فصل جديد من المشروع الاستيطاني الاسرائيلي لمدينة لقدس
“الخارطة الاقليمية للقدس 2008”

فصل جديد من المشروع الاستيطاني الاسرائيلي لمدينة لقدس <br> “الخارطة الاقليمية للقدس 2008”

 


 

 



  1. تمهيد

ان هذا الايجاز يعرض تحليلا دقيقا لواحد من احدث فصول الاحتلال الاسرائيلي واطولها لمدينة القدس المحتلة. علاوةً على ذلك فان هذا التحليل يزود القارىء بنظرة دقيقية للتخطيط الفلسطيني المرتقب، باستخدام النهج المعمق لرسم الخرائط  ونظم المعلومات الجغرافية  والاستشعار عن بعد وذلك من خلال دراسة الابحاث الموثقة ذات العلاقة.

 

ان مقدمة البحث ستغطي السياسة الادارية الاسرائيلية لفرض الامر الواقع لاحداث التغييرات التي تريدها على حدود مدينة القدس بدأً من العام 1947 ككيان منفصل مرورا بالعام 1967 حيث قامت اسرائيل وبشكل احادي الجانب باعادة رسم حدود المدينة المحتلة حيث زادت 10 اضعاف من رقعتها الجغرافية وصولا الى العام 2005 والاعلان عن ‘المخطط الهيكلي للقدس 2020 ‘، و انتهاءً بالعام 2008 والاعلان عن’ المخطط الهيكلي لمدينة القدس 2008′. بالإضافة، فان هذا التحليل سيسلط الضوء على  الجانب المظلم من المخطط الحضري للمشروع الاسرائيلي والذي يتعارض مع التنمية المستدامة لسكان مدينة القدس.

ان نتائج هذا التحليل تبين بوضوح التاثيرات السلبية لتغليب النزعة السياسية على الشؤون الاجتماعية، الاقتصادية والبيئية والتي بالعادة تؤدي الى حلول وخيارات مستدامة.



  1. خلفية

بعد حرب العام 1967 ، قامت السلطات الاسرائيلية باعلان مدينة القدس ‘عاصمة موحدة و ابدية ‘ لدولة اسرائيل، وقد نجحت بذلك بعد ان تنبهت الى النسيج الجغرافي والديمغرافي للمدينة وقامت بتغييرات وخطوات عديدة لتعزيز وتثبيت خطواتها تحت ذريعة الحكم الديمقراطي للمدينة، وقد تحقق لها ذلك بفضل سياسة حكم القانون وفرض الامر الواقع التي اتبعتها لتغيير حدود المدينة المحتلة.

 

ان الخط الاخضر او خط الهدنة، و هي الحدود المعترف بها دوليا لدولة اسرائيل قد تم التلاعب بها وتغييرها لضمان اغلبية وسيادة اسرائيلية على المدينة منتهجة الاسطورة الصهيونية التي تقول ‘ارض بلا سكان لاجل سكان بلا ارض’ .

 

ان ما قامت وما تقوم  به اسرائيل يوضح الفرق بين المجال السياسي للدولة والمجال الحضري للسكان، وهو الفرق الذي يخفي المفهوم المضلل للدولة القومية (كيمب، 2000).



  1. التسلسل في تغيير حدود القدس

في الفترة الممتدة ما بين الاعوام 1948 و1967، كانت مدينة القدس لتبقى مقسمة وتحت الاشرف الدولي ككيان منفصل وذلك بحسب الامم المتحدة حيث اصدرت الامانة العامة التابعة لها في تشرين الثاني من العام 1947 في جلستها العامة رقم 128  قرارا يحمل الرقم 181 يقسم فلسطين التاريخية الى دولتين واحدة لليهود و الاخرى للفلسطينيين، و لكن الفلسطينيين والعرب رفضوا هذا القرار كونة سيصادر 55.5% من اراضي فلسطين ومنحها لليهود الذين يملكون فقط 6% منها مقابل منح 44.5 %  فقط للفلسطينيين والذين يملكون 94% من البلاد. هذا ونتيجة لحرب العام 1948، قامت اسرائيل بالاستيلاء على 78% من فلسطين و دمرت 419 قرية فلسطينية وشردت ما يزيد عن 900,000 لاجىء فلسطيني (انظر الى الخارطة رقم (1)).

