الواقع البيئي الراهن في منطقة يطا – محافظة الخليل

الواقع البيئي الراهن  في منطقة يطا – محافظة الخليل

    

 

مدينة يطا: موقع وسكان

تعد مدينة يطا إحدى أكبر مدن محافظة الخليل من حيث عدد السكان والمساحة إذ تشكل حوالي 25.5% من مساحة الكلية للمحافظة، وهي تقع جنوب مدينة الخليل وتبعد عنها حوالي 12 كم. تبلغ المساحة الكلية وذلك حسب حدود المدينة كما كانت عليه أيام الانتداب البريطاني حوالي 131340 دونم. أما مساحة يطا داخل حدود البلدية فتبلغ  24,522.76  (بلدية يطا، 2007). ووفقا لتقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2006،  فإن عدد السكان الفلسطينيون المقيمون في داخل حدود المدينة يقارب 42,853 نسمة. يحيط المدينة مجموعة من التجمعات السكانية الصغيرة والتي يبلغ عددها 25 تجمع ما بين خربة وقرية صغيرة،  حيث ترتبط بها ارتباطاً وثيقاً في كافة نواحي الحياة وتعتمد عليها في الخدمات الرئيسية (جدول 1) . ترتفع مدينة يطا 820 متر عن سطح البحر، وتحتل موقعاً هاماً في جنوب محافظة الخليل والضفة الغربية؛ اذ تشكل منطقة انتقالية بين جبال الخليل المرتفعة في الشمال ومنطقة النقب المنبسطة في الجنوب. كما وتسيطر على إقليم واسع يمتد غرباً من أراضي الظاهرية ودورا في الشمال الغربي وشمالاً من الخليل، ليصل حتى منخفض البحر الميت شرقاً والخط الأخضر( حدود الضفة الغربية) على مشارف منطقة النقب جنوباً.

جدول 1: التعداد السكاني  في منطقة يطا

السنة

عدد السكان

1931

4034*

1961

6326*

1997

35496

2006

49350

المصدر: الإحصاء الفلسطيني، *  بلدية يطا

 

استخدامات الأراضي:

تتصف أراضي المدينة بالاستواء، وتمتد تضاريسها ووعورتها باتجاه الشرق. تم استخدام صور الاقمار الاصطناعية 2006 لتحليل استخدام الأرض في منطقة يطا،  حيث تم تحديد التصنيفات البعدية باعتماد على التحليل النظري من خلال شاشة الحاسوب (خريطة 1).  أظهرت النتائج أن غالبية أراضي يطا هي عبارة عن أراضٍ زراعية؛ اذ تبلغ مساحة الاراضي الزراعية فيها 92457 دونم وتشكل 70.4% من المساحة الكلية للمدينة. وتمتاز طبيعة أراضيها بأنها ذات خصوبة عالية؛ لذلك يعمل معظم سكان يطا بالزراعة. وتنتشر في يطا زراعة البقول، الحبوب، العنب والزيتون اضافة الى اللوزيات. كما وتحتوي يطا على العديد من الغابات والمناطق المفتوحة التي تبلغ مساحتها حوالي 12013 دونم. وتمتد يطا عمرانياً على طول الطريق التي تصلها بمدينة الخليل ، حيث تصل مساحة المنطقة العمرانية للمدينة  إلى 8548 دونم.

خارطة 1: استخدامات الأراضي في يطا، أريج-2006

 

الاحتلال الاسرائيلي: بناء المستوطنات والجدار الفاصل

كغيرها من المدن والقرى الفلسطينية تتعرض مدينة يطا وقراها وبشكل مستمر لسياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمتمثلة في مصادرة مئات الدونمات من اراضي المدينة التي يملكها الفلسطينيون من أجل بناء المستوطنات الإسرائيلية وشق الطرق الالتفافية وانشاء القواعد العسكرية عليها. حالياً يوجد خمس مستوطنات إسرائيلية مقامة على أراضي مدينة يطا وتحتل مساحة تصل إلى 2580 دونم وجميعها مستوطنات دينية (جدول 2).

