الذريعة الامنية تهدد أراضي منطقة وادي كريمزان في مدينة بيت جالا

الذريعة الامنية تهدد أراضي منطقة وادي كريمزان في مدينة بيت جالا

 

عقدت المحكمة العليا الاسرائيلية في مقرها في القدس يوم الثلاثين من شهر تشرين الثاني من العام 2014 جلسة استماع جديدة بخصوص بناء جدار العزل العنصري الاسرائيلي على أراضي منطقة وداي كريمزان في مدينة بيت جالا (جنوب مدينة القدس). وعُقدت الجلسة للاستماع الى رأي جميع الأطراف المعنيين بالقضية من أصحاب الاراضي الفلسطينيين في مدينة بيت جالا ودير راهبات السالزيان ودير كريمزان للرهبان فيما يخص المسارات البديلة للجدار التي تقدم بها جيش الاحتلال الاسرائيلي يوم العشرين من شهر اب من العام 2014 بناء على طلب المحكمة العليا الاسرائيلية في جلستها الاخيرة المنعقدة في السابع من شهر اب من العام 2014.

وكانت المحكمة العليا الاسرائيلية قد أصدرت قرارا في يوم الحادي عشر من شهر اب من العام 2014 فيما يخص بناء جدار العزل العنصري في منطقة وادي كريمزان, ونص قرار المحكمة بأن على الحكومة الاسرائيلية ان تأخذ بعين الاعتبار الاحتمالات المختلفة لمسار جدار العزل العنصري في المنطقة التي يمكن من خلالها المحافظة على وحدوية الاديرة جغرافيا في المنطقة (دير راهبات السالزيان ودير كريمزان للرهبان) مع ابقاء هذه الاديرة داخل المنطقة الفلسطينية للجدار. وكانت المحكمة قد أعطت حكومة اسرائيل حتى الرابع من شهر ايلول من العام 2014 للرد على قرارها. وعقب مرور اسبوعين تقريبا على قرار المحكمة, تقدمت الحكومة الاسرائيلية في العشرين من شهر اب من العام 2014 بعدة مسارات بديلة للجدار في منطقة وادي كريمزان وجميعها أظهرت النية الاسرائيلية المبيتة لمصادرة أكبر قدر ممكن من الاراضي الفلسطينية في منطقة وادي كريمزان وضمها الى اسرائيل تحت ذريعة الامن عوضا عن تخفيف حجم الضرر الذي سوف يلحق بأصحاب الاراضي الفلسطينيين والاديرة في حال تم مصادرة الاراضي وعزلها لتصبح داخل منطقة الجدار. فيما يلي عرض للمسارات المقدمة من قبل الحكومة الاسرائيلية:   

أولا: يُظهر المسار الحالي للجدار, بحسب ما جاء في التعديل الاخير لمسار جدار العزل العنصري الصادر في الثلاثين من شهر نيسان من العام 2007,  والذي يخترق حاليا جزء من أراضي منطقة وادي كريمزان بأن الجدار سوف يلتف حول دير راهبات السالزيان ومن ثم يكمل باتجاه شارع النفق (وهو جزء من الشارع الالتفافي رقم 60) ليفصل در راهبات السالزيان والمدرسة التابعة لها عن دير كريمزان للرهبان بحيث يبقى دير الراهبات داخل المنطقة الفلسطينية المحاذية للجدار بينما يصبح دير كريمزان للرهبان والاراضي التابعة له وأراضي العائلات الفلسطينية في مدينة بيت جالا ضمن المنطقة التي سوف يضمها الجدار لحدود بلدية القدس الغير قانونية. كما يتضمن المسار الحالي للجدار اقامة بوابة عند مدخل دير راهبات السالزيان من جهة الجدار حتى تتمكن الراهبات من الولوج الى دير الرهبان عند الحاجة أو المغادرة الى مدينة القدس واسرائيل وبالعكس من خلال الطريق الذي تم تعبيده مؤخرا ويصل منطقة وادي كريمزان بالقدس. تجدر الاشارة الى أن مقطع الجدار المخطط استكماله في المنطقة سوف يتسبب بقطع ما يقارب 1580 شجرة مثمرة في حال تم تنفيذه كما هو مخطط له. انظر الخارطة رقم 1

الخارطة رقم 1: مسار جدار العزل العنصري الاسرائيلي الحالي على أراضي منطقة وادي كريمزان والاوامر العسكرية الاسرائيلية الصادرة بهذا الشأن

 

