في التاسع من تموز من عام 2004 أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي قرارها الاستشاري الذي يقضي بعدم شرعية الجدار التي تقوم اسرائيل ببناءه في الاراضي الفلسطينية المحتلة باعتباره ‘أمرا واقعا’ تسعى اسرائيل الى فرضه في الاراضي الفلسطينية المحتلة و انتهاك فاضح للقانون الانساني الدولي . كما شددت المحكمة على وقف العمل بالجدار و هدمه و ابطال القوانين و اللوائح المتعلقة بتشييده و ضرورة تعويض الفلسطينيين عن الخسائر التي لحقتهم من جراء بناءه.
الا أن اسرائيل استهترت بالقرار الصادر عن محكمة العدل الدولية و اعتبرته قرار انحيازي الى جانب الفلسطينيين و استمرت ببناء جدار العزل تحت شعار ‘الأمن ‘ بالرغم مما دعت اليه محكمة العدل الدولية في قرارها الاستشاري و استمرت بارتكاب العديد من الانتهاكات الاخرى بحق الشعب الفلسطيني من مصادرات للاراضي الفلسطينية لاغراض الجدار و غيرها من الاغراض العسكرية و بناء و توسيع المستوطنات الاسرائيلية, منها تلك الواقعة ضمن منطقة العزل الغربية التي تنوي اسرائيل ضمها لحدودها حال انتهائها من بناء الجدار و غيرها من سياسات هدم البيوت و التشريد التي تسعى اسرائيل من خلاله الى تجريد الارض الفلسطينية من سكانها الاصليين.
الفقرة 141 : ‘ترى المحكمة أنه لا يجوز لإسرائيل الاستناد إلى حق الدفاع عن النفس أو حالة الضرورة لنفي صفة عدم المشروعية عن تشييد الجدار الناشئة عن الاعتبارات المذكورة في الفقرتين ١٢٢ و ١٣٧ من القرار. وتبعا لذلك تخلص المحكمة إلى أن تشييد الجدار والنظام المرتبط به أمران يخالفان القانون الدولي.‘ |
و كانت اسرائيل في الثلاثين من حزيران 2004, قبيل صدور قرار محكمة لاهاي, قد أصدرت قرارا الغت بموجبه الجزء الاكبر من مسار جدار العزل حول مدينة القدس لما يخلقه من صعوبات للسكان الفلسطينيين حيث اعتبرت 30 كم من الجدار من أصل 40 كم تم الاشارة لها بالالتماس المقدم من قبل ثمانية قرى شمال غرب غير قانونية. و كانت المحكمة قد أشادت بقرارها الى تقريب مسار الجدار من الخط الأخضر (خط الهدنة 1948) وعدم الفصل بين السكان الفلسطينيين وأراضيهم وإقامة الجدار على مسافة كيلو متر واحد من أي قرية عربية.
و في دراسة تحليلية لمعهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) رصد فيها الانتهاكات الإسرائيلية في الثلاث الاعوام الاخيرة عقب صدور قرار محكمة العدل الدولية في التاسع من تموز عام 2004 و حتى تاريخ هذه المقال , تبين ما يلي:
الاوامر العسكرية الاسرائيلية
سلمت قوات الاحتلال الاسرائيلي 334 أمرا عسكريا للعديد من المدن و القرى الفلسطينية عقب صدور قرار محكمة لاهاي كان معظمها في محافظات بيت لحم, القدس, الخليل و سلفيت كما هو مبين في جدول رقم 1. و شهدت محافظات بيت لحم, القدس, رام الله و الخليل الرقم الاعلى في عدد الأوامر العسكرية التي صدرت و المتعلقة ببناء جدار العزل العنصري و عددها (103) و هي المحافظات التي تشهد حاليا بناءا مكثفا للجدار و خصوصا محافظتي بيت لحم و رام الله و قرى شرق مدينة القدس باعتبارهم الأقرب لمدينة القدس التي يتم تطويقها بجدار العزل العنصري من الجهات الشمالية (رام الله), الجنوبية (بيت لحم) و الشرقية (قرى شرق القدس ) كما جاء في المخطط الإسرائيلي ‘القدس الكبرى’ الذي يهدف لضم التجمعات الاستيطانية التي تحيط بمدينة القدس إلى إسرائيل هذا بالإضافة إلى مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية المحيطة بالمدينة و التي تأتي على حساب أراضي محافظتي بيت لحم و رام الله و القرى الفلسطينية الواقعة شرق مدينة القدس و التي سوف يتم استبعادها خارج حدود محافظة القدس حال الانتهاء من بناء الجدار و عددها 8.
