البيئة الفلسطينية بين الواقع والاحتفال بيومها العالمي

البيئة الفلسطينية بين الواقع والاحتفال بيومها العالمي

 

 
 
تحت هذا الشعار فكّر- كُلْ- وفّرّيحتفل العالم اليوم بيوم البيئة العالمي، حيث يتركز الاهتمام هذا العام بالتحديات التي تواجه شعوب العالم بمكافحة والحد من اهدار الطعام وتقليل كمية النفايات الغذائية. فوفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، يضيع حوالي 1.3 مليار طن من المواد الغذائية في كل عام، كما ان المستهلكين في الدول الغنية يلقون ما يقارب 222 مليون طن من النفايات الغذائية سنويا وهذه الكمية تعادل كمية المواد الغذائية المنتجة سنويا (230 مليون طن) في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا. في نفس الوقت، اشارت الاحصائيات ان هناك شخص واحد من بين 7 أشخاص في العالم يبيتون جوعى، وأكثر من 20 الف طفل دون سن الخامسة يموتون يوميا من الجوع. كما تشير تقديرات منظمة الفاو إلى أن ثلث الإنتاج العالمي من الغذاءيهدر، فضلا على ان مخلفات الطعام تعتبر استنزاف هائل للموارد الطبيعية ومساهما بشكل كبير في الآثار البيئية السلبية.   
 
ان تأثير المخلفات الغذائية لا يعتبر ماليا فقط، فمن الناحية البيئية تؤدي مخلفات الطعام إلى الإسراف في استخدام المواد الكيميائية مثل الأسمدة والمبيدات الحشرية، وكمية اكبر من الوقود المستخدم في النقل، وانتاج المزيد من غاز الميثان الذي يعتبر من الغازات الضارة والمسبب لظاهرة الاحتباس الحراري. كما ان الكم الهائل من المواد الغذائية التي تذهب الى مكبات النفايات يجعلها مساهمة كبيرة في ظاهرة الاحتباس الحراري. ونظرا لهذا الخلل الكبير في أساليب الحياة والآثار المدمرة الناتجة على الناحية الاقتصادية والاجتماعية و البيئية بشكل خاص، فان موضوع هذا العام يجب ان يحثنا لنصبح أكثر وعيا للأثر البيئي لخياراتنا الغذائية ويخولنا لاتخاذ قرارات مهمة.
 
ان التركيز هذا العام على الحد من الخسائر في النفايات الغذائية، وفقا لما أعلنه برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبالنظر الى هذا الموضوع في الأراضي الفلسطينية المحتلة نجد ان النفايات الغذائية لا تشكل عائقا كبيرا وانما في المقابل نجد ان الأراضي الفلسطينية المحتلة تواجه ضغوطا متزايدة على الأمن الغذائي ] وامدادات المياه والتدهور البيئي والفقر، وذلك نتيجة للممارسات الاسرائيلية، والظروف الاقتصادية التي يعيشها الانسان الفلسطيني بالاضافة الى تأثيرات تغير الظروف المناخية. حيث وصلت نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية في عام 2011 الى حوالي 25.8 %  (الاحصاء الفلسطيني، 2012) بالاضافة الى ان 33% من الشعب الفلسطيني يعاني من انعدام الأمن الغذائي. يوضح الشكل 1 نسبة الفقر في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال السنوات من 1998 الى 2012.
 

 
 
 
تعتبر نسبة النفايات الغذائية التي تلقى مع النفايات الصلبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة قليلة جدا تكاد تكون معدومة وذلك لأن الأراضي الفلسطينية المحتلة تعاني من تدهور الأمن الغذائي. ولكن في المقابل ما زال قطاع ادارة النفايات الصلبة يعاني الكثير من المشاكل والتحديات وبحاجة الى العديد من المشاريع و تخصيص الموازنات اللازمة للنهوض بهذا القطاع. فمازالت الكميات المنتجة من النفايات الصلبة والتي تقدر في الأراضي الفلسطينية عام 2012 بحوالي 1.39 مليون طن، وتمثل المخالفات العضوية الجزء الأكبر من النفايات المنتجة (حوالي60%)، يتم التخلص منها في مكبات عشوائية وغير صحية يتم فيها حرق النفايات، كما أن الحشرات بجميع أنواعها والروائح والغازات السامة والحرائق والدخان الأسود المنبعث من هذه الأماكن كلها تؤثر سلبًا على الصحة العامة والبيئة. إضافة إلى ذلك فإن عصارة هذه النفايات والتي تحتوي على كمية عالية من المواد العضوية والمعادن الخطرة كالزئبق والكادميوم والرصاص تجد طريقها إلى المياه الجوفية فتقوم بتلويثها.
 
