كشفت الصحف الإسرائيلية عن قرار صادر عن مجلس الوزراء الإسرائيلي في شهر حزيران من العام المنصرم, مفاده أن إسرائيل تعتزم تطبيق قانون أملاك الغائبين في القدس الشرقية المحتلة منذ العام 1967. و مع أن حيثيات و معالم القرار لم تتضح بعد إلا أن التقديرات الأولية تشير بأن مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية و التي يملكها مقدسين و سكان الضفة الغربية ستقع في شراك هذا القرار الإسرائيلي العازم على الاستيلاء على تلك الأراضي التي لم تطلها المستوطنات و الطرق الالتفافية و المشاريع الإسرائيلية خلال ال 38 عام من الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية. و من الجدير بالذكر بأن جزء كبير من تلك المساحات المستهدفة يقع بالأساس ضمن حدود الضفة الغربية و التي كانت بلدية القدس الإسرائيلية قد ضمتها بشكل غير قانوني إلى حدود بلدية القدس كما تم تعريفها إسرائيليا بعد حرب عام 1967, حيث أن معظم أصحاب الأراضي المستهدفة هم من سكان بيت جالا, بيت لحم, الولجة, بيت ساحور و الخاص و النعمان جنوب مدينة القدس و الذين يحملون هويات فلسطينية و مدرجين من سكان الضفة الغربية و ليس القدس. و يأتي القرار الإسرائيلي القاضي بتطبيق قانون أملاك الغائبين على مدينة القدس الشرقية كنتيجة مباشرة لجدار الفصل العنصري و التي تقوم إسرائيل ببنائه حول مدينة القدس و سائر مدن الضفة الغربية. و تعتبر فكرة تطبيق قانون أملاك الغائبين على مدينة القدس الشرقية خرقاً إسرائيلياً آخر لاتفاقيات أوسلو الموقعة بإشراف دولي و التي تنص على عدم قيام أي من طرفي النزاع باتخاذ أية خطوات من شأنها تغيير أو إحداث مستجدات بقضايا الحل النهائي و التي تكون القدس إحداها مما يزيد التأكيد بأن إسرائيل غير عازمة على الوصول إلى سلام شامل مع الشعب الفلسطيني.
الطرق الإسرائيلية المتبعة لضم الأراضي الفلسطينية:
لطالما كان موضوع السيادة للقوة المحتلة على المناطق المحتلة مفهوماً مرفوض على الصعيد الدولي و ذلك أن سلطة الاحتلال على الأراضي المحتلة يجب أن تبقى ضمن الإطار الإداري على أن لا يشمل ضم الأراضي المحتلة أو زرع مواطنين من الدولة المحتلة في الأراضي التي احتلتها و لأن ذلك كان أمر يناقض و الأهداف الدينية لاحتلال الأراضي الفلسطينية فقد عكفت إسرائيل على السيطرة على الأراضي الفلسطينية بالالتفاف حول القوانين الدولية و استخدام ذريعة ' الأمن' بهدف تعزيز وجودها على الأراضي الفلسطينية و الحد من توسيع و تطوير التجمعات الفلسطينية في المناطق المحتلة و في القدس الشرقية على وجه التحديد.
1. الاستملاك من خلال الإعلان عن الأراضي ' أراضي دولة':
عندما احتلت إسرائيل الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية و قطاع غزة) في العام 1967 لم يكن هناك تسجيل رسمي إلا لثلث الأراضي المملوكة للفلسطينيين فيما كانت باقي الأراضي مثبتة ملكيتها من خلال كواشين طابو تركية و شهادات تسجيل رسمية صادرة عن حكومة الانتداب البريطاني و كذلك التسجيل لدى دائرة الأراضي الأردنية بحسب القانون المعمول به قبل العام 1967.