 


 

 

ان القدس كمدينة مقدسة للديانات السماوية الثلاث، كانت ولا زالت محط انتباه العالم اجمع خلال السنوات الواحد والاربعين الاخيرة من الإحتلال الإسرائيلي لها. منذ ذلك الحين والمدينة مقسمة الى شطرين، الشطر الغربي للمدينة والذي يتواجد فيه الاسرائيليون، والشطر الشرقي والذي يتواجد فيه السكان الفلسطينين، وبغية جعل المدينة المحتلة اكبر المدن في اسرائيل، قامت السلطات الاسرائيلية بتوسيع الحدود الادارية لها بعد ان كانت 6.5 كلم مربع لتصبح  71 كلم مربع (وحدة نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد – معهد الابحاث التطبيقية –اريج، 2008) (انظر الى الخارطة رقم (2)).

 


 

 

ان حدود مدينة القدس قد تم رسمها لاسباب امنية واخرى ديمغرافية، و لخلق وسيادة جغرافية وغلبة ديمغرافية لليهود في المدينة (كوهين 1993, ص 78) حيث نص الكتاب ‘على ان تنسيب حدود القدس تم تحديده وفقا للاستراتيجية الديمغرافية  وليس وفقا للاعتبارات التخطيطية وان المغزى من وراء هذا التوجه كان لضم المرتفعات التي تحيط بالمدينة والتي توفر سيطرة استراتيجية اسرائيلية على المدينة ناهيك عن الطرق المؤدية للقدس بالاضافة الى ضم مناطق اضافية يتواجد فيها اقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين.’

 

لذلك فان توسيع اسرائيل لحدود مدينة لقدس قد استثنت بشكل ملفت المناطق والتجمعات ذات الكثافة الفلسطينية العالية، اي تطبيق مبدا ‘الارض بلا سكان ‘ فمن الجهة الشمالية للمدينة ضمت اسرائيل بلدتي بيت اكسا وبير نبالا واللتان يقطنهما عدد قليل من الفلسطينيين، بينما من الجنوب استثنت اسرائيل مدينتي بيت لحم و بيت ساحور لكثافتيهما السكانية العالية.

 

في العام 2004، كشفت بلدية القدس الاسرائيلية عن المخطط الهيكلي للعام 2000 والذي سيستمر حتى العام 2020. ووفقا لهذا المخطط فان الاجزاء الغربية لمدينة القدس قد توسعت بما نسبته 40% و ازدادت المساحة الاجمالية للمدينة لتصل 142 كلم مربع. ايضا ووفقا لنفس المخطط  فان اكثر من نصف الشطر الشرقي للمدينة قد تم تصنيفه كمناطق عمرانية و 24% كمناطق خضراء مفتوحة ( معهد اريج، 2008).

 

في ايلول من العام 2008 ، بدا فصل جديد من فصول السياسات التوسعية والاحتلالية الاسرائيلية وذلك بالاعلان عن المخطط  الاقليمي للقدس 2008، و الذي اكد على تحقيق الحلم اليهودي للقدس الموحدة  و العاصمة الابدية لدولة اسرائيل، وذلك بعد ان تم استئصالها من الضفة الغربية الامر الذي من شأنه القضاء على حل الدولة او الدولتين(يافتاخيل ،2005).

 

ان هذا المخطط الاسرائيلي جاء بعد خمسين عاما من اصدار مخطط  المخطط الهيكلي للقدس و الذي تم اعداده على يد المخطط الانجليزي ‘كيندل’ و الذي سمي على اسمه لاحقا، و ايضا فقد عرف المخطط باسم RJ4 (كوون, 1992)، و مع ذلك فان هذا المخطط لم  يتم الانتهاء من اعداده و تم فقدانه في حرب العام 1948.



  1. منهجية البحث 

ان منهجية البحث المتبناة في هذا التحليل قد تم بناؤها على المداولات المعتمدة على المعلومات والمصادر المتوفرة والمراجع الادبية، التقارير المنشورة، وتفسيرات الخرائط  واحدث التقنيات المتوفرة في مجال نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد.