وفي محاولة للحد من ظاهرة المكبات العشوائية، عملت السلطة الفلسطينية ومن خلال الجهات المعنية على إنشاء بعض المكبات الصحية كزهرة الفنجان في محافظة جنين. كذلك هنالك مشروعان مماثلان لتغطية مناطق الجنوب و الوسط (مكب المينيا لمحافظتي الخليل و بيت لحم ومكب رامون لمحافظة رام الله والبيرة).
 
التغير المناخي والأمن الغذائي
 
كغيرها من الدول النامية ستتأثر المناطق الفلسطينية المحتلة بالتغير المناخي، وذلك بالرغم من أنها غير مسئولة عن هذه الظاهرة. حيث تشير تقديرات الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ في تقريره التقييمي الرابع، بالنسبة لمناطق جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط​​، ان الاحتباس الحراري خلال القرن 21 سيكون أكبر من متوسط ​​ الاحتباس الحراري العالمي السنوي بحوالي 2.2 الى 5.1 درجة مئوية، أما فيما يتعلق بمعدلات الأمطار السنوية فانه من المرجح ان تنخفض في المناطق التي تقع شرق البحر المتوسط بنحو 10 % بحلول عام 2020 و20٪ بحلول عام 2050 – مع زيادة خطر الجفاف في فصل الصيف (استراتيجية التغير المناخي، 2010). ومن المرجح ان تؤثر آثار تغير المناخ سلبا على التقدم نحو تحقيق التنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في عدد من المجالات الرئيسية أهمها الزراعة والأمن الغذائي والموارد المائية.
 
تعتبر طبيعة فلسطين الجغرافية هامة ومعتدلة في مناخها، حيث ان نسبة كبيرة من أراضيها غنية بالتربة الصالحة للزراعة، كما أنها تتمتع بتنوع الفصول والمناخ ما بين شتاء وخريف وربيع وصيف، ولكن الظروف الإحتلالية القاهرة لممارسات الاحتلال الاسرائيلي بالاعتداء على الأرض والإنسان أثرت بشكل كبير على زيادة نسبة التلوث وتدهور البيئة الفلسطينية، وبدأنا نشاهد التغيرات المناخية والمتمثلة بارتفاع درجات الحرارة (خريطة 1)، التغيرات التدريجية في هطول الأمطار، خريطة 2 (زيادة في مدة تواتر وشدة موجات الجفاف، التغير في وقت وكمية الأمطار وتساقط الثلوج)، وقلة نسبة حركة الرياح وأصبحت رياح تأتي بالجفاف للأرض، وازدادت نسبة الصقيع الذي يقضي على المزروعات. جميع هذه الظواهر الجوية المتطرفة وتقلبات الطقس الكبيرة، سوف تؤثر على عملية الوصول الى الغذاء حيث تؤدي الى زيادة اسعار الغذاء عالميا وبالتالي محليا، هذا الارتفاع سوف يؤدي الى عدم توافر أنواع معينة ورئيسية من الغذاء وخاصة للأسر الفقيرة وبالتالي سوف يؤثر على تغذية الأفراد وصحتهم وهذا يؤدي الى انعدام الأمن الغذائي.    
 

خريطة 1: متوسط التغير في درجات الحرارة على مستوى المحافظات في الضفة الغربية

 

 

 

 

 

 
 
 
ان تغير المناخ وآثاره على البيئة سوف يؤثر على الأبعاد الثلاثة للأمن الغذائي (توافر الغذاء، الحصول على الغذاء، واستخدام الغذاء)، كما يمكن ان يكون له تأثير على صحة الانسان ومصادر الرزق. حيث ان هذه التأثيرات قد تكون قصيرة المدى والتي تنتج عن تكرار الظواهر الجوية المتطرفة وشدتها، أما على المدى الطويل فناجمة عن تغير درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار.ان تدهور الأمن الغذائي في الأراضي الفلسطينية المحتلة له طبيعة خاصة تميزه عن معظم مناطق العالم، حيث أنه لم يتولد عن نقصٍ في وفرة الغذاء ولكنه ناتج عن القيود المفروضة على الحراك الاقتصادي بما في ذلك القيود على حركة البضائع والمنتجات الزراعية الفلسطينية وعلى حركة الأشخاص للعمل بين القرى والبلدات والمدن وإحراز دخل يمكن مبادلته بالغذاء. كما أن الأراضي الزراعية المنتجة تأثرت إلى حد كبير بإجراءات الإغلاق والعزل عن الأسواق في المراكز الرئيسة وخاصة بسبب مصادرة الأراضي وإقامة جدار الفصل العنصري الذي عزل العديد من الأراضي الزراعية الفلسطينية خارج الجدار مما أثر على الواقع الاقتصادي للعديد من الأسر المعتمدة في دخلها وغذائها على الإنتاج الزراعي، حيث أن الزراعة الأسرية هي التي تغلب على طابع الزراعة الفلسطينية، حيث أن 94.6% من عمالة الأفراد في القطاع الزراعي هي عمالة أسرية وغير مدفوعة الأجر وفقط 5.4% هي عمالة زراعية دائمة بأجر.
 
يوجد في الأراضي الفلسطينية المحتلة 111,310 حيازة زراعية، وتقع 81.7% من الحيازات في الضفة الغربية و18.3% منها في قطاع غزة. كما يصل عدد الحيازات النباتية إلى 79,175 حيازة (71.1%) من مجمل الحيازات الكلية. وبين المسح الأخير للأراضي الزراعية في الأراضي الفلسطينية والذي قامت به وزارة الزراعة والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن مجمل مساحة الأراضي الزراعية وصل في عام 2010 إلى 1,207,061 دونما (91.6% في الضفة و8.4% في قطاع غزة).
 
الا ان القطاع الزراعي يواجه العديد من المعيقات أهمها النشاطات الاحتلالية، حيث تم اقتلاع أو تجريف ما مجموعه 2.5 مليون شجرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي والتي تصل قيمتها التقديرية إلى 55.3 مليون دولار أمريكي. إضافة إلى مصادرة الأراضي، وإغلاق المناطق وعدم السماح للمزارعين للوصول إلى أراضيهم أو نقل منتجاتهم سواء من أراضيهم أو عبر المناطق الفلسطينية أو لتصديرها للخارج أو حتى للسوق الإسرائيلية، أضف إلى ذلك سيطرة سلطات الاحتلال على 89% من المصادر المائية الجوفية في الضفة الغربية، وعزل 184,899 دونما من الأراضي الزراعية الخصبة خلف جدار الفصل والضم العنصري، وتحديد مساحة صيد الأسماك في قطاع غزة، إضافة إلى إغلاق قطاع غزة وعزله عن العالم وتدمير الزراعات الربحية المتواجدة فيه، حيث وصلت الخسارة السنوية لهذا القطاع الهام والحساس إلى ما يقدر بحوالي 180 مليون.
 
لقد تدهور واقع الأمن الغذائي في أواسط الأسر الفلسطينية إلى درجة مقلقة، فلقد سببت الأوضاع السياسية والاجتماعية- الاقتصادية في زيادة معدلات الفقر وكذلك زيادة نسبة انعدام الأمن الغذائي ليؤثر في 33% من الشعب الفلسطيني عام 2010 (WFP/FAO/PCBS, 2011)، كما ويتأثر قطاع غزة وبشكل كبير من انعدام الأمن الغذائي، حيث وصلت إلى 52% في حين أنها 22% في الضفة الغربية. وأدى الاجتياح الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وما خلفته من دمار للبنية التحتية وللمرافق الاقتصادية واستمرار الحصار إلى مزيد من التدهور في حال الأمن الغذائي في غزة. وكما وجدت أعلى معدلات لانعدام الأمن الغذائي في تجمعات البدو تليها مناطق العزل ومخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، حيث وصلت النسب إلى 55% و40% و 27% على التوالي.
 
ومن الواضح أن الأمن الغذائي لم يتحسن في الفترة بين عامي 2009 و2010 على الرغم من أن قطاع الأمن الغذائي قد دعم بمبلغ 206 مليون دولار في عام 2011، أي بزيادة مقدارها 23.3% عن عام 2008 (عملية النداء الموحد، 2011)؛ فيعزى الأمر إلى انعكاس الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية في الأسواق العالمية منذ منتصف عام 2008 على أسعار الأغذية في الأراضي الفلسطينية؛ فعلى سبيل المثال ارتفع معدل سعر القمح بنسبة 53% و40% في الضفة الغربية وقطاع غزة على التوالي في عام 2011 مقارنة مع عام 2005. كما وارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلك في الأراضي الفلسطينية بنسبة 28% منذ عام 2007 حتى عام 2011 (سنة الأساس 2004) (جهاز الإحصاء المركزي، 2010). كما وأظهرت نتائج مسح الإنفاق والاستهلاك التي أجراها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في عام 2011، أن الغذاء يشكل نسبة 39% من الرقم القياسي لأسعار المستهلك في الأراضي الفلسطينية. أما نسبة الإنفاق على الغذاء مقارنة بالإنفاق الكلي في الأراضي الفلسطينية تبلغ 54.5%، وتتوزع هذه النسبة بين 48% في الضفة الغربية و61% في قطاع غزة. أما القدرة الشرائية فتناقصت بنسبة 10% من حزيران 2010 حتى حزيران 2011.
 
المياه والأمن الغذائي      
                                                
تعتبر المياه الركيزة الأساسية للحصول على الأمن الغذائي في الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث يعتبر نقص المياه سببا رئيسيا لحدوث انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية لدى أفراد المجتمع، ولا سيما في المناطق التي يعتمد سكانها على الزراعة المحلية للغذاء والدخل.                          

تشير بيانات الأمم المتحدة والخاصة بقطاع المياه إلى وجود7 بليون شخص في العالم يحتاج كل منهم إلى (2 – 4) لتر يوميا للشرب فقط، بينما يحتاج الفرد حسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) إلى (2 – 5) آلاف لتر لإنتاج الغذاء الخاص به. أما في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيلاحظ أن حصة الفرد من المياه المتاحة تبلغ حوالي 220 لتر للفرد يوميا لكافة الاستخدامات أي إن الفرد الفلسطيني بحاجة إلى 9 أضعاف حصته الحالية على الأقل ليتمكن من إنتاج غذاءه اليومي. ومن الجدير ذكره ان 37% من المياه المزودة تستخدم للزراعة في الضفة الغربية و46% في قطاع غزة (سلطة المياه الفلسطينية، 2012).

 
لقد شرعت إسرائيل بعد عام 1967 على إحكام وتوسيع سيطرتها على المصادر المائية الفلسطينية وذلك من خلال احتلالها لقطاع غزة والضفة الغربية. فلقد فرضت إسرائيل قيودا على استخدام المياه من قبل الفلسطينيين وأعلنت الأراضي المحاذية لنهر الأردن مناطق عسكرية مغلقة وبالتالي حرمت الفلسطينيين من حقهم الشرعي في استغلال مياه هذا النهر. حاليا تقوم إسرائيل تقوم باستنزاف ما يزيد عن 89% من كمية المياه المتجددة سنويا في الأحواض الجوفية في الضفة الغربية تاركة ما يقل عن 11% ليتم استخدامه من قبل الجانب الفلسطيني.
 
ونتيجة لاستنزاف إسرائيل للأحواض الجوفية والقيود المفروضة على حفر الآبار وتأهيلها تقلصت كمية المياه المستخرجة من قبل الفلسطينيين خلال الاعوام السابقة إلى اقل من الكمية التي نصت عليها اتفاقية أوسلو. حيث كان الفلسطينيون يستخرجون 138 مليون متر مكعب من المياه في الأحواض الجوفية للضفة الغربية في عام 1999 غير أن هذه الكمية انخفضت لتصل إلى اقل من 93 مليون متر مكعب في عام 2009 والى 86.9 في عام 2011 (سلطة المياه، 2011). أما بالنسبة للحوض الساحلي فلقد قدرت كمية الاستخراج في عام 2011 ب 178.8 مليون متر مكعب وهو يفوق كمية الاستخراج الآمن للحوض بأكثر من ثلاثة أضعاف. ويعاني الحوض الساحلي من تدهور نوعية المياه، حيث أن 90 – 95% من كمية المياه فيه تعتبر غير صالحة لاستخدام الآدمي مما يشكل خطورة كبيرة على سكان القطاع.
 
أما بالنسبة لكمية المياه المزودة للسكان الفلسطينيين ففي عام 2011 بلغ معدل التزود 88 مليون متر مكعب في الضفة الغربية في حين بلغ معدل الاستهلاك اليومي للفرد ما يقارب 72 لتر/اليوم. أما في قطاع غزة فلقد بلغ معدل التزود 98 مليون متر مكعب في حين بلغ معدل الاستهلاك اليومي 96 لتر/الفرد. وتوضح الأرقام إن كمية الاستهلاك في الأراضي الفلسطينية أقل من الحد الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية والبالغ 100لتر/فرد/اليوم. وهذا يعني ان العجز الفعلي في كمية المياه المزودة زاد عن 65 مليون متر مكعب، أي أن كمية المياه المزودة للسكان لا تغطي سوى 68 ٪ من كمية المياه المطلوبة، الخريطة رقم3 توضح كمية المياه المطلوبة في كل محافظة بالاضافة الى كمية المياه المستهلة وكمية العجز في المياه. ويبدو التوزيع غير العادل للمياه واضحا عند مقارنة الأرقام السابقة بما يستهلكه سكان المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية حيث يستهلك المستوطن الإسرائيلي ما يقارب ال 350 لتر/اليوم في حين يعاني الفلسطينيون في التجمعات المجاورة من أزمة حقيقية للمياه حيث لا يتجاوز معدل التزود في هذه التجمعات 20 لتر/اليوم (أريج، 2011).   
 
 
 
 
 
 
يعد وجود الاحتلال الإسرائيلي التحدي الأكبر الذي يعيق تنمية قطاع المياه الفلسطيني، فإضافة إلى السيطرة الإسرائيلية على مصادر المياه الفلسطينية، تحول العديد من السياسات الإسرائيلية كالإغلاقات والجدار الفاصل ومعيقات الحركة إضافة إلى عمليات هدم المنشئات المائية دون إمكانية تطوير قطاع المياه وتشكل عائقا حقيقيا أمام قدرة الفلسطينيين على إدارة واستخدام مصادرهم المائية. فإسرائيل شرعت ببناء جدار العزل لتبتلع 13% من مساحة الضفة الغربية بما في ذلك من آبار المياه الفلسطينية والينابيع الأمر الذي سيحول دون استخدامها من قبل الفلسطينيين أو على الأقل فرض قيود صارمة على استخدامها، حيث سيتم عزل 27 بئر ارتوازي و 32 ينبوع. كذلك  فقد قامت اسرائيل بهدم ما يقارب 98 بئر لجمع مياه الامطار و 65 بئر و5 ينابيع و5 احواض مائية بين عام 2009 و2012 (EWASH, 2012).   وتجدر الاشارة هنا الى انه في الآونة الاخيرة ازادت الاعتداءات من قبل المستوطنين على الينابيع الفلسطينية بشكل كبي، حيث قام المستوطنون بالاعتداء ومنع الفلسطينيين من الوصول او استخدام 56 ينبوع في الضفة الغربية. كما وتعطي لجنة المياه الفلسطينية الإسرائيلية المشتركة الاحتلال السيطرة الكاملة على مشاريع المياه. فبحسب المادة 40 من اتفاقية أوسلو تخضع جميع المشاريع التطويرية لقطاعي المياه والصرف الصحي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة لموافقة هذه اللجنة. غير أن هذه اللجنة ومنذ تشكيلها تعرضت لانتقادات عديدة، حيث أن القرار النهائي حول مشاريع العمل في حقل المياه خاصة في مناطق ب و ج الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية يرجع وبشكل نهائي إلى ضابط المياه الموجود في الإدارة المدنية الإسرائيلية. في حين لا تحتاج مشاريع المياه الإسرائيلية للمستوطنات الغير قانونية في المناطق الفلسطينية إلى موافقة لجنة المياه المشتركة. وبالتالي فان انعدام التنسيق والممارسات التي تقوم بها لجنة المياه المشتركة والقوانين التي تضعها الإدارة المدنية على التخطيط والاستثمار بالإضافة إلى القيود الأمنية والعسكرية التي تفرضها إسرائيل أدت إلى تدهور الوضع المائي وعدم القدرة على تطوير مصادر المياه وتقديم الخدمات الاساسية للسكان الفلسطينيين.
 
