تدمير مستمر لمنطقة حكر الجامع – دير البلح
تقع منطقة حكر الجامع على طول مجرى وادي السلقا, في الجزء الجنوبي الشرقي من مدينة دير البلح والمواجه لما كان يعرف بمستوطنة كفار داروم. و تشهد منطقة حكر الجامع كثافة سكانية عالية و أزقة مهشمة و بيوت ضيقة. (انظر خريطة منطقة حكر الجامع).
50 عام على هدم المنازل وتدمير الأراضي والممتلكات
انتهجت اسرائيل طوال العقود السابقة سياسة الإخلاء القسري لمنازل المواطنين الفلسطينيين في مدينة دير البلح وهدم منازلهم. وفي السنوات الخمس الماضية, أي منذ بداية الانتفاضة الثانية في عام 2000, وصل نطاق عمليات التدمير التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة إلى مستوى غير مسبوق حيث كانت معظم المنازل التي دمرها الجيش الإسرائيلي في دير البلح منازل لعائلات من اللاجئين الفلسطينيين الذين تم هدم منازلهم و ترحيلهم في العام 1948. وفي العادة تتم عمليات الإخلاء وهدم المنازل دون سابق إنذار، غالباً في الليل ولا يُعطى شاغلوها وقتاً يذكر لمغادرتها, وأحياناً يسمح لهم ببضع دقائق أو نصف ساعة لإخراج أغراضهم وهو وقت غيرً كاف. وفي أغلب الأحيان يكون التحذير الوحيد هو هدير جرافات جيش الاحتلال الإسرائيلي و الدبابات. وفي أعقاب عمليات الهدم، يعود المواطنين الفلسطينيين إلى أنقاض منازلهم بحثاُ عما يمكنهم إخراجه من تحت الأنقاض من وثائق وكتب المدرسية و أدوات منزلية و أثاث.
توغلات مستمرة و تدمير مستمر
و تعددت عمليات التوغل التي كانت تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة حكر الجامع بحكم قربها من مستوطنة كفار دارووم سابقا. فقد توغلت قوات الاحتلال قبيل الانسحاب الاسرائيلي برفقة عشرات الدبابات والجرافات الضخمة لمسافة 700متر في المنطقة الواقعة إلى الغرب من مستوطنة كفار داروم سابقا ، شرق مدينة دير البلح و قامت بتجريف العشرات من أشجار النخيل التي يزيد عمرها على 50 عاماً في منطقة حكر الجامع في دير البلح، وتجريف مساحات واسعة من الدفيئات الزراعية المزروعة بالخضراوات، وباشرت أيضا بأعمال تجريف في الأراضي الزراعية التي تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين على النحو التالي:
قطعة أرض مساحتها دونماً مزروعة بأشجار الزيتون، تعود ملكيتها للمواطن حسين محمد اللوح، بالإضافة إلى تدمير حظيرة للدواجن وسقيفة من الصفيح.
قطعة أرض مساحتها دونمان مزروعة بأشجار الزيتون، تعود ملكيتها للمواطن ماهر سليمان أبو سليم.
قطعة أرض مساحتها نصف دونم مزروعة بأشجار النخيل والزيتون، تعود ملكيتها للمواطن خليل أبو بركة.
الاحتلال الإسرائيلي و تدمير بيوت الفلسطينيين في منطقة حكر الجامع
في منزل متواضع بمنطقة (حكر الجامع) في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة تعيش عائلة اللوح في منزل لا تزيد مساحته عن 130 متر مربع. و كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد هدمت منزل العائلة المكون من طابق واحد دون أي مبرر، واضطرت العائلة للعودة من جديد والعيش في منزل قديم مسقوف بألواح الصفيح مساحته لا تزيد عن ستين متراً مربعاً ويعيش بداخله أكثر من خمسة عشر فرداً. و أضاف رب العائلة: ‘اشتريت قطعة الأرض وقمت بالبناء عليها تدريجيا حتى أوفر السكن الملائم لعائلتي كباقي الناس’. ويضيف: ‘كنت قد بدأت بنقل الأثاث للبيت الجديد وفجأة وبدون سابق إنذار بدأت الدبابات الإسرائيلية بإطلاق النيران الكثيفة على منزلي وأصابتها بالرصاص مما أدى الى تدميره بالكامل’.
أما عائلة بشير في منطقة حكر الجامع, فقد تعرضت لكثير من أنماط الإخلاء القسري وهدم المنازل وتدمير الأراضي ومصادرتها و ذلك لقرب أراضيها من مستوطنة كفار داروم, عند طرف قرية دير البلح في قطاع غزة. ومنذ بداية الانتفاضة الثانية في أيلول 2000 , داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بصورة متكررة منـزل العائلة ومنعتها من استخدام الطوابق العليا للمنزل و وضغطت عليها لترحيلها من المنزل و دمرت المنـزل المجاور للعائلة و الذي يعود أيضا لعائلة بشير هذا بالإضافة لقطعة الأرض المحيطة بالمنـزل و مزروعة بأشجار الزيتون والنخيل وبستان الخضار.