 

ان العلم بالفروقات هو مسالة ضرورية للتخطيط في الاراضي المحتلة كما هو الحال في الاراضي الفلسطينية المحتلة، حيث ان الفن المعماري المعاصر والنظريات الحضرية قد طورت العديد من المناهج التي تعالج و تواجه حالات مماثلة. هذا وبشكل مضطرد، يمكن للمرء ان يلحظ  تحول الاهتمام  من التناقض و التعقيد (فينتوري، 1966)، الى التركيز على تراكم العناصر(رووي وكويتر، 1978).

 

في هذه الحالة، فان استخدام تقنية نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد كاداة في التحليل التخطيطي،  من شأنه أن يزود الباحثين بالمرونة المطلوبة  للشروع في بحث معمق، حيث أن اختلاف الطبقات الجغرافية تؤخذ بالاعتبار لتشكل قاعدة البحث التي تفضي الى تحليل الخبرات السلبية (انظر الى الخارطة رقم (3).

 


 

 

تعريف المخطط الهيكلي

 

ان مساحة المخطط الهيكلي هي 655،526 دونما ( معهد اريج 2009)، 55% منها مصنفة على انها مناطق خضراء، وهذا يتضمن مناطق الجبال، المناطق الزراعية، الموارد الطبيعية، الحدائق العامة والغابات (انظر الى الخارطة (4) والجدول (1)). في الظروف الطبيعية هذا يمثل توازنا في النمو السكاني المطرد  في العاصمة او في المدن الكبيرة كما هو الحال في مدينة القدس.

 













































































جدول (1): تحليل استخدامات الاراضي للمخطط الهيكلي المقترح للقدس

المساحة (بالدونم)

النوع

59

مناطق صناعية

361

المنظمات المدنية

603

المنشات الهندسية

670

مناطق سكنسة ريفية

1,200

احتياطي الجبال

1,742

متنزهات عامة للبلدية

3,139

المحاجر

4,478

مناطق سكنية ريفية في مناطق تنمية التابعة للبلدية

6,453

غابات لاغراض اخرى

7,641

حدائق عامة

7,669

مناطق صناعية مشتركة

8,445

حدائق تابعة للبلدية

11,020

مناطق سكنية

22,334

مناطق تنمية- مواقع سكنية

23,971

احتياطي الغابات

27,918

مناطق زراعية- ارياف جبلية

33,218

مناطق جبلية-زراعية

56,652

موارد طبيعية

92,780

مناطق تنمية- مركز المدينة

145,903

مناطق تنمية

133,269

غابات

655,526

المجموع

المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية- اريج – 2009

 

 

 


 

 

ان الحدود المقترحة لمدينة القدس كما هو في هذا المخطط يضم اكثر من 1,200,000 نسمة 84% منهم يهود و16% فقط منهم فلسطينيين (الجهاز المركزي الاحصاء الفلسطيني 2009، الجهاز المركزي الاحصاء الاسرائيلي 2007). هذا ووفقا للنمو السكاني الحالي و للطريقة التي تتوسع فيها الاحياء الفلسطينية والاسرائيلية في مدينة القدس، فان عدد السكان الذين ستضمهم الحدود الاسرئيلية الجديدة للمدينة وفقا للمخطط الاسرائيلي سيقفز الى 2,000,000 نسمة في العام 2020 بافتراض نسبة نمو سكاني مفترضة قدرها 3.5% سنويا.



  1. حدود الدولة وحق العودة

ان المخطط الاسرائيلي لرسم حدود مدينة القدس قد جاء لتدعيم الحدود الاسرائيلية التي كانت قد اعلنت عنها بلدية القدس الاسرائيلية بشكل احادي الجانب في العام 1967. مع ذلك، فان الخطة تم توسيعها باتجاه الجهة الغربية للقدس والتي تنتهي بشكل غير متناسق.

 

بعد العام 1948 فرضت اسرائيل سيطرتها على الاحياء العربية لمدينة القدس والتي تمثل 40% من المساحة الاجمالية للمدينة (هالبر، 2000)، وقامت بذريعة قانون حارس املاك الغائبين في العام 1950 بمنع المواطنين الفلسطينيين من العودة الى بيوتهم وممتلكاتهم التي هجروها و طردوا منها خلال حرب العام 1948، و في المقابل فان اليهود الذين خسروا ممتلكاتهم  في القدس الشرقية عام 1948 قد تم السماح لهم، وفقا للقوانين الاسرائيلية التي اصدرتها سلطات الاحتلال العسكري، باسترجاع ممتلكاتهم او باخذ تعويضات عنها.

