قرية وادي السلقا, إحدى التجمعات السكانية في المحافظة الوسطى في قطاع غزة، الواقعة على امتداد السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م إلى الشرق من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة ، ويبلغ عدد سكان القرية حوالي 4300 نسمة حسب تقدير الإحصاء المركزي الفلسطيني عام 2003 (سكان التجمعات الفلسطينية 1997-2010) ويبلغ عدد الأسر فيها ما يقارب ال 458 أسرة (دليل السلطات المحلية). كانت قرية وادي السلقا معبر وطريق للمماليك والأتراك قديما ويوجد في القرية قبر الصحابي أبو عبيدة عامر الجراح و مركز بريد للمماليك. (انظر خريطة 1 خريطة قطاع غزة)
معاناة القرية:
تعتبر القرية من أكثر المناطق عرضة لعمليات الاجتياح الإسرائيلي المتواصل وعمليات فرض نظام منع التجول الذي لا يكاد ينتهي حتى يفرض من جديد, فهذه القرية البالغ عدد سكانها 5000 نسمة حسب تقديرات عام 2005 يعيشون على مساحة صغيرة من الأرض لا تزيد عن 5 كم² (دليل السلطات المحلية) هي بمثابة منطقة معزولة ومحاصرة من المستوطنات والمواقع العسكرية الاسرائيلية المنتشرة في محيطها و من جميع الاتجاهات, فمستوطنة كفار داروم تحد هذه القرية من الجهة الغربية في حين يعزلها عن تواصلها الجنوبي طريق كيسوفيم الاستيطانية الواصلة بين مستوطنات غوش قطيف والأراضي المحتلة عام 1948م, أما من جهة الشرق فالسياج الأمني الفاصل, في حين يتحكم جنود الاحتلال في مدخلها الشمالي وقتما شاؤوا عبر المواقع العسكرية المنتشرة في الدفيئات الزراعية التابعة لمستوطنة كفار داروم. ولم يتبقى للقرية سوى مدخلا وحيد يتحكم به هو الأخر جنود الاحتلال الإسرائيلي من حيث أوقات الفتح و الإغلاق.
انتفاضة الأقصى وقرية وادي السلقا:
منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 28/9/2000 والقرية تعيش في معاناة شديدة جدا فهي منطقة شبه معزولة ومغلقة ومحاطة بالمستوطنات والحواجز العسكرية الإسرائيلية مما زاد من معاناة سكان القرية اليومية اثناء محاولتهم للخروج من و الدخًول الى القرية عبر بوابة واحدة لا يزيد عرضها عن عدد أصابع اليد الواحدة من الأمتار .
القرية وأعمال الهدم و التجريف:
لقد نالت القرية نصيبها من أعمال التجريف والدمار، حيث طالت أعمال التجريف فيها العديد من منازل المواطنين الفلسطينيين فضلاً عن عشرات المنازل المهددة بالهدم والمحتلة أصلا. كما أن الأراضي الزراعية والأشجار لم تكن بمنأى عن كل ذلك بل قامت جرافات الاحتلال الإسرائيلي بتجريف آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية هناك بالإضافة إلى اقتلاع آلاف الأشجار المثمرة وحرمان سكان القرية مصدر رزقهم الوحيد من خلال عملية التدمير والتجريف هذه بالإضافة الى تدمير مئات الدفيئات الزراعية التي يقتات منها الأهالي هناك .
فقد أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي في عام 2004 على هدم 13 منزلاً تعود ملكيتها لمواطنين في قطاع غزة وكانت قوات معززة من جيش الاحتلال الإسرائيلي قد هدمت ثمانية منازل فلسطينية في قرية وادي السلقا جنوب شرقي مدينة دير البلح بعد محاصرة المنازل والطلب من أصحابها الخروج منها تحت تهديد السلاح و منحهم خمسة دقائق فقط لإخراج ممتلكاتهم و أثاثهم منها ثم وضعوا المتفجرات فيها ودمروها بصورة كلية, (انظر الصورة الجوية لمنطقة وادي السلقا). وتعود المنازل المدمرة إلى كل من كمال كامل أبو شعر وحسن شحدة أبو شعر و فايز عبد الرازق أبو شعر وسلامة محمد أبو مساعد وعودة محمد الحميدي وعادل عبد العزيز أبو مغيصب وحسن جمعة أبو شعر و عطيوي عثمان عطوة أبو شعر.