و قد بقى القانون التركي/ العثماني هو الأساس لإثبات ملكية الأراضي مع ما تم إدخاله من تعديلات على القانون خلال الحكم الأردني و من خلال الأوامر العسكرية الإسرائيلية من العام 1967. و كان القانون التركي/ العثماني قد صنف الأراضي في ثلاث مجموعات رئيسية و هي:
1. أراضي وقف: و هي الأراضي المملوكة لمؤسسات و هيئات دينية.
2. أراضي ملك و خراج: أراضي ملك, و هي الأراضي التي قامت الحكومة العثمانية بتعينها من خلال الحكام في المناطق إلى السكان المسلمين. أما أراضي الخراج فهي تلك الأراضي التي تم تعينها إلى السكان غير المسلمين. و هنا تجدر الإشارة بأن الحكومة العثمانية كانت تعتبر نفسها المالك الأول و الأخير للأراضي بصفتها الحاكم الرئيسي لتلك المناطق.
3. أراضي أميرية, متروكة أو ميتة: الأراضي الأميرية, و هي تلك الأراضي التابعة لأحد أمراء الدولة الحاكمة/ المحتلة و التي لم يتم تخصيصها للمواطنين أما الأراضي المتروكة, فهي الأراضي التي تم تخصيصها أو استعمالها للمباني العامة أو لفتح الطرقات و خلاف ذلك, أما بالنسبة للأراضي الميتة فهي تلك الأراضي البعيدة نسبياً عن المناطق السكنية. و تشكل تلك الفئة بأنواعها الثلاث الغالبية العظمى من الأراضي في المناطق المحتلة و التي هي أراضي غير مسجلة و تعتبرها إسرائيل أراضي دولة.
الاعتراضات:
تعتبر لجنة الاعتراض الطرف الوحيد المخول للبت في أي اعتراضات مقدمة ضد أي قرار يعلن عن أراضي في أي منطقة بأنها أراضي دولة و كون أن لجنة الاعتراض مؤلفة و تحت إدارة الهيئة العسكرية الإسرائيلية المحتلة و المسئولة عن إعلان الأراضي بأنها أراضي دولة كانت الاعتراضات تلقى دائماً آذان صامه. بالإضافة إلى ذلك فقد قامت المحكمة العليا الإسرائيلية بعزل نفسها فيما يتعلق بموضوع الاعتراضات إلا إذا كانت تلك الاعتراضات تتعلق بأراضي ذات ملكية خاصة بحسب المفهوم الإسرائيلي, و ذلك بحسب ما أفادت به المحكمة العليا الإسرائيلية من خلال قرارها الغاشم في العام 1979 حول الموقع الاستيطاني' ألون موريه' و الذي كان بمثابة نقطة تفشي سرطان الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد العام 1967 و خاصة أن إجراءات الهيئة العسكرية الإسرائيلية الهادفة إلى الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين و تحويلها لمشروع الاستيطان كانت مدروسة بشكل دقيق و ذلك بإحكام السيطرة على لجنة الاعتراضات المخولة بالبحث في أي اعتراض مقدم ضد أي قرار يتعلق بالاستيلاء على الأراضي و إعلانها للدولة الأمر الذي مهد الطريق أمام الجيش الإسرائيلي للاستيلاء على مئات الآلاف من الدونمات فيما بعد.
و بالعادة فان الاستيلاء على الأراضي يتم بقرار وزاري إسرائيلي بهدف بناء أو توسيع مستوطنة إسرائيلية أو لبناء طريق التفافي لخدمة مصالح المستوطنين الإسرائيليين ثم يتم مراجعة القرار من قبل حارس أملاك الغائبين قبل إبلاغ المواطنين ذات العلاقة بالقرار و الراغبين بتقديم أي اعتراضات على قرار الاستيلاء إلى لجنة الاعتراضات العسكرية الإسرائيلية.