 

هذا وبعد العام 1967، قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي بتفعيل مراسيم مصادرة الاراضي البريطاني وطبقته على 85% من اراضي القدس الشرقية (اسحق، 2007) حيث لم تترك اسرائيل مجالا للتوسع المستقبلي للقرى والتجمعات الفلسطينية (انظر الى الخارطة (5)).

 










خارطة (5): الإنتشار الإسرائيلي غربي مدينة القدس قبل وبعد حرب عام 1948

المصدر: وحدة نظم المعلومات الجغرافية _ أريج 2008

 

 

 

في النهاية، ان المخطط الاسرئيلي يهدف الى تعزيز الخطوات الاسرائيلية غير القانونية التي تنتهجها سلطات الاحتلال في مدينة القدس من مصادرة للممتلكات والاراضي وخصوصا في الضواحي الغربية للمدينة.

 

هكذا، فان المخطط الاسرائيلي يكون قد وضع حدا لحقوق وتطلعات الفلسطينيين الذين هجرتهم اسرائيل بحروبها الى منازلهم واراضيهم وممتلكاتهم داخل الحدود الحالية الاسرئيلية لمدينة القدس والتي ساهمت بصياغة نظرية ‘الغموض الممنهج’ (مايك دامبر، 2008) الذي تنتهجه اسرائيل بفرض سياسة الامر الواقع في الاراضي الفلسطينية المحتلة، لذلك فان المخطط الاسرئيلي والسياسات التي تنتهجها اسرائيل هي تفنيدا ضمنيا لقواعد القانون الدولي والانساني وقرارات الشرعية الدولية والمتمثلة بقرارات مجلس الامن الدولي وعلى راسها القرار رقم 194 الذي صدر في العام 1949، و الذي كان من المفترض، لو التزمت به اسرائيل، ان يكون اساسا للمصالحة بين اسرائيل والفلسطينيين.



  1. الجغرافيا الديمغرافية : المستوطنات الاسرائيلية

ان السياسة التي اتبعتها اسرائيل في مدينة القدس  خلال سنوات احتلالها الـ 41 الماضية تهدف في الاساس الى الحفاظ على التفوق الديمغرافي لليهود في المدينة، التفوق الذي يمثل المواجهة الوهمية للواقع لانه ببساطة يشجع النمو السكاني لليهود و في المقابل يصد اي نمو سكاني للفلسطينيين داخل المدينة وفي اطرافها النائية.

 

ان الهيمنة الاسرائيلية في مدينة القدس قد تم تطبيقها من خلال سن سياسات لخلق سيطرة محكمة لا رجعة فيها على الارض والموارد، وذلك من خلال مصادرة الاراضي وتجريفها ، توسيع المستوطنات الاسرائيلية غير القانونية، تشييد الطرق الالتفافية، الهدم الممنهج لمنازل المواطنين الفلسطينيين و بناء الجدار الفاصل حول الشطر الشرقي للمدينة المحتلة. هذا الجزء سيناقش بايجاز النظرة المستقبلية  للجغرافيا الديمغرافية للمخطط الهيكلي الجديد لمدينة القدس والذي يعترض على البناء الاستيطاني الاسرائيلي غير القانوني شرقي الخط الاخضر (اسحق 2008).

 

ان اول مستوطنة اسرائيلية في مدينة القدس كانت داخل البلدة القديمة للمدينة وقد قامت في العام 1967 بعد ان قام جيش الاحتلال الاسرئيلي بتدمير ما يزيد عن 700 منزل فلسطيني لتوسيع الحي اليهودي على انقاض هذه المنازل في تلك المنطقة. خلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي، اخذت المستوطنات الاسرائيلية غير القانونية بالانتشار داخل حدود بلدية القدس والتي رسمتها اسرائيل بشكل احادي الجانب. ان المستوطنات الاسرائيلية في مدينة القدس المحنلة يمكن تصنيفها كمستوطنات داخل حدود بلدية القدس (منطقة J 1) ، ومستوطنات داخل محافظة القدس (منطقة J 2) ، وجميعها 18 مستوطنة.