جدول 2: المستوطنات الإسرائيلية المقامة على اراضي مدينة يطا

المستوطنة

سنة االتأسيس

عدد السكان (2005-2006)

المساحة الكلية (دونم)

اوتنيل (عتينئل)

1983

750

147

كرميئل

1981

330

251

ماعون

1980

350

597

سوسيا

1983

700

951

بيت ياتير

1977

431

634

المصدر: قاعدة بيانات وحدة نظم المعلومات الجغرافية – 2007

 

كما وقامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بمصادرة أراضي من مزارعي بلدة يطا وذلك بهدف شق طريق خاص بالمستوطنين جنوب بلدة يطا والمعروف باسم طريق 80 الالتفافي. ويربط  هذا طريق  المستوطنات الإسرائيلية القائمة في جنوب الضفة الغربية مع جنوب منطقة الأغوار وحتى منطقة بردلا شمال غور الأردن، بالإضافة إلى ذلك سيكون هذا الطريق بمثابة خط عازل يستعمل لقطع وعزل التجمعات الفلسطينية الواقعة شرقي الطريق القريبة من منطقة الأغوار عن بعضها البعض وعن أراضيها الزراعية المحيطة وحتى عن المركز الرئيسي لمدينة يطا حيث تتواجد معظم الخدمات الرئيسية. و يقع هذا الطريق تحت السيطرة الإسرائيلية التامة وتستلزم وجود منطقة أمن فاصلة، يتراوح عرضها مابين 50-70 متر على كل جانب من الطريق الالتفافي، لا يسمح البناء فيها الأمر الذي يحد من التوسع والتطور العمراني للتجمعات الفلسطينية المحيطة.

و كان لخطة العزل العنصرية الإسرائيلية والمتمثلة ببناء الجدار اثر سلبي ومدمر على مدينة يطا حيث قامت قوات الاحتلال الاسرائيلية بمصادرة الأراضي الفلسطينية  في كل من الخليل، ويطا وذلك لإقامة الجدار عليها. ولم تتوقف سياسات وممارسات قوات الاحتلال عند حد مصادرة الأراضي بل امتدت سياساتها لتصل إلى تقيد حركة المواطنين وذلك بمنع المزارعين الفلسطينيين من الوصول الى أراضيهم وإحراق مزروعاتهم والاعتداء عليهم من قبل المستوطنين وجيش الاحتلال، وتدمير وهدم بيوتهم، بالإضافة إلى  تجريف الأراضي الزراعية واقتلاع مئات من أشجار الزيتون وغيرها من الأشجار واجتثاث الغابات والمناطق الحرجية.

ومن الجدير ذكره أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يعمل على إنشاء جداريين متوازيين، يعزلان التجمعات الفلسطينية من احد جوانب الجدار عن الخط الأخضر (خط الهدنة 1949)، ومن جانبه الآخر عن يطا ومحافظة الخليل، وكما ذكر سابقاً فان هذه التجمعات تفتقر للخدمات الرئيسية وتعتمد على مدينة يطا في الحصول عليها. ووفقا لهذه المعطيات ، فان جدار الفصل العنصري يعزل خلفه مئات الدونمات من الأراضي الواقعة جنوب يطا، والتي لم يعد بامكان الأهالي الوصول إليها. حيث تقدر مساحة الأراضي التي تم عزلها ومصادرتها بحوالي 3961 دونما من أراضي المدينة  والتي غالبيتها أراض زراعية خصبة وغابات ومناطق. هذا بالإضافة إلى انه تم تصميم الجدار العازل ليطوق التجمعات الفلسطينية  وليضم  المستوطنات الإسرائيلية الخمس إلى إسرائيل التي تحتل 587 دونم  من المساحة الكلية  ليصبح مجموع الأراضي التي سوف تعزل من أراضي يطا  بسبب الجدار 4548 دونما (جدول 3).   

جدول 3 : استخدامات الأراضي في مدينة يطا: والمساحة المعزولة من كل نوع خلف الجدار وذلك لغاية أيلول 2007

استخدامات الأراضي

المساحة (دونم)

المساحة المعزولة خلف الجدار (دونم)

الأراضي الزراعية

92457

2982

الغابات والمناطق المفتوحة

 

12013

392

المنشآت الصناعية

15867

587

المناطق العمرانية الفلسطينية

8548

 

0

المستوطنات الإسرائيلية

2455

587

المساحة الكلية

131340

4548

المصدر: قاعدة بيانات وحدة GIS- أريج، 2007

إدارة المياه العادمة

تعاني محافظة الخليل كباقي المحافظات الفلسطينية من عدم توافر بنية تحتية سليمة، فوفق نتائج مسح التجمعات السكانية الذي قامت به دائرة الإحصاء الفلسطيني عام 2005، بلغ عدد التجمعات المتصلة بشبكة الصرف الصحي في محافظة الخليل 6 تجمعات سكانية وتمثل هذه التجمعات ما نسبته 7.3% من التجمعات السكانية  في المحافظة ، وهذا يعني أن ما نسبته 36 %  فقط من الأسر الفلسطينية في المحافظة تخدم بشبكة الصرف الصحي كوسيلة للتخلص من المياه العادمة (جدول 4) و تعد هذه نسبة متدنية.