و تطالب لجنة الاعتراضات كل شخص يرغب بتقديم اعتراض بتقديم خارطة مساحة للأراضي المستهدفة و التي عادة تزيد مساحتها عن 2000 دونم, هذا بالإضافة إلى شهادة مشفوعة بالقسم عن ملكية لتلك الأراضي و كل الأوراق الثبوتية الأخرى التي تؤكد ملكيته للأراضي و ذلك خلال 30 يوم من الإعلان. و هنا تجدر الإشارة بأن لجنة الاعتراضات لا تعتمد الوصولات الضريبية المدفوعة عن الأراضي أو وثائق التسجيل في الضريبة (المالية) كوثائق لإثبات ملكيته.
و تطالب لجنة الاعتراض الأشخاص المدعيين بملكية الأراضي المعلنة بأنها 'أراضي دولة' بتقديم إثباتات مادية تشير بأن الأراضي ذات العلاقة كان قد تم زراعتها لمدة 10 سنوات متتالية قبيل الإعلان عنها أراضي دولة كأساس لإثبات الملكية و ذلك بناء على القوانين العثمانية و التي ما زال العمل بها جارياً و ما يتوافق مع المصلحة الإسرائيلية و بالعادة يكون ما يعرف بحارس أملاك الغائبين الإسرائيلي قد أرفق بالإعلان الصادر صور جوية مزودة من قبل الجيش الإسرائيلي تشير بأن تلك الأراضي لم تتم زراعتها بشكل دوري بحسب المدة المنصوص عليها في القانون العثماني. و هنا تجدر الإشارة بأن السلطات الإسرائيلية كانت و ما زالت ترفض حتى اليوم الطلبات المقدمة من قبل المزارعين الفلسطينيين لحفر آبار ارتوازية لسد حاجتهم من مياه الري الأمر الذي دفع بالمزارعين إلى اعتماد الزراعة البعلية و التي تعتمد بشكل أساسي على مواسم الأمطار الغير مستدامة.
و تعتبر عملية استئناف قرار حارس أملاك الغائبين بالإعلان عن أية مواقع كأراضي دولة عقيمة بحد ذاتها و خاصة و كما ذكر سالفاً أن لجنة الاعتراضات المسئولة عن البت في الموضوع هي لجنة عسكرية بالأساس و بما أن قرار حارس أملاك الغائبين كان قد صدر أصلاً بناء على طلب هيئة عسكرية فان نتيجة الاستئناف لن تكون فقط لصالح القرار الصادر فحسب بل سيضفى شرعية قانونية عليه. و حتى إذا تمكن أحد المستأنفين من تقديم كافة الأدلة و الثبوتات المطلوبة إسرائيليا فان ذلك لن يجدي نفعاُ حيث سيبقى قرار الإعلان لصالح حارس أملاك الغائبين قائماً و ذلك بناء على القرار العسكري الإسرائيلي رقم 59 للعام 1967 و الذي يجيز مصادر أملاك و عقارات ذات ملكية خاصة.
قرار عسكري رقم 59 للعام 1967:
الإجازة لحارس الأملاك الحكومية و المعين من قبل السلطات العسكرية الإسرائيلية بالاستيلاء على الأراضي المملوكة للحكومة الأردنية. كما تجيز لحارس الأملاك الحكومية بالاستيلاء على أراضي خاصة بأفراد أو جماعات بعد الاعلان عن تلك الأراضي بأنها 'أراضي عامة' أو 'أراضي دولة' و التي يتم تعريفها بأراضي مملوكة أو تحت تصرف أو كانت متصلة بجهة عدوة أو شخص من دولة عدوة خلال العام 1967. (تم التعديل من خلال قرار عسكري رقم 1091)
قرار عسكري رقم 1091/ صادر بتاريخ: 20/ كانون ثاني/ 1984
تحت قانون: أمر يتعلق بأملاك الدولة
تعديل للقرار رقم 59
ملخص القرار: من الآن فصاعداُ يتم تعريف 'أراضي الدولة' لتتضمن أية أملاك تكون عرضة لأوامر مصادرة. و هي معروفة بالتالي:
- أية أملاك كانت مسجلة عند الاحتلال أو في الفترة ما بعد ذلك باسم أية دولة عدوة أو منظمة أو شركة ذات علاقة أو تواصل مباشرة أو غير مباشرة بالدولة العدوة.