 

علاوة على ذلك، فان المنظمات الاستيطانية اليهودية تدعم وتمول اقامة البؤر الاستيطانية في قلب الاحياء    والتجمعات الفلسطينية داخل مدينة القدس كما هو الحال مع مستوطنة الشيخ جراح حول شمعون هازاديك،    و في سلوان و الطور وراس العامود (معهد اريج، 2007).

 

على ارض الواقع، فان اسرائيل لم تكف عن توسيع المستوطنات والمخططات التوسعية منذ توقيع اتفاقية اوسلو، بل على العكس فقد سلكت اسرائيل نهجا يقضي بتكثيف تنمية وتوسيع المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية في مدينة القدس الامر الذي ادى الى توسيع رقعة المستوطنات غير القانونية،  ففي العام 1996 كانت مساحتها تبلغ  25,069 دونما وقد وصلت في العام 2005 الى 44,684 دونما بزيادة قدرها 78%  (بزيادة قدرها 19,615 دونما)، حيث شملت هذه التوسعات ضم مساحات جديدة لمستوطنات اسرائيلية قائمة   والتي يمكن اعتبارها كبؤر لمستوطنات اسرائيلية جديدة كالذي يجري حاليا للتوسعات بمحاذاة مستوطنة هار حوما (1,080 دونما) والتوسعات الملاصقة لمستوطنة معاليه ادوميم  والتي تعرف بخطة الـ E1  و التي ستصادر 12,500 دونما من اراضي القرى الفلسطينية المحيطة للمستوطنة.

 

مع ان الخطة الاسرائيلية  تؤكد على الضم الوضعي للمستوطنات الاسرائيلية شرقي الخط الاخضر ، فانها تؤكد على سياستها الديمغرافية من اجل ابقاء السيادة والتفوق الدينغرافي لصالح اليهود في المدينة، حيث ان المستوطنات الاسرائيلية تغطي مساحة 21,026 دونما (21.026 كلم مربع) يقطنها 195,000 مستوطن اسرائيلي (معهد اريج 2009) (انظر الى الخارطة (6)).

 


 



  1. المشهد الطبيعي

وفقا للمخطط السرائيلي فان ما يزيد عن 50% من مساحة المخطط قد تم تصنيفها على انها مناطق خضراء، حيث ان الاحداث والتجارب السابقة اثبتت ان السلطات الاسرائيلية تقوم بمصادرة الاراضي والمناطق لاهداف استيطانية وتوسعية بحتة و ليس لاهداف التطوير والاستدامة كما يتم الإدعاء في العادة.

 

 ان هذا التلاعب الاسرائيلي بالاراضي هو ضمن خطة اسرائيلية تساهم في تعزيز نظرية ‘رهاب المناطق المفتوحة’ (سالمون، 2002)، وفقا لسالمون (2002) فان جوهر المخططات الاحتلالية الاسرائيلية لا يعتمد على تقسيم الاراضي فحسب بل الى الغاء وجودها نهائيا.

 

ان بلدية القدس الاسرائيلية وباستخدام مناورات قانونية قامت بتخصيص مساحات شاسعة من المدينة المحتلة  وحولتها الى مناطق خضراء تمهيدا لاستخدامها في اقامة وتوسيع المستوطنات غير القانونية لاحقا، كما حصل مع مستوطنة هار حوما والتي اقامتها اسرائيل على اراضي كانت بلدية القدس قد صنفتها سابقا كاراضي خضراء (انظرالى الصور ادناه).


 

 

حرب البنية التحتية

 

خلال سنوات احتلالها لمدينة القدس، قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي باستخدام أدوات الهندسة الإجتماعية والفيزيائية لمحاربة التطور والنمو للتجمعات والمناطق السكنية الفلسطينية في المدينة المحتلة، حيث ان السياسات الإجتماعية تجسدت ولكنها غير مرتبطة بالسياسات الديمغرافية المتبعة في مدينة القدس والمناطق المحيطة بها. مع ذلك فان الجانب المدوي للحرب في المدينة هو التدمير الفيزيائي والمادي والبناء غير الملائم للبنية التحتية.