المصدر: قاعد بيانات الاوامر العسكرية – أريج 2007
الانتهاكات الاسرائيلية في الضفة الغربية
قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بمصادرة و تجريف 84 ألف دونم من الاراضي الفلسطينية (معظمها أراضي زراعية)لغرض بناء الجدار و غيرها من الاغراض العسكرية في الفترة الواقعة ما بين تموز 2004 و تموز 2007. و تتلخص الإغراض العسكرية بحسب ما جاء في الأوامر العسكرية التي تم توزيعها بالتالي: شق طرق التفافية , إقامة أبراج عسكرية, توسيع قواعد عسكرية و توسيع المستوطنات الإسرائيلية. و تعتبر الاراضي المصادرة مصدر دخل وحيد للعديد من العائلات الفلسطينية التي فقدت اماكن عملها داخل اسرائيل.
كانت عملية اقتلاع الاشجار المثمرة و تدمير المحاصيل الزراعية من أشد الانتهاكات الاسرائيلية التي شهدتها الاراضي الفلسطينية خلال الفترة الواقعة ما بين تموز 2004 و تموز 2007 على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي و المستوطنين الاسرائيليين القاطنين في المستوطنات القريبة من القرى الفلسطينية. و تبعا للاحصائية التي أعدها معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) في خلال الفترة المذكورة أعلاه, تبين ان ما مجموعه 170 ألف شجرة مثمرة تم اما اقتلاعها أو تجريفها أو مصادرتها أو حرقها, كان معظمها في محافظات الشمال و الجنوب مثل ( قلقيلية, نابلس, جنين, طوباس, بيت لحم والخليل), و كان لهذا الانتهاك الاسرائيلي تأثير كبير على القطاع الزراعي و خصوصا أن معظم الاشجار التي تم اقتلاعها من الزيتون و التي تشكل مصدر دخل أساسي للعائلة الفلسطينية.
قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بهدم 1450 منزلا فلسطينيا, معظمها هدم بحجة عدم الترخيص و لقربها من مسار الجدار. و قد تركز معظم الهدم في محافظة القدس و خصوصا في القرى الفلسطينية الواقعة شرقي المدينة التي تندرج ضمن السياسة الاسرائيلية الممنهجة الرامية لتهويد المدينة و تجريدها من سكانها الفلسطينيين وحرمانهم من الإقامة فيها عن طريق فرض رسوم بناء عالية على المواطنيين الفلسطينيين تجبرهم فيما بعد على بناء بيوتهم دون الحصول على ترخيص من البلدية بسبب عدم مقدرتهم على دفع هذه الرسوم. كما تعرضت محافظات الشمال و خصوصا محافظتي طولكرم و جنين و محافظات الجنوب, بيت لحم و الخليل, الى سياسة الهدم و التدمير نفسها. كما أنذرت قوات الاحتلال الإسرائيلي ما يقارب أل 80 بيت فلسطيني بوقف العمل و الإخلاء و ضرورة الهدم في خلال الفترة المذكورة أعلاه.
