أصبحت مستعمرتا شيلو وعيلي الجاثمتين على أراضي قرية قريوت والبؤر الاستيطانية الأخرى التابعة لهما مصدر إزعاج يومي لأهالي تلك القرية البالغ عددهم 2800 نسمة (مركز الإحصاء الفلسطيني). فمنذ عام 1979 تاريخ تأسيس أول مستعمرة – شيلو – على الأراضي الجنوبية للقرية وما تبع ذلك من تأسيس لباقي المستعمرات وأهالي القرية يمرون بصراع يومي مع المستعمرين. وحدث آخر اعتداء بتاريخ 15 حزيران الماضي عندما تفاجئ السيد احمد شحاده مقبل، 74، عاما من قرية قريوت بنبأ وجود جرافات للمستعمرين من البؤرة الاستعمارية المسماة عامي-عاد والواقعة جنوب القرية وهي تقوم باقتلاع أشجار الزيتون التي غرسها بيده قبل 42 عاما. وتوجه على الفور إلى تلك المنطقة التي تدعى منطقة الحقل حيث لاحظ هناك أن معظم أشجار الزيتون البالغ عددها نحو 300 شجرة مثمرة زُرعت على مساحة 33 دونما قد اختفت ولم يتبق منها ألا أربعة أشجار فقط. وتبين أن المستعمرين قاموا باقتلاع الأشجار ومن ثم سرقتها ونقلها إلى مكان مجهول. كما تبين اقتلاع وسرقة 80 شجرة زيتون مثمرة أخرى من الأراضي المجاورة المملوكة للمواطنين احمد عبد الهادي جالودي وعمر احمد البوم من نفس القرية.
( صورة رقم 1: في خلفية الصورة تظهر البؤرة الاستيطانية عامي-عاد وفي مقدمة الصورة تظهر بيوت قرية قريوت)
شكوى وعرض بالتعويض
وعلى الفور قام السيد احمد مقبل بالاتصال بمكتب الارتباط المدني في مدينة نابلس وشرح لهم ملابسات هذا الاعتداء، و بعد مرور 4 ساعات حضر وفد من الارتباط المدني الإسرائيلي مصحوبين بقوة من الشرطة الإسرائيلية إلى تلك المنطقة، حيث طلبوا من السيد محمد مقبل إحضار ما يثبت ملكيته للأرض حيث ابرز لهم ورقة الطابو الأردنية التي يمتلكها، ومن ثم تم اصطحابه إلى مركز شرطة بن يمين بالقرب من مستعمرة مخماس شرق مدينة رام الله للتحقيق معه ولم يتم إخلاء سبيله إلا بعد منتصف الليل.
( صورة رقم 2: صورة الشكوى التي تقدم بها السيد محمد مقبل للشرطة الإسرائيلية ضد سرقة أشجاره)
( صورة رقم 3: صورة إخراج قيد باسم السيد احمد مقبل تخص الأرض المعتدى عليها)
وبعد مرور 4 أيام من الاعتداء اتصل مكتب الارتباط المدني بالسيد احمد مقبل ليخبره بأنهم قد عثروا على 140 شجرة زيتون من أصل 300 في احد المستعمرات القريبة والتي رفضوا تحديد اسمها، حيث عرضوا عليه فكرة التعويض مقابل الأشجار التي تمت سرقتها ولكنه رفض رفضا قاطعا استبدال الأشجار التي عمل على تربيتها لمدة 42 عاما باشتال عمرها سنه فقط.
