المعازل والكانتونات
إن الجدار الفاصل الذي تقوم إسرائيل ببنائه في الأراضي الفلسطينية هو تجسيد حقيقي لعقيدة الفصل و العزل المتغلغلة في السياسات الإسرائيلية للحكومات المتعاقبة, و الجدار الفاصل ليس إلا البداية, وهنالك العديد من الأمثلة التي توضح على الأرض هذه السياسة الإسرائيلية.
الجدار يزداد طولا في العام 2007
وفقا للتعديل الجديد على مسار الجدار الفاصل والذي كشفت عنة وزارة الدفاع الإسرائيلية على صفحتها الالكترونية في الثاني عشر من أيلول من هذا العام, و بخلاف المسار السابق للجدار الذي كانت قد أعلنت عنه في الثلاثين من نيسان من العام 2006 , فقد ظهرت تعديلات و تغييرات جديدة على مسار الجدار و طوله و أيضا في الأراضي الفلسطينية المعزولة ورائه بحيث بينت هذه التعديلات زيادة جديدة في مساحة الأراضي المعزولة خلف الجدار الغربي لتصبح 712,920 ألف دونم أي زيادة قدرها 28.5% (157,920 ألف دونم) على ما كانت عليه في العام 2006. كما بين المسار الجديد للجدار الفاصل زيادة في طول الجدار ليصبح 770 كيلومتر أي بزيادة قدرها 67 كيلومتر (9.5%) على ما كان عليه في العام 2006.
هذا و قد جاءت التغيرات الجديدة في مسار الجدار و مساحة الأراضي المعزولة خلفه في منطقتين, الأولى تقع في جنوب شرق الضفة الغربية في منطقة جنوب غور الأردن بمحاذاة المناطق الطبيعية جنوب الضفة الغربية حيث تم إقرار امتداد للجدار الفاصل من جنوب محافظة الخليل باتجاه الشمال الشرقي و الذي على أثره تم إضافة 53.5 كيلومتر على طول الجدار هناك, عزل على أثرها 153,780 ألف دونم ما بين امتداد الجدار الجديد والخط الأخضر على جانب البحر الميت. كذلك, فقد أدت الإضافة الجديدة لمسار الجدار إلى عزل جزء من الحقوق الفلسطينية في منطقة البحر الميت, حيث تم عزل ما مساحته 71 كيلومتر (37%) من مجموع 194 كيلومتر و هي المساحة الكلية المخصصة للفلسطينيين هناك. و تجدر الإشارة هنا بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد قطع الطريق على الفلسطينيين للوصول إلى مناطق البحر الميت اعتباراً من العام 2007.
أما التغير الآخر فقد ظهر في منطقة شمال غرب رام الله حيث تم إضافة مقطع جديد للجدار وذلك بغرض ضم مستوطنتين إسرائيليتين وراء الجدار و عزل مساحة إضافية من أراضي الفلسطينيين. حيث صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي في الأول من شهر شباط من العام الجاري على خطة جديدة لتعديل مسار الجدار الفاصل شمالي تجمع مستوطنات ‘مودعين عيليت’ و المقامة غرب محافظة رام الله. هذا و قد جاء قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد ضغوط شديدة تعرض لها من قادة المستوطنين لتغيير مسار لجدار الفاصل ليلتف حول مستوطنتي ‘نيلي’ و’ نعله’ الإسرائيليتين و يضمهما وراء الجدار, الأمر الذي أدى إلى زيادة في طول مقطع الجدار بحوالي 13.5 كم في عمق الأراضي الفلسطينية بالإضافة إلى عزل مساحة إضافية جديدة بلغت 4140 دونما .
و كنتيجة طبيعية لبناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة فقد عزل هذا الجدار وراءه 712,920 دونما من أراضي المواطنين الفلسطينيين, و التي تشكل 12.6% من إجمالي مساحة الضفة الغربية و التي تبلغ (5661 كم مربع). هذا و لم تقتصر الخسائر الفادحة التي لحقت بالفلسطينيين على هذا الحد حيث تم عزل آلاف الدونمات من أراضي المواطنين من 138 قرية مختلفة بمحاذاة الجدار و أكثر من ذلك فقد تم عزل 29 تجمع فلسطيني بالكامل خلف الجدار حيث سيتعين على المواطنين عبور نقاط تفتيش إسرائيلية على طول الجدار ليتسنى للمواطنين الوصول إلى التجمعات الرئيسية حيث الخدمات الطبية و التعليمية و غيرها. خارطة الجدار الفاصل في الضفة الغربية وفقا للتعديل الأخير والمناطق المعزولة والمتأثرة بالجدار الفاصل.