جدول 4: تجمعات السكانية في محافظة الخليل حسب الاتصال بشبكة الصرف الصحي 2005

اسم التجمع

عدد السكان

مُخَيَّمْ العَرّوب

8,358

شُيُوخْ العَرُّوب

1,378

خاراس

7,122

دِير سَامِت

5,728

ُمخَيَّمْ الفَوّار

6,739

الخليل

166,003

المصدر: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني

 

أما باقي  تجمعاتً المحافظة وبما فيها مدينة يطا  تفتقر إلى شبكة صرف صحي ويتم التخلص من مياهها العادمة عن طريق  الحفر الامتصاصية أو بواسطة القنوات المفتوحة، حيث يقدر عدد الحفر الامتصاصية داخل حدود المدينة أكثر من 6000 حفر امتصاصية. ويتم تفريغ هذه الحفر بواسطة صهاريج مخصصة لذلك ومن ثم تفريغها في الأودية المجاورة بدون أي مراعاة للبيئة.  ومن الجدير ذكره أن في محافظة الخليل تتوافر وحدات لمعالجة المياه العادمة وهي محطة الخليل ومحطة دير سامت، غير أن هذه الوحدات ذات كفاءة منخفضة وحاليا لا تعمل. وبالتالي فان المياه العادمة الناتجة من التجمعات السكانية تنساب في الأودية المجاورة من دون إي معالجة،  الأمر الذي  يؤدي إلى تلوث التربة وتدهور الموارد الطبيعية وخاصة المياه الجوفية. ومن المعروف إن مجرى المياه العادمة الرئيسي في محافظة الخليل يتدفق في وادي السمن (صورة 1 & 2)، حيث أن مياه الصرف الصحي تنساب من مدينة الخليل وضواحيها باتجاه مدينة يطا عبر هذا الوادي . يبدأ هذا الوادي من منطقة الحيلة الواقعة شمال يطا ويمتد عبر وادي السادة ووادي ابو الفول حتى الظاهرية ثم النقب ويتم تصريف حوالي  2,300,00 متر مكعب سنويا من المياه العادمة عبر الخط الرئيسي للخليل في وادي السمن.

 

 

 

صورة 1 و 2: تدفق المياه العادمة في وادي السمن

 

وما يزيد من حدة المشكلة الناتجة من تدفق المياه العادمة الناتجة عن التجمعات الفلسطينية عبر وادي السمن دون إي معالجة هي التخلص العشوائي للمياه العادمة الناتجة عن المستوطنات الإسرائيلية ومصانعها المقامة على أراضي المحافظة،  فغالبا ما يتم تجميع المياه العادمة في كل من مستوطنة كريات أربعة وخارصينا  خلال شبكة للمجاري  لتنتهي وتنساب باتجاه أراضي الخليل وبني نعيم وصولا إلى يطا عبر وادي السمن وتغور كلها في أراضي جنوب الضفة الغربية.  بالإضافة إلى ذلك فإن المياه العادمة  الناتجة عن مستوطنة عتنائيل تنساب من المستوطنة وتنتقل عبر عدة مناطق لتصل وتصب في  وادي السمن ليزيد من جريان المياه العادمة في هذا الوادي (خريطة 2). 

خريطة 2: مسار وادي السمن داخل حدود محافظة الخليل

 

وتتميز المياه العادمة  في واد السمن بأنها مركّزة، حيث أظهرت  نتائج الفحوصات المخبرية لعينات المياه التي تم أخذها من قبل معهد الأبحاث التطبيقية-القدس (أريج)  إلى أن حملها البيولوجي (نسبة الأكسجين الممتص حيويا) تجاوز 624 ملغم/لتر وهو بذلك يكون أعلى من نسبة الأكسجين الممتص حيويا الموجود في الدول المتقدمة بالإضافة إلى إسرائيل (جدول 5 ). ويهدد التركيز العالي للمياه العادمة الطبيعة والنظام البيئي ويتسبب باضرار صحية وبيئية وانبعاث الروائح الكريهة اضافة الى توفير بيئة لتكاثر الحشرات وانتشار الأوبئة والأمراض. كذلك وجد أن تركيز النترات في الآبار القريبة من وادي السمن مرتفعة مقارنة مع النسبة الموصى فيها عالميا ويعود السبب في ذلك إلى اختلاط المياه العادمة مع مياه الآبار.  ويجدر الإشارة هنا  انه تم إنشاء سبع محطات لضخ المياه العادمة في واد السمن، ومن المقرر أن تقوم هذه المحطات بضخ المياه العادمة من واد السمن للجزء الشرقي من يطا ولكن ولعدة أسباب فان هذه المحطات لم تعمل بعد. لتفاصيل متعلقة, اضغط هنا

جدول 5: صفات المياه العادمة المتصرفة في وادي السمن

الأكسجين الممتص حيويا

(ppm)

المواد العالقة

كلوريد

ppm

نترات

ppm

نيكل
 ppm

كاريوم
 ppm

كروم
 ppm

رصاص
 ppm

زنك
 ppm

PH

624

1,370

575

2.27

0.041

0.030

1,278

0.000

0.339

7.82

المصدر: سلطة المياه والمجاري، 2006

 

إن الآثار البيئية المترتبة عن طرح المياه العادمة إلى البيئة عبر وادي السمن لا تتوقف عند حدود مدينة يطا جنوب مدينة الخليل فقط بل تطال محافظة الخليل برمتها.  فالآثار السلبية الناجمة عن تدفق مياه الصرف الصحي عبر وادي السمن تتمثل  بانبعاث الروائح الكريهة وانتشار الحشرات الضارة وكذلك الآثار المتوقعة على التربة وعلى النظام البيئي لها من خلال تراكم الأملاح والمواد الصلبة في التربة. حيث تؤثر المياه العادمة على خصوبة التربة من خلال الإخلال بمكوناتها. وتقدر مساحة الأراضي المتضررة من المياه العادمة المتدفقة في وادي السمن بِ 500 دونم. وتشكل اشجار الزيتون 90% من المزروعات المتضررة فيما تشكل اللوزيات والخضراوات 10% من هذه المزروعات. ومن الجدير ذكره أن ظاهرة ري المزروعات من المياه العادمة المنسابة في الوديان منتشرة في مدينة يطا والمناطق المجاورة لوادي السمن مما يشكل تهديداً للصحة العامة. بالإضافة إلى ما ذكر سابقا يقع وادي السمن فوق منطقة منفذّة تعمل على تغذية الحوض  الجوفي الشرقي، هذا الأمر ذو أهمية وخطورة كبيرة إذ أن جريان المياه العادمة فوق هذه المنطقة يؤدي إلى تلوث وتدهور نوعية المياه الجوفية في هذا الحوض. ويمكن تلخيص مخاطر المياه العادمة غير المعالجة على البيئة الفلسطينية والصحة العامة ب

  • استنزاف مصادر المياه.

  • تدهور جودة المياه.

  • تدهور الطبيعة والتنوع الحيوي.

  • تشوه المشهد والقيم الجمالية.

  • توطين الحشرات والروائح الكريهة.

  • انتشار الأوبئة وتعريض السكان للأمراض.

وفي مجال إدارة النفايات الصلبة، فإن مكب النفايات الرئيس في محافظة الخليل والذي تقدر مساحته حوالي 200 دونم موجود على بعد  9 كم من مدينة يطا. و يستخدم حاليا هذا المكب من قبل معظم مناطق جنوب الخليل بالإضافة إلى مناطق في محافظة بيت لحم والمستوطنات المحيطة بمدينة يطا . فالنفايات تلقى بصورة عشوائية داخل هذا المكب بحيث تبقى معرضة للجو المحيط مسببة بذلك تكاثر الذباب والحشرات الضارة والفئران بالإضافة إلى الروائح الكريهة التي تنبعث منه، ومن ثم يتم التخلص منها عن طريق حرقها بشكل كامل الأمر الذي يتسبب في تلويث الهواء بالدخان والغازات . هذا الأمر له أثاره على الصحة البشرية والبيئية.

 

 صورة 3 & 4 : ممارسة الحرق المكشوف للنفايات الصلبة داخل مكب يطا في محافظة الخليل

 

ان المشاكل الأساسية التي تعاني منها بلدة يطا تتمثل في مصادرة القوات الاسرائيلية لأراضي بلدة يطا وتجريفها واقتلاع اشجارها. كذلك فان عزل الاراضي الزراعية خلف الجدار يؤدي الى تدهور الأراضي الزراعية وذلك نتيجة لعدم السماح لاصحاب هذه الاراضي من الوصول اليها والاعتناء بها. اضافة لذلك فان مشكلة تدفق المياه العادمة في وادي السمن تشكل خطورة كبيرة اذ تهدد الصحة العامة والنظام البيئي في البلدة. فتجمعات المياه العادمة تعد بؤر لتجمع الحشرات وانتشار الأمراض التي تحملها هذه المياه، اضف لذلك الرائحة الكريهة التي تتسبب بها والاخطار الناتجة عن ري المزروعات بمثل هذه المياه.

 

 

اعداد

معهد الابحاث التطبيقية – القدس ( أريج)

 

Categories: Environment