المحكمة العليا الإسرائيلية تصادق على تطبيق قانون “أملاك الغائبين” على أملاك وعقارات سكان الضفة الغربية الواقعة داخل حدود بلدية القدس الإسرائيلية

المحكمة العليا الإسرائيلية تصادق على تطبيق قانون “أملاك الغائبين” على أملاك وعقارات سكان الضفة الغربية الواقعة داخل حدود بلدية القدس الإسرائيلية

 

في الخامس عشر من شهر نيسان 2015 أصدرت محكمة العدل العليا في إسرائيل قرارها النهائي ، بعد سنوات من المداولة والمناورة، وذلك بسماحها بتطبيق قانون أملاك الغائبين على أملاك وعقارات سكان الضفة الغربية وقطاع غزة والكائنة في القدس الشرقية ومصادرتها حسب القانون المذكور.

قانون أملاك الغائبين 1950

هذا وترجع جذور القضية إلى العام 1950 حيث أصدرت حكومة الإحتلال الإسرائيلي آنذاك ما يعرف بقانون أملاك الغائبين والذي ينص على جواز مُصادرة أملاك اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا منها أثناء النكبة بذريعة تواجدهم خارج حدود دولة إسرائيل أو في دول مُعادية (مصر والأردن وسورية ولبنان والعراق واليمن والسعودية) بحيث تصبح في عهدة ما يسمى "بحارس أملاك الغائبين" بدعوى الحفاظ عليها وبدون حق التصرف فيها أو بيعها إلا لما يسمى بسلطة التطوير،  وباستخدام القانون المذكور قامت الحُكومات الإسرائيلية المُتعاقبة منذ ذلك الحين بمُصادرة مئات الالاف من الأراضي والعقارات داخل الخط الأخضر بما في ذلك القدس الشرقية.

لقد خضع قانون أملاك الغائبين لتعديلاتِ عديدة لضم أكبر قدر مُمكن من الأراضي والعقارات   لصالح المشروع الإستيطاني والتوسعي في الأراضي المحتلة كان أخر هذه التعديلات في العام 2004 حينها كان يشغل بنيامين نتنياهو  منصب وزير المالية ،حيث أصدرت الحكومة الإسرائيلية آنذاك تعديلا يُتيح للقيم على أملاك الغائبين – وهو موظف تابع لوزارة المالية الإسرائيلية- بأن يقوم بالتصرف في هذه الأملاك وبيعها لما يُسمى إسرائيليًا "بسُلطة التطوير" المُنضوية تحت جناح ما يسمى بدائرة أراضي إسرائيل والتي تسيطر بدورها على 93% من الأراضي في الدولة العبرية وبعد ذلك تقوم سلطة التطوير بتخصيص هذه الأراضي للشركات الاستيطانية كشركتي "عميدار" و "همينوتا" والتي تستخدمها لبناء وتوسيع المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية خاصة في القدس الشرقية.

أراضي بيت ساحور وبيت لحم …مثالا

بدون أدنى شك فإن تطبيق قانون الغائبين على أملاك الضفة في القدس ما هو إلا محاولة من جانبها لتسخير هذه الأراضي لخدمة أهدافها الإستيطانية والتوسعية حيث أن العقارات التي تستولي عليها بواسطة هذا القانون وغيره من القوانين  يتم تحويله لصالح الشركات الإستيطانية المُتخصصة على أنها أملاك خالصة للشعب اليهودي وهناك العديد من الأمثلة على استغلال هذه الممتلكات لصالح المشاريع الإستيطانية فعلى سبيل المثال لا الحصر وبعد إقامة الجدار الفاصل في محافظة بيت لحم قامت إسرائيل بمصادرة الالاف من الدونمات حول مستوطنة "هار حوما" أبوغنيم بذريعة أنها أملاك غائبين ففي العشرين من شهر تشرين الثاني من العام 2011 قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضم أراض في بيت لحم الشمالية الواقعة خلف جدار الفصل العنصري والبالغة مساحتها 7000 دونم إلى بلدية القدس حيث أبلغت سُلطات الإحتلال الإسرائيلي بلدية بيت لحم برفض إصدار تصاريح للمواطنين التي تقع أراضيهم وراء الجدار وبمُحاذاة المستوطنة المذكورة وبأن هذه الأراضي لم تعدد مملوكة لأصحابها بل أصبحت بتصرف حارس أملاك الغائبين والذي سيقوم بتسريبها بدوره للشركات الإستيطانية بغرض توسيع المستوطنة.

واد صالح والمزموريا

هذا وينطبق الأمر أيضا على أراضي سكان مدينة بيت ساحور والواقعة شرقي مستوطنة "هار حوما" أبو غنيم (المعروفة بإسم المزموريا وواد صالح) حيث تم مُصادرتها بنفس القانون حيث أصدرت بلدية الإحتلال تراخيص لإقامة 1032 وحدة إستيطانية على جزء من هذه الأراضي لبناء حي جديد في المستوطنة يعرف ب "هار حوما سي" وبعد الانتهاء منه سيتم البناء على ما تبقى من الأراضي وفقا لما هو معروف إسرائيليًا بحي "هارحوما دي" وهي أراضي مُصنفة الأن مناطق خضراء وفقا لخطة بلدية الإحتلال المعروفة 2020 وقام حارس أملاك الغائبين ببيعها إلى ما يعرف بسُلطة التطوير ، وذلك لإستكمال فصل مدينة القدس عن بيت لحم وعن كافة أرجاء الضفة الغربية المُحتلة ولإحكام الطوق الإستيطاني حول القُدس والذي يشمل بالإضافة لمستوطنة أبوغنيم ، جيلو، هار جيلو ، جفعات هماتوس، تل بيوت الشرقية، معالي أدوميم ،بسغات زئيف، نيفي ياكوف و راموت.