عرقلة حركة المواطنيين من و الى القرية:
هذا وعمدت قوات الاحتلال الاسرائيلي منذ بداية الانتفاضة على منع أهالي قرية وادي السلقا من الوصول إلى أراضيهم ومزارعهم الواقعة على امتداد السياج الأمني الفاصل كما منعتهم من جني ثمار محاصيلهم ومزارعهم مما الحق خسائر فادحة في هذه المزارع جراء تلك الممارسات القمعية التي لا تنتهي. كما أن طريق كوسوفيم(الطريق الاستيطانية الواصلة بين مستوطنات غوش قطيف والأراضي المحتلة عام 1948م) قد شطر جزءاً من القرية بحيث لا يتمكن المواطن الفلسطيني من الوصول إلى أرضه التي لا تبعد عنه إلا مسافة عرض الطريق الأمر الذي يضطره إلى السفر مسافة ليست بسيطة للوصول إليها عبر بعض الطرق الترابية و المعرضة للخطر بسبب تواجد الوحدات الخاصة الإسرائيلية التي ترابط في البساتين والأراضي الزراعية المجاورة.
و في شهادة لمجلس قروي وادي السلقا السابقة ذكر بأن حركة المواطنين الفلسطينيين في القرية باتت مشلولة حيث يصعب الحركة والتنقل فيها خشية تعرضهم لإطلاق النار من قبل قناصة جنود الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين فوق العديد من منازل الفلسطينيين. كما و يصعب على المزارعين الفلسطينيين نقل الخضراوات من و الى القرية الريفية ويخشى التجار أيضا دخولها لنقل المنتجات الزراعية منها فيما انعدمت الحركة السياحية التي نشطت في هذه المنطقة التي ترتفع 86 متراً عن سطح البحر.
ان استمرار العدوان الإسرائيلي بمختلف أشكاله على مدى السنوات السابقة على القرية اثر على المشاريع في المنطقة و خاصة في مجال البنية التحتية, من تدمير لشبكة الكهرباء والتلفونات وشبكات االمياة و الصرف الصحي, و مما زاد الأمور تعقيدا هو قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق الطريق الرئيسي المؤذي للقرية ما يزيد عن عاميين مما اضطر المواطنين الفلسطينيين من البحث عن طريق ترابي أخر يسلكونه الأمر الذي زاد من معاناتهم وضاعف من عذاباتهم .
التنقل بين المناطق في قطاع غزة
منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في أيلول عام 2000، سيطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي على الطرق والمحاور الرئيسة التي تربط محافظات غزة ببعضها البعض، مما مكنها من تقسيم قطاع غزة إلى عدة مناطق معزولة عن بعضها البعض. وفيما تواصل قوات الاحتلال إغلاق طريق رفح-خان يونس الغربية، وطريق صلاح الدين من محور مفترق الشهداء، وطريق أبو العجين من محور(( تبة 86))(كيسوفيم)، تواصل إغلاقها المتكرر يومياً لحاجزي المطاحن – أبو هولي على طريق صلاح الدين، شمال مدينة خان يونس، واللذين يفصلان جنوب القطاع عن وسطه وشماله. (انظر الصورة الجوية شارع كسوفيم).
إلى ذلك، تواصل قوات الاحتلال حتى لحظة إعداد هذه النشرة، إغلاق العديد من الطرق، التي كانت قد أغلقتها منذ بداية الانتفاضة بشكل كامل، مثل طريق خان يونس رفح الغربية، جنوب القطاع، طريق أبو العجين، الواصلة بين بلدتي القرارة ووادي السلقا، شمال خان يونس، وطريق صلاح الدين’ مفترقي الشهداء وكفار داروم’، وسط القطاع. كما لا تزال قوات الاحتلال تحرم المواطنين الفلسطينيين من التحرك على طرق كيسوفيم، موراج والمنطار، جنوب ووسط القطاع، وهي طرق فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي سيطرتها الكاملة عليها وخصصتها لمرور المستوطنين الإسرائيليين منذ بداية الانتفاضة.