 

إن امدادات وخطوط البنية التحتية بالإضافة إلى الطرق الإلتفافية التي يتم ربطها بها، تعيق ممارسة الحياة اليومية بما فيها تنقل المواطنين. (جراهام، 2002 و2004) يوضح  أن الحرب على البنية التحتية اصبحت من بين أهم الاهداف الاساسية والادوات الجوهرية في الحرب الاسرائيلية في المدينة، حيث تسطيع انظمة التخطيط الإسرائيلية الالتفاف والانتقاء (بما فيها القطع او التدمير للبنية التحتية) واعطاء الفرص والخيارات وفقاً لأهدافها (سالامنكا، 2007).

 

ان مدينة القدس هي حالة خاصة، وخصوصا كون ان ادارتها وحكمها يكون وفقا لانظمة بلدية و ليس حكم عسكري كما هو الحال في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث ان اقامة البنية التحتية في مدينة القدس لم تكن فقط لغرض اقامة البنية التحتية وخلق التواصل ، بل جاءت لتخدم التفرقة القومية (فلاح و نيومان 1995، يفتخيل 1996، هالبر 2000).

 

ان التدمير الذي تقوده الدولة للبنية التحتية بالوسائل العسكرية قد ادى بعض الدارسين لتعريف هذه السياسة الاسرائيلية بـ ‘ اللاتنمية’ (روي، 1987) او ‘اللاتحضر القسري’ (جراهام، 2002)، او ‘سياسة التدمير الخلاق’ (سالامانكا، 2007).

 

هذا ومن الامثلة على التمييز والتفرقة الاسرائيلية في توفير خدمات البنية التحتية، فإن المعطيات تشير إلى اقامة طريق معبد بطول كيلومتر واحد لكل 3,474 مواطن غربي الخط الاخضر مقابل اقامة طريق معبد بنفس الطول لكل 3,818 شخص شرقي الخط الاخضر، وذلك ضمن الحدود الجديدة المقترحة والتي تضم المستوطنين الاسرائيلين في الشطر الشرقي لمدينة لقدس والبالغ عددهم حوالي 195,000 مستوطن. علاوة على ذلك فان المخطط الاسرائيلي يتضمن تخصيص 7,641 دونما لاقامة الحدائق العامة غربي الخط الاخضر بينما لم تقم بتخصيص اية مساحات للمناطق الواقعة شرقي الخط الاخضر.

 

و الجدير بالذكر، فان مخطط القدس 2020،  قد وفر حديقة عامة لكل 447 شخص في القدس الغربية وذلك مقابل اقامة حديقة لكل 7,362 شخص في الاحياء الفلسطينية في مدينة القدس الشرقية (معهد اريج، 2009).



  1. ملاحظات ختامية

من منظور تخطيطي فلسطيني، فان الخارطة الاقليمية للقدس او المخطط الهيكلي للقدس ما هو الا فصل جديد من فصول المشروع الاستيطاني والاحتلالي لمدينة القدس. بما أن اسرئيل هي قوة محتلة، فقد قامت بالاعتماد الكلي على فرض الامر الواقع على الارض من خلال اجراءات ومخططات احتلالية قسرية، حيث ان التخطيط قد سخر لخدمة الاحلام الاستعمارية اليهودية لقيام واستمرار دولة اسرائيل وان كان على حساب اصحاب الارض والمواطنين الفلسطينيين الاصليين في الاراضي الفلسطينية المحتلة عموما وفي مدينة القدس على وجه التحديد.

 

يوما بعد يوم ، يتضح لنا بان هنالك ضرورة قسوى للبدء في بحث معمق لاثبات الاضرار والاثار الكارثية للنهج الاسرائيلي ‘المنحاز كالمعتاد’ للتخطيط في مدينة القدس ومحيطها، حيث ان الاجراءات والمخططات الاسرائيلية التي تستهدف المدينة المحتلة كالجدار الفاصل والمستوطنات والبؤر الاستيطانية والطرق الالتفافية جميعها تؤدي الى خنق التنمية الحضرية للتجمعات الفلسطينية في المدينة واخلاء طوعي للمواطنين الفلسطينيين من مدينتهم.

