هل تنجح العليا الاسرائيلية في احراز تقدم في قضية الجدار في منطقة كريمزان؟

هل تنجح العليا الاسرائيلية في احراز تقدم في قضية الجدار في منطقة كريمزان؟

في الرابع من شهر شباط من العام 2014 نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية اليومية على موقعها الالكتروني أن المحكمة العليا الاسرائيلية أمرت الحكومة الاسرائيلية بان تفسر سبب رفضها تغيير مسار جدار العزل العنصري على أراضي مدينة بيت جالا وبالتحديد في منطقة وادي كريمزان. وجاء أمر المحكمة العليا الاسرائيلية بعد اسبوع من انعقاد الجلسة الخاصة بمسار الجدار في المحكمة العليا في القدس في التاسع والعشرين من شهر كانون الثاني من العام 2014 للبحث في اعتراضات اصحاب الاراضي الفلسطينيين في مدينة بيت جالا البالغ عددهم 58 ودير كريمزان للراهبات ضد مسار الجدار في المنطقة والاثار السلبية التي سوف يخلفها الجدار في حال تم بناءه في المنطقة. وكانت المحكمة العليا قد أمهلت الحكومة الاسرائيلية حتى العاشر من شهر نيسان من العام 2014 للرد عليها بخصوص مسار الجدار, أي بعد شهرين ونصف من تاريخ انعقاد الجلسة. وتساءلت المحكمة "لماذا لا يكون هناك مسارات بديلة للجدار في المنطقة؟" بحسب ما أوردت صحيفة هآرتس.

وبحسب المخطط الاخير لمسار الجدار الصادر على الموقع الالكتروني لوزارة الدفاع الاسرائيلية في الثلاثين من شهر نيسان من العام 2007 , فان الجدار في منطقة بيت جالا سوف يعمل على ضم مستوطنة هار جيلو الاسرائيلية الى حدود بلدية القدس الغير قانونية هذا بالإضافة الى مصادرة منطقة وادي كريمزان والاراضي التي تحيط بها والتي تعود ملكيتها لأهالي مدينة بيت جالا بالكامل لتصبح ضمن السيطرة الاسرائيلية الكاملة. ويقع جزء من أراضي كريمزان ضمن حدود بلدية القدس التي تم رسمها بشكل غير قانوني واحادي الجانب في العام 1967 [1]والذي جاء آنذاك على حساب الاراضي الفلسطينية في محافظتي بيت لحم والقدس, أما الجزء الاخر من منطقة وادي كريمزان تأتي تحت تصنيف "المناطق ج" والتي بحسب اتفاقية أوسلو الثانية للعام 1995, تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة أمنيا واداريا. والجدير بالذكر أن مسار الجدار في المنطقة سوف يعمل على فصل دير كريمزان للراهبات والمدرسة التابعة لها عن دير كريمزان للرهبان الذي  تربطهم به علاقة وثيقة بحيث سوف يحيط الجدار بدير الراهبات والمدرسة التابعة لها ومنزل فلسطيني في المنطقة تعود ملكيته للمواطن جورج العلم من بيت جالا من ثلاث اتجاهات (من الشمال والغرب والجنوب)، مخلفا الجانب الشرقي من الجدار المنفذ الوحيد لكل من الراهبات والسيد العلم للوصول الى مركز المدينة في بيت جالا وبيت لحم.

وتجدر الاشارة الى انه في الثالث عشر من شهر تشرين الثاني من العام 2011, تسلمت بلدية بيت جالا امريين عسكريين بغرض تغيير مسار جدار العزل العنصري في منطقة وادي كريمزان. ويحمل الامر العسكري الاسرائيلي الاول رقم (ت/08/11) وهو صادر بتاريخ الثاني والعشرين من شهر ايلول من العام 2011 وموقع من القائد الاعلى للجيش الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية, آبي ميزراحي. وينص الامر العسكري على مصادرة 37.3 دونما من أراضي بيت جالا لتغيير مقطع من مسار الجدار في المدينة وبالتحديد, في المنطقة غرب مستوطنة هار جيلو الاسرائيلية. انظر نسخة عن الامر العسكري

( الامر العسكري الاسرائيلي رقم (ت/08/11

في حين يحمل الامر العسكري الاسرائيلي الثاني رقم س.ت/02/11 وتم توقيعه من المدير العام في وزارة الدفاع الاسرائيلية, أودي شني, باعتبار ان الارض المستهدفة في الامر العسكري الاخير والبالغ مساحتها 15.2 دونما تقع ضمن حدود بلدية القدس الاسرائيلية الغير قانونية, التي تم مصادرتها من أراضي مدينة بيت جالا في العام 1967.  انظر نسخة عن الامر العسكري

