قبيل زيارة الرئيس الامريكي جورج بوش في التاسع من شهر كانون أول من العام الحالي للاراضي الفلسطينية المحتلة تعالت احتجاجات المستوطنيين الاسرائيليين القاطنيين في مستوطنات الضفة الغربية و جهات اسرائيلية مختلفة منها وزارة الاسكان الاسرائيلية و دائرة أراضي اسرائيل على الزيارة الامريكية للمنطقة و مساعي السلام الرامية الى وقف النشاطات الاسرائيلية المختلفة في الضفة الغربية مما يتعارض و الرؤيا الاسرائيلية للمستوطنيين الاسرائيليين و الجماعات اليمينية الاسرائيلية المتطرفة التي تدعو الى الاستمرار بتكثيف النشاطات الاستيطانية الاسرائيلية في الضفة الغربية و تعميق الوجود اليهودي. فكان الاعلان عن اقامة بؤرتين استيطانيتين جديدتين في محافظتي بيت لحم و الخليل من أولى الخطوات التي باشر بها المستوطنون الاسرائيليون كخطوة احتجاج على ما صرحت به الحكومة الاسرائيلية قبيل الزيارة الامريكية بالتزامها بوقف النشاطات الاستيطانية كخطوة نحو السلام مع الجانب الفلسطيني. و تظاهر العشرات من المستوطنيين الاسرائيليين في مسيرات نحو مواقع البؤر الاستيطانية الجديدة, الاولى بالقرب من مستوطنة افراتا جنوب غرب مدينة بيت لحم و الثانية بالقرب من مستوطنة بساغوت شرق مدينة رام الله. و سبق الاعلان عن بناء هذه البؤر الاستيطانية , اعلان سابق اخر للمستوطنيين الاسرائيليين في العاشر من شهر كانون أول من العام 2007 في جميع أنحاء الضفة الغربية عن اقامة تسع بؤر استيطانية في الضفة الغربية في اطار الاعلان عن رفضها القاطع لتصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت في مؤتمر أنابوليس و ما بعد المؤتمر و الضغوطات الامريكية بهذا الشأن.
و كانت «دائرة أراضي إسرائيل» قد نشرت في الثلاثين من شهر كانون أول من العام 2007 مناقصة لبناء 440 وحدة استيطانية جديدة على أراضي بلدتي صور باهر و جبل المكبر. و كانت هذه الاراضي قد صودرت من القريتين في العام 1973 و ذلك من أجل بناء مستوطنة تلبيوت, حيث عادت من جديد لتوسع من نطاق السيطرة على الاراضي في المطقة تحت ذريعة 'أراض ذات سيادة اسرائيلية' بحكم وجودها ضمن حدود بلدية القدس التي تم رسمها في العام 1967 بصورة غير قانونية على حساب الاراضي التابعة للقرى الفلسطينية المجاورة. يذكر أن خطة البناء الاسرائيلية كانت قد حظيت بالمصادقة من الحكومة الاسرائيلية في شهر نيسان من العام 2005.
و قبل اسبوع من الاعلان عن البناء الجديد في منطقة صور باهر و جبل المكبر, نشرت دائرة أراضي اسرائيل مناقصة أخرى لبناء فندق في مستوطنة جيلو[1] الواقعة شمال مدينة بيت لحم و ومنحت المتقدمين فرصة تحويل بناء الفندق لأهداف سكنية في المستقبل. و يشار إلى أن خطة بناء الفندق كان قد صودق عليها بعد عملية المصادرة التي تمت لصالح المستوطنة في العام 1983 من أراضي مدينة بيت جالا و قرية الولجة الواقعتين جنوب غرب مدينة القدس.
كما و تمت المصادقة في الثامن من شهر كانون ثاني من العام 2008 و قبل يوم واحد من زيارة الرئيس الامريكي للمنطقة على بناء 60 وحدة استيطانية جديدة شرق مدينة القدس, في حي راس العامود. و الجدير بالذكر أن بناء الوحدات السكنية قد صودق عليه من قبل بلدية القدس الاسرائيلية في وقت سابق من هذا العام بهدف تكثيف الوجود اليهودي في المدينة. و يبلغ عدد المستوطنيين القاطنيين في حي راس العامود ما يقارب ال 350 و العدد في تزايد بسبب الجهود الحثيثة لبلدية القدس بزيادة رقعة المساحة التي يقوم عليها الحي بهدف زيادة عدد المستوطنيين القاطنيين في الحي لزيادة العدد الحالي للمستوطنيين. و يذكر ان الارض التي أقيمت عليها الحي الاستيطاني تعود لعائلة حسين الغول من منطقة راس العمود. و كانت العائلة قد تعرضت للكثير من محاولات السرقة و التسجيل الغير قانوني من قبل بعض المنظمات اليهودية مثل (Chabad and Fahlin) في العام 1928 حيث قامت بتسجيل قطعة الارض السابق ذكرها بصورة غير قانونية كقطعة من ممتلكاتها في محاولة للاستيلاء عليها و اتخذت من قرار التسجيل قاعدة لالغاء أي ورقة قانونية كانت عائلة الغول قد اعتمدتها في محاولاتها لانقاذ الارض الا انها خسرت الارض بالكامل. و خلال العام 1990 اشترى المليونير اليهودي الامريكي, اروين موسكوفيتش قطعة الارض البالغة مساحتها 14.5 دونم من المؤسسات اليهودية السابق ذكرها و في العام 1998 بدأ العمل بحي راس العامود في المنطقة و اطلق عليه اسم 'معاليه هزيتييم' أي مرتفعات الزيتون و تتألف من 133 وحدة استيطانية, مجمع تجاري, كنيس يهودي, روضة أطفال, عيادة صحية و طريق لربطها بالمستوطنات و الاحياء اليهودية المجاورة, هذا و تم مؤخرا نقل مركز قيادي للشرطة الاسرائيلية من هناك الى موقع 'E1' المقابل لمستوطنة معاليه أدوميم حيث يعتزم المستوطنون البدء بأعمال البناء ( 3500 وحدة سكنية و مرافق تجارية) بعد أن كانت مخططة مع التنفيذ لعدة سنوات.