الاحتلال يحاصر العائلات الفلسطينية في وادي السلقا
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ومنذ اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول عام 2000 إجراءات الحصار التي بدأت تفرضها على عائلات وادي السلقا وسط قطاع غزة، الأمر الذي يجعلها تعيش في عزلة شبه تامة عن باقي المناطق المجاورة لها. وذكر أهل القرية إن قوات الاحتلال وضعت أسلاكاً الكترونية وبوابات حديدية حول 16 منزل تعود لعائلات فلسطينية تعيش جنوب قرية وادي السلقا بمحاذاة طريق ‘كسوفيم’ الاستيطانية و إن أعمال عزل المنطقة يعني إنشاء منطقة عازلة في القرية لن تمكن سكانها من الدخول والخروج إلا وفق أحكام جنود الاحتلال الإسرائيلي. و في مقابلة مع السيد عودة أبو عريبان (52 عاماً) الذي يقع منزله في المنطقة المعزولة قال إن مسئول الارتباط الإسرائيلي حضر إلى المكان وأمر بتجميع رجال المنطقة وأبلغهم بقرار فرض العزلة عليهم بحجة أمنية ولدرء المشاكل كما زعم. وأضاف أبو عريبان أن جنود الاحتلال الإسرائيلي أبلغوا المواطنين الفلسطينيين القاطنين في المنطقة المعزولة بمواعيد محددة للخروج والدخول الى المنطقة والتي تشمل السماح لهم بالخروج من الساعة السادسة والنصف صباحاً وحتى الثامنة ليتم إغلاق البوابة حتى الساعة العاشرة والنصف ويعاد فتحها حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا، إلى جانب فتحها في ساعات ما بعد الظهر من الساعة الثالثة و حتى الساعة الخامسة والنصف.
وقبل أن تبدأ قوات الاحتلال الإسرائيلي بهذا العزل قامت بتصوير رجال ونساء المنطقة وجهزت لهم ملفات خاصة لكي تتعامل معهم وفق إجراءات عسكرية وأمنية خاصة. وان هذا الاجراء العسكري سيمس نحو 150 فرداً يعيشون في المنطقة المذكورة وسيجعل حركتهم رهناً بأهواء ومزاج الجنود.
القانون الدولي وممارسات الاحتلال في القرية
وتمثل سياسة الحصار شكلاً من أشكال العقوبة الجماعية التي يحظرها القانون الدولي الإنساني، خاصة أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب، والقانون الدولي لحقوق الإنسان. فالمادة 33 من الاتفاقية المشار إليها تحظر على قوات الاحتلال الحربي القيام بمعاقبة الأشخاص المحميين على جرائم لم يرتكبونها، كما تحظر على تلك القوات اتخاذ تدابير اقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم، وتؤكد المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على حق كل شخص في التنقل والحركة، وتنص المادة الثانية عشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للعام 1966، على حق كل شخص يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما في حرية التنقل واختيار مكان إقامته، وحقه في حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده. إن أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان ملزمة لدولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي كونها طرفاً في معظم الاتفاقيات الدولية.
كما تتناقض هذه الأعمال العدوانية غير المبررة مع العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعام 1966، بموجب المادة (1)، حيث تنص على أنه ‘لا يجوز في أية حال حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة.’ وبموجب المادة (5) من نفس العهد تحظر على أي دولة أو جماعة أو شخص مباشرة ‘أي نشاط أو القيام بأي فعل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد…’علاوة على ذلك اعتبرت لجنة مناهضة التعذيب [1]، أن سياستي الحصار وهدم المنازل اللتين تمارسهما قوات الاحتلال تشكلان انتهاكا للمادة (16) من اتفاقية منع التعذيب و المعاملة القاسية والإحاطة بالكرامة، ولا يمكن تبرير استخدام هاتين السياستين تحت أي ظرف من الظروف.
اعداد : معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج)