجير المستمرة التي تعتبر باهظة التكاليف و ذلك من أجل المحافظة على تواجدهم وثباتهم على أراضيهم. و الجدير ذكره أن مواطني الخربة منعوا من قبل الاحتلال من استعمال الآبار الارتوازية في المنطقة و التي تتواجد بكثرة بسبب طبيعة المنطقة الزراعية الخصبة، مما أجبرهم ذلك على شراء الماء من منطقة عين البيضاء شمال شرق محافظة طوباس و هي بالإضافة إلى كونها عملية مكلفة فهي أيضاً عملية شاقة و متعبة.
2. الأبعاد الاجتماعية:
لقد أثرت عملية التهجير المستمرة من قبل السلطات الإسرائيلية لأهالي خربة الحديدية على ترابطهم الاجتماعي و الأسري فقد تقلص عددهم بشكل ملحوظ حيث منهم من قام بترك الخربة و التوطن في مكان آخر بحثاُ عن الأمن و الابتعاد عن الاضطهاد اليومي الذي يتعرضون له بشكل شبه يومي.
3. الأبعاد النفسية:
إن سكان مضارب الحديدية يتعرضون بشكل يومي لبطش جيش الاحتلال و المستوطنين, و ذلك بالاعتداء عليهم و التنكيل بهم إلى مصادرة ما بحوزتهم من أغنام و مواشي. الانتهاكات الإسرائيلية لم تتوقف عند هذا الحد فقد أخذت سلطات الاحتلال بشن الحرب النفسية ضدهم، و المتمثلة بالمداهمات الليلية في ساعات متأخرة و عمل حملة اعتقالات و إفساد لممتلكاتهم و إرهاب الأطفال و النساء ، حتى في ساعات النهار لا يسلم الرعاة من مضايقات المستوطنين، حيث سجلت أكثر من حاله قام فيها المستوطنون بإطلاق النار صوب المراعي و قيامهم باختطاف بعض الرعاة لعدة ساعات و التنكيل بهم و مصادرة مواشيهم قبل إطلاق سراحهم لاحقا.
تأتي عمليات الهدم المستمرة في إطار سياسة’ إسرائيلية’ شاملة و منظمة تسعى إلى إفراغ منطقة الأغوار برمتها من سكانها وتحويلها لصالح المستوطنين حيث تم ترحيلهم بالقوة من هذه المنطقة مرات عدة بحجة أن السكان يشكلون خطرا على أمن المستوطنين في مستوطنات بجعوت و روعي وحمدات المقامة على أراضي المواطنين، إلا أن سكان الحديدية صمدوا في أراضيهم أمام إجراءات الاحتلال التعسفية وكانوا ينتقلون من وإلى مواقع أخرى ضمن حدود المنطقة( سهل البقيعة) بعد عمليات الهدم المتكررة التي كانت يقوم بها جيش الاحتلال الاسرائيلي لترحيلهم.