أماكن السرقة:
تعتبر الرمال الصفراء في قطاع غزة من المصادر الطبيعية الهامة ومصدر من مصادر المخزون الطبيعي حيث تعتبر من أهم مصائد الأمطار في فصل الشتاء ، فبالإضافة إلى استخدامها في صناعة مواد البناء فإنها تحتوي على نسبة كبيرة من الكوارتزيت الذي يدخل في كثير من الصناعات كالزجاج والأدوات الكهربائية ومن هنا تعتبر الرمال ثروة اقتصادية باعتبارها أحد المصادر الطبيعية.
إلا أن هذه الثروة الاقتصادية تتعرض وباستمرار إلى سرقة وتدمير منظم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، وذلك ضمن سياسة إسرائيلية لسرقة الثروة الفلسطينية وتخريب البيئة الفلسطينية ، وينحصر وجود احتياط الرمل في ثلاثة مناطق وهي في منطقة المواصي ابتداء من جنوب دير البلح حتي شواطئ مدينة رفح ، وكذلك منطقة بيت لاهيا في الشمال الغربي للقطاع، ومنطقة مستوطنة 'نتساريم' (أراضي أبو مدين) وسط غرب قطاع غزة، والتي تحد مدينة غزة من جهة الجنوب الغربي .
حجم السرقة:
من خلال الزيارة والمشاهدة الميدانية فقد تم رصد سرقة رمال غزة بواسطة شاحنات ضخمة تحت حماية الجيش الإسرائيلي في منطقة مستوطنة نتساريم، وأمكن بالفعل رصد ما بين (10-15) شاحنة يوميا أي بمعدل (400-450 شاحنة شهريا) وقد أفاد تقرير صادر عن هيئة الاستعلامات الفلسطينية أن ما مجموعة 2555 شاحنة نقلت كميات هائلة من الرمال من المنطقة المجاورة لمستوطنة 'نتساريم' وذلك في الفترة الممتدة من 29/7/2002 وحتى 9/3/2003. وتقدر حمولة هذا العدد من الشاحنات بعشرات الآلاف من الأمتار المكعبة من الرمال الصفراء النظيفة.ويشير الجدول التالي إلى حجم الرمال المستنزفة من شاطئ قطاع غزة عام 1994.
حجم الرمال المستنزفة من شاطئ قطاع غزة عام 1994
الكمية 1000 م3 |
المساحة |
المنطقة |
12634 |
1762 |
بيت لاهيا |
3645 |
1005 |
غزة |
3765 |
1240 |
المنطقة الوسطى |
2652 |
660 |
خانيونس |
1330 |
395 |
رفح |
975 |
150 |
المواصي |
25001 |
5212 |
المجموع |
المصدر /هيئة الاستعلامات الفلسطينية
وكما يشير الجدول ، فإن كمية الرمال المزالة حتى ذلك التاريخ حوالي 25 مليون متر مكعب من مساحة تقدر بـ5212 دونم، وتتركز عملية نزح الرمال من مناطق مستوطنات غوش قطيف في الجنوب، ومستوطنة نتساريم، وكذلك المستوطنات الواقعة شمال بيت لاهيا وهي مستوطنات نيسانيت وإيلي سيناي. ومن أبرز مقالع الرمال التي تستخدمها المستوطنات
-
مقلع بيت دولح 'غوش قطيف' : ويمتد على مساحة مئات الدونمات
-
مقلع نتساريم : ويقع في المنطقة الواقعة بين مستوطنة نتساريم ومدينة الزهراء
-
مقلع (إيلي سيناي + نيسانيت) أو بيت لاهيا
و أفادت المديرية العامة للرمال والمحاجر في غزة أن المشكلة تكمن في أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على أكثر من 40% من أراضي قطاع غزة بما فيها المستوطنات وما حولها من مناطق أمنية صفراء (مناطق تخضع للأمن المشترك, مثل مناطق ب في الضفة الغربية) وفي تلك المناطق المسيطر عليها يوجد الاحتياطي الاستراتيجي للرمل في قطاع غزة، وتنقسم مناطق احتياط الرمل إلى ثلاثة مناطق وهي
-
مواصي خانيونس جنوب غرب قطاع غزة،
-
ومنطقة بيت لاهيا في الشمال الغربي للقطاع،
-
ومنطقة ما تسمى مستوطنة 'نتساريم' وسط غرب قطاع غزة،
و حسب اتفاقية أوسلو, فلا يحق للإسرائيليين أن يجروا أي تغير في معالم الأرض مهما كانت الأسباب، إلا أن قوات الاحتلال مستمرة بسرقة الرمال من المناطق الأمنية المتاخمة والمحيطة بالمستوطنات، ويقوموا بشحنها بواسطة شاحنات عسكرية إسرائيلية الى داخل الخط الأخضر.
و أضافت المديرية في تقريرها أن قوات الاحتلال تقوم ببيع الرمل لحسابها وبسعر 10 شيكل للكوب ( الكوب = متر مكعب)، مما زاد من كميات الرمال المسروقة من نوع الرمال النظيفة و التي تقدر بحوالي مليون ونصف المليون كوب من الرمال وذلك منذ التوقيع على اتفاقية أوسلو حتى الآن.
سرقة التربة الطينية:
ولم تكتفي سلطات الاحتلال بسرقة الرمال الصفراء بل قاموا بسرقة التربة الطينية الصالحة للزراعة وذات الخصائص والمميزات التي تميزها عن غيرها من التربات الأخرى. حيث أشارت المديرية العامة للرمال و المحاجر في هذا المجال الى أن قوات الاحتلال لا تسرق الرمال النظيفة فقط بل أقدمت على سرقة التربة الطينية من قطاع غزة وهي تربة معروفة بجودتها العالية للزراعة، وقاموا بسرقة ما يقدر بـ 100.000كوب من أراضٍ حكومية ،و 50.000 كوب من منطقة البركة التي تقع في مدينة دير البلح، و 50.000 كوب أيضاً من مناطق شرق مدينة دير البلح تاركين خلفهم حفراً في الأرض بعمق 6 أمتار، مما أدى إلى دمار خطير في البيئة الفلسطينية، منتهكين بذلك جميع الاتفاقيات الموقعة معهم بهذا الخصوص وجميع المعاهدات البيئية المعترف بها دولياً. و لم تكتفي إسرائيل بهذا الحد, بل بلغت الذروة في سرقة كثبان الرمال المحيطة بمستوطنة ' إيلي سيناي'، وهي من الرمال النقية جداً وتستخدم في صناعة الزجاج وتدخل في الصناعات الكهربائية والإليكترونية.
أثار السرقة على تدمير البيئة الفلسطينية
أن سرقة الرمال من الأراضي الفلسطينية تعد خطراً بيئياً لا يمكن علاجه إلا بعد مئات السنين. حيث أن إزاحة هذه الرمال التي تعمل عمل 'فلتر' لتصفية وحجز مياه الأمطار سيؤدي إلى تبخر المياه، كما تتيح لها الاتصال بمياه البحر المالحة، ما يفقدها عذوبتها. كما أن سرقة الرمال لا تقتصر على فقدان مصدر مهم للمياه العذبة، بل هي سبب أساس لتدمير تضاريس الساحل التي تعتبر بيئة سياحية مهمة، ومتنفساً لسكان قطاع غزة.. إضافة إلى تآكل سطح التربة وتقليل نسبة خصوبتها، ما يؤثر على الحياة البرية التي تعد بيئة خاصة للعديد من الحيوانات والنباتات البرية. ، كما أن إزالة الرمال بدون ضوابط أو ترشيد تفقد الشاطئ قيمته الجمالية الطبيعية وتهدد التنوع الحيوي في المنطقة، حيث تضطر الحيوانات البرية إلى هجر أماكن سكناها بعد تجريف الأراضي الرملية كما يتم القضاء على كثير من أنواع النباتات البرية ، بالإضافة إلى ذلك ، فإن أماكن اقتلاع الرمال سرعان ما تتحول إلى أماكن لتجميع النفايات الصلبة والمياه العادمة إذا ما تسربت لها المياه العادمة او الملوثه.