 

هذه الاجراءات والمخططات الاسرائيلية تتعارض مع القانون الدولي والانساني والذي يفرض على اسرائيل كقوة محتلة ضرورة الحفاظ على حقوق المواطنين الفلسطينيين القابعين تحت الاحتلال الاسرائيلي وحرية تنقلهم وحركتهم وصون حقوقهم السياسية والاقتصادية والحضارية والاجتماعية.

 

‘ كل شخص يقبع تحت الاحتلال يتمتع بحقوقه في التنقل والحركة واختيار مكان اقامته’ (المادة 12.1 من العهدة الدولية للحقوق المدنية و السياسية ).

واخيرا، فانه يتحتم عى المخططين والباحثين الفلسطينيين ان يوظفوا قدراتهم ومعرفتهم للتصدي للمخطط الاسرائيلي الاستعماري لمدينة القدس، وحتما فان قدراتهم وجهودهم ستوصلهم الى نتائج مثمرة وملموسة.



  1.  المصادر و المراجع



  • Applied Research Institute – Jerusalem (ARIJ), GIS Database, (2007-09).


  • Cohen, S.E. (1993), “The Politics of Planting: Israeli–Palestinian Competition for Control of Land in the Jerusalem Periphery,” pp. 78. Chicago: The University of Chicago Press.


  • Coon A. (1992) “Town Planning under Military Occupation”. Aldershot, UK: Dartmouth Publishing Company Limited.


  • Dumper M. (2008). “Constructive Ambiguities? Jerusalem, International Law and the Peace process.” Jerusalem Quarterly.


  • Falah, G. & Newman, D. (1995) “The spatial manifestation of threat: Israelis and Palestinians seek a ‘good’ border, Political Geography”, 14, pp. 689 – 706.


  • Graham, S. (2002) “Bulldozers and bombs: the latest Palestinian-Israeli conflict as asymmetric urbicide”, Antipode 34(4) pp. 642-49.


  • (2004) Cities, war, and terrorism; towards an urban geopolitics (Oxford: Blackwell)


  • Halper, J. (2000) “The 94 Percent Solution: A Matrix of Control”. Middle East Report, 216, pp. 14-19.


  •  Israeli Central Bureau of Statistics- ICBS (2007). <http://www.cbs.gov.il/ishuvim/ishuv2006/bycode.xls>.


  •  Issac J. et. al. (2007) “De-palestinization of Jerusalem”. (Unpublished).


  • (2008) “Geo-demographical outlook for Jerusalem”. First International Conference on Urban Planning in Palestine, pp. 217-242.


  • Jabary-Salamanca O. (2007), Infrastructural violence in the West Bank and Gaza Strip: the politics of creative destruction. PhD research proposal (Unpublished): Durham University.


  • Kemp, A. (2000) ‘‘Border space and national identity in Israel.’’ In Y. Shenhav (ed.) Theory and Criticism: Space, Land, Home. Jerusalem and Tel Aviv: Van Leer Jerusalem Institute and Hakibbutz Hameuchad Publishing House (Hebrew).


  • OHCHR – Office of the United Nations’ High Commissioner for Human Rights. 1966. <http://www.ohchr.org/english/law/ccpr.htm>.


  • Palestinian Central Bureau of Statistics- PCBS (2009). <www.pcbs.gov.ps>.


  • Rowe C., Koetter F. (1978). “Collage City.” Cambridge, the MIT Press.


  • Roy, S. (1987) “The Gaza Strip: A Case of Economic De-development”. Journal of Palestine Studies, XVII, (1), pp 56-88.


  • Salmon C. (2002) “The Bulldozer War.” <http://www.counterpunch.org/salmon0520.html>


  • Venturi R. (1966). “Complexity and Contradiction in Architecture.” New York, Museum of Modern Art.


  • Yiftachel O. (1996) “The Internal Frontier: the Territorial Control of Ethnic Minorities”. Regio Studies 30(5): 493–508.


  • Yiftachel O. 2005. “Neither Two States nor One: The Disengagement and “Creeping Apartheid” in Israel/Palestine”. The Arab World Geographer, Toronto, Canada.

 

Categories: Israeli Violations