التوسع العمراني في المستوطنات الاسرائيلية
أما فيما يتعلق بالتوسع العمراني في المستوطنات الإسرائيلية, فقد صدر عن وزارة الاسكان و البناء الاسرائيلية و بلدية القدس ما مجموعه 65 عطاءا لإضافة وحدات سكنية جديدة للعديد من المستوطنالت الاسرائيلية في الضفة الغربية, تركزت معظمها في المستوطنات الواقعة في محافظة بيت لحم (مجمع مستوطنات غوش عتصيون بالإضافة إلى مستوطنة هار حوما الواقعة شمال شرق المحافظة), و محافظة القدس (مجمع مستوطنات معاليه أدوميم), محافظة سلفيت (مجمع أرييل) و محافظة قلقيلية (مستوطنة كرني شمرون). و بلغ عدد الوحدات السكنية التي تم الاعلان عنها من خلال العطاءات المعلنة 56,218 وحدة سكنية كان من ضمنها مخططات لبناء أحياء سكنية جديدة في كل من محافظة القدس و بالتحديد منطقة عطاروت (11,000 وحدة سكنية) و محافظة بيت لحم, على أراضي قرية الولجة (جفعات يائيل – 20,000 وحدة سكنية).
جدار العزل العنصري
صادقت الحكومة الاسرائيلية في 20 شباط 2005 على مسار معدل لجدار العزل العنصري في الضفة الغربية. و بحسب ما جاء في التعديل, بلغ طول الجدار 683 كم في الضفة الغربية و عند اكتماله في الجانب الغربي سوف يعزل 576 كم² من الأراضي الفلسطينية أي ما يقارب 10.2% من مساحة الضفة الغربية. و كان هذا التعديل قد أقر ببناء كافة مقاطع الجدار داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. و كان أهمها:
الجدار حول تجمع أرييل الاستيطاني: حيث أقرت الحكومة الاسرائيلية بناء الجدار حول تجمع مستوطنات أرييل (26 مستوطنة اسرائيلية) في محافظة سلفيت و الذي يتغلل 23 كم في عمق الضفة الغربية. و بحسب ما جاء في التعديل, بلغ طول الجدار حول التجمع 114 كم (17% من اجمالي طول الجدار في الضفة الغربية) الذي كان من المقرر أن يعزل ما مساحته 120 كم² .
الجدار حول تجمع مستوطنات معاليه أدوميم: أقرت الحكومة الاسرائيلية بناء الجدار الذي يحيط بتجمع مستوطنات معاليه ادوميم. و كانت تعديل 20 شباط 2005 قد أظهر زيادة ملحوظة في طول الجدار حول تجمع معاليه أدوميم بالمقارنة مع طول الجدار حول التجمع بحسب ما جاء في مخطط 30 حزيران 2004 حيث ازداد طول الجدار بنسبة 40% ( من 33 كم الى 46 كم) مما زاد من مساحة الاراضي المصادرة من القرى الفلسطينية المجاورة من 59 كم² الى 62 كم². كما سوف يعمل الجدار حال الانتهاء من بناءه حول مدينة القدس على استبعاد ثمانية تجمعات فلسطينية يقطنها ما يزيد عن 85000 ألف فلسطيني مقدسي في القدس الشرقية خارج حدود المدينة.
