منطقة السيفا:
منطقة السيفا جزء من قطاع غزة و تقع في المنطقة الشمالية منه في شمال غرب بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة ويحدها من الشمال الخط الأخضر الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل ومن الغرب البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب والشرق أراضي بيت لاهيا. بلغ عدد سكان منطقة السيفا مع بداية اندلاع انتفاضة الأقصى حوالي 380 نسمة حسب تقديرات الإحصاء المركزي الفلسطيني عام 2000 ، و يشار إلى ان منطقة السيفا تقع في الشمال الغربي لبلدة بيت لاهيا شمال غزة وهي محاصرة بمستعمرتي إيلي سيناي ودوغيت المقامتين على أراضي المواطنين هناك، والعائلات التي تسكن المنطقة هي: عائلات الغول وأبو خوصة والنحال ومعروف، ويبلغ عدد سكانها 400نسمة (الجهاز المركزي للإحصاء) (انظر خريطة 1 قطاع غزة)
السيفا والمعاناة من المستوطنات الإسرائيلية:
تحيط منطقة السيفا من جهة الغرب و الشمال مستوطنة ايلي سيناي، ومستوطنة دوغيت من الجنوب الغربي. وتعتبر من أخصب الأراضي الزراعية وتقع فوق أعذب خزان للمياه الجوفية في شمال قطاع غزة.
و تعرضت المنطقة لممارسات إسرائيلية من هدم وتجريف وهدم للمنازل وتجريف للأراضي الزراعية ومصادرتها، ومحاصرة جزء كبير من السكان في المنطقة الواقعة بين مستوطنتي دوغيت وايلي سيناي.(انظر الصورة الجوية لشمال قطاع غزة) وجراء ذلك تقلص عدد سكان منطقة السيفا إلى 180 نسمة، وهاجر جزء منهم الى قرية بيت لاهيا الملاصقة لها من جهة الجنوب والعدد في تناقص مستمر بسبب الإجراءات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على المنطقة. ويبلغ عدد السكان خارج المنطقة المحاصرة حوالي 200 نسمة معظمهم من البدو الذين يقيمون في مساكن متواضعة شرق مستوطنة دوغيت ولا تقل معاناتهم عن معاناة المنطقة المحاصرة. ففي حديث لأحد سكان المنطقة, المواطن موسى الغول قال ‘أن قوات الاحتلال فرضت الحصار على المنطقة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى وأغلقتها بالكامل ولم يسمح بمرور سكانها إلا عبر حاجز إسرائيلي ومن خلال إبراز بطاقات ممغنطة أصدرها الجانب الإسرائيلي لهم مؤخرا، موضحاً ان قوات الاحتلال تمارس سياسية الإذلال والقمع بحق السكان إضافة إن الاغلاقات المتكررة للمنطقة تعمل على إتلاف المحاصيل الزراعية وتعزل السكان عن بيت لاهيا مما يسبب نقصاً في المواد التموينية و خاصة وأن سكانها يعتمدون على الزراعة في كسب قوتهم اليومي. و قال الغول أن أضراراً كبيرة لحقت بالمزارعين الفلسطينيين جراء الاغلاقات المتكررة للمنطقة، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال تسمح بخروج سكان المنطقة في تمام الساعة الثامنة صباحا و تغلق الحاجز وتسمح بعودتهم اليها في تمام الساعة الثالثة عصرا من كل يوم، حيث يواجهون معاناة وإذلالا بشكل يومي من قبل قوات الاحتلال المتمركزة عند الحاجز الوحيد الذي يسمح لسكان المنطقة بالتنقل من وإلى بلدة بيت لاهيا للتزود بالمواد الغذائية أو توجه طلبة المدارس الى مدارسهم.
القوات العسكرية والتهجير القسري لمزارعي السيفا
تعمدت القوات العسكرية الإسرائيلية منع وعرقلة مرور العشرات من المزارعين الفلسطينيين من سكان منطقة السيفا في بيت لاهيا من الدخول عبر الحاجز العسكري الى أراضيهم، ولم تجد محاولات هؤلاء المزارعين لإقناع جنود الاحتلال المتمركزين عند الحاجز، بأن عليهم متابعة شؤون أراضيهم ومحاصيلهم الزراعية نفعاً، على رغم من امتلاكهم لتصاريح دخول خاصة، كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد أصدرتها لهم سابقاً. ويواجه المزارعين في منطقة السيفا صعوبة بالغة في نقل المنتجات الزراعية من داخل المنطقة لخارجها، أو نقل مستلزمات الزراعة من بذور وسماد وغيرها لداخل المنطقة، وذلك حسب توقيت الدخول والخروج, وعدم السماح إلا لعدد محدد من العربات للدخول والخروج. كما توجد صعوبة بالغة في إصلاح أي عطل في محولات المياه في حال حدوثها. و أدى هذا الحصار أيضا الى زيادة معاناة مزارعي المنطقة و ذلك بسبب العرقلة المستمرة لحركة المرور، و عدم وجود طرق معبدة والسماح للمواطنين بإدخال وسائل نقل واضطرار السكان، وخاصة طلاب المدارس للسير مسافة 3 كم لأقرب مدرسة في المنطقة مما أدى إلى تدني مستوى المعيشة لسكان المنطقة، وتحويل حياتهم إلى جحيم يومي.