- أية أملاك أو أراضي كانت قد تمت مصادرتها تحت اسم المنفعة العامة بحسب التشريعات العامة أو التشريعات العسكرية إما من خلال أو لصالح قطاع أو سلطة عسكرية إسرائيلية و التي ليست بالضرورة أن تكون محلية 'متواجدة' في المناطق المستملكة.
- 3. كافة الأملاك و العقارات المملوكة لأفراد و الذين تقدموا بطلبات للسلطات الرسمية بادارة و متابعة عقاراتهم و التي وافقت تلك السلطات على طلبهم.
2. الاستملاك من خلال الإعلان عن الأراضي بأنها 'هجرت':
أصدر القائد العسكري الاسرائيلي للمناطق المحتلة في العام 1967 أمراً عسكرياً يحمل رقم 58 و يقضي بتعريف 'الغائب' بالشخص الذي ترك المناطق المحتلة قبيل و خلال أو بعد حرب العام 1967. قرار عسكري قرار 58 للعام 1967 منح السلطة العسكرية الاسرائيلية حق السيطرة على أراضي الغائبين و تحديد كلمة غائبين بالشخص الذي ترك إسرائيل قبيل و خلال أو بعد حرب العام 1967 و يمنح السلطة العسكرية الإسرائيلية حق الاحتفاظ بتلك الأراضي حتى لو أن ذلك تم بطريق الخطأ و نتيجة سوء تقدير (بأنها هجرت على سبيل المثال).
بعد أن أصبح لإسرائيل سيطرة كاملة على سجلات الأراضي في المناطق المحتلة بعد العام 1967 عكفت إسرائيل على تصنيف الأراضي و خاصة تلك الممكن إدراجها كأملاك مهجورة أو غائبين. و رغم ذلك لم تسلم أراضي الفلسطينيين الخاصة من تلك التضيقات التي طالت أجزاء كبيرة منها حيث أجاز القانون الإسرائيلي لحارس أملاك الغائبين بالاستيلاء على أية أراضي و الإعلان عنها كأراضي دولة أو أراضي غائبين و تحويل ملكيتها أو استخدامها لأفراد أو جماعات أو شركات خاصة. أما في حال قيام صاحب الأرض الفلسطيني بالاعتراض على قرار حارس أملاك الغائبين الإسرائيلي فان الأخير يستعين بالقرار العسكري الإسرائيلي 58 (ذكر سابقاً) بالإضافة إلى فقرة 17 من قانون أملاك الغائبين الإسرائيلي للعام 1950 و الذي يجيز للجهاز العسكري الإسرائيلي السيطرة على أية أراضي و تحت أية ظروف.
قانون أملاك الغائبين للعام 1950 فقرة 17: أي تداولات تمت بحسن نية بين حارس أملاك الغائبين و أي فرد أو جهة فيما يتعلق بنقل صلاحيات قانونية لأراضي تبين لاحقاً بأنها لا تنضوي تحت أملاك غائبين تعتبر قائمة و تبقى التداولات سارية المفعول حتى لو تبين لاحقاُ أن الأراضي المنقولة لا تنطبق عليها قانون الغائبين. |
3. الاستملاك من خلال الإعلان عن الأراضي 'لاستخدامات عسكرية':
عقب الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية في العام 1967, أصدر الجيش الإسرائيلي سلسلة من الأوامر العسكرية تخول الجيش الإسرائيلي الاستيلاء على أراضي خاصة في المناطق المحتلة تحت ذريعة الأمن. و عادة ما تحمل تلك الأوامر في بدايتها التالي:
جيش الدفاع الإسرائيلي أمر بشأن وضع اليد على أراضي رقم ……. وفقاُ لصلاحياتي كقائد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في منطقة يهودا و السامرة و بما أنني أعتقد أن الأمر ضرورياً لأغراض عسكرية, و على أثر الظروف الأمنية الخاصة السائدة في المنطقة فإنني آمر ما يلي: |
نظرياً فان تلك الأراضي المتملكة للجيش الإسرائيلي ما تزال مملوكة لأصحابها و لكن عملياً فإنها ستبقى تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي بشكل نهائي و في عدة مناسبات قام الجيش الإسرائيلي بتحويل جزء من الأراضي تحت سيطرته لمجلس المستوطنات لإقامة مستوطنة جديدة أو توسيع مستوطنة قائمة.