مؤشر حالة الأراضي الفلسطينية
 
تعتبر عملية رصد حالة الأراضي واحدة من أهم الطرق العلمية المستخدمة لتحديد مواقع ومساحة الأراضي المتدهورة الناتجة عن العوامل المناخية أو النشاطات الإنسانية المؤدية إلى التصحر. فوفق النتائج التي أظهرتها دراسة رصد حالة الأراضي في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الفترة الواقعة بين 2000 و 2010، تبين أن مساحة الأراضي الواقعة تحت التدهور تمثل 16% من المساحة الكلية للضفة الغربية (876 كم2)، وهذه النسبة تعتبر نسبة عالية مقارنة بمناطق أخرى تم اختبارها بنفس منهجية البحث) المغرب 0.4%، تشيلي 3.9%، موزمبيق (%19.1. وقد أظهرت النتائج أن المناطق المتدهورة موزعة على جميع مناطق الضفة الغربية، وهذه المناطق ترتبط بالعديد من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والجغرافية الموجودة في المنطقة. كما أوجدت الدراسة أن المناطق الفلسطينية المصنفة (أ) في الضفة الغربية تعتبر أكثر المناطق المتدهورة نتيجة للامتداد العمراني الفلسطيني على المساحات المتاحة في مناطق ( أ) و ( ب) وذلك بسبب القيود المفروضة على استخدامات الأراضي من قبل السلطات الإسرائيلية في مناطق (ج). بالإضافة إلى ذلك أظهرت الدراسة بان وادي الأردن والمناطق شبه الساحلية هي المناطق الأكثر تدهورا خلال فترة الدراسة (كما هو مبين في الخريطة 4).
 
 
 
 
وعليه هناك العديد من التحديات التي يفرضها الوضع السياسي- الاجتماعي الراهن ومن المرجح أن هذا الوضع لن يتغير إلا بمعالجة الأسباب الجذرية المتعلقة بالوضع السياسي- الاجتماعي لانعدام الأمن الغذائي الفلسطيني والتدهور البيئي. تجدر الإشارة إلى أنه من الضروري الأخذ بعين الاعتبار الأمن الغذائي ضمن الإطار الأوسع الذي يخلق مجالا للتأييد (مثل الحق في الغذاء) والعمل على المدى الطويل لتحقيق الأمن الغذائي للفلسطينيين. من ثم، هناك أهداف واستراتيجيات محددة تحتاج إلى تطوير وتفعيل وتنسيق بين الجهات الفاعلة ذات الصلة على المستويين المحلي والدولي. كما ينبغي اتخاذ العديد من الإجراءات العملية لإحداث التغيير وخلق قطاع اقتصادي اجتماعي بيئي متطور ومستدام. 
 
المراجع
 
(1) الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، 2012. نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية 2011 من الموقع الكتروني
http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_Rainbow/Documents/Poverty_2011.htm
 
(2) الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني، 2010. الرقم القياسي لأسعار المستهلك في الأراضي الفلسطينية عام 2011،
من الموقع الالكتروني
http://www.pcbs.gov.ps/site/lang__ar/507/site/817/default.aspx
 
(3) خوري ساهر، 2012. رسالة ماجستير بعنوان رصد حالة الأراضي في المناطق الفلسطينية المحتلة خلال الفترة الواقعة بين 2000 و 2010.
 
(4) سلطة المياه الفلسطينية، 2011. التقرير السنوي لوضع المياه في فلسطين 2010. رام الله، فلسطين
 
(5) سلطة المياه الفلسطينية، 2012. التقرير السنوي لوضع المياه في فلسطين 2011. رام الله، فلسطين
 
(6) قاعدة بيانات معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)، 2011.
 
(7) منظمة الأمم المتحدة – عملية النداء الموحد، 2011. التقرير النصف سنوي 2011. الأراضي الفلسطينية المحتلة
وزارة شؤون البيئة، 2010. استراتيجية التكيف مع التغير المناخي، 2010.
 
(8) قاعدة البيانات الخاصة بمجموعة المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في حالات الطوارئ (EWASH), 2012
 
  WFP/FAO/PCBS.2011.OPt 2010 Socio-Economy and Food Security Survey. West Bank. Palestine.
 




[1]الأمن الغذائي هو تمكن الناس، في جميع الأوقات، من الحصول ماديا واجتماعيا واقتصاديا على طعام كاف وسليم ومغذ يلبي حاجاتهم الغذائية ويناسب أذواقهم كي يعيشوا حياة موفورة النشاط والصحة.
[2] رسالة ماجستير بعنوان" رصد حالة الأراضي في المناطق الفلسطينية المحتلة خلال الفترة الواقعة بين 2000 و 2010"، التي قام بها المهندس ساهر ألخوري (باحث مشارك في معهد الأبحاث التطبيقية- أريج)
 
 
 
 
 
 

 

Categories: Israeli Violations