من الملفت أن عملية مُصادرة الأراضي بحجة أملاك الغائبين تأتي في إطار زمني طويل نسبيًا وممنهج، حيث تتعمد السُلطات الإسرائيلية إطالة أمد إجراءات المُصادرة وذلك بهدف عدم لفت الأنظار ومُفاجئة أصحاب هذه العقارات حيث ابتدعت تعديل وتفعيل قانون الغائبين بغرض تجنب إصدار أوامر مُصادرة واضحة ،(كما حصل عندما قام وزير المالية الإسرائيلي في العام 1990 والمدعو  "إسحق موديعي" بمصادرة الاراضي التي قامت عليها مستوطنة أبوغنيم "للأغراض العامة) وذلك للتهرب من التبعات القانونية والسياسية المُباشرة لهذه الأوامر ومن أجل عدم إثارة الضجَة، وفي ذات الوقت حِرمان أصحاب هذه الاراضي من الحُصول على التعويض- مع أنه يكون تعويض رمزي وغير مُجدي ومرفوض أصلاً- وأيضا لإيهام العالم بأن إسرائيل دولة قانون وهي تقوم بخطواتها بعد سلسلة مُعقدة من الإجراءات والخُطوات والتدقيق والتمحيص والواقع خلاف ذلك تمامًا.

مستوطنة أبو غنيم "هار حوما"

عقب احتلال اسرائيل للضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) و قطاع غزة في العام 1967, قامت إسرائيل وبشكل أحادي الجانب، بترسيم حدود بلدية القدس لتشمل أراضي من 28 قرية و مدينة فلسطينية, منها مدن بيت لحم, بيت ساحور و بيت جالا مما أدى الى زيادة رقعة مساحة بلدية القدس من 6.5 كم² الى 71 كم².

و كان موقع جبل أبو غنيم ضمن المناطق التي تم ضمها لحدود بلدية القدس و تم تصنفيها فيما بعد الى محمية طبيعية ومنطقة خضراء من قبل بلدية القدس الإسرائيلية حيث منع البناء في المنطقة. و جاء هذا التصنيف من قبل البلدية بهدف عدم إثارة انتقادات الرأي العام العالمي تجاه مسألة استيلائها على الأراضي الفلسطينية حيث ادعت البلدية بان مثل تلك المناطق هي لحماية البيئة و الطبيعة الا ان ما قامت به بلدية القدس و بالتعاون مع وزارة الاسكان الاسرائيلية عبر سنوات الاحتلال ناقض 'تصنيف المحمية الطبيعية' كما أعلنت عنه بلدية القدس و جاء ليخدم المصالح الاسرائيلية و التي تمثلت ببناء المستوطنات الإسرائيلية عبر سنوات الاحتلال الإسرائيلي.

الصورة رقم 1: جبل أبو غنيم يتحول الى مستوطنة اسرائيلية عبر سنوات الاحتلال الاسرائيلي (1997-2014)

 

هذا وتاريخيا تعود ملكية الأراضي في جيل أبو غنيم لمواطنين فلسطينيين من بيت ساحور-بيت لحم- بيت جالا- صور باهر – أم طوبا.

بناء المستوطنة  

 وبالرغم من الانتقادات الدولية والفعاليات الرافضة التي أقامها أصحاب الاراضي وخاصة من مدينة بيت ساحور، تم وضع حجر الاساس لمستوطنة أبو غنيم "هار حوما" في العام  ، 1997 و ذلك بعد أن تم إعادة تصنيف محمية جبل أبو غنيم إلى منطقة بناء وعلى أثرها اقتلعت الجرافات الإسرائيلية تدريجياُ ما يقارب ال 60000 ألف شجرة كلما احتاجت من أجل البناء في المستوطنة.  و تبلغ مساحة المستوطنة اليوم  2,301 دونما و يقطنها ما يقارب ال 20,000 مستوطن اسرائيلي. و تعد المستوطنة ثالث أكبر المستوطنات الاسرائيلية العشرين المقامة في محافظة بيت لحم بعد مستوطنتي بيتار عيليت و جيلو.

الجدول رقم 1: مساحة الأراضي التي خسرتها بيت ساحور-بيت لحم – بيت جالا نتيجة لتوسيع حدود بلدية القدس وبناء الجدار الفاصل على أراضيها

بناء الجدار الفاصل/بالدونم

توسيع حدود بلدية القدس/ بالدونم

المدينة

699

1,210

بيت ساحور

280

2,487

بيت لحم

3,192

3,147

بيت جالا

4,171

6,844

المجموع

المصدر: معهد الأبحاث التطبيقية القدس- أريج- 2015

 

الجدول رقم 2: إجمالي مساحة الأراضي التي إستخدمتها إسرائيل لبناء المستوطنة عليها بما في ذلك أراضي لك يتم البناء عليها بعد

المدينة

المساحة بالدونم

بيت ساحور

600

بيت لحم

1197

صور باهر وأم طويا

351

بيت صفافا

153

المجموع

2301

المصدر: معهد الأبحاث التطبيقية القدس- أريج- 2015

 

 

 

الخارطة رقم 1: مستوطنة هار حوما والمخططات الاستيطانية المستقبلية في المنطقة 

 

عداد: معهد الابحاث التطبيقية – القدس

(أريج)

Categories: Settlements