ويخشى المزارع ‘أبو ربيع’ الذي يمتلك قطعة أرض زراعية في المنطقة الواقعة بين مستوطنتي ‘ايلي سيناي’ و’دوغيت’ على الشريط الساحلي، ألا يتمكن من الوصول إلى مزرعته، أن يتكبد خسارة مالية باهظة، بعد أن منعته قوات الاحتلال من اقتلاع محصوله. وقال المزارع ‘صلاح’: إن قوات الاحتلال تمنعه من إخراج محاصيل البندورة والخضروات إلى خارج المنطقة منذ أسابيع عدة، وذلك بعد أن غادر أرضه الزراعية ذات يوم، مشيراً إلى أنه لا يستطيع الوصول إلى أرضه في أعقاب إغلاق منطقة السيفا. وأعرب مزارعون آخرون عن استيائهم وغضبهم لتعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي منعهم من الدخول إلى أراضيهم لممارسة عملهم في الزراعة، مشيرين إلى أنهم توجهوا الى عدة مؤسسات ومنظمات حقوقية للتدخل من أجل السماح لهم بالعمل إلا أن ذلك لم يجد نفعاً.
وتتناقض هذه الاعتداءات الإسرائيلية مع العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعام 1966، بموجب المادة (1)، حيث تنص على أنه ‘لا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.’ وبموجب المادة (5) من نفس العهد تحظر على أي دولة أو جماعة أو شخص مباشرة ‘أي نشاط أو القيام بأي فعل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد…’. علاوة على ذلك اعتبرت لجنة مناهضة التعذيب، أن سياستي الحصار وهدم المنازل اللتين تمارسهما قوات الاحتلال تشكلان انتهاكا للمادة (16) من اتفاقية منع التعذيب و المعاملة القاسية والإحاطة بالكرامة، ولا يمكن تبرير استخدام هاتين السياستين تحت أي ظرف من الظروف.
التهجير القسري لسكان السيفا
تحيط سلطات الاحتلال مساحات واسعة من أراضي المواطنين، التي تقدر بآلاف الدونمات، بأسلاك شائكة ومواقع عسكرية ثابتة تحول دون دخول المزارعين وأصحاب الأرض إلى هذه الأراضي، في إطار إغلاقها المنطقة، وتوفير ما يسمى بحماية أمن المستوطنات في شمال محافظات غزة.
على الصعيد ذاته، تكررت محاولات عشرات المواطنين الفلسطينيين من سكان منطقة السيفا للعودة إلى منازلهم داخل المنطقة عبر الحاجز العسكري، فيما تصر قوات الاحتلال على منعهم من الدخول.ودأبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي رفضت السماح لهؤلاء المواطنين بالدخول للإقامة في منازلهم التي باتت خالية من أصحابها ويتهددها خطر التوسع الاستيطاني خلال الأيام الماضية الى مضاعفة الإجراءات العسكرية المتبعة بحق السكان، وتحوّل العشرات من أصحاب هذه المنازل إلى مهجرين خارج منطقة سكناهم، ومنهم من يقضي ساعات الليل لدى الأقرباء والأصدقاء وفي منازل استأجروها فيما يقضوا معظم ساعات النهار، في محاولة للدخول والعودة الى أرضهم ومنازلهم.
وفيما يتعلق بمن تبقى من السكان داخل منطقة السيفا، التي تخضع لحصار مشدد، لاسيما بعد فرض الإغلاق، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعمد الى منعهم من الخروج للتزود بالمواد الغذائية الأساسية، باستثناء اثنين أو ثلاثة منهم فقط وبشروط قاسية، لتوفير ما أمكن من مواد ومستلزمات. فيما تعرقل قوات الاحتلال الإسرائيلي، للأسبوع الخامس على التوالي، الحركة الاعتيادية للمواطنين الفلسطينيين، وتجبرهم على السكن والعيش في ظل ظروف صعبة وقاسية. و قال المواطن أبو زياد الغول (55 عاماً) إن قوات الاحتلال منعت السكان من إدخال الغاز اللازم للوقود المنزلي، حيث يضطر هؤلاء السكان لاستخدام طرق بديلة, كما عانى سكان المنطقة من صعوبة نقل مرضاهم واضطرارهم للسير مسافة طويلة، أو بواسطة عربات، وعدم السماح بدخول سيارات الإسعاف إلا بتنسيق مسبق و الذي يتطلب وقت طويل.
الممارسات الإسرائيلية والقانون الدولي:
الاعتداء على حرية التنقل والحركة : يتضح مما سبق أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لا زالت تستخدم الحواجز العسكرية كوسيلة لإذلال المواطن الفلسطيني. وقد استخدمت قوات الاحتلال الحاجزين كمصيدة اعتقال المواطنين المتنقلين من خلاله جنوباً وشمالاً. كما لا تزال معاناة مواطني منطقة السيفا المحاصرة بين مستوطنتي دوغيت وإيلي سيناي شمال قطاع غزة ومنطقة المواصي الواقعة غرب خان يونس على شاطئ البحر مستمرة من حيث مصادرة حقهم في التنقل بحرية. بما يتنافي والشرائع الدولية، حيث تؤكد المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على حق كل شخص في التنقل والحركة، وتنص المادة الثانية عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للعام 1966، على حق كل شخص يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما في حرية التنقل واختيار مكان إقامته، وحقه في حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده. إن أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان ملزمة لدولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي كونها طرفاً في معظم الاتفاقيات الدولية.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – أريج (القدس)