مقدمة حول قريوت
تقع قرية قريوت على بعد 27 كم إلى الجنوب من مدينة نابلس وهي في محافظة نابلس. وتحيط بها عدة قرى فلسطينية عانت هي الأخرى من سياسة الاحتلال و ظلمه على مدار 40 عاما، وهي تلفيت والساوية واللبن الشرقي وجالود. تبلغ المساحة الإجمالية لقرية قريوت نحو 8471 دونما، منها 394 دونما عبارة عن المسطح العام للبناء في القرية. و يبلغ عدد سكان القرية حتى عام 2006 نحو 2800 نسمة. يذكر أن 30% من أراضي قريوت هي بالأصل أراضي طابو أردني أو عثماني في بعض منها (المصدر: مجلس قروي قريوت). خارطة رقم 1
( صورة رقم 4: منظر عام لقرية قريوت-نابلس)
سرقة مستمرة لأشجار الزيتون الفلسطينية
ومن الجدير بالذكر، أن عملية اقتلاع وسرقة أشجار الزيتون والأشجار المثمرة بشكل عام من قبل سلطات الاحتلال والمستعمرين هي عملية مستمرة منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. وفي هذا الاطار تم نقل آلاف الأشجار من المناطق الفلسطينية المحتلة لإعادة زراعتها كمظاهر جمالية إما في داخل المستعمرات القائمة في الأراضي المحتلة أو في داخل المدن الإسرائيلية. حتى أن التربة الزراعية قد تمت سرقتها هي الاخرى ونقلها إلى المستعمرات لاستخدامها في الزراعة كما حصل أيضا في قرية قريوت في أوقات سابقة.
اعتداءات متكررة وتحدي فلسطيني
يعتبر المزارع احمد مقبل مثالا للإنسان الفلسطيني الصامد على أرضه والمتحدي لسياسة الاحتلال في سرقة الأرض وتهويدها، حيث ازدادت معاناته مع المستعمرين منذ عام 2000 عندما منعوه هو وغيره من المزارعين في قريته والقرى المجاورة من الوصول إلى أراضيهم المحيطة بالمستعمرات وذلك بإتباع صور تخويف المزارعين وبث روح الرعب فيهم. ورغم ذلك تمكن السيد محمد مقبل في عام 2000 من الوصول إلى أرضه المزروعة بالقمح على مساحة 33 دونما بالقرب من مستعمرة عيلي ليجد محصوله محروقا بالكامل بأيدي المستعمرين. واثر ذلك ابلغ الشرطة الإسرائيلية بالأمر ولكن دون جدوى.
وفي نفس العام وخلال شهر تشرين الأول أثناء توجهه إلى نفس الأرض من اجل جني ثمار الزيتون تفاجئ بقيام المستعمرين بجني ثمار الزيتون وسرقتها، وعند مراجعة الشرطة الإسرائيلية تلقى وعدا بالنظر في القضية ولكنه لم يتلق أي رد حتى الآن.
وفي عام 2001 اقر المستشار القضائي لجيش الاحتلال بالسماح للمزارع مقبل بالوصول إلى أرضه بعد أثبات ملكيته لها ( أوراق الطابو الأردني) حيث قام في ذلك الوقت بحراثتها واستغلالها رغم مضايقات المستعمرين له. وبالرغم من ذلك مُنع المزارع مقبل بشكل كلي من الوصول إلى أرضه خلال الفترة من عام 2003 حتى بداية عام 2006 بعد أن اخبره ما يسمى بضابط الإدارة المدنية في سلطة الاحتلال ‘ انه لا يريد أن يحرج نفسه مع المستعمرين المتواجدين في المستعمرات القائمة في المنطقة’.
وبلغ عدد المزارعين الفلسطينيين الذين تأثروا بالمنع منذ بداية الانتفاضة عام 2000 وحتى بداية عام 2006 حوالي 400 مزارع من قريوت وجالود المجاورة وذنبهم الوحيد أن أراضيهم تقع في محيط مستعمرتي عيلي وشيلو والبؤر التوسعية التابعة لهما مع العلم أن مساحة الأراضي التي مُنع المزارعون من الوصول إليها تقدر بنحو 13600 دونما والتي تشمل مساحة المستعمرات الثلاث القائمة في المنطقة بالإضافة إلى الطرق الموصلة اليها والأراضي الزراعية. وتصنف هذه الأراضي على النحو التالي:
4000 دونم أراضي مزروعة بالزيتون.