ثانيا: تقدمت الحكومة الاسرائيلية بمقترحين اخرين للجدار في المحكمة العليا الاسرائيلية, حيث يظهر المقترح الاول ابقاء المسار الحالي للجدار على ما هو عليه مع اضافة مقطع اخر للجدار يمتد من دير السالزيان للراهبات باتجاه دير كريمزان للرهبان ويتمثل بإقامة سياج أمني على جانبي الطريق الواصل بين دير الراهبات ودير الرهبان ليلتف بعد ذلك حول دير الرهبان ويتصل مرة اخرى مع السياج الاسرائيلي من الجهة السفلية. كما يشمل هذا المقترح ايضا اقامة بوابة على السياج الامني المحاذي لدير الرهبان من الجهة الشمالية الغربية حتى يتسنى للرهبان والراهبات من الوصول الى مدينة القدس واسرائيل وبالعكس من خلال الطريق الذي تم تعبيده مؤخرا ويصل منطقة وادي كريمزان بالقدس. هذا بالإضافة الى اقامة بوابتين اثنتين على مسار الجدار المحاذي لدير راهبات السالزيان, تحت اسم "بوابة العمليات".  وتجدر الاشارة الى أن هذا المقترح لم يأخذ بعين الاعتبار أي جانب من جوانب الحياة في المنطقة, اذ سوف يضع الاديرة في معزل عن الاراضي التابعة لها وعن مصنع النبيذ الذي يعتبر من أشهر مصانع النبيذ في فلسطين حيث يصنع النبيذ من العنب الذي يزرع في الاراضي المحيطة بالدير في بيت جالا والقرى الفلسطينية المجاورة. انظر الخارطة رقم 2

خارطة رقم 2: المقترح البديل رقم 1 المقدم من جيش الدفاع الاسرائيلي

كما أن مسار الجدار المقترح سوف يتسبب أيضا بعزل العائلات الفلسطينية في مدينة بيت جالا عن اراضيها في منطقة وادي كريمزان هذا بالإضافة الى الاراضي التي سوف يتم تدميرها في حال نفذت اسرائيل مخططها الحالي. ويفشل المقترح الحالي في اثبات النظرية الاسرائيلية التي تزعم بأن بناء الجدار في المنطقة سوف يوفر الامن والحماية لإسرائيل ومستوطناتها, اذ أن ما ترمي اليه اسرائيل في نهاية النهايات, هو مصادرة الاراضي الفلسطينية بكل ما فيها من مصادر طبيعية ومناطق تنوع حيوي الى حدودها التي تعيد رسمها بشكل احادي الجانب وغير قانوني في الاراضي الفلسطينية.

ثالثا: أما عن المقترح الثاني الذي تقدمت به الدولة للمحكمة العليا الاسرائيلية فقد شمل ابقاء المسار الحالي للجدار (المسار الاول) على ما هو عليه مع اقامة سياج أمني على جانبي الطريق الواصل بين دير الراهبات ودير الرهبان مع اقامة بوابة على مدخل دير الرهبان تسمح بدخول الراهبات والرهبان الى القدس واسرائيل وبالعكس من خلال الطريق الذي تم تعبيده مؤخرا ويصل منطقة وادي كريمزان بالقدس. هذا بالإضافة الى اقامة بوابتين اثنتين على مسار الجدار المحاذي لدير راهبات السالزيان, تحت اسم "بوابة العمليات".  ولا يختلف هذا المقترح عن سابقه كثيرا اذ أن جميع المقترحات الصادرة عن الدولة تفشل فشلا ذريعا في أن تقنع الفلسطينيين أن ما تصبو اليه اسرائيل في المنطقة  هو الامن, بل المصادرة والعزل والحرمان. انظر الخارطة رقم 3