و في حادثة أخرى, ادعت الجماعات اليمينية الاسرائيلية المتطرفة في السابع من كانون الثاني من العام 2008 بانها قامت بشراء 20 دونما من الاراضي الواقعة بين مدينة بيت لحم و منطقة الطنطور التابعة للمعهد المسكوني المسيحي على حدود مدينة القدس حيث يعتزمون بناء حي استيطاني جديد في المنطقة هذا و قد تم تزويد المكان بصهريج مياه و عدد من الكرافانات لتأكيد الاستيلاء على المكان و يجري الان العمل على تمديد بنية تحتية خفيفة. يذكر أن هذا كله يتم تحت متابعة و حماية الجيش الاسرائيلي.
كما صعد المستوطنون الاسرائيليون من عمليات الاستيلاء على الاراضي الفلسطينية في مدينة الخليل, في حي وادي النصارى القريب من مستوطنة كريات أربع , حيث قامت جماعات من المستوطنيين بنصب عدد من الخيام تمهيدا للاستيلاء على الارض و اقامة بؤرة استيطانية جديدة في المنطقة بعد أن كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي قد أعاقت تلك المحاولات في سنوات سابقة.
و تسارعت وتيرة الاستيطان في محافظة بيت لحم حيث بدأت الجرافات الاسرائيلية في التاريخ ذاته بتجريف ما يقارب 5 دونمات من الاراضي الفلسطينية الواقعة جنوب مستوطنة هار حوما (أبو غنيم) شمال مدينة بيت لحم, و تعود الاراضي لعدد من العائلات الفلسطينية في المدينة فقامت بقطع أكثر من 30 شجرة زيتون في تلك المنطقة. و يذكر هنا أن الاراضي التي تم تجريفها تقع داخل داخل حدود بلدية القدس الاسرائيلية التي رسمت بصورة غير قانونية على حساب المدن و القرى الفلسطينية شرق مدينة القدس و رام الله و بيت لحم عقب احتلال اسرائيل للضفة الغربية و قطاع غزة في العام 1967 .
و لم تتوقف الانتهاكات الاسرائيلية عند هذا الحد, فقد هدمت الجرافات الاسرائيلية في الثالث من شهر كانون ثاني من العام 2008 اثني عشر منزلا فلسطينيا مكونة من الصفيح في قرية فصايل شمال مدينة أريحا في الاغوار و تركت العديد من العائلات الفلسطينية دون مأوى بحجة وقوعها ضمن منطقة ذات سيادة اسرائيلية و مصنفة 'كمنطقة عسكرية مغلقة'. كما و قامت الجرافات الاسرائيلية بتجريف 10 دونمات من الاراضي الفلسطينية في قرية الجفتلك في الاغوار تحت نفس الذريعة.
الخلاصة
ان المحاولات المستمرة للمستوطنيين الاسرائيليين و الجماعات اليمينية الاسرائيلية و الجهات الاسرائيلية الرسمية في تكثيف الوجود اليهودي في الضفة الغربية و خصوصا في مدينة القدس تشكل عقبة في طريق السلام و انتهاك مستمر للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الاسرائيلي و الفلسطيني. و ان كل ما يقوم به المستوطنيين الاسرائيليين يتم تحت رعاية و حماية الجيش الاسرائيلي بشكل مناف تماما للتحركات و المساعي الرامية الى اعادة اطلاق العملية السلمية بعد أن تجمدت لسنوات عديدة نتيجة للتعنت الاسرائيلي الرافض الالتزام و تطبيق بنود خارطة الطريق. و اذا استمرت الحكومة الاسرائيلية باطلاق العنان للمتطرفين اليهود فان من ذلك شأنه ارجاع الوضع التفاوضي الى ما كان عيله في السابق و ربما كان ذلك ما تسعى اليه اسرائيل لتستمر في مخططاتها الاستيطانية و بناء جدار العزل العنصري بعيدا عن أي التزامات من شأنها وقف الاستيطان في الاراضي الفلسطينية المحتلة.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)
[1] تقع مستوطنة جيلو شمال مدينة بيت لحم على مساحة قدرها —- دونما. و كانت المستوطنة قد أقيمت في العام 1978 على أراض فلسطينية صودرت من قريتي الولجة و بيت جالا. و يبلغ عدد المستوطنيين القاطنيين فيها ما يقارب ال 35000, و هم في تزايد.