ويعتبر المعزل الذي تشكل بفعل التعديل الإسرائيلي الجديد على مسار الجدار غربي محافظة رام الله, شمالي تجمع مستوطنات ‘مودعين عيليت الإسرائيلية مثالا حيا لترسيخ سياسة العزل التي تنتهجها إسرائيل بحيث تم عزل سبع قرى فلسطينية بسكانها الذين يصل عددهم إلى ما يقارب 22000 مواطن فلسطيني و سجنهم في معزل حقيقي بحيث يحيط بهم الجدار العنصري من جميع الاتجاهات. انظر إلى الجدول أدناه:
القرى الفلسطينية المتضررة بسبب الجدار الفاصل |
المحافظة |
عدد القرى المتضررة من الجدار |
المساحة المعزولة من هذه القرى- دونم |
المساحة الكلية للمحافظة- دونم |
النسبة المئوية التي تشكلها الأراضي المعزولة من أراضي المحافظة |
الخليل |
13 |
32,009 |
1,067540 |
2.9% |
القدس |
28 |
156,878 |
353,680 |
44 % |
بيت لحم |
9 |
63,527 |
607,860 |
10.4% |
جنين |
19 |
33,266 |
572,650 |
5.8% |
قلقيلية |
16 |
65,127 |
174,450 |
37.3% |
رام الله |
23 |
85,519 |
848,830 |
10.07% |
سلفيت |
17 |
99,746 |
202,070 |
49.3% |
طوباس |
2 |
2,139 |
365,980 |
0.58% |
طولكرم |
11 |
16,159 |
245,340 |
6.58% |
المجموع |
138 |
554370 |
3,888,941 |
***** |
المعازل الفلسطينية التي يحاصرها الجدار |
المحافظة |
عدد المعازل |
المساحة المعزولة – دونم |
الخليل |
1 |
1,673 |
القدس |
10 |
94,492 |
بيت لحم |
5 |
37,073 |
رام الله |
9 |
44,443 |
سلفيت |
4 |
38,886 |
المجموع |
29 |
216,567 |
المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية و الاستشعار عن بعد 2007
إن معهد الأبحاث التطبيقية – أريج, ينظر بقلق بالغ إلى التصعيد الإسرائيلي المستمر بحق المواطنين الفلسطينيين و أراضيهم و ممتلكاتهم , و إن التعديل الأخير على مسار الجدار يثبت للعالم اجمع بان الممارسات التي تنتهجها إسرائيل على الأرض تهدف إلى فرض سياسة الأمر الواقع و إخضاع الفلسطينيين للقبول بهذا الواقع خصوصا و أن الخطوة الإسرائيلية لزيادة طول الجدار و عزل و نهب المزيد من أراضي الفلسطينيين تأتي بالتزامن مع المؤتمر الدولي للسلام و الذي دعا إليه الرئيس الأمريكي و الذي من المفترض أن يتم عقده في الولايات المتحدة في الشهر القادم.
الوضع القانوني و الدولي
إن جدار الفصل العنصري الإسرائيلي يعتبر وصمة عار في جبين دولة إسرائيل التي تتغنى بديمقراطيتها, ووصمة عار في جبين الشرعية و القوانين و الأعراف الدولية و الإنسانية وتكريس لواقع أليم يتمثل في فصل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها البعض وإبعاد المزارع الفلسطيني عن أرضه و المواطن عن بيته و أقربائه وجامعته و مدرسته وحرمانه من أدنى حقوقه و المتمثلة في حرية الحركة و التنقل و التعليم والعبادة و العمل وليحول حياته إلى معاناة يومية لا تنتهي و مدينته و قريته إلى سجن كبير مفتاحه في يد السجان الإسرائيلي و الذي لا يترك فرصة إلا وينتهزها لإذلاله على معابره و بواباته وحواجزه.
و بهذا يتضح لنا بما لا يترك مجالا للشك بان الجدار الفاصل الإسرائيلي لا يعدو كونه بدعة إسرائيلية جديدة لنهب مئات الآلاف من الدونمات من أراضي الفلسطينيين لصالح المستوطنات والمخططات الاحتلالية الإسرائيلية التوسعية ولرسم حدود الدولة اليهودية عن طريق سياسة فرض الأمر الواقع على الأرض و الذي يتمثل بتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية إلى جيتوهات وجزر وكانتونات, وللانقضاض على الحلم الفلسطيني المتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة,ذات السيادة, وقابلة للحياة وعاصمتها القدس, ولإيصال رسالة إلى الفلسطينيين مفادها أن إسرائيل هي صاحبة الحق والأرض و السيادة ويتوجب على الفلسطينيين القبول بما تفرضه عليهم إسرائيل وما ستمنحهم إياه مقابل السلام , السلام الذي ترتئيه وتنادي به إسرائيل, و الذي يصبح فيه الجاني هو الضحية, و الظالم هو المظلوم, و هو السلام الذي يجبر الفلسطينيين بقبول الواقع الحالي على الأرض وبمستقبلهم و حدود دولتهم الذي سيحدده الاحتلال لهم وذلك بدون أي تنازل إسرائيلي.
إن إقامة الجدار الفاصل في الأراضي الفلسطينية المحتلة يخالف الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية و إسرائيل في 28 أيلول/ سبتمبر 1995 والتي تنص على منع أي من الأطراف من اتخاذ أي خطوة تغير من وضع الضفة الغربية وقطاع غزة حتى محادثات الوضع النهائي, واعتبار الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة يحافظ على سيادتها خلال الفترة الانتقالية.
و أخيرا ووفقا للقانون الدولي والإنساني و الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي ومحكمة العدل الدولية, سيبقى الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية’ احتلالا إسرائيليا غير شرعيا’ و الجدار العنصري- التوسعي الذي إقامته إسرائيل على طول الأراضي الفلسطينية فصلا مظلما من تاريخ هذا الاحتلال للأرض الفلسطينية.