و في تاريخ 4 ديسمبر/كانون الأول 2000، دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي المنـزل القديم للعائلة و حولت الدور العلوي إلى قاعدة للجيش, هذا بالإضافة الى عدم السماح للعائلة باستخدام الدور الأوسط في البناية. وقد وضع الجنود سُلَّماً خاصاً بهم خلف المنـزل للوصول إلى الدور العلوي وسدوا النوافذ العلوية وأطراف شرفة السطح بأكياس رمل ومواد للتمويه، وحفروا ثقوباً في الجدران الخارجية حول المنـزل يستخدمونها كمواقع للقنص. وطوال السنوات الثلاث والنصف الماضية دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي بصورة تدريجية جميع الأراضي الزراعية المحيطة بمنـزل عائلة بشير. وبحلول أواخر صيف العام 2001، فإن الحديقة الكائنة أمام المنـزل هي الوحيدة التي بقيت على حالها بأشجار النخيل والأزهار. و بتاريخ 23 أغسطس/آب 2001 , اقتلع الجيش الإسرائيلي أشجار النخيل وبقية المزروعات ودمر السور المنخفض الذي يفصل الحديقة عن الطريق. وبعد أربعة أيام، دمر الجيش حظيرة الدجاج المتاخمة للمنـزل.
أما بالنسبة للمساحات التي تم تجريفها في منطقة حكر الجامع جنوب شرق دير البلح وسط قطاع غزة، كانت معظم الأراضي مزروعة بأشجار الزيتون المثمر الذي يقطفه الفلسطينيون في مثل هذا الوقت من كل عام و تعود للعائلات الفلسطينية التالية:
عائلة أبو سليم:
عائلة أبو سليم و ينتشرون في جميع أنحاء مدينة دير البلح وفي أطراف منطقة الحكر حيث لم تسلم هذه العائلة من عمليات التجريف والتدمير ففي أثناء توغل دبابات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة الحكر, دمرت 6 دونمات من أشجار الزيتون، ودفيئة زراعية، تعود ملكيتهم للأخوين، سليم وفرحان محمد أبو سليم في منطقة حكر الجامع. كما دمرت أيضاً ثلاثة أعمدة للكهرباء في المنطقة مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي لمدة يوم كامل عن المنطقة بأكملها. واقتحمت قوات الاحتلال منطقتي حكر الجامع والمزرعة، وجرفت مساحات واسعة من أراضي المواطنين الزراعية، والعائدة لعائلات: اللوح وأبو سليم، والمصري وأبو بشير.
عائلات أخرى:
لم تقتصر أعمال التخريب والدمار في منطقة حكر الجامع على عائلات اللوح والبشير وإنما طالت عائلات فلسطينية أخرى تعيش في منطقة حكر الجامع في دير البلح حيث جرفت قوات الاحتلال مساحات واسعة من أراضي المواطنين الفلسطينيين المزروعة بأشجار الزيتون والنخيل، والعائدة لعائلتي أبو عمرة ومسلم. كما جرفت ما مساحته عشرة دونمات مزروعة بالنخيل والزيتون تعود ملكيتها لمواطنين من عائلات أبو بكرة وأبو سليم والطواشي، كما جرفت قوات الاحتلال أراضٍ زراعية تعود لعائلتي ‘أبو سليم’ و’الديراوي’ في منطقة حكر الجامع، واقتلعت عشرات أشجار النخيل والزيتون، كما توغلت لمسافة [300] متر في منطقة البركة جنوب غرب دير البلح، و جرفت ما يزيد عن [10] دونمات من أراضي المواطن ‘حسن المليطي’ المزروعة بالخضروات، ودمرت خط المياه الرئيس، الذي يغذي المنطقة بكاملها.
وفي اجتياح أخر لمنطقة الحكر, قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتجريف ما مساحته 20 دونما مزروعة بأشجار الزيتون والنخيل والخضروات تعود ملكيتها لعائلات بركة، واللوح، وأبو سليم.
وفي توغل أخر في منطقة حكر الجامع قامت الدبابات والجرافات الإسرائيلية بتدمير أكثر من [120] دونماً و[15] بيت بلاستيكي، من أراضى المواطنين ‘عطوة ملوح’ و’محمد أبو بركة’ وعائلة ‘أبو سليم’، وأطلقت نيران رشاشاتها الثقيلة، باتجاه منازل المواطنين في منطقة البركة، مما ألحق أضراراً في العديد من المنازل والممتلكات،
التدمير والحق في السكن:
يرتبط تدمير منازل الفلسطينيين وأراضيهم الزراعية وممتلكاتهم الأخرى في دير البلح، ارتباطاً لا ينقسم بالسياسة التي تنتهجها إسرائيل منذ أمد طويل وتتمثل في مصادرة أكبر مساحة ممكنة من الأراضي التي تحتلها، لاسيما عبر إقامة المستوطنات الإسرائيلية. وتنتهك الممارسات الإسرائيلية أيضا القانون الإنساني الدولي و حق الفلسطينيين في السكن الملائم حيث يكفل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المادة 11 الحق في السكن الكافي: ‘تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشة كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية، وتتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق…’
ويشمل الحق في السكن الحق في العيش في مكان ما بسلام وأمن وكرامة، فضلاً عن الحق في سكن كاف. ولا يشمل الحق في سكن كاف فقط ما يكفي من الخصوصية والحيز والأمن والحماية من عناصر الطبيعة والأخطار التي تتهدد الصحة، والتهوية بتكلفة معقولة، بل أيضاً يشمل من جملة أمور، الضمان القانوني للحيازة – بما فيها الحماية من الإخلاء القسري والمضايقة والتهديدات؛ والحصول المتواصل على : مياه الشرب الآمنة والتدفئة والإضاءة والمرافق الصحية ومرافق الاغتسال والتخلص من النفايات والخدمات الطارئة.وبموجب المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يحق لجميع الأشخاص المقيمين بصورة قانونية في إقليم ما حرية اختيار مسكنهم.
[1] أسماء المتضررين و الارقام الواردة في هذا التقرير تم الحصول عليهم من خلال العمل الميداني و مقابلات مع المواطنين