4000 دونم عبارة عن أراضي مزروعة بالمحاصيل الحقلية.
5600 دونم عبارة عن أراضي رعوية.
وبالإضافة إلى اقتلاع وسرقة ثمار الزيتون وإغلاق الحقول الزراعية في وجه أصحابها يعمد المستعمرون إلى قتل أشجار الزيتون برش المواد الكيمائية عليها أو حرقها بالنار.
وخلال موسم قطف ثمار الزيتون في الخريف الماضي وكنتيجة لتدخل حركة التضامن الدولية ومنظمات حقوقية محلية ودولية تمكن أهالي القرية من الوصول بشكل جماعي إلى أراضيهم الزراعية بالقرب من المستعمرات مما نتج عنه اشتباكات بالأيدي والعصي مع المستعمرين عندما اعتدوا على المتضامنين الأجانب وأهالي القرية بالضرب المبرح. وعندما حضرت قوات الاحتلال عملت على طرد أهالي القرية والمتضامنين من المنطقة كحل لهذه للمشكلة الأمر الذي شجع المستعمرين على التمادي في انتهاكاتهم كسرقة أشجار الزيتون كما ورد سابقا في التقرير.
خلفية عن المستعمرات على اراضي قريوت وجالود
مستعمرة شيلو
تعود بداية النشاط الاستعماري في قرية قريوت إلى عام 1979 وذلك بإنشاء مستعمرة شيلو على أراضي قرية قريوت الجنوبية بمحاذاة شارع 60 الرئيس الذي يربط شمال الضفة الغربية بجنوبها. وبدأت المستعمرة بالتوسع على مدار الأيام والسنوات على حساب أراضي المواطنين في قريوت وجالود حيث تضم اليوم معهد ديني لتعليم التوراة بالإضافة إلى كنيس يهودي. وبلغت مساحة حدودها البلدية حتى عام 2005 نحو 3276 دونما من بينها مخطط البناء الذي تبلغ مساحته 482 دونما، وبلغ عدد المستعمرين فيها حتى نهاية عام 2005 نحو 1945.
( صورة رقم 5: منظر عام لمستعمرة شيلو ويظهر المعهد الديني على يمين الصورة )
مع مرور السنوات توسّع النشاط الاستعماري في شيلو بسرعة هائلة ليشمل تلة الشونة ووادي علي وجبل الصنعة 1 وجبل الصنعة 2 والمرحان وقلعة الحمرا من اراضي قريوت وجالود. وتبدو مستعمرة شيلو على أرض الواقع موزعة على 7 تلال في المنطقة، وباتت منازلها في إحدى مناطقها التوسعية – المراح – لا تبعد عن منازل قرية قريوت سوى 30 متراً . وقد حاول المواطن مصلح أحمد بناء منزلا جديدا له ولأسرته ولكن تم منعه تحت طائلة التهديد بحجة أن منطقة البناء قريبة من منازل المستعمرة.
مستعمرة عيلي
في عام 1984 أقدمت سلطات الاحتلال على الاستيلاء على أراض في تلال وادي علي الى الجنوب الغربي من قريوت وبدأت بإنشاء مستعمرة جديدة تحت اسم عيلي نسبة الى وادي علي الذي يفصل بين حدود أراضي محافظتي نابلس شمالاً ومحافظة رام الله جنوبا. وتزعم مصادر الاحتلال أن الوادي الذي يشمل الآن مستعمرة شيلو (منطقة سيلون الكنعانية القديمة) من أراضي قريوت هو الحد الفاصل بين مملكتي السامرة في الشمال ويهودا في الجنوب. وبلغت مساحة حدودها البلدية حتى نهاية عام 2005 حوالي 2430 دونما من بينها 776 دونما مسطحات بناء. أما عدد سكانها في نهاية عام 2005 فقد بلغ 2420 مستعمرا.