و بتاريخ 30/04/2006 صادقت الحكومة الإسرائيلية على مسار معدل لجدار العزل العنصري في الضفة الغربية حيث لم يحدث هذا التعديل أي تغيير جوهري على واقع الجدار بل تركز في مناطق أثارت معضلات جغرافية لمسار الجدار في الضفة الغربية و ارتكز على حل مشاكل اعتبرت عثرة أمام سعي إسرائيل الاستمرار في بناء الجدار. و بلغ طول جدار العزل بحسب المسار المعدل 725 كم في الضفة الغربية. و عند اكتمال بناءه في الجانب الغربي, سوف يعزل 555 كم² من الأراضي الفلسطينية أي ما يقارب 9.8% من مساحة الضفة الغربية و هي تلك المساحة الواقعة ما بين غرب الجدار و الخط الأخضر. أما فيما يتعلق بالتعديلات الرئيسية و التي يبلغ عددها أربعة فقد كانت
أولا: في قرية الجبعة, جنوب غرب بيت لحم, حيث كان من المقرر و بحسب مسار الجدار بتاريخ 20/2/2005 بأن يتم بناء الجدار شمال القرية بخلاف التعديل الجديد و الذي يعيد مسار الجدار إلى جنوب القرية و التي ستصبح جزءاً من منطقة العزل الغربية في محافظة بيت لحم و التي تضم قرى الريف الغربي (حوسان, بتير, نحالين, واد فوكين, خلة عفانة, خلة البلوطة و خلة بيت زكريا) و التي تقع أيضاً ضمن تجمع مستوطنات غوش عتصيون. و تجدر الإشارة بأن قرار إعادة ضم قرية الجبعة ضمن منطقة العزل الغربية في بيت لحم ارتبط بوجود شارع التفافي رقم (367) خاص بمجمع مستوطنات غوش عتصيون باتجاه إسرائيل حيث كان من المقرر أن يقوم المسار القديم للجدار بعزله و لصعوبة طبيعة المنطقة الجغرافية هناك, غير أن إمكانية شق طريق بديل عن القائم حالياً كان أكثر صعوبة و مجهد التكاليف.
ثانيا: في قرية الولجة شمال غرب بيت لحم حيث أظهرت التعديلات الإسرائيلية الجديدة على مسار الجدار شمال غرب محافظة بيت لحم عن وضع قرية الولجة ضمن منطقة عزل خاصة بها و ذلك بتطويقها بجدار الفصل من جهاتها الشرقية, الشمالية و الغربية مع تطويقها بشارع أمني تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي من جهة القرية الجنوبية بمحاذاة شارع رقم 436 و الذي يعتبر المنفذ الوحيد المتاح لأهل القرية باتجاه بيت لحم.
ثالثا: في قرية بيت اكسا, شمال غرب القدس حيث تم إعادة رسم مقطع الجدار الخاص بالقرية و ذلك بعد جولة تفقدية قام بها كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت و وزير الدفاع الإسرائيلي موفاز حيث اطلع الأول على جغرافية المنطقة و قرب موقع القرية المذكورة من شارع القدس_ تل أبيب الأمر الذي استدعى إعادة دراسة و تخطيط مسار الجدار و الذي سيتم تسييره جنوب قرية بيت اكسا الواقعة خارج نطاق الجدار على خلاف ما جاء به مخطط الجدار في 20 شباط 2005 و الذي أظهر قرية بيت اكسا ضمن حدود محافظة القدس الا أن التعديل الاخير استبعدها كليا خارج المحافظة و التهم أكثر من 50% من أراضيها.
رابعا: في محيط تجمع مستوطنات أرئيل حيث تقرر تقسيم جيب أرئيل إلى قسمين عرف الاول باصبع أرئيل و الثاني باصبع كدوميم حيث سيضع الاول (أصبع أرييل) 11 مستوطنة إسرائيلية يقطنها ما يزيد عن 24600 نسمة بالإضافة إلى منطقتين صناعيتين و سيبلغ مساحته 57,5 كيلو متر مربع و طول الجدار المحيط به 81,5 كيلو متر. أما أصبع كدوميم فستبلغ مساحته 45,5 كيلو متر مربع و طول الجدار المحيط به 51,5 كيلو متر وسوف يضم 12 مستوطنة إسرائيلية يبلغ عدد سكانها 14250 نسمة. و الجدير بالذكر هنا بأن إعادة ترسيم الجدار حول تجمع أرئيل قد أحدث إضافة لطول الجدار و الذي كان يبلغ 120 كيلو متر إلى 133 كيلو متر و هو طول الجدار الملتف حول كل من جيب أرئيل و كدوميم. هذا و سيتم ربط جيب أرائيل مع إسرائيل من خلال طريق رقم 55 الواقع تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي في حين أن جيب كدوميم سيتم ربطه مع مستوطنة إلفيه منشيه على طريق شارع رقم 5 المؤدي إلى إسرائيل.