4. الاستملاك من خلال الإعلان عن الأراضي 'مناطق عسكرية مغلقة':
أصدر الجيش الإسرائيلي العديد من الأوامر العسكرية التي تحمل أرقام مفادها الإعلان عن أراضي معينة في الضفة الغربية بأنها مناطق عسكرية مغلقة و التي بموجبها يمنع الفلسطينيين و غيرهم من الفئات المجتمعية الغير مرغوب فيها (الصحافيين) من دخول تلك المناطق بشكل نهائي. و قد عللت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن ذلك بأن تلك الأراضي قد أضحت مواقع تدريبية للجيش الذي يستخدم الذخيرة الحية. و لكن و بمرور الوقت قام الجيش بتحويل أجزاء و مناطق مصنفة بأنها أراضي عسكرية مغلقة لصالح مجلس الاستيطان لبناء مستوطنات جديدة و مثال على ذلك مستوطنة كريات أربع التي أسسها المستوطنين في قلب مدينة خليل الرحمن(الخليل) في العام 1972.
5. الاستملاك من خلال الإعلان عن الأراضي 'لاستعمالات عامة' بأمر عسكري رقم 321:
أوامر عسكرية تجيز للحكومة إجراء مصادرات لأراضي و عقارات خاصة أمر عسكري رقم 321 للعام 1969 تفويض العسكرية الإسرائيلية الصلاحية في مصادرة أراضي خاصة لاستخدامات عامة (لم يتم تحديد معنى استخدامات عامة) و بدون تقديم تعويضات للجهة المتضررة. |
استخدم الجيش الإسرائيلي القانون أعلاه بشكل رئيسي لبناء شبكة طرق للجيش في داخل المناطق الفلسطينية المحتلة و كذلك الحال للمستوطنين الإسرائيليين الذين و فر الجيش الإسرائيلي لهم طرق بديلة بعيداً عن التجمعات السكنية الفلسطينية في المناطق المحتلة.
و قد تبنى الجيش الإسرائيلي قانون الاستملاك لاستعمالات عامة من القانون الأردني: قانون رقم 2 لعام 1953: الاستملاك للاستخدام العام و منح الحكومة الحق في استملاك أراضي خاصة للصالح العام و لكن اشترط ذلك بالإعلان المسبق لنية الحكومة الاستملاك و ذلك من خلال النشر في الصحف الرسمية مع التفاصيل المعينة مع إتاحة 15 يوم لأصحاب تلك الأراضي لتقديم اعتراضات على قرار الاستملاك و ذلك قبل أن يتم إعادة تقديم طلب الاستملاك إلى مجلس الوزراء و الملك للحصول على موافقة نهائية. و بعد الموافقة النهائية يتم تعويض أصحاب الأراضي بشكل كامل و ذلك بحسب قيمة العقار/ الأرض المصادرة بتاريخ الإعلان الأول.
و قد أدخلت إسرائيل تعديلات على قانون الاستملاك الأردني لتنفيذه بعيداً عن الأنظار, حيث أضحى تطبيق القانون مرهوناً بموافقة الهيئة العسكرية الإسرائيلية فقط. كما عنت التعديلات الإسرائيلية إلى عزل صلاحيات المحاكم المدنية لمراجعة أي قرار يتعلق بالاستملاك أو حق التعويض للجهة المتضررة. و تعتبر لجنة الاعتراضات الجهة الرسمية الوحيدة و المخولة بالنظر في أية اعتراضات مقدمة من أصحاب الأراضي المستهدفة من قانون الاستملاك و التي تتألف من عسكريين إسرائيليين.
