موسم قطاف الزيتون في محافظة الخليل … موسم محفوف بالمخاطر

موسم قطاف الزيتون في محافظة الخليل … موسم محفوف بالمخاطر

 


 








 

 

مقدمة:- 

 

لم تشهد شجرة في التاريخ حربا شرسة وعداءً مستحكماً كما شهدته شجرة الزيتون على أرض فلسطين من قبل الاحتلال الإسرائيلي، حيث أعلن حربه الممنهجة على هذه الشجرة وأخذ يحطمها ويقتلعها ويجرفها لأتفه الأسباب ظاناً بذلك انه يقتلع الهوية الفلسطينية عن هذه الأرض المقدسة، ضاربا بذلك كافة المبادئ والقوانين والقيم الدولية والإنسانية والدينية، حتى غدت شجرة الزيتون عدواً مطلوبا للتصفية والاغتيال من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، فاقتلع منها مئات الآلاف  بأنياب جرا فاته وأسنان مناشيره، مما أدى إلى تعرية آلاف الدونمات من أشجار الزيتون، والهدف من وراء ذلك هو تحويل مساحات واسعة مزروعة بهذه الشجرة المباركة إلى مستعمرات إسرائيلية يقطنها مستعمرين متطرفين.

 


 

 

كان الزيتون مصدر دخل رئيس للمزارع الفلسطيني في السنوات الماضية،  لكن ما نراه اليوم من تدني نسبة أسعار الزيت نتيجة عدم السماح للتصدير إلى الخارج وبالتالي تكدس كميات هائلة جعل الأسعار تتدنى لدرجة أنها لا تفي بجهد وتعب المزارع،  وعلى الرغم من هذا الوضع المتردي للمزارع من تدني أسعار الزيت وعدم السماح للتصدير كذلك عدم تمكن العديد من المزارعين الوصول إلى حقولهم نتيجة الحصار والاغلاقات وجدار العزل الإسرائيلي والاعتداء على قاطفيه الفلسطينيين من قبل المستعمرين، ورغم ذلك تبقى شجرة الزيتون في وجدان كل فلسطيني لأنها تعتبر ذات قيمة اجتماعية تراثية ارتبطت بالتاريخ والخير والبركة، حيث لا يخلو بيت فلسطيني من زيت الزيتون لما له من فوائد صحية جمة.

 

ان المستعمرين الإسرائيليين وقوات الاحتلال الإسرائيلي هم العدو الأول لهذه الشجرة ويقومون على محاربتها بكافة وسائل القمع والتجريف والتدمير غير آبهين بقيمتها الدينية وبركتها، وما زال الاحتلال يعتدي بشكل يومي على هذه الشجرة ويقلعها بجرافاته العاتية، ويدوس ثمرها المبارك، ويحرق المستوطنون أغصانها رغم أنها رمزاً للسلام، معبرين بذلك عن معاداتهم لكل ما هو سلام وطمأنينة،  والدليل على ذلك ان المساحة المتضررة في الضفة الغربية جراء الاحتلال الإسرائيلي نحو 34000 دونماً [1]من الأراضي الزراعية المزروعة بأشجار الزيتون منها 19000 دونماً معزولة خلف جدار العزل الإسرائيلي يمنع على المزارعين الوصول إليها، و15000 دونماً تعتبر مناطق عسكرية مغلقة يمنع على المزارعين الفلسطينيين الوصول إليها كونها في محيط المستعمرات الإسرائيلية أو بالقرب من الطرق الالتفافية.

 ورغم كل الممارسات التي تنتهك بحق المزارع الفلسطيني إلا انه مستمراً في زراعة هذه الشجرة والاهتمام بها ورعايتها وتعهدها حتى تبقى بركة هذه الشجرة في هذه الأرض المباركة والمقدسة.

 

فها هو موسم قطاف الزيتون قد أوشك على الانتهاء، وقد مارست قوات الاحتلال جرائمها بحق المزارع الفلسطيني الذي طالما انتظر موسم القطاف لجمع ثمار زيتونه، فتارة يمنعه جنود الاحتلال من الوصول الى زيتونه وتارة أخرى يعتقله الجنود، ومرات ومرات يعتدي عليه المستوطنون بالضرب والتنكيل وحرق لأشجاره.


 


 

 

ففي كل صباح يطالعنا إعلامنا عن ملاحقات المستوطنين للمزارعين الفلسطينيين الذين ينوون قطف زيتونهم، هذا فضلاً عن الكثير من الجرائم التي ترتكب بحق المزارع وقد لا تصل الإعلام، فجريمة المستوطنون في تل الرميدة بالخليل وما ارتكبوه من عربدة بحق المزارعين والمواطنين والمتضامنين الأجانب كانت شاهداً على ما يمارس من إجرام بحق المزارعين الفلسطينيين، فارتكب المستوطنون جريمتهم- التي بثت عبر شاشات التلفاز – بحق المواطنين على مرأى جنود الاحتلال المباركين لما حدث.


 

 


 

 

مركز أبحاث الأراضي قرر مرافقة بعض المزارعين القاطفين لزيتونهم قرب مستوطنة ‘عتنئيل ‘ المقامة على أراضي بلدة كرمة جنوب الخليل، ليطلع على مدى الخطورة التي يعانيها المزارع الفلسطيني في الوصول الى أرضه.

 

ففي يوم الأحد 26 تشرين أول 2008، كان المركز برفقة أهالي قرية كرمة من عائلة أبو شيخة ، وبحضور بعض المؤسسات الزراعية في محافظة الخليل وبمرافقة بعض المتضامنين الأجانب من مؤسسة ( فلسطين – فرنسا للتضامن )، متوجهين نحو كروم زيتون آل أبو شيخة والتي تتعرض للاستيلاء عليها من قبل مستوطنة ‘عتنئيل ‘ المقامة على جزء كبير من أراضيهم ، في محاولة لمساعدتهم من خلال يوم تطوعي في قطف أشجار الزيتون المقدرة ببضع مئات، فانطلقت الحملة صباحاً من قرية كرمة …ووصل المتطوعون الى كروم الزيتون … ففوجئ الأهالي بأن بعض الأشجار لا تحمل سوى حبات قليلة من الزيتون … حيث سرقه المستوطنون بعد منع أصحابه الشرعيين من الوصول إليه …كانت الأعشاب والحشائش تكاد تعيق التحرك بين الأشجار … فعدم الاعتناء بالأرض والأشجار كان ظاهرا …مشاعر المواطنين من أصحاب الأراضي كانت لا توصف…فقد وصلوا الى زيتونهم … واستطاعوا لمس أشجارهم … إلا ان هذه البهجة المحفوفة بالمخاطر والخوف من اعتداءات المستوطنين … لم تطول.

 

 




 

 


 

 

فأثناء انهماك الجميع في جمع حبيبات من على كل شجرة… تجمهر المستوطنون على أسطح البيوت الاستيطانية في ‘ عتنئيل ‘ …فإذا بالمستوطنين المدججين بالسلاح يهرعون  الى مكان تواجدنا .. ومن الجهة الأخرى جيبات لجنود الاحتلال… واخذوا ينادون ان هذه المنطقة ‘منطقة عسكرية مغلقه ‘ واخذوا بطردنا من المكان، فتوجه إليهم بعض المتضامنون الأجانب فعمدوا الى اعتقال اثنين منهم وتحت تهديد السلاح قاموا باعتقال رئيس مجلس قروي كرمة ‘جبريل أبو شيخه’ بالإضافة الى المواطن ‘ حسام أبو شيخه’ وتم نقلهم الى معسكر جنود الاحتلال القريب من المكان والمقام على أراضي أهالي قرية كرمة، ويهدف الى ‘ حماية مستوطنة عتنئيل ‘، وانتشر جنود الاحتلال في كل مكان، وطاردوا من في كروم الزيتون الى ان أخرجوهم من أراضيهم. بعد ساعات من الاعتقال، تم الإفراج عن المتضامنين الفرنسيين ورئيس المجلس القروي والمواطن الآخر، فاخبرنا رئيس المجلس ان جنود الاحتلال قد اروه أمراً عسكرياً يدعي: (( ان أراضي المواطنين المزروعة بالزيتون منطقة عسكرية مغلقة يحظر الدخول إليها واخبروه ان يبلغ المواطنين ذلك، مضيفين ان المستوطنون هم من يملكون هذه الأراضي وليس المواطنين الفلسطينيين .!))

 

تجدر الإشارة ان مساحة حقول الزيتون التي يحتاج أصحابها إلى المساعدة والحماية لتمكينهم من دخولها تقدر بنحو 1200 دونماً، بينها ما يزيد على 500 دونماً قريبة من 17 مستوطنة، فضلاً عن 700 دونماً وراء جدار الضم والتوسع بات الوصول إليها مرهوناً بالحصول على تصاريح خاصة من قبل قوات الاحتلال.

