شكلت قرية دير قديس كمثيلاتها من سائر القرى و المدن الفلسطينية في الضفة الغربية هدفاً للاحتلال الإسرائيلي البشع على الأراضي الفلسطينية المحتلة مذ العام 1967, حيث لم يترك الإسرائيليين فرصة إلا و اقتطعوا من أراضي القرية لصالح الاهداف الاسرائيلية المختلفة تمثلت معظمها في بناء المستوطنات الاسرائيلية و الطرق الالتفافية و أخيرا الجدار العازل.
قرية دير قديس: الجغرافية السياسية
تقع قرية دير قديس على بعد 16 كيلومترات الى الشمال الغربي من مدينة رام الله و 5 كم شرق الخط الأخضر (خط الهدنة 1949), حيث بلغت رقعة مساحتها 8207 دونم يسكنها ما يقارب 2000 نسمة بحسب تعداد السكن و المساكن للإحصاء المركزي الفلسطيني في العام 2006 يعمل معظمهم في حقل الزراعة.
الاستيطان في قرية دير قديس
ففي خلال العقود الاربعة الاخيرة, انتهجت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياسة مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح بناء المستوطنات الإسرائيلية و القواعد العسكرية و شق الطرق الالتفافية و غيرها من الانتهاكات بهدف خدمة مصالحها في الاراضي الفلسطينية المحتلة. و كان لقرية دير قديس, مثل باقي القرى و المدن الفلسطينية نصيبها من تلك السياسات أن خسرت جزءا من أراضيها للاهداف الاسرئيلية المختلفة حيث تم الاستيلاء على 2580 دونما,(31.4%) من المساحة الاجمالية لقرية دير قديس (8207 دونما) لبناء أربع مستوطنات اسرائيلية (نيلي, نعاليه, موديعين عيليت و متتياهو) يقطنها ما يقارب 33500 مستوطن إسرائيلي في الفترة الواقعة بين 1981 و 1991. هذا بالإضافة لشبكة من الطرق الالتفافية و التي أسهمت بعزل أجزاء من أراضي القرية في أطرافها لربط هذه المستوطنات بعضها ببعض. و تحتل الطرق الالتفافية الاسرائيلية القائمة في قرية دير قديس مساحة 736 دونما (9% من المساحة الكلية للقرية).
قرية دير قديس و الاتفاقيات الموقعة
بالرجوع الى اتفاقية أوسلو المؤقتة الموقعة في شهر أيلول من عام 1995 بين السلطة الوطنية الفلسطينية و إسرائيل, تم تصنيف ما مساحته 729 دونما (8.9% من المساحة الكلية للقرية) من أراضي قرية دير قديس كمنطقة ب (وهي المناطق التي تقع فيها المسؤولية عن النظام العام على عاتق السلطة الفلسطينية و تبقى لإسرائيل السلطة الكاملة على الامور الأمنية)، بينما تم تصنيف الجزء المتبقي من القرية 7478 دونما (91.1% من المساحة الكلية للقرية) كمنطقة ج (وهي المنطقة التي تقع تحت السيطرة الكاملة للجيش الإسرائيلي)، ومن الجدير بالذكر أن معظم الأراضي الواقعة في منطقة C هي الأراضي الزراعية والمناطق المفتوحة و مناطق المستوطنات.
خطة العزل العنصرية الاسرائيلية في قرية دير قديس
كان لخطة العزل العنصرية الإسرائيلية والمتمثلة ببناء الجدار اثر سلبي ومدمر على قرية دير قديس. ففي 30 نيسان 2006, نشرت وزارة الدفاع الاسرائيلية على صفحتها الالكترونية خارطة معدلة لمسار جدار العزل العنصري في الضفة الغربية. و بحسب ما جاء في التعديل, كانت قرية دير قديس من القرى التي شملها التعديل ليكبدها خسارة أخرى من أراضيها لهذا الغرض. و كان تعديل نيسان 2006 قد أقرعلى أن يمتد الجدار في قرية دير قديس بطول 2.7 كم من الجهة الجنوبية للقرية ليضم مستوطنتي موديعين عيليت و متتياهو المقامتان على أراضي القرية الى مجموع المستوطنات التي تنوي اسرائيل ابقائها تحت سيطرتها هذا بالاضافة الى عزل 522 دونما من الاراضي الزراعية لتصبح مساحة المنطقة المعزولة من أراضي دير قديس خلف الجدار 3102 دونم, (37.8%) من المساحة الكلية للقرية, بحسب ما هو مبين في الجدول التالي:
جدول 3: الاراضي المقتطعة من قرية دير قديس لصالح الاغراض الاسرائيلية المختلفة بحسب مخطط الجدار 30 نيسان 2006 |
تصنيف أراضي قرية دير قديس |
المساحة بالدونم |
النسبة المئوية من المساحة الكلية للقرية |
المساحة المقتطعة للطرق الالتفافية |
736 |
9 |
مساحة المستوطنات الاسرائيلية في القرية |
2580 |
31.4 |
مساحة الاراضي المعزولة خلف الجدار |
522 |
6.4 |
مساحة منطقة ا |
0 |
0 |
مساحة منطقة ب |
729 |
8.9 |
مساحة منطقة ج المتبقية من القرية |
3640 |
44.3 |
المجموع |
8207 |
100 |
المصدر: وحدة المعلومات الجغرافية – 2007
الجيش الاسرائيلي يكشف في العام 2007 عن اضافة جديدة لمسار الجدار في قرية دير قديس
في شهر أيلول من العام 2007 عادت وزارة الدفاع الاسرائيلية من جديد بمخطط معدل لمسار جدار العزل العنصري في الضفة الغربية. و شمل المخطط تعديلات مختلفة كانت احداها في قرية دير قديس. و بحسب ما جاء في التعديل, يظهر اضافة جديدة في مسار الجدار في قرية دير قديس بخلاف ما تم إقراره في شهر نيسان من العام 2006 حيث تم عزل مساحة اضافية تقدر ب 1918 دونم أي زيادة قدرها 72.8% على ما كانت عليه في العام 2006 (522 دونم) لتصبح المساحة المعزولة من أراضي القرية خلف مسار الجدار بما في ذلك المستوطنات 4498 دونم. كما سوف يعمل الجدار على عزل مساحة اضافية قدرها 407 دونما عن أصحابها شمال غرب دير قديس حيث سوف يتعذر الوصول اليها جراء بناء الجدار مما سوف يؤدي في النهاية الى عزلها و ضمها الى منطقة المستوطنات المجاورة.