و توضح البنود التالية أهم التعديلات الإسرائيلية المدخلة على قانون الاستملاك الأردني:
1. تنفيذ قانون الاستملاك كان منوطاً بالحكومة بحسب القانون الأردني غير أن الإسرائيليين أدخلوا تعديلاً أصبح تنفيذ القانون من صلاحيات القائد العسكري للمناطق المحتلة و المسؤول عن تعيين جهة عسكرية لتنفيذه.
2. بحسب التعديل الإسرائيلي للقانون فان الأمر العسكري رقم 569 يجيز للجهة العسكرية المعينة من قبل القائد العسكري الإسرائيلي للمناطق المحتلة لتنفيذ قانون الاستملاك العام اتخاذ إجراءات الاستملاك من دون الإعلان عن ذلك و بدون موافقة أي جهة رسمية الا القائد العسكري الإسرائيلي للمناطق المحتلة.
قرار عسكري رقم 569 للعام 1979: خاص بأراضي الدولة إنشاء قسم خاص لنقل الأراضي التي يتم الإعلان عنها كأراضي دولة أو أراضي مستملكة لأسباب أمنية. الإعلان عن نقل ملكية الأراضي يتم فقط في القسم بدلاً من الصحف الرسمية. |
3. لجنة الاعتراضات المؤلفة من عسكريين إسرائيليين هي الجهة الوحيدة المخولة للنظر في الاعتراضات أو في طلب التعويضات (إذا كان ذلك وارداً) المقدمة من أصحاب الأراضي المتملكة.
4. أضاف الإسرائيليين بنداً جديداً يتيح للجيش استعمال القوة ضد المعترضين على أمر الاستملاك و كذلك فرض عقوبة سجن لمدة 5 سنوات أو فرض غرامة مالية باهظة أو السجن و الغرامة معاً.
إن الوضع القانوني لوجود إسرائيل في المناطق الفلسطينية المحتلة بعد العام 1967 (الضفة الغربية و قطاع غزة) هو 'قوة محتلة' و ذلك بحسب القانون و المجتمع الدوليين و اللذين عرفوا إسرائيل بحسب قوانين لاهاي للعام 1907 كسلطة إدارية ليست ذات سيادة لتلك الأراضي. و توضح القوانين التالية ضمن قوانين لاهاي مدى صلاحيات السلطات المحتلة على الأراضي التي تحتلها, تحديداً قانون 55 منها:
قوانين الحرب القوانين و الأعراف (لاهاي IV ) أكتوبر 18/ 1907 السلطة العسكرية المتاحة على الأراضي المحتلة بند 23: رفض تدمير أو حيازة أملاك و عقارات بالدولة التي تم احتلالها إلا إذا كان التدمير أو الحيازة ذات ضرورة قصوى تتعلق بالحرب. بند 46: يمنع بشكل مطلق مصادرة أو حيازة أملاك خاصة. بند 55: ستكون الدولة المحتلة بمثابة جهة إدارية و منتفعة من المباني العامة و العقارات و الأراضي و الغابات و المناطق الزراعية في الأراضي المحتلة التي تخص الدولة التي تم احتلالها. يجب على الدولة المحتلة المحافظة على كافة الممتلكات و غيرها للدولة التي احتلتها و إدارتها بما يتناسب و قوانين الانتفاع. بند 56: ممتلكات البلديات و المؤسسات التي تم تكريسها لجهات دينية أو خيرية أو تعليمية أو فنية أو علمية حتى أراضي الدولة سيتم التعامل معها كأملاك خاصة. |
من خلال عقود الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية أصبحت نوايا إسرائيل اتجاه الأراضي المحتلة واضحة حيث أن إسرائيل لم تعنى أبداً بحيازة أملاك الغائبين بما يتماشى و قوانين الانتفاع المقرة ضمن قوانين الحرب كما في (قوانين لاهاي), تحديداً البند 55 المذكور أعلاه و ذلك بعد ان أصبح حارس أملاك الغائبين الذي عينته إسرائيل يقوم و بشكل غير قانوني بنقل صلاحيات استغلال تلك الأراضي الموضوعة تحت وصايته إلى أطراف ثالثة ذات غير علاقة و بشكل نهائي أي بمعنى آخر نقل ملكية الأراضي.