 

الامر العسكري الاسرائيلي رقم س.ت/02/11

 

وكانت بلدية بيت جالا وأصحاب الاراضي المتضررين من مخطط جدار العزل العنصري ودير كريمزان للراهبات قد تقدموا باعتراض لدى اللجنة الاسرائيلية الخاصة بالاعتراضات في محكمة الصلح في تل أبيب على الاوامر العسكرية الصادرة وعن مسار الجدار بشكل عام في المنطقة. وحددت اللجنة آنذاك تاريخ الثاني عشر من شهر شباط من العام 2013 موعدا للجلسة النهائية للاستماع الى اعتراضات اصحاب الاراضي ودير الراهبات. وبعد تقريبا مرور شهرين ونصف على الجلسة النهائية الخاصة بمسار جدار العزل العنصري الاسرائيلية في منطقة  كريمزان في مدينة بيت جالا (في الثاني عشر من شهر شباط للعام 2013)، اصدرت اللجنة الاسرائيلية الخاصة بالاعتراضات في السادس والعشرين من شهر نيسان من العام 2013، حكمها بالسماح لدولة الاحتلال الاسرائيلي باستكمال بناء جدار العزل العنصري على اراضي منطقة كريمزان في مدينة بيت جالا، متجاهلة بذلك شهادات اصحاب الاراضي الفلسطينيين الذين سيتأثرون بشكل كبير جراء بناء الجدار والذي سيعمل على فصلهم عن اراضيهم وممتلكاتهم في تلك المنطقة بشكل كامل. خارطة رقم 1

خارطة رقم 1: السيناريو الاسرائيلي لمسار جدار العزل العنصري في مدينة بيت جالا

والحقيقة أن بناء الجدار على اراضي بيت جالا سوف يتسبب بخسائر فادحة على جميع نواحي الحياة وسوف يكون له الاثار السلبية الكبيرة على المدينة وأهلها اذ انه

> سوف يصادر في حال تم بناءه على أراضي المدينة, ما مساحته 3147 دونما من مجموع مساحة مدينة بيت جالا (22% من المساحة الكلية للمدينة),

— > وسوف يعمل الجدار على فصل أهم المناطق الحيوية والحرجية والتاريخية عن اهالي مدينة بيت جالا هذا بالإضافة الى عزل الاراضي (سواء زراعية أو أراضي مفتوحة) عن اصحابها لتصبح تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة. وحين الانتهاء من بناء الجدار سوف تتحكم سلطات الاحتلال الاسرائيلية في حركة دخول وخروج مالكي الاراضي الى المناطق المعزولة. وتجدر الاشارة الى ان السلطات الاسرائيلية كانت في وقت سابق من العام 2013 قد صرحت بانها سوف تتعامل مع الموضوع بسلاسة اكثر فيما يتعلق بعملية دخول الفلسطينيين الى الاراضي المعزولة وذلك من خلال اقامة بوابة تسمح من خلالها لأصحاب الاراضي بالدخول الى أراضيهم المعزولة, الا أن تجارب قرى فلسطينية اخرى في الضفة الغربية المحتلة تضررت بفعل بناء الجدار, اثبتت أن سلطات الاحتلال لا يمكن أن تكون سهلة التعامل عندما يتعلق الامر بأمنها وأمن مستوطنيها القاطنين في المستوطنات الاسرائيلية التي سوف تضمها اسرائيل لحدودها حال الانتهاء من بناء الجدار, اذ لا تسمح السلطات الاسرائيلية بدخول الفلسطينيين لأراضيهم المعزولة الا في أوقات موسمية, مثل موسم قطف الزيتون. كما لا تسمح الا بدخول المواطنين القادرينعلىإثباتملكيتهمللأراضيلدى الدوائر الإسرائيلية المعتمدة (كالإدارةالمدنية الإسرائيلية) وعادةيكونون من كبارالسن التي تندرج أسماؤهمفيصكوكالملكيةالعقارية, الامر الذي يصعبعلىأصحاب الأراضي فلاحةأراضيهمالزراعيةبأنفسهمفي جميع أوقات العام وخصوصاأنالسلطات الاسرائيلية لنتسمح بدخول المعدات اللازمة والكاملة لفلاحة الأرض على سبيل المثال.