الخارطة رقم 3: المقترح البديل رقم 2 المقدم من جيش الاحتلال الاسرائيلي 

مقترح الجدار الصادر عن مجلس الامن والسلام الاسرائيلي 

قدم مجلس الامن والسلام الاسرائيلي للمحكمة العليا الاسرائيلية مسارا معدلا لجدار العزل العنصري في منطقة وادي كريمزان. ويظهر المسار كما جاء من المصدر مقطعا من الجدار من الجهة الشرقية للاديرة (دير الرهبان ودير الراهبات) يمر بموازاة مستوطنة جيلو الاسرائيلية من جهة أراضي وادي كريمزان, ومن ثم يكمل باتجاه الشمال بموازاة خط الهدنة للعام 1949 (الخط الاخضر) ليكمل بعد ذلك باتجاه قرية الولجة ويربط مع رأس مقطع الجدار القائم حاليا على الجهة الشرقية الشمالية للقرية بحيث يتم الغاء المقطع الذي يفصل بين قرية الولجة عن أحراش وادي كريمزان. فيما يكمل الجدار بمحاذاة مستوطنة هار جيلو الاسرائيلية من الجهة الشرقية بحيث يفصل المستوطنة عن منطقة وادي كريمزان تماما ويلغي المسار الحالي للجيش في تلك المنطقة لتصبح نقطة الوصل الوحيدة للمستوطنة مع المستوطنات المحيطة من الجهة الغربية. وبالتالي تبقى الاراضي التابعة للاديرة في المنطقة واراضي الثماني والخمسين عائلة فلسطينية في مدينة بيت جالا على الجانب الفلسطيني من الجدار. انظر الخارطة رقم 2. وللمسار المقترح من قبل مجلس الامن والسلام الاسرائيلي عدة اعتبارات ايجابية منها (أولا) أن 90% من مساحة الاراضي المهددة بالعزل والمصادرة في منطقة وادي كريمزان (اذا تم اعتماد مقترح مجلس الامن والسلام الاسرائيلي), سوف تبقى على الجانب الفلسطيني من الجدار بحيث يستطيع الفلسطينيين الولوج اليها كما في السابق. (ثانيا), ان مسار جدار العزل العنصري الاسرائيلي كم تم اقتراحه من قبل مجلس الامن والسلام الاسرائيلي سوف يحافظ على الاراضي الفلسطينية الخضراء في المنطقة واستدامتها كمنطقة تنوع حيوي ومنطقة بيئية غنية بالثروات الطبيعية في مدينة بيت جالا. فيما أفاد المجلس بأن عدد الاشجار المهددة بالتدمير والاقتلاع لن تتجاوز المائتي شجرة, بينما, اذا نفذ جيش الاحتلال الاسرائيلي مقترح الجدار الخاص به, فسوف يطال التدمير ما يقارب 1580 شجرة. . و(ثالثا), ان الاضرار التي سوف تلحق بالأراضي الفلسطينية في المنطقة, بحسب مقترح مجلس الامن والسلام الاسرائيلي, أقل بكثير من تلك التي يحدثها الجدار في حال بقي على مساره الحالي (بحسب ما تقدم به جيش الاحتلال الاسرائيلي). و(رابعا), سوف يقلل المسار المقترح (مقترح مجلس الامن والسلام) من هجرة الفلسطينيين الى الخارج, حيث تعتبر منطقة كريمزان متنفسا للفلسطينيين في مدينة بيت جالا والمناطق المجاورة ومنطقة التوسع الوحيدة لهم في المستقبل. ان المسار الحالي للجدار (كما يرسمه جيش الاحتلال الاسرائيلي) سوف يأتي على أراضي المنطقة برمتها ويحرم اصحابها منها ويساهم الى حد كبير في هجرة الفلسطينيين الى الخارج بسبب الاجراءات الاحادية الجانب التي تفرضها الحكومة الاسرائيلية على الفلسطينيين وتسلبهم حقوقهم. كما ان المسار المقترح يحمي المسيرة التعليمية في المنطقة من الاندثار ويجعل من امكانية توسع المدرسة في المستقبل واستيعاب عدد اكبر من الطلاب واردة وبشكل كبير. والجدير بالذكر أن مدرسة راهبات السالزيان في المنطقة تساهم بتخفيف العبء على العائلات الفلسطينية ذات الدخل المحدود والذي يرتاد ابنائها المدرسة التي تقدم خدماتها لتلك العائلات وتتقاضى اجرا زهيدا منهم مقابل خدماتها التعليمية. انظر الخارطة رقم 4

الخارطة رقم 4: مقترح مجلس الامن والسلام الاسرائيلي بخصوص الجدار في منطقة كريمزان للمحكمة العليا الاسرائيلية

ملخص,

ان الحكومة الاسرائيلية وتحت ستار مظلة الأمن تسعى إلى تحقيق مطامعها الاستيطانية في منطقة وادي كريمزان, اذ أن المسارات البديلة التي قدمتها حكومة الاحتلال الاسرائيلي للمحكمة العليا الاسرائيلية لا تمت بصلة لما تدعيه اسرائيل, وأن جل اهتمامها يصب في ضم الاراضي الفلسطينية في منطقة وادري كريمزان الى حدود اسرائيل من خلال بناء الجدار, حتى تتمكن اسرائيل بعد ذلك, تنفيذ مخططاتها الاستيطانية في المنطقة وتتمثل بخلق نوع من التواصل الجغرافي بين المستوطنات الاسرائيلية القائمة في المنطقة بغض النظر عما يكون ذلك له أثر سلبي على الفلسطينيين القاطنين في المدينة. كما أن منطقة كريمزان هي احدى المناطق الغنية من حيث المصادر الطبيعية التابعة لمدينة بيت جالا بالإضافة الى منطقة المخرور في الشمال الغربي للمدينة, وهي مصدر رزق لعشرات العائلات الفلسطينية في المنطقة وموقع ترفيه لجميع سكان المدينة. وتجدر الاشارة الى أن بناء الجدار في المنطقة سوف يتسبب بكارثة بيئية وزراعية كبيرة حيث أن المسار المقترح سوف يتسبب بقطع مئات الاشجار المثمرة كالزيتون والعنب, هذا بالإضافة الى تخريب وتدمير العديد من المصادر الطبيعية في المنطقة (مثل ينابيع المياه) هذا بالإضافة الى تدمير المواقع الاثرية. كما سوف يتسبب الجدار بضرر بالغ على التنوع الحيوي في المنطقة.  

تقارير ذات صلة:

 

 

اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس

(أريج)

 

Categories: Segregation