كما بين المسار الجديد لجدار العزل العنصري في القرية زيادة في طول الجدار ليصبح 7.5 كيلومتر أي بزيادة قدرها كيلومترا (64%) على ما كان عليه في العام 2006 (2.7 كم). و بحسب المسار الجديد سوف يمتد الجدار في الجزء الجنوبي و الشمالي من القرية ليحيط المنطقة العمرانية للقرية بجدران تشكل عائق أمام عملية البناء و التوسع في القرية مستقبلا. انظر الخارطة
جدول 3: الاراضي المقتطعة من قرية دير قديس لصالح الاغراض الاسرائيلية المختلفة بحسب مخطط الجدار أيلول 2007 |
التصنيف |
المساحة بالدونم |
النسبة المئوية من المساحة الكلية للقرية |
المساحة المقتطعة للطرق الالتفافية |
736 |
9 |
مساحة المستوطنات الاسرائيلية في القرية |
2580 |
31.4 |
مساحة الاراضي المعزولة خلف الجدار |
1918 |
23.4 |
مساحة منطقة ا |
0 |
0 |
مساحة منطقة ب |
729 |
8.9 |
مساحة اضافية معزولة عن أصحابها شمال غرب دير قديس (تظهر بالخارطة) |
407 |
5 |
مساحة منطقة ج المتبقية في القرية |
1837 |
22.3 |
المجموع |
8207 |
100 |
المصدر: وحدة المعلومات الجغرافية – 2007
دير قديس تفقد ثلثي أراضيها بفعل الجدار
على اثر التعديلات و الاضافات الجديدة لمسار الجدار الاسرائيلي في قرية دير قديس فقد بدا واضحا بان أهالي القرية سيفقدون 5641 دونم من أراضيهم (68.7%). و الجدير ذكره هنا أن المساحة المتاحة و المتبقية لقرية دير قديس ليتم التفاوض عليها لاحقا تبلغ 1837 دونما و هي المناطق المصنفة (ج) و التي سيقوم الاسرائيليون بالتفاوض عليها و تسليمها لاحقا للفلسطينيين, حيث ستشكل هذه المساحة بالاضافة الى ما تقوم عليه المناطق المصنفة (ب) حاليا 2566 دونم (31.3%) من المساحة الاصلية للقرية مما سيدفع الاهالي هناك ااتضحية بما تبقى من أراضيهم الزراعية من أجل التكيف مع النمو السكاني في السنوات اللاحقة . فبعد أن كانت نسبة الكثافة السكانية لدير قديس قبل المستوطنات و الجدار تقدر ب 240 شخص لكل كم مربع, ستصبح و بحسب المخططات الجديدة 767 شخص لكل كم مربع.
الخاتمة
يعتبر جدار العزل العنصري انتهاكا لحقوق الإنسان و خاصة حق تقرير المصير, و الحق في حرية الحركة و التنقل، و الحق في العمل ، والحق في الصحة، و الحق في التعليم، و الحق في التمتع بمستوى معيشي ملائم ، و الحق في زيارة الأماكن المقدسة . إن قرار محكمة العدل الدولية (قرار محكمة لاهاي) في العام 2004 يحث الفلسطينيين على التمسك بحقوقهم و خصوصا حق تقريرالمصير, الحق الذي حرموا من ممارسته بسبب ما يسببه جدار العزل من قطع لاوصال الفلسطينيين و وحدتهم. و لذلك, لا يحق لاسرائيل ان تستخدم مصطلحات ‘ الدفاع عن النفس’ أو ‘حالة ضرورة’ كتبرير لما تقوم به من انتهاكات لحقوق الفلسطينيين و القوانين و الاعراف الدولية بل عليها أن تتوقف فورا عن بناء الجدار و على كل الدول الأخرى أيضا أن ترفض مساندة إسرائيل في الاستمرار في بنائه.
بالإضافة إلى ذلك ، إن انشاء المنطقة العازلة العنصرية هو انتهاك لجميع اتفاقيات السلام الموقعة بين الإسرائيليين و الفلسطينيين و خرقا لاتفاقية أوسلو المؤقتة التي تنص على أنه ‘لا يحق لأي من الطرفين أن يبادر الى او يقوم بخطوات قد تبدل من وضعية الضفة الغربية وقطاع غزة بانتظار نتيجة مفاوضات الوضع النهائي .’ (المادة 31 ، الفقرة 7).
فبالرغم من الرفض الدولي ، ما زالت إسرائيل مستمرة في تنفيذ مخططاتها الأحادية الجانب و بناء منطقة العزل العنصرية من خلال مصادرة مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية في قرية دير قديس و غيرها من القرى الفلسطينية .و إذا استمر الأمر في هذا الاتجاه، فستصبح المنطقة العمرانية محاطة تماما بسلسلة من الجدران و المستوطنات و الطرق الالتفافية التي ستحد من قدرة الفلسطينيين على التوسع في المستقبل والقضاء على اسس التنمية و التطوير هناك.