وتضم مستعمرة عيلي اليوم كلية دينية وفندقاً سياحياً على غرار الكلية الدينية المتطرفة والكنيس الكبير المقامين في مستعمرة شيلو. كما أقيمت مقبرة يهودية بجوار المستعمرة التي تقع ايضا على الشارع الرئيس رقم (60) بين نابلس ورام الله.
( صورة رقم 6: منظر عام لمستعمرة عيلي محاطة بحقول الزيتون الفلسطينية )
( صورة رقم 7+8: مستعمرة عيلي تزحف باتجاه منازل الفلسطينيين في قريوت )
وقال المواطن ممدوح محمد عبد، 37عاما، من قريوت لباحثنا الميداني انه أصبح هو وعائلته في حالة خوف مستمر من تحركات جيش الاحتلال بالقرب من منزله الذي يطل على مستعمرة عيلي لدرجة انه يُفرض عليهم منع التجوال ليلا ونهارا في بعض الأحيان، خصوصا عند حدوث عمليات فدائية فلسطينية في داخل اسرائيل.
بؤر استيطانية جديدة
أما على التلال الجنوبية لقرية قريوت فتوجد مستعمرة شفوت راحيل التي تأسست عام 1998 كبؤرة استعمارية ثم ما لبثت أن توسعت بشكل كبير خلال السنوات التسعة الماضية على حساب أراضي المواطنين حيث يقطن بها اليوم عشرات العائلات من المستعمرين الذين قدموا من روسيا و البرازيل.
كما توجد بؤرتان استعماريتان على أراضي القرية، الأولى شرق مستعمرة شفوت راحيل على بعد 2.5 كم عنها تدعى عامي- عاد والأخرى غرب مستعمرة عيلي على بعد 400م هوائي، حيث تم إنشاء البؤرتين خلال فترة سنوات انتفاضة الأقصى حيث استغل المستعمرون عدم قدرة الأهالي على الوصول إلى أراضيهم في إنشاء تلك البؤر الاستعمارية.
مصادرة بحجج امنية
استمرارا لسياسة مصادرة الأراضي بحجج أمنية أصدرت سلطات الاحتلال في عام 2005م أمرا عسكريا يحمل الرقم (05/146/T ) والذي نص على وضع اليد على 1200 دونم من أراضي جبل القلعة الحمراء غربي قرية قريوت بين مستعمرتي شيلو وعيلي. ويكمن الهدف الحقيقي من عملية المصادرة في توسيع حدود البلدات للمستعمرات القائمة، مع العلم أن الأراضي المستهدفة هي أصلا معزولة عن الفلسطينيين الذين يحرم عليهم دخولها منذ عام 2000 بسبب عربدة المستعمرين المدعومين من جيش الاحتلال.
( صورة رقم 9: جزء من الاراضي التي تمت مصادرتها على جبل القلعة الحمراء بذرائع أمنية)
عنصرية مائية
على الصعيد المائي، يعاني نحو عشرة آلاف مواطن فلسطيني في قرى المنطقة وهي قريوت وتلفيت وجالود والساوية واللبن من نقص شديد في مياه الشرب خصوصا في موسم الصيف في الوقت الذي يتمتع فيه مئات المستعمرين في المستعمرات المجاورة بكميات كبيرة من المياه لكافة الاستخدامات التي تشمل حتى برك السباحة المنزلية وكل ذلك على حساب المياه الجوفية الفلسطينية. وينعم المستعمر المقيم في مستعمرات الضفة الغربية المحتلة بحصة من الماء تعادل على الأقل ستة أضعاف ما يحصل عليه المواطن الفلسطيني من المياه ( المصدر: مركز ابحاث الاراضي).
حالات دراسية مماثلة منشورة على صفحة المشروع