> ان بناء الجدار على اراضي دير كريمزان, وخصوصا الاراضي التابعة لدير الراهبات والمدرسة, سوف يضع المسيرة التعليمية ل 400 طالب وطالبة (من مدن بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وقرية الولجة) يرتادون المدرسة في خطر اذ ان الجدار سوف يحيط بالدير والمدرسة من جميع الجهات ما عدا الجهة الشرقية التي تؤدي الى مركز مدينة بيت جالا ومدينة بيت لحم. وفي حال بناء الجدار في المنطقة على الاراضي التابعة للدير, فان ذلك سوف يمنع أي نوع من التوسع للمدرسة والدير في المستقبل, وسف يضطر طلاب الصف الخامس (وهي المرحلة الاخيرة في المدرسة في الوقت الحالي), الى الانتقال الى مدارس اخرى لاستكمال مسيرتهم التعليمية الامر الذي سوف يثقل كاهل العائلات الفقيرة التي تستفيد من البرنامج التعليمي المتوفر في المدرسة والذي يتميز بالأجر الزهيد في محاولة من الدير مساعدة العائلات الفقيرة والمحتاجة في المنطقة. وتجدر الاشارة الى ان المدرسة التابعة لدير كريمزان للراهبات هي عبارة عن مدرسة للصف الخامس هذا بالإضافة الى رياض أطفال وايضا صرح للأطفال الذين يعانون من صعوبة في التعلم وبرامج صيفية تعقدها المدرسة خلال العطلة الصيفية.

>  ان الاراضي التابعة للدير والمهددة بفعل الجدار هي مصدر رزق للعديد من العائلات الفلسطينية التي تعمل في المنطقة. وفي حال نفذت اسرائيل مخطط العزل في المنطقة, فإنها سوف تحرم العديد من العائلات الفلسطينية من مصدر رزقها, حيث سيترتب عليهم اصدار تصاريح خاصة للعمل في المنطقة وهو الامر الذي يستبعده الفلسطينيين بسبب ان الدخول الى هذه الاراضي سوف يقتصر على اصحاب الاراضي فقط.   

ملخص,

الحقيقة أن اسرائيل تحاول, من خلال بناء جدار العزل العنصري على أراضي مدينة بيت جالا, اعادة تعريف حدود بلدية القدس بشكل احادي الجانب ويتنافى مع القوانين والمعاهدات الدولية, والتلاعب في نسبة السكان اليهود في المدينة من خلال توسيع البناء الاستيطاني القائم في المنطقة واقامة مستوطنات جديدة وتوطين المزيد من المستوطنين اليهود لتصبح المدية ذات اغلبية يهودية واقلية فلسطينية, اذ أن بناء الجدار على اراضي منطقة وادي كريمزان التابعة لمدينة بيت جالا لا يتعلق ابدا "بالحفاظ على سلامة وأمن مواطني إسرائيل" كما جاء على لسان ما يسمى بوزارة الدفاع الاسرائيلية في تقرير صحيفة معاريف الاسرائيلية في الثامن والعشرين من شهر كانون الثاني من العام 2014 وقبل يوما واحدا من انعقاد جلسة المحكمة العليا الإسرائيلية للبحث في قضية الجدار, بل هو لمصادرة اكبر مساحة ممكنة من الاراضي الفلسطينية وفرض وقائع يصعب تغييرها في المستقبل.

وتجدر الاشارة أن بناء جدار العزل العنصري حول مدينة القدس هو جزء من مخطط أوسع تسعى اسرائيل الى تنفيذه في المنطقة يعرف بمخطط "القدس الكبرى", ويشمل ضم التجمعات الاستيطانية الكبرى التي تحيط بالمدينة, تجمع مستوطنات معاليه أدوميم في الشرق, وتجمع مستوطنات جفعات زئيف في الشمال وتجمع مستوطنات غوش عتصيون في الجنوب هذا بالإضافة الى مستوطنات جيلو وهار جيلو وهار حوما وجفعات هماتوس التي لا تتبع أي من التجمعات الاستيطانية السابقة الذكر بل تشكل حزام استيطاني يصل بين التجمعات الاستيطانية الاسرائيلية جنوب الضفة الغربية (غوش عتصيون وكريات اربع) والمستوطنات الاسرائيلية في القدس. ويأتي هذا المخطط على حساب الاراضي الفلسطينية في منطقة شرق القدس وشمال غربها ومحافظتي رام الله والقدس. ويبقى السؤال, هل تنجح العليا الاسرائيلية في أن تمنع بناء الجدار في منطقة وادي كريمزان في مدينة بيت جالا؟

اعداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس
(أريج)

Categories: Segregation