و يتماشى ما يقوم به حارس أملاك الغائبين من تصرفات غير قانونية بأملاك الغائبين مع نوايا و خطط الصهيونية للاستحواذ على المناطق الواقعة تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي و ذلك كما هو مضمن في الخطط الهيكلية لمنظمة الصهيونية العالمية لتطوير مستوطنات إسرائيلية في منطقة يهودا و السامرة و التي تم صياغتها ما بين الأعوام 1979 و 1983 و المعروفة أيضاً باسم محفزها 'خطة دروبلس'.
خلال أكثر من خمس عقود منصرمة و إسرائيل تسعى من خلال احتلالها للأراضي الفلسطينية السيطرة على الأرض بدون سكانها الأصليين و من أجل هذا حاكت من المؤامرات الهادفة إلى طرد السكان الأصليين الفلسطينيين من الأراضي المحتلة و من اجل ذلك تلاعبت بالتشريعات و القوانين المتعلقة بما يعرف بقانون أملاك الغائبين الصادر في العام 1948 بما في ذلك أراضي فلسطينية خاصة لم يغادرها أصحابها قبل أو خلال أو بعد حرب عام 1967 و تحويلها إلى صالح المستوطنين الإسرائيليين. كما سعت إسرائيل خلال سنوات احتلالها للأراضي الفلسطينية إلى تدمير اقتصاد الأراضي المحتلة بهدف دفع الفلسطينيين عن العمل في أراضيهم و خاصة في المجال الزراعي و الذي كان يشكل في وقت من الأوقات أكثر من 60% من الاقتصاد الفلسطيني بما في ذلك تشغيل 70% من القوى العاملة.
خلال عقود الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية المحتلة عكفت إسرائيل على إقامة مئات من المستوطنات الإسرائيلية في مناطق إستراتيجية على امتداد المناطق المحتلة الأمر الذي أدى إلى عزل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض و الحد من امتدادها العمراني هذا بالإضافة إلى ما تم ذكره بخطة دروبلس التي أشارت إلى المستوطنات الإسرائيلية بأنها خط الدفاع الأول ضد أي هجوم محتمل على دولة إسرائيل.
عقب توقيع اتفاقية السلام بين مصر و إسرائيل عام 1978 زادت إسرائيل من وتيرة البناء الاستيطاني في المناطق الفلسطينية المحتلة و التي اثبت لاحقاً بأنها ألغام زرعت بشكل استراتيجي من قبل دولة إسرائيل و الحركة الصهيونية و ذلك بهدف خلق وقائع جديدة و تغيرات جذرية في المناطق المحتلة لسدل الستار على الحلم الفلسطيني بتقرير مصيره و العيش في دولة مستقلة غير مشتتة. و يبقى القول بأن سعي إسرائيل في هذا الوقت إلى تنفيذ قانون أملاك الغائبين في القدس الشرقية المحتلة يشكل خرقاً صارخاً لاتفاقيات أوسلو التي تنص على عدم قيام أي من طرفي الاتفاق القيام بأية خطوات من شأنها إحداث تغيرات على واقع مواضيع الحل النهائي الأمر الذي يضع علامة استفهام كبيرة على نوايا إسرائيل الزاعمة إلى تحقيق اتفاقية سلام شامل مع الفلسطينيين.
اعداد
معهد الابحاث التطبيقية – القدس ( أريج)