سرقة وتلويث المياه الجوفية:
لم يتكفي الاحتلال الإسرائيلي بسرقة الرمال الصفراء من قطاع غزة ، بل عمل على سرقة المياه من قطاع غزة عبر مضخات إلى داخل الخط الأخضر وكذلك عمدت إلى تلويث المياه الجوفية عبر إقامة برك تجميع مياه الصرف الصحي فوق الأماكن التي يوجد فيها مخزون المياه الجوفية العذبة. وهذا يتضح جلياً من إقامته لبرك المجاري في مناطق الشيخ عجلين بغزة وتل السلطان في مدينة رفح وكذلك في شمال مدينة بيت لاهيا. وتلك الأماكن الثلاث هي بمثابة أكبر وأهم مخزون جوفي للمياه العذبة في قطاع غزة. فبعد مرور وقت قصير من إقامة تلك البرك أثبتت التحاليل المخبرية أن النترات قد بدأت نسبة ارتفاعها في الآبار المجاورة لبرك تجميع مياه الصرف الصحي حيث أنها وصلت في بعض الآبار إلى حد لا يسمح باستخدام تلك الآبار كمصدر لمياه الشرب أو الاستعمال الآدمي، لذلك أغلقت عدة آبار لمياه الشرب المتواجدة بجانب تلك البرك.
كما أصدرت سلطات الاحتلال أوامر فرضت بموجبها سيطرتها الكاملة على المياه الفلسطينية، ومنعت الفلسطينيين من حرية التصرف في مواردهم المائية، ويتضح هذا العدوان بشكل كبير في كمية المياه المعطاة للفلسطينيين في اتفاقية أوسلو فقد أعطت الاتفاقية السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية 127.4 مليون متر مكعب أي ما نسبته 18.7% من مجموع كميات المياه التي قدرتها الاتفاقية بـ 679 مليون متر مكعب، وتذهب 552 مليون متر مكعب إلى إسرائيل، وفي قطاع غزة تستخدم إسرائيل كميات كبيرة من مياهه فيما هو يعاني أصلاً من نقصان مياه الخزان الجوفي.
إن إسرائيل ومنذ احتلال الأراضي الفلسطينية بدأت في نهب واستنزاف الموارد المائية الفلسطينية خلافا للاتفاقيات التي وقعت بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي في 13 سبتمبر عام 1993 والذي عرف بإعلان المبادئ المادة 7 ، والملحق الثالث البند 1 والملحق الرابع البند 3 . وكذلك ظهر في اتفاق القاهرة ( اتفاقية قطاع غزة ومنطقة أريحا وملاحقها المادة الثانية فقرة 31 المياه والصرف الصحي . والحقوق المائية الفلسطينية إنما تستند على الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والتي يمكن تلخيصها في الآتي :
-
الملحق 3 من اتفاقية المبادئ الموقعة بتاريخ 13/9/1993 والذي ينص على أنه سوف يجري بحث قضايا المياه وإعداد خطط خاصة بما يتعلق بتعريف حقوق المياه لكل طرف على أساس مبدأ الاستخدام العادل للمصادر المائية .
-
البند 1 من الفقرة 40 لاتفاقية أوسلو وتنص على ما يلي :' تعترف إسرائيل بالحقوق المائية للفلسطينيين وسوف يتم التفاوض حول تلك الحقوق والتوصل إلى تسوية بشأنها خلال مفاوضات الوضع النهائي والتي تتعلق بمختلف مصادر المياه .
-
قرارات 242 ، 338 وهي مرجعية عملية السلام .
-
القانون الدولي فيما يخص مجاري المياه غير الملاحية .
-
اتفاقية المجاري المائية الدولية 1997 خصوصاً المادة الخامسة منها حول الانتفاع والمشاركة المنصفين والمعقولين.
اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)