أما فيما يتعلق بالقدس فقد تم إقرار العمل على استكمال بناء الثغرات الموجودة في جدار العزل حول مدينة القدس و المعروف أيضاً بغلاف القدس في المنطقة الشمالية للمدينة حيث رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا الاعتراضات التي كانت قد قدمت من قبل القرى المحيطة بشمال القدس (بيرنبالا, بيت حنينا, الجيب, الجديرة, قلنديا و الرام) و التي سيتم عزلها عن مركز المدينة. أما فيما يتعلق بمخطط الجدار المحيط بمستوطنة معالى أدوميم فقد اقر مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر العمل بالمخطط الموضوع قيد التنفيذ و ذلك لدواعي أمنية.
الانتهاكات الاسرائيلية في قطاع غزة المحتل
في شهر كانون أول من العام 2005, أعلنت اسرائيل عن زيادة رقعة المنطقة الامنية في شمال قطاع غزة حيث أنذرت السكان الفلسطينيين القاطنيين شمال القطاع بضرورة اخلاء المنطقة خلال 12 ساعة من استلامهم للانذارات تمهيدا للاستيلاء على المنطقة. و بلغت مساحة المنطقة أنذاك بحسب ما جاء في الاخطارات ما يقارب 8 كم² لتصبح مساحة المنطقة المسيطر عليها من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي 61 كم² (17% من مساحة غزة الاجمالية).
بتاريخ 18 حزيران من العام 2005, أعلنت اسرائيل عن بناء حاجز بحري من شواطئ شمال غرب غزة باتجاه البحر بطول 950 متر, جزء منه (150 متر) يتكون من الخرسانة المسلحة محفورة في قاع البحر الرملي بعمق 1.8 متر في الماء, في حين يتكون باقي الحاجز (800 متر) من سياج عائم داخل البحر المتوسط. و يذكر أن العمل على الحاجز البحري قد انجز مع أواخر العام 2005.
في الثامن و العشرين من شهر حزيران 2007 أعلنت قوات الاحتلال الاسرائيلي عن اعادة ترسيم المنطقة العازلة على طول امتداد الحدود الشمالية و الشرقية لقطاع غزة بطول 58 كم حيث تم توسيع عرض المنطفة الامنية للمرة الثانية و بشكل أحادي الجانب من قبل اسرائيل لمسافة 1.5 كم في الجانب الفلسطيني على طول الشريط الحدودي للقطاع, بدءا من أقصى الشمال الغربي و انتهاءا بمعبر كرم أبو سالم في الجنوب الشرقي. و تبلغ مساحة المنطقة العازلة / الامنية التي تنوي اسرائيل اقامتها على طول الشريط الحدودي في القطاع 87 كم², منها 29 كم² كانت اسرائيل قد أحكمت السيطرة عليها فور اتفاقيات أوسلو الموقعة بين الجانبين الفلسطيني و الاسرائيلي في العام 1994 و التي توسعت لاحقا عقب الانسحاب الاسرائيلي ‘اعادة الانتشار’ في العام 2005 الى 61 كم² مما يشير الى أن المساحة الجديدة التي ضمتها اسرائيل الى المنطقة الامنية 26 كم². على اثر ذلك تسيطر اسرائيل على ما قدره 24% من مساحة القطاع (362 كم²) ليكون ما تبقى (275 كم²) للفلسطينيين البالغ عددهم بحسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني حوالي 1.5 مليون نسمة أي بكثافة سكانية تبلغ 5447 شخص لكل كم2 و هي النسبة الاعلى في العالم.
ما زالت اسرائيل تسيطر على جميع المعابر البرية (عددها سبعة) بينها و بين الفلسطينين في قطاع غزة بالرغم من انسحابها من القطاع في شهر أيلول من العام 2005, حيث تسيطرعلى حركة مرور السكان و البضائع و المواد التموينية من و الى القطاع مما زاد من سوء الاوضاع الاقتصادية هناك.
منطقة العزل الشرقية
ما زالت اسرئيل تضيق الخناق على السكان الفلسطينيين القاطنيين في منطفة الاغوار و ذلك عن طريق الحواجز العسكرية التي أقامتها على المداخل الرئيسية لمنطقة العزل الشرقية و التي عمدت إسرائيل من خلالها الى عزل منطقة الأغوار عن باقي محافظات الضفة الغربية و تلك الحواجز التي أقامتها على المداخل الفرعية التي تربط التجمعات الفلسطينية داخل منطقة الأغوار بعضها ببعض و التي يصل عددها حتى هذا اليوم إلى 25 حاجز عسكري ما بين رئيسي و ثانوي ضمن خطة مكملة لسياسة الفصل العنصري التي تنتهجها إسرائيل وذلك لتضييق الخناق على المواطنين ودفعهم الى الرحيل، تمهيداً للاستيلاء الكامل على المنطقة و جعلها تحت السيطرة الإسرائيلية.
و الجدير بالذكر أن منطقة الأغوار (منطقة العزل الشرقية) تشكل ما نسبته 29.4% من المساحة الإجمالية للضفة الغربية ( 5661 كم²). و أنشئ فيها حتى يومنا هذا 43 مستوطنة إسرائيلية (يقطنها ما يزيد عن 12000 مستوطن إسرائيلي) بمساحة إجمالية مقدارها 38 كم2 (2.3% من المساحة الإجمالية لمنطقة العزل الشرقية – 1664 كم² هذا بالإضافة إلى القواعد العسكرية الإسرائيلية المتواجدة في المنطقة. كما يتواجد في منطقة الأغوار الفلسطينية ما يزيد عن 32000 فلسطيني موزعين على 32 تجمع فلسطيني (الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني – 2006).
و ختاما
إن ما قامت و تقوم به إسرائيل عبر سنوات احتلالها المستمر للأراضي الفلسطينية هو بالحقيقة سلسلة متتابعة من الاستهتار بقرارات الشرعية الدولية بداية من رفضها الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في العام 1967 إلى بناء المستوطنات و هدم المنازل و تقييد حرية الحركة و انتهاك حقوق الفلسطينيين بالوصول إلى أماكن العبادة و غيرها من ذلك وصولا إلى جدار العزل العنصري, ما هو إلا محصلة طبيعية لتقاعس المجتمع الدولي عن ممارسة أي من أشكال الضغط على إسرائيل للالتزام بالشرعية الدولية و قرارات الأمم المتحدة ، و التشديد على ضرورة تحميل إسرائيل مسؤولية ممارستها لمختلف الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، و وضع حد لسياسة اللامبالاة الإسرائيلية تجاه رغبة المجتمع الدولي في أن تلتزم إسرائيل بقرارات الأمم المتحدة بما فيها ‘ قرار مجلس الأمن رقم 446(عام 1979) و الذي ‘ يقرر أن السياسات والإجراءات الإسرائيلية بإقامة مستوطنات على الأراضي الفلسطينية المحتلة وأراض عربية أخرى محتلة منذ 1967 لا تستند إلى أي أساس قانوني و تشكل عائقا خطيرا تجاه عملية تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط . كذلك قرار مجلس الأمن رقم 452 (عام 1979) و الذي يدعو ‘ حكومة وشعب إسرائيل، على وجه السرعة، إلى وقف أنشاء وتشييد وتخطيط المستوطنات في الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، بما في ذلك القدس.