 



 

 

هذا الاعتداء وهذه العربدة التي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة طالما بقي المستوطنون على الأرض الفلسطينية، فقد رصد مركز أبحاث الأراضي الانتهاكات التالية بحق المزارعين من قاطفي الزيتون فقط في منطقة الخليل خلال مدة بداية موسم القطاف، وجاءت الانتهاكات كالآتي:

 

































































الرقم

تاريخ الاعتداء

المكان

نوع الاعتداء

1

5/10 / 2008

ما بين مستعمرة كريات أربعة وجفعات حفوت الخليل

اعتداء المستوطنين على المزارعين الفلسطينيين الناشطين من حركة حاخامين من اجل حقوق الإنسان لدى حمايتهم للمزارعين الفلسطينيين أثناء قطف الزيتون في ارض المواطن عبد الكريم الجعبري، وأصيب المواطن عبد الله الفاخوري.

2

17/10/2008

واد النصارى – الخليل

مستوطنون يرشقون المزارعين والنشطاء الأجانب بالحجارة، حيث وصلت الشرطة الإسرائيلية للمكان وهددت باعتقال المزارعين وأجبرتهم على مغادرة أراضيهم، واعتدى المستعمرين على عدد من المواطنين عرف منهم المواطن محمد علي دعنا.

3

18/10/2008

تل الرميدة – الخليل

اعتداء المستوطنين على المزارعين وضرب الصحفي عبد الحفيظ الهشلمون وإصابته بجراح.

4

20/10/2008

ترقوميا

الاعتداء على المواطن محمد يوسف عودة أثناء توجهه إلى أرضه وحرمانه والمزارعين من الوصول إلى مساحات واسعة من أراضيهم منها  700 دونماً خلف جدار العزل الإسرائيلي.

5

22/10/ 2008

مستوطنة عتنئيل – قرب السموع

مستوطنون يطاردون المزارعين أثناء قطفهم لثمار الزيتون مستخدمين الحجارة والقطع الحديدية وبعضهم يحمل بنادق رشاشه، وتحطيم سيارات المواطنين والاعتداء على عائلة أبو كرش، ويحرمون المزارعين من الوصول إلى أراضيهم البالغة مساحتها 100 دونماً.

6

24/10/2008

قرى غرب دورا

قوات الاحتلال تمنع المزارعين من الوصول الى أراضيهم خلف الجدار إلا عبر الحيوانات وتماطل في إصدار التصاريح اللازمة.

7

25/10/2008

وادي النصارى – مستعمري خارصينا وكريات اربع

منع المزارعين الفلسطينيين و30 من المتضامنين الأجانب من الوصول إلى أراضيهم لقطف ثمار الزيتون بحجة ان الأرضي عسكرية مغلقة.

6

26/10/2007

قرية كرمة جنوب دورا

المستوطنون وقوات الاحتلال يطاردون المزارعين في أراضيهم قرب مستوطنة عتنئيل ويعتقلون اثنين من المتضامنين واثنين من المواطنين.

7

26/10/2008

تل الرميدة

منع المزارعين وعدد من المتطوعين الأجانب من قطف ثمار الزيتون وحجز جوازات سفر المتضامنين والتهديد باعتقالهم.

 8

3/11/2008

تل الرميدة – الخليل

مستوطنون يعتدون على المزارعين ويصيبون الفتى يوسف هشام العزة بجروح ويسرقون كميات من ثمار الزيتون

 


 


 



صوراً من العداء المستحكم على زيتون الخليل:

 




 

 


 

وماذا بعــــد؟!

 

الاحتلال من خلال الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود حولوا موسم قطف الزيتون في فلسطين من موسم سعادة إلى موسم عذاب … حيث يقول المواطن أبو شيخة:

(( كنا نستعجل أيام القطاف … والآن ندعو الله ان يؤخرها … فقد أصبح جمع ثمرة تعب السنين عذاباً لا يوصف … نخاف فيه من ان نفقد احد الأبناء – فالمستوطنين لا يتورعون عن مهاجمتنا وإطلاق الكلاب المتوحشة علينا وإطلاق الرصاص أيضاً)).

 

أما المواطن هشام العزة فيقول: (( هنالك عداء مستحكم بين الاحتلال وشجرة الزيتون وكأنها تقول له : أنا شاهدة على ان هذه الأرض فلسطينية عربية لم ولن تصبح إسرائيلية أو يهودية)).

 

وعليه فإننا في مركز أبحاث الأراضي نتوجه إلى المستوى السياسي والتفاوضي الفلسطيني والإسرائيلي بأهمية التدخل المباشر لوقف هذه الاعتداءات التي تخلق حالة احتقان ستنفجر يوماً بصورة قد لا يتوقع حجمها أحد.







[1] المصدر وزارة الزراعة الفلسطينية.

 

 

 

 

 

Categories: Israeli Violations